الخلافة خلاصنا قام بنشر June 23, 2020 ارسل تقرير Share قام بنشر June 23, 2020 **القيادة الحزبية بين الإبداع و التدمير ** لعل العنوان لا يبدوا واضحا من القراءة الأولى ولذلك دعوني أتذاكر معكم معركة ذات السلاسل.. لن أبالغ إن قلت أنها أكثر قصص السيرة التي أثرت فيّ وتركت خلفها علامة عميقة في أخاديد عقلي، عندما قرأت قصة هذه المعركة أصبت بالذهول من أول سطورها وكان يزداد ذهولي واستغرابي مع كل سطر انهيه... أخذ يجول في خلدي كلام كثير وتساؤلات مربكة -تماما كما حصل مع سيدي عمر بن الخطاب- الذي كان ذهوله واستغرابه وتساؤلاته اكبر من تساؤلاتي ، -- عمرو بن العاص اسلم قبل أسابيع فكيف يصبح قائدا لسرية عسكرية؟ و الأصعب كيف يجعل الرسول أبو بكر وعمر تحت إمرته؟ و الأصعب كيف ينفرد عمرو بن العاص باتخاذ القرار دون مشاورة أبي بكر وعمر؟ و الأكثر صعوبة كيف يتجرأ هذا المسلم الجديد على تحدي عمر بن الخطاب؟ -- لا أخفيكم كنت أشعر بغضب شديد قبل أن أصل إلى ذلك السطر عندما صاح الصديق بوجه عمر بتلك العبارة التي هزتني كما هزت عمر بن الخطاب (و الله يا عمر لولا أنه خير منك ما أمّره رسول الله عليك) هذه العبارة صدمتني أكثر مما صدمت عمر بن الخطاب!!! -- ثم يعود الجيش الغاضب إلى المدينة ويتوجهون مباشرة إلى حضرة رسول الله ليشتكوا على عمرو بن العاص.. باستثناء رجل واحد وهو ابو بكر لم يذهب معهم -- وينعقد مجلس الحكم ويستدعى عمرو بن العاص، وعمر بن الخطاب وبقية الصحابة و أنا معهم ينتظرون العقوبة النبوية التي ستنزل على عمرو بن العاص ، وهنا تكون المفاجأة !! لقد كان عمرو بن العاص (مبدعاً) لدرجة أن عمر بن الخطاب و بقية أفراد الجيش لم يكونوا يدركون ما يحدث!! -- ولو وضعنا أي رجل بدل عمرو بن العاص في هذه المعركة (لتدمر) الجيش وهزم..!! ** هذه القصة تركت ألماً و تنبهاً في نفس الوقت داخل أعماق ذهني.. -- أما الألم فلأنني أدركت أنه من الممكن أن يكون الرجل عظيما وعملاقا ً ولكنه لا يصلح للقيادة في مراحل معينة.. وهنا تكمن المصيبة : فأنا شخصياً لو خيرت بين عمرو بن العاص وعمر بالخطاب قطعا سأختار عمر بن الخطاب.. ولكن في هذه المعركة بالذات سيكون الخيار خاطئاً!! -- ولذلك شعرت بألم شديد منبعه الحيرة التي مازالت تنتابني، ما هو المعيار؟؟ -- الحقيقة أنه ليس هناك معيار.. ولعل الكثير من هزائم الأمة كانت بسبب هذه الهفوة، عندما يلتفون حول العمالقة و الأسماء الكبيرة ولا ينتبهون لوجود ( المبدعين) ** هذه القضية أشغلت الكثير من العقول العملاقة في تاريخنا مثل الشافعي و القاضي يعقوب وابن خلدون -- أما الشافعي فاعتزل الفقه لمدة سنتين وتفرغ لتعلم فنون الفراسة في اليمن. -- وأما القاضي يعقوب فقد افتتح علما جديدا في باب القضاء وهو علم الحيل الذي كان لزاما على كل قاضي حنفي أن يتعلمه قبل الجلوس للقضاء. -- وأما ابن خلدون الذي كان ملزما على بناء منظومة قضائية جديدة في مصر فقد اعتمد على الرأي الجماهيري على نفس طريقة عمر بن الخطاب.. ** هذه ربما تكون مخارج علمية (الفراسة - علم الحيل- واستقراء رأي الجمهور) ** ولكن في الواقع العملي ليست كافية وليست منضبطة.. -- ولعل من أكبر أوجاعنا التي تحضر في ذاكرتي معركة بلاط الشهداء : خطأ صغير من العملاق عبد الرحمن الغافقي، في اختيار قائد قلب الهجوم للجيش دمر جيشا كاملا من أعظم جيوش المسلمين عبر التاريخ. ** نعم اختيار الرجل غير المناسب للمرحلة و الزمان و المكان و المهمة ، قد يكون مدمراً. ** لا أخفيكم سراً إن قلت أنني أجد في قلبي خوفاً من هذه المسألة لسببين: الأول أنني وجدت الكثير من هذه الحالات في تاريخنا مما سبب الكثير من (الدمار) و الهزائم ، و الثاني أنه فعلياً لا يوجد معيار حقيقي لترشيح المبدعين واكتشافهم. ** وهذا يقودنا للتساؤل الأكبر : من المسؤول عن الخطأ ومن الذي يجب ان نحاسبه إذا حصل تهميش للمبدعين، ومن الذي يجب أن نعاقبه إذا وقعنا في نفس الخطأ ؟؟ الحق أن المبدعين تكشفهم المواقف ولا يمكن التنبؤ بوجودهم أو اكتشافهم عن قصد ... و من ناحية أخرى من الصعب على العقلية البشرية أن تشيح نظرها عن الأسماء اللامعة عندما يكونوا موجودين لتبحث عن غيرهم.. وهذا يجعلني ألقي بهذا الحمل على توفيق الله.. -- في الواقع العملي يستلزم من صاحب الصلاحية أو الأمير أو الخليفة أن يبذل الجهد ثم يتوكل على الله... ولا أجد حقاً لأحد أن يلوم صاحب الصلاحية إن أخطأ الاختيار. فقد أخطأ عمر بن الخطاب وأخطأ الشافعي وأخطأ القاضي يعقوب وأخطأ ابن خلدون وهم عملاقة هذا الفن. فالله نسأل أن يلهمنا رشدنا وأن يهدينا سبلنا جندل صلاح #الحقيقة اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
Recommended Posts
Join the conversation
You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.