ابن الصّدّيق قام بنشر August 18, 2012 ارسل تقرير Share قام بنشر August 18, 2012 بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يرخص الدم .. بل ترخص الروح .. أمام ما أصبحنا عليه شاهدين من ملاحم بطولية عظيمة يسطّرها المخلصون على أرض الشام المباركة في سبيل الله لإعلاء كلمة الله ولتحكيم شرع الله في معركة حامية الوطيس .. هي لله .. هي لله. وفي لحظة وداع الكريم رمضان .. واستقبال العيد السعيد .. تدمع العيون بل نجهش ببكاءٍ شديد لا ولن نستطيع إخفاءه بما تعيشه أمتنا الإسلامية الغالية من وقع ظلم وطغيان وذبح وحرق أحياء من اطفال ونساء ورجال مستضعفين وهدم بيوت وحرق منازل وتهجير وتشريد بما جرى ويجري في الشام المباركة وبورما المنسيّة في أكبر كارثة وقعت على وجه الأرض منذ وجد الإنسان نفسه مخلوقاً لله على البسيطة. ففي لحظة استقبال العيد أجد أنّ عليّ أن أقدّم شيئاً لأقرب الناس إلى نفسي وأكثرهم حبّاً في قلبي .. ألا وهم أهلنا الأحبة المستضعفين في الشام والمظلومين في بورما .. على أن تكون هديتي لهم أثمن من الدم وأغلى من الروح.. ولن أجد ذلك إلاّ بين كنوز القرآن العظيم .. فهل لي بأخوة أحبة يوصلونها إليهم جزاكم الله خيراً .. الهدية الغالية : رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ دعاء دعا به الأنبياء وعباد الله المخلصين في ساعات الكرب والشدّة : وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147)آل عمران لكن ما قيمة هذا الدعاء .. وما جزاؤه عند الله .. وما عطاء الله تعالى لمن يدعو به .. هنا مربط الفرس ! فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148) يُعلّمنا الله تعالى دعاءاً .. كلمات ينقلنا الله بها من حال الكرب الشديد إلى خير الدنيا والآخرة وسعته لهما. وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148) آل عمران يارب .. يا ربّ .. أوصل هديتي هذه لأخواننا المخلصين في الشام وكلّ الأرض ليدعوك به باليقين والصدق والإخلاص .. فتعطيهم جزاءه ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة .. إنك على كلّ شيء قدير .. يا أرحم الرّاحمين .. يا أرحم الرّاحمين .. يا أرحم الرّاحمين .. والصلاة والسلام على النبيّ الأمّيّ الأمين محمّدٍ وآله وسلّم وجزا الله خيراً من يوصل الهدية إلى المخلصين. ملاحظة : ليست هذه الهدية بديلاً عن بذل الوسع في الدعوة والتحرير .. إنها هدية عيد. وكلّ عام والإسلام والخلافة وأنتم وجميع المسلمين بخير. محمد سعيد مسلمة جمال عبدالرحمن 1 other 4 اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
ابن الصّدّيق قام بنشر August 18, 2012 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر August 18, 2012 http://www.dorar.net/enc/hadith?skeys=%D8%A7%D8%AA%D9%82+%D8%AF%D8%B9%D9%88%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B8%D9%84%D9%88%D9%85&xclude=°ree_cat0=1 اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
ابن الصّدّيق قام بنشر August 18, 2012 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر August 18, 2012 يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآيات الكريمات : وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) { وَكَأَيِّن } هذه يقولون: إنها للتكثير، مثل " كم "؛ فعندما يقول لك إنسان مثلا: لماذا تجافيني؟ فتقول له: كم زرتك؟ إن قولك: " كم زُرتك! " في ظاهرها أنها استفهام، وأنت لا تريد أن تقول له مستفهما كم مرة زرته فيها، بل تقول له: أنت الذي عليك أن تقول - لأنك بقولك ستعترف أني زُرتك كثيرا، فيكون الجواب موافقا لما فعلت. وأنت لا تقول " كم زرتك " إلا وأنت واثق أنه إذا أراد أن يجيب فسيقول: " زرتني كثيرا " ولو كنت لا تثق أنه سيقول: زرتني كثيرا، لَمَا قلتها، فعندما تقول له: كم زرتك، كم تفضلت عليك، كم واسيتك، كم أكرمتك؟ فإن " كم " تأتي للتكثير، وتأتي مثلها " كأين " إنها للتكثير أيضا، عندما تقول مثلا: " ياما حصل كذا " و " ياما " هذه معناها " كأيِّن ". وقد يسألك صديق: كيف حدثت هذه الحكاية؟ فتقول له: كأي رجل يفعل كذا ويحصل له كذا، اي ان المسأله ليست غريبة، إن قولك: كأي رجل معناها أنها شاعت كثيرا، وعندما تقول: كم مرة زرتك، وكم من مرة زرتك فهذان الاستعمالان صحيحان والمعنى: كثير من نبي قاتل معه مؤمنون برسالته كما حدث وحصل مع رسول الله. وقوله الحق { رِبِّيُّونَ } أي ناس فقهاء فاهمون سبل الحرب، و " ربيون " أيضا تعني أتباعا يقاتلون، و " ربيون " يمكن أن ينصرف معناها إلى أن منهجهم إلهي مثل " الربانيين ". وقول الحق: { فَمَا وَهَنُواْ } أي ما ضعفوا، إذن فهو يريد أن يأتي بالأسوة، وكأنه سبحانه يقول: أنتم لماذا ضعفتم في موقفكم في غزوة أُحُد وأنتم تقاتلون مع رسول الله. لقد كان الأولى بكم أن يكون حماسكم في القتال معه أشد من حماس أي أتباع نبي مع نبيهم؛ لأنه النبي الخاتم الذي سيضع المبدأ الذي ستقوم عليه الساعة، ولن يأتي أحد بعده، فكان يجب أن تتحمسوا؛ فأنتم خير أمة أخرجت للناس، وأنا ادخرتكم لذلك. إن الحق يعطيهم المثل وفيه تعريض بهم وعتاب لهم، وفي هذا القول تعليم أيضا، فيقول: { وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ } أي وكثير من الأنبياء { قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ } ونستوحي من كلمة { وَهَنُواْ } أي ما ضعفوا. فكأنه قد حدث في القتال ما يضعف، { فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ } أي ما حدثت لهم نكسة مثلما حدثت لكم. { وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ }. وكل من { وَهَنُواْ } و { ضَعُفُواْ } و { اسْتَكَانُواْ } هذه جاءت في موقعها الصحيح؛ لأن " الوهن " بداية الضعف، و " الوهن " محله القلب وهو ينضح على الجوارح ضعفا. و } اسْتَكَانُواْ { ماذا تعني؟ إنها من " سكن ". والسكون تقابله الحركة. والحرب تحتاج إلى حركة، والذي يأتي للحرب فهو يحتاج إلى كرّ وفر. أما الذي لا يتحرك فهذا معناه أنه ليس لديه قدرة على أن يتحرك، وساعة تسمع - الألف والسين والتاء - وتأتي بعدها كلمة، نعلم أن (الألف والسين والتاء) للطلب، " فاسْتَفْهَم " أي طلب أن يفهم، وهي تأتي لطلب المادة التي بعدها. كأن نقول: " استعلم " أي طلب أن يعلم، أو نقول: " استخبر " أي طلب الخبر، و " استكان " يعني طلب له كوْناً أي وجوداً، فكأنهم بلغوا من الوهن ومن الضعف مبلغاً يطلبون فيه أن يكون لهم مجرد وجود؛ لأن الوجود مظهره الحركة، والحركة انتهت، هذا هو معنى } اسْتَكَانُواْ {. وما دامت مِن الكون يكون وزنها - مثلما يقول الصرفيون - " استفعل " يعني طلب الكون، وطلب الوجود، وقد يكون وزنها ليس كذلك؛ إذا كانت من سكن، وهي بهذا الاعتبار لا يكون فيها طلب؛ لأن السين ستكون أصلية، فوزنها ليس " استفعل " بل هو " افتعل " فـ " استكانوا " هل تعني أنهم طلبوا السكون؟ لا؛ لأنهم كانوا ساكنين، إذن فالأولى أن يكون معناها أنهم طلبوا مجرد الوجود، هذا ما أميل إليه وأرجحه، وقيل في معناها: فما خضعوا وما ذَلوا من الاستكانة: وهي الذلة والخضوع. } فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ { فما يصيب العبد ابتلاء من الله، وفي الحديث: " إذا أحب الله قوما ابتلاهم ". وكل ذلك الوهن والضعف، لا يشغلهم عن المعركة، لأنهم لو صبروا على التحمل لأمدهم الله بمدد من عنده؛ لأنه حين تفرغ أسباب الخلق وتنتهي يأتي إمداد الخالق. ويلفتنا الحق سبحانه وتعالى بتذييل الآية: } وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ { أي وكفى جزاء عن الصبر أن تكون محبوبا لله؛ لأننا قلنا سابقا: قد نحب الله لنعمه التي أنعمها علينا، ولكن المسألة ليست في أن تحب الله أنت، وإنما في أن تصير بتطبيق منهجه فيك محبوبا لله. وقد أثر عن بعضهم قوله: وإلا أَلم تَرَ كثيراً أحَبَّ ولم يُحَبْ؟!! أنت أحببت للنعم، ولكنك تريد أن تكون محبوبا من الله؛ لأن حبك للنعم لا يكفي، فمثل هذه النعم أخذها الكافر أيضاً، إذن فهناك حاجة أخرى. هناك مقدم وهناك ومؤخر فالمقدم هو نعم الحياة وكل البشر شركاء فيها مؤمنهم وكافرهم، ولكن المؤخر هو جزاء الله في الآخرة وهو الأصل. إذن، فلو أن الناس فطنوا إلى قول الله: } وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ { لقالوا: كفى بالجزاء عن الصبر أن نكون محبوبين لله، حين أصابهم ما أصابهم. صحيح أن الإصابة لم تصنع فيهم وهناً أو ضعفا أو استكانة، وهذا معناه أن فيهم مُسكة اليقين بالله. ومُسكة اليقين بالله تجعلهم أهلا لإمداد الله. فليس لك إلا أن تصبر على ما أنت فيه لتعرف مدد الله لك. ومدد الله لك لا يتجلى بحق إلا وقت الضعف؛ لأنك وقت قوتك قد تعمل مثل الذي قيل فيهم:{ فَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىا عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَـاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }[الزمر: 49] لكن المؤمنين حين أصابهم ما أصابهم } فَمَا وَهَنُواْ {؛ لأِنَّهم كانوا متيقظين إلى قضية إيمانية: إن الله لا يسلمك لنفسك إلا حين تغيب عنه، فقالوا: ولماذا حدث لنا هذا؟ لم يقولوا: ربنا انصرنا كي نخرج من الضعف، لا. بل فكروا في الأسباب التي أدت بهم إلى هذا: } وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فكأن ما حدث نتيجة لذنب تقدم ففطنوا إلى السبب، كان المفروض أنهم في معركة، وهذه المعركة أجهدتهم وأنهكتهم، صحيح أنهم لم يضعفوا، وكان المفروض أن يقولوا: " يارب انصرنا أولا " لا. بل قالوا: لا بد أن نعرف السبب في النكسة الأولى، السبب في هذه النكسة أن الله لم يسلمني إلى نفس إلا لأني نسيته. { وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا } ، { ربَّنَا } ، وانظر لكلمة النداء في { ربَّنَا } ، كان يمكن أن يقولوا: يا ألله إنما جاءوا بكلمة " ربنا " لماذا؟ لأن علاقة العبد بالربوبية هي قبل علاقته بالألوهية، فالألوهية مكلفة، فمعنى " إله " أي: معبود، وما دام معبودا فله تكليف يطاع فيه، وهذا التكليف يأتي بعد ذلك، هو سبحانه له ربوبيته في الخلق. قبل أن يكلفهم، وما دام الرب هو الذي يتولى التربية، فالأولى أن يقولوا: يارب، إذن قولهم: " ربنا " يعني أنت متولي أمورنا، أنت الذي تربينا. { ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا } فكأنه لا شيء يصيبنا إلا بذنب من الغفلة ارتكبناه. ونعرف من كلمة " ذنب " أن الذي يفطن إلى معناه لا يفعلها أبدا، لأن كلمة " ذنب " مأخوذة من مادة " الذَنَب ". والذَّنْبُ سيأتي بعده عقوبة. فاللفظ نفسه يوحي بأن شيئا سيأتي، وعندما تتذكر عقاب الذنب فأنت لا تفعله. { اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا } لأن كل معصية تكون تجاوزا عما أَحلَّه الله لك، وزيادة غير مشروعة وإن كانت من نوع ما أحله الله، ولكنها زيادة عن مقومات حياتك، فالله شرع لنا الزواج لنأتي بالأولاد، وعندما نأخذ أكثر من هذا من غير زواج نكون قد أسرفنا، والله أعطانا مالا بقدر حركتنا، فإن طمعنا في مال غيرنا فقد أسرفنا. " وأسرفت " يعني أن تأخذ حاجة ليست ضرورية لقوام حياتك ولذلك فالحق سبحانه وتعالى يقول:{ قُلْ ياعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىا أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }[الزمر: 53] إنه سبحانه يوضح: أنا حللت لك كذا من النساء فما الذي جعل عينيك تزوغ وتميل إلى غير ما أحله الله لك؟ أنا أحللت لك كسب يدك وإن كنت فقيراً فستأخذ صدقة، لماذا أسرفت؟ إذن فكل أمر زائد على الحد المطلوب لبقاء الحياة اسمه " إسراف " { وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا }. لقد بدأوا يدخلون في الحق، لكنهم في البداية رَأَوْا الباطل، والباطل هو من أسباب تخلي الحق عن نصرتنا أولا، لكن عندما يغفر سبحانه الذنب ويغفر الإسراف في الأمر نكون أهلاً للمدد وأهلاً لتثبيت الله. { وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا } كيف يقول الحق ذلك والمفهوم في المعركة أن الأقدام لا تثبت؟ المعركة تطلب من المقاتل أن يكون صوالاً جوالاً متحركا، إذن فما معنى { وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا }؟ إن قول الحق: { وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا } يعني لا تجعلنا نفر من أرض المعركة، ولا نترك أرض المعركة أبدا. ولذلك قلنا: إن الكفار عندما حدث منهم ما حدث لم يظلوا في ارض المعركة، بل تركوا أرض المعركة وانصرفوا، وهؤلاء المؤمنون ولو أنهم انهزموا إلا أنهم مكثوا في أرض المعركة مدة، وكروا وراء أعدائهم وطاردوهم. وقد اهتدى البشر أخيراً إلى هذا المعنى، ففي فرنسا نيشان يسمونه " نيشان الذبابة " لماذا الذبابة؟ لأن الذبابة إن طردتها عن مكان لا بد أن تعود إليه، فكذلك المفروض على القائد - ما دام انسحب من منطقة - أن يوطن نفسه على العودة إليها، فيعطوه نيشان الذبابة. فقوله: } وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا { في أي منطقة؟ وفي أي معركة؟ علينا ألا نبرح أماكننا؛ لأننا ساعة أن نبرحها فهذه أول هزيمة، وهذا أمر يُجَرِّئ العدو علينا. } وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ {. كلمة } وانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ { هي حيثية، فما داموا قد قالوا: } وانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ { فهم إذن مؤمنون ومؤمنون بحق؛ ولذلك فإن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول قولته المشهورة: إنكم تنتصرون على عدوكم بطاعة الله، فإن استويتم أنتم وهم في المعصية غلبوكم بعُدتهم وعَددهم. ولذلك فالإيمان يتطلب أن تنتبهوا إلى موطن الضعف فيكم أولا، والذي استوجب أن يصيبكم ما أصابكم، حقاً إنكم لم تضعفوا، ولم تستكينوا وأصابكم من المعركة شيء من التعب والألم. كأن الحق يوضح لنا أنهم قد تنبهوا فأحسنوا البحث في نفوسهم أولا، لقد تكلموا عن الذنوب وطلبوا المغفرة وتكلموا عن الإسراف على النفس، وبعد ذلك تكلموا عن المعركة. فماذا كان العطاء من الله؟ ويأتينا الجواب في قوله الحق: } فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148) أي أن الذي يريد الدنيا فالله يعطيه من الدنيا غنائم وأشياء، ولنا أن نلحظ أن الحق عندما يتكلم هنا عن الدنيا فهو لم يصفها بحُسن أو بشيء، فقط قال: { ثَوَابَ الدُّنْيَا } ، لكن عندما تكلم عن الآخرة فهو يقول: { وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ } وهذا هو الجمال الذي يجب أن يُعشق؛ لأن الدنيا مهما طالت فهي متاع وغرور وزخرف زائل، ومهما كنت منعماً فيها فأنت تنتظر حاجة من اثنتين: إما أن تزول عنك النعمة، وإما أن تزول أنت عن النعمة. ويختم الحق الآية بقوله: { وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } وقد أحسنوا حين ناجوا ربهم بعدما أصابهم. إنهم سألوا المغفرة، وسألوا أن يغفر لهم إسرافهم في أمرهم، وأن يثبت أقدامهم وأن ينصرهم على القوم الكافرين؛ لأنهم رأوا أن قوتهم البشرية حين يتخلى عنهم مدد الله تصبح هباءً لا وزن لها. { فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } ومثلما قلنا في الصبر: { وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ } كفى بالجزاء على الصبر أن تكون محبوباً لله، كذلك كفى بالجزاء على الإحسان أن تكون محبوبا لله. جمال عبدالرحمن 1 اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
Recommended Posts
Join the conversation
You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.