اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

المؤتمر العالمي الختامي لأعمال حملة الذكرى المئوية لهدم الخلافة 1442هـ-2021م


Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 المؤتمر العالمي الختامي

لأعمال حملة الذكرى المئوية لهدم الخلافة

 

 1442هـ-2021م

 

 

r n

في شهر رجب المحرم من هذا العام 1442هـ - 2021م وبمناسبة الذكرى المئوية الأليمة لقضاء المجرمين في 28 رجب المحرم 1342هـ الموافق 1924/03/03م على دولة الإسلام التي أقامها سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم وإلغاء نظام الحكم الإسلامي (الخلافة) الذي أنار جنبات الدنيا على مر 13 قرناً، وبتوجيه من أمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة حفظه الله نظم حزب التحرير فعاليات جماهيرية واسعة في جميع البلاد التي يعمل فيها تحت شعار:
"في الذكرى المئوية لهدم الخلافة.. أقيموها أيها المسلمون"
واختتمها بهذا المؤتمر العالمي الذي حاضر فيه نخبة من شباب الحزب من ماليزيا شرقا إلى بريطانيا غربا، الذي عكسوا بدورهم توجه الأمة الجارف وحاجتها الماسة لاسترجاع سلطانها المغتصب، وإعادة السيادة للشرع، لتطبيق شرع الله سبحانه في أرضه، من خلال نظام الحكم الإسلامي (الخلافة الراشدة على منهاج النبوة).
السبت، 29 رجب المحرم 1442هـ الموافق 13 آذار/مارس 2021م

رابط هذا التعليق
شارك

المؤتمر العالمي الختامي  لأعمال حملة الذكرى المئوية لهدم الخلافة    1442هـ-2021م

للمشاهدة باللغة العربية - ترجمة فورية

 

رابط يوتيوب 

https://youtu.be/4WdOCgN3R0k

 

رابط هذا التعليق
شارك

 

- كلمات المؤتمر العالمي -

 

الكلمة الثانية: لماذا تأزمت الديمقراطية في عقر دارها؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الكلمة الثانية

لماذا تأزمت الديمقراطية في عقر دارها؟

محمود كار

رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تركيا

http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/74206.html

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشاهدينا وضيوفنا؛ إخواننا الكرام!

مرت تمام المائة سنة على يوم هدم دولة الخلافة العثمانية على أيدي الإنجليز وعملائهم المحليين. ومرت خمس وسبعون سنة على احتلال كيان يهود للمسجد الأقصى المبارك. ومر من الزمان أكثر من ثلاثين سنة على انتهاء الحرب الباردة. ويمكننا القول بعد ذلك إن العصر الأمريكي أيضا آذن بزوال من بعد زوال عصر أوروبا الصناعي، لأنه لم يبق بين أيدي الكفار الغربيين ما يقدمونه للإنسانية سوى ديمقراطية عفنة.

 

كانوا يظنون أنهم بديمقراطيتهم سيبقون الإنسانية في سبات سنين مديدة، وكانوا يحلمون بتأسيس حضارات ديمقراطية فوق تراب بلاد الإسلام. وفي الواقع فهم يعلمون يقينا أن أحلامهم هذه غير قابلة لأن تتحقق، لكن لم يبق في أيديهم حيلة. وما بقي لهم في اليد سوى شيء واحد، هو الديمقراطية العفنة. فقاموا باحتلال أفغانستان والعراق وسوريا حاملين وعود الديمقراطية، وقدموا للأنظمة العميلة لهم في تونس ومصر وليبيا، وعود الديمقراطية مادة للبقاء. ولأجل ذلك قاموا بتشجيع جبهة الإنقاذ الإسلامية في الجزائر، وحزب الرفاه في تركيا، والإخوان المسلمين في مصر، وحماس في فلسطين على خوض الانتخابات الديمقراطية، لكنهم لما لم يجدوا ذلك مناسبا لهم في مصر قاموا بالانقلاب على مرسي الفائز بالانتخابات ودعم السيسي الانقلابي ضده.

 

المشاهدين الكرام! هكذا يكون حساب أمريكا والغرب مع الإسلام والمسلمين، حساب كوني دام مائة سنة، وما بقي بين أيدي الكفار من سلاح يستخدمونه في هذه المحاسبة سوى سلاح ثقافي هو سلاح الديمقراطية البالية. لكن من المؤلم أن يوجد بيننا حكام خونة عملاء هم من يستخدمهم الغرب كسلاح ضد المسلمين. هؤلاء الذين رأوا في احتلال أمريكا للعراق استقداما للديمقراطية إلى المنطقة، وكان من هذا الفريق رئيس الجمهورية التركية أردوغان الذي عمل بإخلاص سنين طويلة في رئاسة مجموعة مشروع الشرق الأوسط الكبير. ومن سوء حظهم فقد ذهبت جهودهم تحت مطحنة الربيع العربي أدراج الرياح.

 

وعلى شاكلة أولئك الحكام يوجد علماء حداثيون وأكاديميون يقولون إنه لا يوجد في الإسلام نظام خاص به، وإن الخلافة فكرة طوباوية (خيالية)، مع أن الطوباوية على حقيقتها تتمثل في الديمقراطية، التي هي نظام متخيل لا يتصور تطبيقه. لماذا؟ لأنه لا يمكن لشعب ما أن يمارس الحكم والإدارة، ولا تتمثل إرادة الأغلبية الشعبية في أي واحدة من هذه الأنظمة. وأكثر البلدان المنتحلة للديمقراطية إما أنها تدار بواسطة أقلية أو بحكومات تتكون من تحالفات حزبية. ولذلك فإن القول بأن "البلدان التي تطبق الديمقراطية، تعكس برلماناتها وجهة نظر الأغلبية" إنما هو كذب ومخادعة.

 

وأبرز أمثلة على ذلك نراها شاخصة في الدول الغربية، فإنه مهما يكن رئيس الدولة أو مجلس الشيوخ في أمريكا مثلا يأتيان بناء على انتخابات، فإن المحدد لانتخابهما ليست هي الإرادة الشعبية، وإنما إرادة شركات المال الرأسمالية. وهكذا فإن جميع رؤساء أمريكا وأعضاء مجالس شيوخها المنتخبين هم حتى اليوم ممثلون لإرادة أصحاب شركات النفط والسلاح، وهم الذين يمولون في انتخابهم كل شيء حتى دعاياتهم الانتخابية.

 

والديمقراطية التي قامت أمريكا باستثمارها لتستفيد منها أزمنة طويلة، آخذة بالضمور فالانهيار يوما بعد يوم، ولذلك فقد تم التذرع بذرائع حقوقية من أجل التمويه على الخرافات التي صدرت من الرئيس السابق ترامب لحماية استمراره في الإدارة، والآن يقوم بايدن بالعمل على تنظيف الأنقاض التي تركها ترامب. لكنه مع قيامه بذلك فهو يريد من جهة أخرى الأخذ بالانتقام، وهكذا ستبقى أمريكا منشغلة في دائرة مشاكلها وتخبطاتها الداخلية.

 

لقد وصلت أمريكا إلى حالة لم تعد تستطيع فيها استخدام مقولتها المخادعة السحرية "جئناكم بالديمقراطية" في المحافظة على استعمارها للبلاد الأخرى، ذلك أن الشعوب والناس في سائر البلاد صاروا يقولون: فلتعمل أمريكا على إيجاد الديمقراطية فوق أراضيها أولا، وليطبق الغرب الديمقراطية فوق أراضيه وبين شعوبه أولا.

 

لن يستطيعوا إيجادها ولا تطبيقها، لأن الديمقراطية ليست سوى أكبر كذبة في المائة سنة الأخيرة من كذب الشركات والدول الاستعمارية ليخدعوا بها الشعوب.

 

لقد رأيتم ردة فعل أمريكا على مظاهرات الخامس والعشرين من آذار/مارس 2020 بعد قتل جورج فلويد في مينيسوتا على يد موظف من الشرطة، لقد هدد ترامب باستخدام القوة المدججة بالأسلحة الثقيلة في حال قام المحتجون بمحاولة اجتياز جدران البيت الأبيض، لكن ترامب نفسه عندما أحس بفقدانه الانتخابات، لم يقم بمنع أنصاره من اقتحام مبنى الكونجرس! هل يمكنكم تصور ذلك؟ الشعب في أمريكا التي تنشر الديمقراطية في العالم، يرى الانتخابات غير شرعية، فيقتحم مباني الإدارة في الدولة، ويتمرغ حلم أمريكا بالتراب.

 

ولو كانت الديمقراطية شيئا حقيقيا، لمدت أمريكا يدا إلى شعبها أولا، لكنها لم تفعل، وإنما حولت السلاح إلى صدره.

 

الديمقراطية ليست سوى نظام قبيح باعث على الاشمئزاز، عفن بالٍ، في حقيقة الأمر، فالحريات الديمقراطية آخذة بالإنسانية جمعاء نحو الهلاك. يريد الناس فيها حيازة كل شيء، فإن لم يستطيعوا صاروا في ضيق، ويقولون: إن المال أساس الحياة، مع أن المال في جميع الأنظمة الديمقراطية مجتمِع في أيدي حفنة من الناس في المجتمع، وهذه الأقلية تقوم برهن الإرادة الشعبية لصالحها في واقع الأمر، وتقوم بإعطاء الأنظمة محدداتها.

 

-      يعيش نصف سكان العالم، أي أكثر من ثلاثة مليارات من البشر على أقل من دولارين في اليوم.

-      ويعيش مليار ونصف المليار من الناس على أقل من دولار في اليوم.

-      وهكذا يحوز عشرة بالمائة فقط من سكان العالم سبعين بالمائة من مجمل الدخل العالمي، بغير وجه حق.

-      ويبلغ عدد الذين يعيشون عند خط الفقر المدقع 1,1 مليار إنسان.

-      ويفقد أكثر من 10 ملايين طفل حياتهم كل عام جوعا.

 

ولرؤية مبلغ الفساد في الدول الغربية التي تطبق الديمقراطية، أريد مشاركتكم بعض البيانات الإحصائية الإضافية أيضا:

-         ينتحر شخص في أمريكا كل 11 دقيقة، وفي حزيران الماضي أفيد بأن 40٪ من البالغين في الولايات المتحدة يعانون من اضطراب عقلي أو تعاطي المخدرات.

-      ويقتل في أمريكا أيضا شخص كل 23 دقيقة، وتغتصب امرأة كل دقيقتين، ويتعرض شخص كل 49 ثانية للهجوم.

 

المشاهدين الأعزاء:

إن صحة أو خطأ أي نظام مرتبط تمام الارتباط بصحة قاعدته الفكرية أو خطئها، واليوم يتم تزيين الديمقراطية التاريخية التي جربت في أمريكا وأوروبا وتقديمها بين أيدي المسلمين، ولو نظرنا أدنى نظرة إلى التجربة الإنسانية للديمقراطية، لما رأينا شيئا سوى العفن والفساد. وإذا نظرنا في الجهة الأخرى إلى التجربة السياسية الإسلامية التي استمرت 13 قرنا، لوجدنا الاستنارة والانتشار. لكن الخونة حكام المسلمين للأسف، أفكارهم مليئة بالعقد، وأما علماؤهم فيمموا وجوههم قبل الغرب، وصار نشر الديمقراطية الغربية في بلادنا شغلهم الشاغل، وكأنه لا وجود لمشروع خاص بنا، وكأن الإسلام لم يضع مشروعا للحكم والإدارة!

 

ونحن بعد كل ذلك نقول بملء أفواهنا: نعم! نحن طلاب الخلافة، لأننا نملك مشروعنا الذاتي، لأننا نقول إن الإسلام عقيدة تقتضي شريعتها الكاملة العامة تنظيم جميع مناحي الحياة بغير استثناء. قال الله سبحانه وتعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً﴾.

 

ولهذا نحن نقول أيضا: إن لنا مشروعنا الصحيح، مشروع الخلافة الراشدة. والخلافة الراشدة هي شكل نظام الحكم الذي يمكن به تطبيق الإسلام. وإقامة الخلافة الراشدة هو فرض ظاهر تمام الظهور.

 

وأنهي كلمتي بمشاركتكم فقرة قصيرة من الخطاب الذي وجهه أمير حزب التحرير، عطاء بن خليل أبو الرشتة إلى الأمة في مؤتمر الخلافة الذي أقيم قبل ست سنوات في إسطنبول، بعنوان: "النموذج الرئاسي الديمقراطي، أم نموذج الخلافة الراشدة؟"، حيث قال أميرنا الكريم: "فالخلافةُ الحقة ليست مجهولة... إنها نظامٌ مميز بيّنه رسول الله ﷺ وسار عليه الخلفاء الراشدون من بعده، فليست الخلافةُ امبراطوريةً أو ملكية، ولا جمهوريةً رئاسية أو برلمانية، ولا دكتاتوريةً أو ديمقراطيةً تشرّع من دون الله، ولا أيَّ نوعٍ من الأنظمة الوضعية، ولكنها خلافةُ عدلٍ، وحكامُّها خلفاءُ أئمة، يُتَّقى بهم ويقاتل من ورائهم... إنها خلافةٌ تحمي الدماءَ، وتصونُ الأعراضَ وتحفظُ الأموالَ، وتفي بالذمة... تأخذ البيعةَ بالرضا والاختيار لا بالقهر والإجبار، يهاجرُ لها الناسُ آمنين لا أن يفروا منها مذعورين."

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تم تعديل بواسطه صوت الخلافة
رابط هذا التعليق
شارك

- كلمات المؤتمر العالمي -

S 3

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الكلمة الثالثة

﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى﴾

الشيخ سعيد رضوان – ولاية الأردن

http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/74222.html

 

الحمد لله رب العالمين، قاصم الجبارين ومذل الطغاة المتكبرين، وجاعل العزة للمؤمنين ما استمسكوا بشرعه وهدي نبيه ﷺ، وبعد:

 

- قبل مائة عام حقق الكافر المستعمر أعظم انتصار على المسلمين حين أسقط الخلافة، وما كان له ذلك لولا خيانة فئة مارقة من خونة العرب والترك.

 

- وبإسقاط الخلافة استُعمرت بلاد المسلمين، وتعرضت الشعوب الإسلامية على مدار مائة عام لحروب شرسة، حروب إبادة جماعية وتطهير عرقي، وتدمير للمدن والقرى، وتشريد لأهلها، ونهب لثرواتها، حروب وحشية بلا قيم ولا أخلاق.

 

- كما تعرضت لأشرس الحروب الفكرية لسلخها عن دينها وللحيلولة دون نهضتها، وعودة خلافتها.

 

- وبهدمها عُطل شرع الله، ومزقت البلاد إلى كيانات هزيلة وخنجر مسموم في صدر الأمة تحول دون وحدتها ونهضتها، وأصبحت دولهم رأس حربة وأداة قذرة للكافر المستعمر في حربه على الإسلام وأهله.

 

- بغياب الخلافة فقدت الأمة الإمام الجنة الذي تتقي به وتقاتل من ورائه فتجرأت عليها الأمم وأراذل الشعوب، فتجرع المسلمون كأس الذل والهوان، واستبيحوا في كل شيء.

 

- ولولا رحمة من الله، وعقيدة كامنة في أعماق المسلمين لفنيت أمة الإسلام وأصبحت خبرا بعد عين.

 

لقد استعصت الأمة على أعدائها بعقيدتها؛ سر حياتها ومكمن حيويتها، ولن تلبث أن تعود خير أمة أخرجت للناس ما استمسكت بعقيدتها وأعادت خلافتها.وسيكون ذلك إن شاء الله قريبا.

 

أيها المسلمون: إن عودة الخلافة قضية عقائدية بها يعز الإسلام ويظهر دين الله على سائر الأديان. بها يوحد الله، ويحكم شرعه، ويحمل الإسلام رسالة هدى ورحمة للعالمين. بها تصان الدماء والأعراض والأموال وتطهر المقدسات من دنس الكفار، ويعيش الناس؛ مؤمنهم وكافرهم، في ظلها حياة آمنة مطمئنة.

 

أيها المسلمون: لقد قرر الشرع الحكيم قاعدة لا تتخلف ألا وهي: ما آمن الناس بالله وحكموا شرعه إلا عمهم الأمن، وفاض عليهم الخير والرزق مباركا، وما فارقوا شرع الله وحكموا أهواءهم إلا أخذهم الله بالعذاب وأذاقهم الخزي وضنك العيش، وسلط عليهم الطغاة الجبارين فأذاقوهم الويلات وأوردوهم موارد الهلاك، وما ينتظرهم عند الله أشد خزيا وندامة.

 

- قال سبحانه وتعالى وهو أصدق القائلين: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾، وقال جل من قائل: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾، وقال سبحانه: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً﴾. وقال سبحانه: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم﴾. وقال الحبيب ﷺ: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ».

 

أيها المسلمون: إن عودة الخلافة التي تعبّد الناس لله خالق الكون والإنسان والحياة هي قضية عقائدية في صلب العقيدة الإسلامية، فهي وحدها التي تجسد الحاكمية لله وحده، وتزيل حاكمية البشر، وتعطي أحكام الشرع صفة الإلزام، فتصبح قوانين ملزمة، وهي التي تجعل السيادة لله وحده، قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾، وقال سبحانه: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾.

 

وعلى ضوء ذلك تتقرر الحقيقة الشرعية أن إقامة الخلافة بمبايعة خليفة للمسلمين، يحكم بشرع الله ويرفع لواء الجهاد هي من أعظم الفروض، بل تاج الفروض.

 

- واستزادة في الأدلة والبيان نستعرض بعض الأدلة الشرعية وبإيجاز شديد:

 

- قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ﴾ ولا يوجب الشارع طاعة من لا وجود له، فيجب على المسلمين إيجاد الخليفة، الذي تجب طاعته.

 

- وقال سبحانه: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيماً﴾، والحكم بالشرع يحتم وجوب وجود الخليفة.

 

- وقال ﷺ: «مَن خَلَعَ يَداً مِن طَاعَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ يَومَ القِيَامَةِ لا حُجَّةَ له، وَمَن مَاتَ وَليسَ في عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»، وهذا يوجب وجود بيعة في عنق كل مسلم وإلا كانت ميتتهم ميتة جاهلية، وبالتالي يجب وجود الخليفة الذي بوجوده توجد البيعة الواجبة في الأعناق.

 

- وقال ﷺ: «كانَتْ بَنُو إسْرائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأنْبِياءُ، كُلَّما هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وإنَّه لا نَبِيَّ بَعْدِي، وسَيَكونُ خُلَفاءُ فَيَكْثُرُونَ» قالوا: فَما تَأْمُرُنا؟ قالَ: «فُوا ببَيْعَةِ الأوَّلِ فالأوَّلِ، أعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فإنَّ اللَّهَ سائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعاهُمْ»، وهذا بيان من رسول الله بأنه لا يكون من بعده إلا خلفاء يجب مبايعتهم ويجب الوفاء ببيعتهم.

 

- وقال ﷺ: «إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُم». وتأمير خليفة للمسلمين يرعاهم جميعا، ويحكم فيهم شرع الله أوجب وأعظم من تأمير أمير سفر.

 

- وقال ﷺ: «إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الْآخَرَ مِنْهُمَا» وهذا يدلل على:

أولا: وجوب وحدة الأمة التي من أجلها أجاز المشرع قتل خليفة مصان الدم حفاظا على وحدتها.

ثانيا: الخليفة هو الذي يبايع على كتاب الله وسنة رسوله ليس غير.

ثالثا: إن أمر المشرع بقتل الخليفة المبايَع، وبالتالي قتل من ينتصر له من مبايعيه، يبين عظم وجوب وجود الخليفة، ووحدة الخلافة.

 

- أما الدليل من الإجماع فهو أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بإمهال أهل الشورى الستة ثلاث ليال لمبايعة خليفة، وبقتل المخالف بعد ثلاث، وكان ذلك على مسمع من الصحابة، وإقرار منهم بحرمة المبيت فوق ثلاث بلا خليفة.

 

- ثم إن القاعدة الشرعية: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" تجعل من أوجب الواجبات إيجاد الخليفة الذي لا يتم تحكيم الشرع إلا به.

 

- ونختم بقول لخليفة المسلمين الفاروق رضي الله عنه: "إنه لا إسلام إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمارة ولا إمارة إلا بطاعة، فمن سوده قومه على الفقه كان حياة له ولهم، ومن سوده قومه على غير فقه كان هلاكا له ولهم".

 

أيها المسلمون: لقد زرع الكافر المستعمر وعملاؤه في عقول المسلمين أن المسلمين ضعاف وأن قواهم المادية غير قادرة على إقامة الخلافة ومواجهة أعدائها، وأن بلادهم الممزقة مع الفساد المستشري في الحكام والشعوب يجعلهم غير مؤهلين لإقامة الخلافة. وهذا تلبيس على المسلمين لإلقاء الوهن واليأس في نفوسهم ولإقعادهم عن هذا الفرض العظيم؛ تلبيسا أنساهم قول الله سبحانه: ﴿كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾، وقوله عز وجل: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾.

 

أنساهم وعد الله بالاستخلاف، حيث قال من عز وقضى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾.

 

أنساهم بشارة نبيهم بأنه ستكون خلافة راشدة بعد الملك الجبري، ملك القهر والجبروت، والقتل والتنكيل، ملك الحديد والنار، حيث قال: «ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ. ثُمَّ سَكَتَ».

 

- نعم إن الإعداد المادي مَطلوب وفي أقصى ما نستطيع، ولكن ليعلم الجميع أن سبب النصر أنه من عند الله حصرا، قال تعالى: ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾، وأن القوة المادية لن تأتي بنصر إذا تخلى رب المادة وخالقها عنا. فرضا الله أولا وآخرا ثم العدة المستطاعة. وأنتم أيها المسلمون أهل لذلك ما استمسكتم بحبل الله ورضاه؛ فأنتم أشرف الأمم، أنتم الأمة الوسط، خير أمة أخرجت للناس، فثقوا بالله وانصروا دينكم وأقيموها خلافة على منهاج النبوة ينصركم الله ويثبت أقدامكم، والله معكم ولن يتركم أعمالكم.

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى من سار على دربه واهتدى بهديه إلى يوم الدين.

رابط هذا التعليق
شارك

- كلمات المؤتمر العالمي -

الكلمة الرابعة: جرأة الغرب على مقدسات المسلمين

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الكلمة الرابعة

جرأة الغرب على مقدسات المسلمين

الدكتور محمد أبو العين – ماليزيا

(مترجمة)

http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/74223.html

في الحرب العالمية الأولى كانت الخلافة في حالة يرثى لها بالفعل. فعندما كانت الحرب العالمية الأولى على وشك الانتهاء، دخل الجيش الفرنسي بقيادة القائد هنري غورو دمشق، وذهب مباشرة إلى ضريح صلاح الدين، وركله وقال: "لقد انتهت الحروب الصليبية الآن! ها قد عدنا يا صلاح الدين! وجودي هنا يكرس انتصار الصليب على الهلال!". وترددت أصداء اللحن نفسه مرة أخرى عندما دخل الجنرال إدموند اللنبي بيت المقدس عبر بوابة يافا وأعلن أن "الحروب الصليبية قد اكتملت الآن". وكانت هذه الأحداث بمثابة بداية مبكرة للغرب تظهر جرأته على المساس بمقدسات المسلمين والإسلام. وكان إلغاء الخلافة في عام 1924م الضربة القاضية للدولة التي حمت المسلمين والإسلام لأكثر من ألف عام. ويبدو أن الغرب كان له انتقامه.

 

ولكن كلا... إن حقدهم وكراهيتهم للإسلام لا تنتهي عند هذا الحد. إن هدم الخلافة يشير إلى اشتداد الجرأة الغربية على مقدسات المسلمين والإسلام. وبالرغم من أن الاستعمار الغربي ولد قبل ذلك بكثير، وأن بلاد المسلمين قد احتلت حتى قبل هدم الخلافة، فإن الغرب الآن له الحرية في ارتكاب جرائم الدولة بحق المسلمين دون مقاومة من أي قوة على وجه الأرض!! وكوضع الملح على جرح جديد، هكذا ساعد الغرب الكافر في تأسيس كيان يهود وسفك دماء المسلمين في الأرض المباركة، وكذلك في شمال أفريقيا وإندونيسيا والهند وجميع البلاد الإسلامية المحتلة. فقد نُهبت ثروات المسلمين وانتهكت كرامتهم التي يقدسها الإسلام بلا هوادة. ويتضح ذلك بوضوح في حديث رسول الله ﷺ عندما كان يطوف حول الكعبة حيث نظر إليها وقال: «مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ، مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ؛ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْراً».

 

إن المسلمين الذين هم في حيرة من أمرهم وغير قادرين على الوقوف في وجه هذه الجرائم ليس إلا دافعا للغرب لكسب ثقتهم الخسيسة في مهاجمة المسلمين من جميع الزوايا.

 

عندما كان الإسلام مطبقا في عهد الخلافة، كانت هذه المقدسات محمية، ولكن منذ هدمها، عُلقت هذه المقدسات متأرجحة على خيط ملطخ بالدم بحوزة الغرب الكافر!! إنه ليحزننا، أيها المسلمون، أن ننظر إلى تاريخنا في السنوات المائة الماضية.

 

أما بالنسبة لأولئك الذين عاشوا ورأوا الفظائع التي ارتكبها الغرب ضدهم، فإن تلك الجرائم وجرأة الغرب في انتهاك حرمة هذه المقدسات لن تغفر لهم أبداً!

 

أيها المسلمون:

نسي مسلمو جيل اليوم أو تجاهلوا جرائم وجرأة الغرب ومعاناة الأمة الإسلامية الماضية، ولكن في الواقع، نحن نشهد الهمجية الغربية في أسوأ حالاتها. إن دماء المسلمين وكرامتهم وثرواتهم لا تزال غير آمنة من أيديهم القذرة. ولقد تسبب الاستعمار الغربي، تحت ذريعة "الحرب على الإرهاب" في عدد لا يحصى من الوفيات والمعاناة لملايين المسلمين. فمثلا الحرب في العراق وأفغانستان، وحرب البوسنة، والصمت ودعم أنظمة مثل ميانمار، كلها أمثلة واضحة على تدنيس المقدسات الإسلامية على يد الغرب.

 

في الواقع، من "السر" المعروف أن ما يزعم أنه "حرية التعبير" ليس سوى وهم يستخدم في الإطار السياسي الغربي للسماح بتشويه المعتقدات، ولكن عندما يشير الناس بأصابعهم إلى فساد المجتمعات والحكومات الليبرالية العلمانية، فإنهم ينفرون على الفور ويوصفون بـ"المتطرفين"، مما يكشف نفاق هذه "الحرية".

 

في عالم اليوم حيث تنتشر وسائل التواصل الإلكتروني في كل مكان، انتهك الغرب بلا هوادة المقدسات الأخرى للمسلمين والإسلام على شكل هجمات ضد ثقافتنا وأركان عقيدتنا، تحت ستار "حرية التعبير"، حيث يتجرأ الغرب على تبرير الإساءة إلى نبينا الكريم رسول الله ﷺ. ولقد شهدنا هذه الأمور التي تستهدف نبينا الكريم والعديد من أبشع الاعتداءات والإهانات التي يبررها الغرب باسم "حرية التعبير". ففي عام 2015، نشرت مجلة شارلي إيبدو الفرنسية الساخرة رسوماً كاريكاتورية مسيئة للنبي ﷺ، وفي عام 2020 كرروا ذلك. وفي كل مرة كانت الحكومة الفرنسية تدعم "حق" المجلة في "التعبير بحرية عن رأيها"! الكل يدرك تماما ازدواجية المعايير التي يبديها الغرب في هذه القضية. في الواقع، من المعروف جيداً أن ما يزعم أنه "حرية التعبير" ليس سوى حجة واهمة مستخدمة في الإطار السياسي الغربي للسماح بتشويه المعتقدات، ولكن عندما يشير الناس بأصابعهم إلى فساد العلمانيين والمجتمعات والحكومات الليبرالية؛ يتم عزلهم على الفور ويوصفون بـ"المتطرفين"، وبالتالي هكذا يكشف نفاق هذه "الحرية".

 

إلى جانب هذه الجرأة الفاضحة والصارخة للغرب في الإساءة لرسول الله ﷺ، فقد تجاوز الغرب خلال العقود القليلة الماضية الحدود مرات لا حصر لها! ومع تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا، يمتلك الغرب الآن سلاحاً يسمح لهم بنقل عصا الإهانات والهجمات إلى عملاء غير غربيين على شكل حكومات مثل الهند والصين وميانمار حيث يشكل المسلمون أقلية في تلك البلدان فتجد هناك بالفعل عداوة تقليدية للإسلام.

 

الإساءة لرسول الله ﷺ سيئة بما فيه الكفاية؛ ولكن جرأة الغرب لم تتوقف عند حد هذه الإساءة بل امتدت إلى التهجم على القرآن، والاعتداء على النساء المسلمات، والسياسات التي تقرها الدولة والتي تميز ضد المسلمين، وإعلان بيت المقدس عاصمة لكيان يهود، وهكذا استمرت الهجمات الأخرى على مقدساتنا حتى يومنا هذا. وللأسف، فإن التلقين الساحق للأفكار والثقافة الغربية في البلاد الإسلامية قد فرخ مسلمين باعوا أرواحهم للغرب وأصبحوا هم أنفسهم عملاء ساهموا في مهاجمة المقدسات الإسلامية.

 

أيها المسلمون:

حتى عندما كان الخليفة في أضعف حالاته، لم يتسامح أبداً مع أي شخص يتعدى على مقدسات الإسلام. لقد سمعنا قصصاً عن الخليفة عبد الحميد الثاني رحمه الله وهو يهدد بالانتقام من الغرب لمحاولة إساءتهم للنبي ﷺ. كما سمعنا كيف أنه رفض طلب يهود إقامة وطن لهم في فلسطين.

 

أيها المسلمون:

أليست جرأة الغرب كافيةً لكي ندرك أننا سنواجه باستمرار الإهانات والاعتداءات على مقدساتنا ما لم تتم إقامة الخلافة؟!

 

أيها المسلمون!

أقيموا الخلافة! وكونوا مع العاملين لإقامتها، كونوا من بين الذين ستسعد الملائكة لدعوتهم للدخول من أبواب الجنة.

رابط هذا التعليق
شارك

- كلمات المؤتمر العالمي -

الكلمة الخامسة: دور المرأة المسلمة في التغيير

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الكلمة الخامسة

دور المرأة المسلمة في التغيير

الدكتورة نسرين نواز

مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

(مترجم)

http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/74224.html

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

 

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، في القرن التاسع عشر، قال مسؤول فرنسي كان يحاول تقوية الحكم الاستعماري لفرنسا على أجزاء من البلاد الإسلامية: "من خلال النساء يمكننا الحصول على روح الشعب". لقد أدرك المستعمرون أن المرأة في البلاد الإسلامية هي مركز الأسرة، والعمود الفقري للمجتمعات، وهي الأساس في تربية الأطفال؛ إذا استطاعوا أن يأسروا قلوب النساء وعقولهن، فيمكنهم عندئذ أسر روح الأمة الإسلامية لأجيال قادمة.

 

لذلك، نسجوا شبكة من الأكاذيب حول المرأة المسلمة ودينها، متهمين كذباً الشريعة والخلافة بأنهما عدوها ومصدر قمعها، بينما زعموا أيضاً أن الثقافة والنظام الغربي العلماني هو الطريق إلى تحريرها من القهر.

 

لكن أكاذيبهم تبددت في دموع النساء المسلمات، لأن فقدان ولي أمرنا ودرع الخلافة وتطبيق أحكام الأنظمة العلمانية وغيرها من الأنظمة التي صنعها الإنسان في بلادنا لم يجلب لنا سوى الموت والدمار والعار واليأس.

 

لم تكن للنساء حياة أفضل من الحياة في ظل نظام الله؛ الخلافة، التي أحدثت ثورة في مكانة المرأة وحقوقها، ورفعت كرامتها إلى مستوى لم يشهده العالم من قبل، حيث إن صرخةً واحدةً من مسلمة مضطهدة كانت كافيةً لأن يحشد الخليفة جيشاً للدفاع عنها. لقد كانت دولة تدعم المرأة في محاسبة قياداتها بشكل علني دون خوف، وتزودهن بمؤسسات تعليمية ومرافق رعاية صحية من الدرجة الأولى، وتضمن أن تتم رعايتهن مالياً بشكل دائم من قبل أزواجهن أو أقاربهن الذكور أو الدولة وفقاً لما يفرضه الإسلام. لقد تمتعن بحياة مزدهرة وآمنة. وبالفعل، وصفت وثائق الخلافة العثمانية المرأة بأنها "تاج الدولة"، وحثت رجال الدولة على عدم إيذاء المرأة وبذل كل جهد للحفاظ على كرامتها. كل هذا قبل قرون، قبل أن تعترف الدول الغربية العلمانية بمفهوم حقوق المرأة!

 

لكننا الآن نرى المآسي والآلام الناجمة عن فقدان الخلافة في حياة المسلمات عالمياً. فقد أصبح شرفهن وحمايتهن وامتيازاتهن التي لا تعد ولا تحصى التي منحتها لهن شريعة الله، أصبح من ضحايا غياب هذه الدولة المجيدة. وأصبحن ضحايا للأنظمة المستبدة التي اضطهدتهن لمجرد لباسهن الإسلامي أو رفعهن راية دينهن.

 

فلا عجب أن نسمع اليوم نداء الخلافة يتردد من نساء هذه الأمة من كل أنحاء العالم! في الواقع، كم هو مثير للسخرية، أنه بينما استهدفت الحكومات الاستعمارية الغربية النساء في البلاد الإسلامية لهدم الخلافة، فإن أعدادا كبيرة من النساء اللواتي ولدن وترعرعن في الدول الغربية ضممن أصواتهن اليوم إلى أخواتهن في البلاد الإسلامية للمطالبة بإقامة دولة الخلافة، بعد أن شهدن عن كثب الدمار الذي زرعته القيم والأنظمة الليبرالية العلمانية في حياة الناس هنا وفي جميع أنحاء العالم. لذلك، بصفتنا نساء مسلمات، فإننا نرفض السماح للعلمانيين والنسويات بالتحدث نيابة عنا، وحبس أصواتنا وكتابة النصوص عن آمالنا وتطلعاتنا للتغيير. نقولها بصوت عال وواضح، إننا نرى الخلافة منقذتنا من الظلم، نحن نعتبر الشريعة طريقاً للتحرر من كل أشكال القهر، ونرى الإسلام وسيلة لمستقبل أكثر إشراقاً لبلادنا الإسلامية بل وللعالم بأسره!

 

أخواتي العزيزات، للمرأة المسلمة دور حيوي في إحداث تغيير سياسي إيجابي في هذا العالم. لكن لن يتحقق هذا من خلال المعارك غير المجدية وغير الإسلامية لموضوع المساواة بين الجنسين والتي انخرطت فيها النسويات، حيث لم ينتج عنها شيء باستثناء تعميق مشاكلنا كنساء وكمجتمعات، بما في ذلك إلحاق الضرر بالزيجات والعائلات من خلال زرع البلبلة والشقاق في الزواج والحقوق والمسؤوليات. ولن يتحقق تغيير حقيقي للمرأة أو لهذا العالم من خلال إصلاح بعض القوانين والسياسات عندما يكون النظام بأكمله في بلادنا فاسداً؛ في الجذور والفروع! لماذا نرضى بالفتات الفاسد وقد أعطانا الله الذهب؟!

 

أيتها الأخوات العزيزات، ندعوكن للانضمام إلينا ودعم أخواتكن في حزب التحرير في هذه الدعوة الكريمة لإقامة نظام الله، نظام الخلافة على منهاج النبوة، الذي سيبشرنا بفجر جديد؛ فجر العدل والأمن والازدهار. قال الله تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ﴾. والمرأة المسلمة هي جزء من هذه الأمة الكريمة؛ لذلك علينا أن نأخذ مكاننا الصحيح في هذا النضال لنخرج البشرية من ظلام الكفر إلى نور الإسلام بإعادة نظام الله إلى هذا العالم... فهذه أمانة وضعها ربنا في أيدينا. بل إن الله قد جعل هذا فرضاً على جميع المؤمنين رجالاً ونساءً لقول النبي ﷺ: «وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». لذلك فإن فرض العمل لإقامة الخلافة، حتى نعطي البيعة للخليفة، هو أولوية ومسؤولية كبيرة على المرأة المسلمة كما هي على الرجل المسلم.

 

أيتها الأخوات العزيزات، بالإضافة إلى أداء واجباتنا الإسلامية الفردية بصفتنا مسلمات، بنات وزوجات وأمهات، علينا أن نعطي وقتنا واهتمامنا، ونبذل قصارى جهدنا للوفاء بهذا الواجب المهم. لذا، عليكن التواصل مع صديقاتكن وعائلاتكن وجيرانكن وطالباتكن وزميلاتكن والمؤثرات ممن تعرفن في مجتمعكن وفي وسائل الإعلام وجيوش المسلمين لرفض الأفكار والأنظمة غير الإسلامية الفاسدة في بلاد المسلمين، ودعم إقامة الخلافة، قمن بتربية أطفالكن ليكونوا أيضاً أوصياء على البشرية يعملون على ترسيخ هذا الدين في العالم، حتى نخلق معاً جيلاً من الشباب، يحمل القرآن في يد والراية في اليد الأخرى.

 

أخواتنا الحبيبات، أنتن ورثة النساء المسلمات العظيمات في الماضي اللواتي نصرن الإسلام وناضلن من أجله، مثل خديجة زوج الرسول ﷺ، وسمية رضي الله عنها أول شهيدة في الإسلام، وأم عمارة رضي الله عنها التي دافعت عن الرسول ﷺ بجسدها في ساحة المعركة. لذا، اتبعن خطا هؤلاء النساء العظيمات من خلال الاستجابة لنداء الله سبحانه وتعالى لإقامة نظامه في هذه الأرض، وكن جزءاً من إحداث هذا التغيير العظيم في هذا العالم. سارعن إلى رضوان ربكن، وإلى استعادة مكانة المرأة المفقودة، سارعن إلى تحقيق مجد هذا الدين، وإلى إقامة الخلافة الراشدة الثانية. قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ﴾.

رابط هذا التعليق
شارك

- كلمات المؤتمر العالمي -

الكلمة السادسة: الخلافة الراشدة التي نريد هي خلافة على منهاج النبوة لا وراثة فيها

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الكلمة السادسة

الخلافة الراشدة التي نريد هي خلافة على منهاج النبوة لا وراثة فيها

المهندس أسامة الثويني – ولاية الكويت

http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/74225.html

 

 لم تع الأجيال الحاضرة على الدولة الإسلامية التي تطبق الإسلام كما نزل، واستمر غياب الوعي هذا قرابة 100 عام، ولهذا فإنه من الصعب تقريب صورة الحكم الإسلامي إلى أذهان متأثرة بالواقع إلى حد كبير، ولا تستطيع أن تتصور الحكم إلا في مقياس ما ترى في الواقع من ديمقراطيات وملكيات ووطنيات وغير ذلك من أشكال مختلفة في التنظيم السياسي والاقتصادي والمجتمعي.

 

وفي هذه العجالة أحببت الوقوف على شكل للحكم يحتاج المسلمون أن يدركوا حقيقته في ضوء الشرع، وأقصد الملكية ووراثة العهد.

 

من ناحية أساسية أقول: إن الحكم والسلطان أصالةً هو للأمة. فالأمة هي المخاطبة بتطبيق أحكام الشرع، وقد نزلت عشرات الآيات في القرآن الكريم في الحكم والسلطان تأمر المسلمين بالحكم بما أنزل الله بتفصيلاته المتعددة. قال تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا﴾ وقال: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ﴾، وقال: ﴿وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ﴾ وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً﴾ وقال: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ﴾ وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ﴾ وغير ذلك كثير.

 

وكي تطبق الأمة هذه الأحكام على أرض الواقع جاء الإسلام وبين لها الطريقة الشرعية لذلك؛ بأن أمر المسلمين أن يقيموا دولة على أساس الإسلام، وأن ينتخبوا حاكماً منهم يبايعونه على السمع والطاعة لتطبيق الشرع.

 

أي أن الحاكم في نظام الإسلام نائب عن الأمة في تطبيق الشرع. والسلطان للأمة قطعاً، وهذه من قواعد الحكم في الإسلام، وهي قاعدة مأخوذة من جعل الشرع نصب رئيس الدولة لا يكون إلا من الأمة أو الأغلبية منها. والنصوص متضافرة تدل على أن الخليفة إنما يأخذ السلطان بهذه البيعة. قال عليه الصلاة والسلام: «وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ» وقال ﷺ: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ».

 

فالشرع جعل الخليفة ينصب بالبيعة، وجعل البيعة من المسلمين للخليفة، وليس من جماعة معينة، وليس فئة معينة منهم كالجيش أو الزعماء أو الأحزاب أو السياسيين أو من شاكل ذلك، بل المسلمين. وكذلك ما حصل من الخلفاء الراشدين بعد الرسول عليه الصلاة والسلام إنما كان الخليفة ينصب بالبيعة من الناس، فأبو بكر لم يصبح خليفة إلا بعقد البيعة له، وعمر رشحه أبو بكر بعد أن استشار الصحابة فرضوا به، وذلك قوله رضي الله عنه "أترضون بمن أستخلف عليكم، فوالله ما ألوت، ولا تلوت، ولا ألوت عن جهد الرأي، ولا وليت ذا قرابة". ولم يصبح عمر خليفة بهذا الترشيح، بل بعقد البيعة له بعد وفاة أبي بكر برضا من الصحابة، وكذلك الحال مع عثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين.

 

فحكم الشرع هو أن نصب الخليفة محصور بطريقة واحدة هي البيعة من المسلمين.

 

فإذا لم تمارس الأمة حقها في البيعة، كأن يُغتصب الحكم بالقوة والقهر، أو يؤخذ الحكم بدعم قوى خارجية، أو يكون الحكم بالتوارث داخل أسرة، فإن السلطان يكون حينئذ قد انتُزع من الأمة.

 

على أن عقد الخلافة عقد مراضاة واختيار كسائر العقود لا يتم إلا بين عاقدين أحدهما: الأمة، والثاني: الحاكم أو الخليفة، فهو عقد حكم، فإذا فُقد فيه أحد العاقدين بطل العقد كلياً، فكان كأي عقد من العقود الباطلة، ولا يكون الحاكم حاكماً معتبراً شرعاً، بل يعتبر الحاكم حينئذ مغتصباً للحكم، ويطبَّق في حقه حكم الغاصب.

 

فالسلطان للأمة قطعاً، وهو أمر من الخطورة والأهمية بحيث يصل حكم التعدي عليه إلى درجة القتل! وها هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه يؤكد على ذلك بقوله "من بايع رجلاً من غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرةً أن يقتلا"، وقوله للستة "من تأمر منكم على غير مشورة من المسلمين فاضربوا عنقه".

 

وكان موقف كبار الصحابة واضحاً وعنيفاً حينما شعروا ببوادر إساءة تطبيق البيعة، وعارضوا ذلك أشد معارضة، واعتبروها فعلة نكراء واستنكروها وهاجموها.

 

قال عبد الرحمن بن أبي بكر لمعاوية في أحداث تولية يزيد "إنك والله لوددت أنا وكلناك في أمر ابنك إلى الله، وإنا والله لا نفعل، والله لتردنّ هذا الأمر شورى بين المسلمين، أو لنعيدنّها عليك جَذَعَة (أي الحرب) ثم خرج".

 

ولما قال مروان بن الحكم في بيعة يزيد "سنة أبي بكر الراشدة المهدية"، رد عليه عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: "ليس بسنة أبي بكر، وقد ترك أبو بكر الأهل والعشيرة، وعدل إلى رجل من بني عدي، أن رأى أنه لذلك أهل، ولكنها هرقلية".

 

وقال عبد الله بن عمر لمعاوية: "إنه قد كان قبلك خلفاء لهم أبناء، ليس ابنك بخير من أبنائهم، فلم يروا في أبنائهم ما رأيت أنت في ابنك، ولكنهم اختاروا للمسلمين حيث علموا الخيار".

 

قال ابن كثير: "لما أخذت البيعة ليزيد في حياة أبيه كان الحسين ممن امتنع من مبايعته هو وابن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر وابن عمر وابن عباس".

 

فيجب أن يكون واضحاً لدى المسلمين أن نظام الحكم في الإسلام ليس نظاماً ملكياً، ولا يُقرّ النظام الملكي، ولا يشبه النظام الملكي.

 

فالنظام الملكي يكون الحكم فيه وراثياً، يرثه الأبناء عن الآباء، كما يرثون تركتهم. والتوارث يكون فقط فيما كان ملكاً خاصاً للمرء يورثه لأهله أو ذريته من بعده، وهو الأمر الذي تقوم عليه الأنظمة الملكية في جوهرها؛ فالسلطان فيها للملك وأسرته، يتناقلونه فيما بينهم بالعهد أو بالصفقات أو حتى بالتنازع والغلبة. بينما نظام الحكم في الإسلام لا وراثة فيه، بل يتولاه من تبايعه الأُمة بالرضا والاختيار. قال الإمام ابن حزم عن الإمامة: "لا خلاف بين أحد من أهل الإسلام أنه لا يجوز التوارث فيها".

 

ومن خصائص النظام الملكي أنه يخصّ الملك بامتيازات وحقوق خاصة، لا تكون لأحد سواه من أفراد الرعية، ويجعله فوق القانون، ويمنع ذاته من أن تُمسّ، ويجعله رمزاً للأُمة.

بينما نظام الإسلام لا يخصّ الخليفة أو الإمام بأية امتيازات أو حقوق خاصة، فليس له إلا ما لأي فرد من أفراد الأُمة. وهو ليس رمزاً للأُمة يملك ولا يحكم، ولا رمزاً لها يملك ويحكم ويتصرف بالبلاد والعباد كما يريد ويهوى، بل هو نائب عن الأُمة في الحكم والسلطان، اختارته وبايعته بالرضا ليطبق عليها شرع الله، وهو مُقيَّد في جميع تصرفاته وأحكامه ورعايته لشؤون الأُمة ومصالحها بالأحكام الشرعية.

 

هذا فضلاً عن انعدام ولاية العهد في نظام الحكم الإسلامي، بل هو يستنكر ولاية العهد، ويستنكر أن يؤخذ الحكم عن طريق الوراثة، ويحصر طريقة أخذه بالبيعة من الأُمة للخليفة بالرضا والاختيار.

 

إلا أنه، وبعيد فترة الخلافة الراشدة، تسرب في جسد الأمة الشكل الملكي في الحكم، وتوسع هذا الانحراف حتى نشأت واقعياً عائلات حكم، وتركز على مدى العصور هذا الشكل، فصار معتاداً أن يعين الخليفة أخاه أو ابنه ولياً للعهد، ويعين أخاه الآخر وزيراً، ويوزع أقاربه على مناصب الولاية والعمالة وقيادة الجيوش وقضاء المصالح الإدارية وسائر المناصب القيادية في الدولة.

 

ومع هذه التراكمات التاريخية في حياة الأمة، وبفعل عوامل متعددة، فسد الذوق السياسي لدى الكثير من أبناء الأمة، وصار معتاداً التعامل مع الشكل الملكي في الحكم، واعتبار ذلك شكلاً تاريخياً مقبولاً ومطلباً واقعياً معاصراً لتحقيق الاستقرار في السلطة. بل تغلغل هذا الشكل في الحياة السياسية والمجتمعية إلى مستوى جعل الدولة أشبه بالفعل بالإرث الخاص!

فمثلاً يستسيغ البعض أن يصف الدولة ببلد ابن فلان، وصار انتقال الحكم من الأب لابنه أو أخيه تحصيل حاصل، وتمددت الامتيازات الخاصة لتشمل أبناء الأسر المالكة جميعهم، وغير ذلك العديد من مظاهر خصخصة الحكم والسلطان.

 

فلأجل ذلك كله، ولكي تكون الخلافة القادمة على منهاج النبوة، لا بد من وضوح قاعدة السلطان للأمة، ولا بد من التحسس الشديد لأي مظهر محتمل يطل برأسه لتكرار ما حصل في التاريخ من تركز العائلات في الحكم، وأن تتخذ الأساليب القوية والحاسمة لقطع الطريق أمام أي رائحة لمظهر ملكي. ومن ذلك مثلاً اشتراط الناس على الحاكم، قبل تنصيبه حاكماً، عدم تعيين أقاربه في مناصب قيادية في السلطة، وهذا من الشروط الجائزة التي لا تخالف الشرع والتي يحق للناس اشتراطها.

 

في النهاية وتلخيصاً لما سبق، أقول: إن في الخلافة التي نريدها ونعمل لها: الخليفة نائب عن الأمة في تطبيق الشرع، وهو رجل تختاره الأمة عن رضا، والبيعة هي الطريقة لتنصيب الحاكم وليست ديكوراً لمصافحة الحاكم، وأقارب الحاكم بلا مميزات ولا نفوذ ولا مناصب قيادية، والدولة في النهاية دولة الأمة وليست دولة بني فلان أو فلان.

رابط هذا التعليق
شارك

- كلمات المؤتمر العالمي -

الكلمة السابعة: المعالجات العملية للأزمات والأوبئة في دولة الخلافة الدكتور أكمل خان – ولاية باكستان

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الكلمة السابعة

المعالجات العملية للأزمات والأوبئة في دولة الخلافة

الدكتور أكمل خان – ولاية باكستان

(مترجم)

http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/cultural/74226.html

أخاطبكم جميعا في وقت أصبحت فيه القيادة العالمية الغربية موضع تساؤل لدى شعوبها بسبب عجزها عن احتواء جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)؛ ناهيك عن بقية دول العالم. يتجلى الاستياء في انتقاد النظام الغربي نفسه، والشك في دور النخبة الحاكمة الثرية، فضلاً عن قابلية الانتشار الواسع لشتى نظريات المؤامرة، وبدأ الناس يستشعرون عواقب اتخاذ القرارات والإجراءات على أساس النفعية والمنفعة المادية، حيث أدّت المصالح المتنافسة إلى إثارة الفوضى في مجتمعاتهم.

 

يمثل السخط تجاه القيادة العالمية الحالية فرصة سانحة للمسلمين لتقديم الإسلام عملياً كبديل حضاري؛ حيث يتفوق الإسلام على الرأسمالية بجاهزيته لمواجهة الأزمات قبل حدوثها، على المستويين الطبي والاقتصادي، وهناك اختلاف جوهري بين المبدأين، ففي حين يقوم الإسلام على أساس الاعتقاد الجازم بالله سبحانه وتعالى، الذي لا يتغير ولا يتبدل بالزمان والمكان والخبرة، فإن الرأسمالية من ناحية أخرى تدّعي حل المشكلات البشرية على أساس عقل الإنسان وفهمه العاجز والمحدود، ومن خلال التجارب السابقة.

 

علاوة على ذلك، فإن المسلمين يدركون أنهم سيُحاسبون على كل صغيرة وكبيرة أمام رب الخليقة الذي يعرف أسرار القلوب؛ أما في الرأسمالية من ناحية أخرى، يتخذ الحاكم قراراته لكسب الانتخابات المقبلة.

 

من المهم عند الرأسمالية أن يتم التعامل مع العلم بطريقة عامة، دون تمييز ودون تحديد، سواء أكان ينطبق على كل جانب من جوانب الحياة البشرية أم لا، وقد تم تكوين انطباع بأن القرارات تستند إلى حقائق علمية قطعية لا شك فيها، بينما كشفت الأحداث الأخيرة زيف هذا الادعاء، حيث اصطدم ما يُسمى بعلم الاقتصاد بالعلوم الطبية القاصرة، وقد واجهت شعوب جميع الدول الغربية معضلة حول اختيار الاستماع إلى الاقتصاديين أو إلى خبراء الصحة، ونظر الناس - في ظل الحريات الفردية - إلى هذا الصراع بريبة. ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ.

 

وقد حدث شيء مماثل مع القيادة الاشتراكية في الصين. إن الفرضيات والنظريات ذاتية الوضع هي سمات مميزة للتفكير الاشتراكي، وهي في الواقع شكل آخر من أشكال النفعية، وبسبب هذه الطريقة في التفكير، أخفى الصينيون في البداية الأزمة لتجنب الخسارة الاقتصادية، ثم على أساس النفعية، وبعد أن تعطلت البنية التحتية لقطاع الصحة العامة بشكل كامل، فرضت الصين إغلاقاً شديداً وكاملاً، مما أوجد نوعاً جديداً من المشاكل وضائقة أسوأ من ذي قبل.

 

بينما في مثل هذه الحالة، يكون رد الدولة الإسلامية (دولة الخلافة) أفضل بكثير وأكثر توازنا؛ بسبب معرفة الناس للأحكام الشرعية التي وضعها الله تعالى وتمسكهم بها. معلوم أن على الخليفة تطبيق أحكام الله تعالى، وعلى هذا النحو تعتبر طاعة الخليفة طاعة لله سبحانه وتعالى، ولهذا يتعاون الناس تعاونا كاملا مع حاكمهم (الخليفة) لينالوا رضوان الله تعالى، ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾.

 

يجب على الدولة في الإسلام أن تضمن توفير القدرات والكفاءات اللازمة للتعامل مع الأزمات قبل ظهورها، قال رسول الله ﷺ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ». رواه البخاري ومسلم.

 

في عصر الحكم بالإسلام، وفّرت الخلافة رعاية صحية عالية الجودة وممولة من الدولة مع سعة احتياطية كبيرة، لأن الإسلام جعل ذلك واجبا على الدولة، وتم تقديم جميع الأدوية والمرافقين اللازمين للمريض حتى يشفى تماماً من المرض، وقد نشطت المستشفيات في البحث والتدريب الطبي، وأرست الأسس لما هو معروف الآن في الطب الحديث.

 

لقد جعل الإسلام الرعاية الصحية واجباً على الدولة، ولم تجعل الخلافة الرعاية الصحية قطاعا خاصا ليقوم بتوفير الخدمات بما يحقق له الأرباح طوال العام! فإن مثل هذا النهج من شأنه أن يعرض القطاع الصحي للانهيار عند حدوث أزمة كبرى، لكن الخلافة تحافظ على الرعاية الصحية وتحميها من الانهيار في حالات الإهمال والتقشف وكل ما قد يجعلها عرضة للانهيار وقت الأزمات.

 

كما أن الرعاية الصحية نفسها استفادت من واجب نشر الإسلام بالدعوة والجهاد، فقد أنشأت الخلافة شبكات كبيرة من المستشفيات لديها القدرة على إدارة حالات الطوارئ الصحية واسعة النطاق، والتي تحدث أثناء الحرب.

 

هكذا، فإن عودة الخلافة على منهاج النبوة اليوم ستكون بمثابة البلسم الشافي لشعوب العالم المثقلة بقوانين الديمقراطية القمعية التي صنعها الإنسان.

 

أما فيما يتعلق بمسألة توفير الأموال الكافية لتوفير رعاية صحية مجانية لإدارة مثل هذه الجوائح، فإن الإسلام يتفوق على الرأسمالية (النظام الحالي من صنع الإنسان الذي يهيمن على العالم).

 

في الواقع، كشفت جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) الطبيعة الفاسدة والهشة للاقتصادات الرأسمالية، التي تضمن تركز غالبية ثروة البلاد في أيدي أقلية صغيرة، وهذه الحقيقة هي التي جعلت الدول الرأسمالية الغربية تقصر في القيام بواجباتها تجاه مواطنيها، مع وضع أسوأ بكثير في باكستان. في الواقع، إن الرأسمالية نفسها عبء على البشرية، فهي تجبرهم على الاختيار بين الجوع أو الفيروس! قال الله سبحانه وتعالى: ﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ﴾، يرفض الإسلام النموذج الاقتصادي القائم على النمو الرأسمالي، والذي يركز على الإنتاج، بينما يشرع نموذجا اقتصاديا فريدا يتمحور حول توزيع الثروة وتداولها.

 

علاوة على ذلك، يرفض الإسلام تماماً النموذج الرأسمالي للملكية الذي يسمح بخصخصة الملكية العامة، بينما يضمن أن تُصرف إيرادات قطاع الطاقة والمعادن على جميع الناس، بدل أن يستفيد منها القليل منهم من خلال الخصخصة.

 

يضمن الإسلام عوائد وفيرة للدولة من خلال سيطرة الدولة على الصناعات الثقيلة، بما في ذلك التصنيع على نطاق واسع. لهذا السبب فإن الخلافة لم تتنازل عن الضروريات كالإنفاق على الصحة.

 

كما يرفض الإسلام الديون الربوية، سواء أكانت على شكل قروض خارجية أم على شكل سندات خزينة محلية. في حالة باكستان، فإنه يتم إنفاق معظم ميزانيتها على الديون الربوية. لذا فإنه بدلاً من إهدار الإيرادات في سداد الديون الربوية، تكون الدولة قادرة على الوفاء بحاجات الناس، سواء في أوقات الأزمات أم في الأوقات العادية.

 

الواقع أن الإسلام لم يجعل الجوع أو المرض خيارا، بل أوجب على الدولة معالجة المرض والجوع معاً.

 

في حال اندلاع مثل هذه الأزمة في ظل الحكم بالإسلام فإن الدولة ستتابع المرض منذ بدايته دون إخفاء معلومات مهمة عنه، وستعمل الدولة جاهدة على حصر المرض في موطنه الأصلي، ليواصل الأشخاص الأصحاء في المناطق الأخرى العمل والإنتاج كالمعتاد، والدولة تفعل ذلك ليس بسبب النفعية، بل لأنها أوامر من الله، روى البخاري رحمه الله عن أسامة بن زيد عن رسول الله ﷺ في الصحيح أنه قال: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا»، ولهذا عاد الخليفة الراشد الثاني (أمير المؤمنين عمر الفاروق) على الفور وهو في طريقه إلى الشام عندما وردته أنباء انتشار الطاعون فيها، وقد قام بذلك ليس لجلب مصلحة مادية أو تفادي خسارة مثلها بل لأنه حكم شرعي.

 

كل هذا لا يتم في ظل حالة من التردد والارتباك، كما هي السمة المميزة للدول الرأسمالية اليوم، مما أدى إلى تفاقم الخسائر التي سببها هذا الوباء، بل على العكس - وفي تناقض صارخ مع موقف الدول اليوم -، فإن الأمة الإسلامية ودولتها الخلافة كانت ستواجه هذه المواقف بطمأنينة وقناعة تامتين، لأنها تتبع أحكام شريعة هي رحمة وشفاء، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾، لذلك تتعامل الخلافة بقوة مع الأزمات وبوحدة كاملة ورضا.

 

بالتالي، فإنه يسمح للأصحاء بالاستمرار في حياتهم الطبيعية، دون التوقف عن القيام بواجباتهم وأعمالهم، بما في ذلك المحافظة على صلاة الجمعة والجماعة. في الواقع، كان من المؤلم مشاهدة تعليق صلاة الجمعة في البلاد الإسلامية، إلا باعتراض المسلمين واحتجاجهم.

 

كما تضمن الخلافة استمرار صلاة الجمعة في بيوت الله امتثالا لأمر الله، كذلك ستتبع أحكام الشريعة في مواجهة الأمراض الوبائية.

 

الاستعجال في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية سيمنع انتشار مثل هذه الأمراض، والخلافة ستضمن توفير الرعاية الصحية الطارئة في حالات الأزمات، وتوفر الرعاية الصحية المجانية في جميع الأوقات، وتضمن تداول الثروة، وتمنع تجاهل حاجات الناس من خلال تركيز الثروة في أيدي قلة.

 

قال رسول الله ﷺ: «اَلْإِسْلَامِ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عليه» الدارقطني.

 

إن ديننا العظيم (الإسلام) هو الدين الحق، وهو يتفوق على جميع نظم الحياة التي صنعها الإنسان، بما في ذلك الرأسمالية، والشيوعية التي فشلت فشلاً ذريعاً، وستواجه الرأسمالية قريباً مصير الشيوعية نفسه إن شاء الله.

 

الإسلام أنزل من عند الله سبحانه وتعالى، وهو هدى ورحمة للناس، وفيه حلول لكل مشاكل البشرية.

 

لقد شهد العالم فشل الرأسمالية عمليا. وإن العالم أكثر من جاهز لرؤية الإسلام مطبقاً عملياً في ظل الخلافة على منهاج النبوة.

 

﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ

رابط هذا التعليق
شارك

- كلمات المؤتمر العالمي -

الكلمة الثامنة: شباب الأمة، وما يراد بهم، ودورهم المنشود

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الكلمة الثامنة

شباب الأمة، وما يراد بهم، ودورهم المنشود

ناصر رضا (أبو رضا) – ولاية السودان

http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/74227.html

 

قال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾.

 

نخاطب قوة الشباب، نخاطب الشريحة الكبرى في أمة الإسلام، نخاطب نحو 80% من الأمة الإسلامية، نخاطبكم يا شباب الإسلام. بشراكم بحديث رسول الله ﷺ في صحيح البخاري: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ؛ الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ...».

 

نخاطبكم يا أحفاد الخلفاء الراشدين والقادة الفاتحين والعلماء البارزين، نخاطبكم والعالم كله يشاهد انتفاضتكم وثورتكم ضد الظلم والطغيان والمحسوبية والاستبداد، نخاطبكم وقد مللتم الخنوع والخضوع والبطالة والعطالة وأنتم تتطلعون إلى حياة العزة والكرامة والعيش الكريم؛ تنشدون غداً مشرقاً ومستقبلاً باهراً، هذا الذي نريده ونرومه، ولكن العدو متربص بنا وبما نريد، يسفه أحلامنا ويعيق مسيرة نهضتنا ومبعثنا من جديد؛ لذلك كان استهدافكم يا معاشر شباب المسلمين، قلب الأمة الإسلامية النابض، يستهدفكم الكافر المستعمر، وعملاؤه من الحكام والساسة ومن الإعلاميين والمضبوعين بثقافته، يريدون إفناءكم بجركم إلى الحروب العبثية؛ مذهبيةً تارة وعنصريةً تارة وسياسيةً تارة أخرى. فحصدت وما زالت تحصد الملايين من أبناء المسلمين، فما جنينا منها إلا الحسرة والخراب والنزوح.

 

ولما فاجأتهم انتفاضتكم (ثورات الربيع العربي) قاموا بسرقتها، بإعادة إنتاج الأنظمة الفاسدة نفسها التي ثرتم ضدها لإسقاطها، بصورة أقبح، حتى يضمنوا بقاء مصالحهم في بلادنا في نهب ثرواتنا وتعطيل مشاريع نهضتنا على أساس شريعة ربنا، مما يبعث الإحباط في نفوس شبابنا وفقدان الأمل في إمكانية إحداث تغيير حقيقي يلبي طموحاتنا، فأصبحت الهجرة حلم شبابنا، وانطلقت جموع المهاجرين لتبتلعهم رمال الصحراء أو مياه البحار، ومن عبَرَ منهم لم يجد إلا السراب فأصبح كالمستجير من الرمضاء بالنار!

 

يستهدفون عقيدتكم بنشر الإلحاد والأفكار المسمومة والمفاهيم المضللة والمغلوطة، عبر ما يسمى بالحريات الدينية التي أنشأت لها أمريكا وزارة فيما عرف بقانون "رالف وولف للحريات الدينية" الذي يعطي أمريكا الحق في التدخل في أي دولة لضمان حق الإلحاد.

 

يستهدفون قيم العفة والشرف عندكم بالتوقيع على اتفاقية سيداو وحماية الطفل... وببرامج خبيثة مثل "ستار أكاديمي"، "ذا فويس"، والمسلسلات التي تخدش قيم الفضيلة والحياء.

 

يعملون على تدميركم وتغييب عقولكم بجركم في مستنقع المخدرات والسرطانات حيث يتم تمرير المخدرات عبر الموانئ والمطارات وبحاويات ضخمة برعاية المسؤولين والحكام، وبإدخال الأجهزة والأطعمة المسرطنة. وقد تم توجيه التهمة لـ36 وزيراً ووزير دولة في السودان لتورطهم في توريد أجهزة كمبيوتر للمصالح الحكومية اتضح أنها ملوثة إشعاعياً.

يستهدفون ضرب أي عمل للتغيير على أساس الإسلام؛ وذلك بتشويه صورة الإسلام عبر حكومات مسماة إسلامية (زوراً وبهتاناً) تفعل كل قبيح وتنحر العدل وتنشر الظلم حتى تشكك الشباب في جدوى التغيير على أساس الإسلام وفي قدرة الإسلام على معالجة الأزمات التي نعيشها في حياتنا، ولتصرف الشباب عن الانخراط في العمل مع العاملين المخلصين في إقامة الحكم على أساس الإسلام.

 

يا أمل الأمة ورجاءها، لا تكونوا كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول! اعلموا علم اليقين أن هدى الله هو الهدى، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ واعلموا علم اليقين أن ما بين أيدينا في هدي ربنا وشريعته الحياة المستقيمة والعيش الكريم، قال تعالى: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً﴾.

 

ولأجل ذلك فلتعملوا مع حزب التحرير لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ولتعيدوا سيرة شباب المسلمين السابقين الأولين. فقد كنتم يا معشر الشباب أول حلقة في الإسلام بعد إسلام أبي بكر وخديجة، وكانت أول دار لاجتماع المسلمين لتدارس الإسلام دار الشاب الأرقم بن أبي الأرقم، وكان الشاب مصعب بن عمير أول سفير في الإسلام عندما أرسله النبي ﷺ إلى المدينة ليعلم الناس دينهم، فلقب بمصعب الخير الذي أجرى الله الخير على يديه فأسلم أهل المدينة، وكان شباب الأنصار الذين خرجوا لنصرة رسول الله وبيعته عند العقبة الثانية هم أول لبنة في قيام دولة الإسلام، فجمعهم الله مع من سبق من إخوانهم الذين هاجروا إليهم فقال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ [الأنفال: 74] فبسطوا العدل وعم الخير وسخروا العلم لتعمير الأرض وخدمة الناس، وحملوا الإسلام إلى العالم.

 

وعند الهجرة كان علي الشاب كرم الله وجهه أول فدائي في الإسلام حيث فدى رسول الله ﷺ ونام على فراشه بدلاً عنه ﷺ. وبعد الهجرة والدولة برز القادة الفاتحون وحملوا لواء المسلمين، مصعب بن عمير وجعفر الطيار وأسامة بن زيد (الحب ابن الحب)، ومحمد الفاتح نعم الأمير فاتح القسطنطينية، فكانت جيوش لا تغلب، لا بكثرة العدة والعتاد وإنما بصدق إيمانهم وحسن توكلهم على الله، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾. وقال: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾، فإنا لا نخشى أمريكا ولا جيوش الأرض مجتمعين، فإنهم وإن أعجزونا فإنهم لا يُعجزون الله.

 

فيا شباب المسلمين: هلم إلى حلقات الدرس في حزب التحرير لتنهلوا من معين الإسلام الصافي ولتحملوا الإسلام على بصيرة، بعد أن أغلق الكافر صنابير المعرفة إلا صنبوره. هلم يا شباب الإسلام في جيوش المسلمين لتنصروا إخوانكم في حزب التحرير وتضعوا أيديكم على أيديهم لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، فتعيدوا سيرة أسلافكم من شباب الأوس والخزرج فتدخلوا معهم في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً﴾.

رابط هذا التعليق
شارك

- كلمات المؤتمر العالمي -

الكلمة التاسعة: الأزمات الاقتصادية وفضيحة الرأسمالية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الكلمة التاسعة

الأزمات الاقتصادية وفضيحة الرأسمالية

(مترجمة)

جمال هاروود – بريطانيا

http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/74228.html

لقد وصف الله سبحانه وتعالى هذه الأمة بأنها الأمة القائدة التي ستكون شاهدة على البشرية: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾، وهذا الأمر ليس محدودا بوقت معين. فهذه الصفة لم تكن حصرا على المسلمين زمن الرسول ﷺ، بل هي لجميع المسلمين في جميع الأزمان. وطبعا فإن الرسول ﷺ شاهد علينا جميعا. فالله سبحانه وتعالى يحاسبنا بالعديد من الطرق المختلفة. فالرسول ﷺ قال في أحد أحاديثه: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالَّذِي يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَانِبِهِ» (السيوطي)

لكن على الرغم من هذا فإن الفقر يزداد، والتشرد يزداد، والأمة لا تفي بواجباتها. والآن ها قد مرت 100 عام.

 

في شباط/فبراير السنة الماضية كنت أستمع إلى الـ بي بي سي، حيث كانوا يجرون مقابلة مع الرئيس الأسبق لمديري الاستثمار في جولدمان ساكس - جيم أونيل، وقد اعترف بأنه لم يعرف كم سيكون فيروس كورونا سيئا، لكنه شدد على أنه لن يدع "أزمة جيدة تضيع دون فائدة". والآن وبعد مرور عام على هذه المقابلة يمكننا أن نرى ماذا كان يعني بذلك:

  • بلاد بأكملها الآن تدخل وتخرج من إغلاق إلى آخر (اعتقال منزلي)
  • أغلقت الأعمال الصغيرة والمتوسطة
  • أغلقت المدارس
  • زاد الفقر والاعتماد على المساعدات الحكومية
  • ضاعت الحريات والحقوق
  • والأغنياء يزدادون غنى - في كل مكان
  •  

أما ديفيد نابارو من منظمة الصحة العالمية فإنه يورط الرأسمالية في وصفه لما آلت إليه الأمور هذه السنة: "انظروا ماذا حصل لصغار المزارعين حول العالم. انظروا ماذا يحصل لمستويات الفقر. يبدو أن الفقر في العالم سيتضاعف بحلول السنة القادمة. وعلى الأقل سنعاني من ضعف عدد الأطفال الذين سيعانون من سوء التغذية".

 

هل هذا كله بسبب الفيروس؟ لا! فمع أو بدون فيروس كوفيد-19 فإن آلة الرأسمالية ستدور مسببة الفقر ودمار الحياة. ولكن السنة هذه أيضا كشفت النفاق والأكاذيب.

 

فعندما قامت الحكومة البريطانية بحبسنا جميعا في اعتقال منزلي في بيوتنا في آذار/مارس السنة الماضية، سأل أحدهم "ماذا بخصوص أولئك الذين لا منزل لهم؟" - الآلاف الذين ينامون بالعراء في الشوارع كل ليلة! يا له من إحراج. لا يملكون أي منزل ليلتزموا الحجر فيه! حسنا، لم أر حكومة جونسون تتحرك بهذه السرعة. فخلال أسبوع لم يكن هناك أي متشرد في الشوارع في بريطانيا، فقد وضعوا الآلاف في أماكن للإقامة، وذلك لتجنب المشكلة الواضحة في سياساتهم. فقد أظهرت أنه كان بإمكانهم حل المشكلة لو أرادوا ذلك حقا. لكن الرأسمالية لا تعمل بهذا الشكل، فهي لا تتعلق بحل مشاكل البشر، جميع البشر. إنها تعمل فقط من أجل أقلية صغيرة جدا. فواحد بالمئة من السكان يحتكرون 44% من ثروة العالم، بينما يمتلك 50% من السكان فقط 1% من الثروة. وهذه الفجوة المالية تتسع سنة تلو الأخرى.

 

البعض يتكلم عن الحاجة إلى إعادة تشغيل، أو "إعادة البناء بشكل أفضل". لكن لا توجد أية إعادة تشغيل، لا يوجد في الحقيقة سوى المزيد من الشيء نفسه:

  • تكدس الثروة بيد فئة صغيرة
  • سياسات مالتوسية لإضعاف وتقليل أعداد السكان
  • المزيد من الفقر، بما في ذلك إغلاق الأعمال الصغيرة والحصص الزراعية
  • سرقة الثروات من خلال مهن وأسواق مالية متلاعبة

لقد مر 50 عاما منذ أن حصلنا على إعادة تشغيل، إعادة تشغيل الدولار؛ حيث أبعدت أمريكا العالم عن معيار بريتون وودز الذهبي، حيث تراجع الدولار بمقدار 550% منذ ذلك الوقت. لكنهم يستمرون بطباعة المزيد، والمزيد! والآن فقط يمكنهم أن يعدوا تريليونات الدولارات، ليس مليارات ولا ملايين.

 

إن العالم الرأسمالي يقوم على الدَّين، حيث وبشكل خارج عن السيطرة يوجد ما قيمته 300 تريليون دولار على شكل ديون، غير قابلة للدفع تماما، لكن هذا لا يهم، حيث خططوا إلى استبدال المزيد من النقود الورقية بها.

 

حيث تخطط البنوك الحكومية المركزية إلى إطلاق عملات رقمية مشفرة لاستبدال والتخلص من النقود التي تملكها. إن التشفير الرقمي لا يزال مثل النقود الورقية، ولا يدعمه ذهب أو فضة. لكنه هذه المرة سيأتي بمعدلات فائدة سلبية - كعقوبة على حمل أي نقود - وهو شكل من مصادرة المال. إنها مصادرة من خلال التضخم أو إجبارك على صرفها بالشكل الذي يريدونه، وإذا لم تقم بصرفه، فإنهم سيستولون عليه من خلال "المعدلات السلبية". وهي في الحقيقة ضريبة أخرى، إضافة إلى القدرة على مراقبة والتحكم بكل مصروفات الجميع.

 

إن هذا اضطهاد كبير.

 

لقد قامت الصين بالفعل بإطلاق عملتها الرقمية.

 

ببساطة لا يوجد هناك أي توقف. فالحروب والتدخلات ضد المسلمين مستمرة على قدم وساق؛ حتى إن منتدى الاقتصاد العالمي تباهى بقيامه بضرب العالم المسلم بشكل أقسى. حيث قالوا مؤخرا: "مع العلم بتعقيدات واحتمالية استمرارية الصراعات الحالية، بحلول 2030 يُتوقع أن حوالي 80% من الفقراء جدا في العالم سيعيشون في مناطق معرفة على أنها ضعيفة - حيث إن أغلبهم سيكونون من دول ذات أغلبية مسلمة، أو من دول فيها نسبة عالية من المسلمين".

 

وإنه من المخزي جدا أن البلاد الإسلامية التي كانت تُطعم العالم أصبحت الآن غير قادرة على إطعام نفسها بسبب الاحتلال والفساد والسياسات الحكومية، ليست لإطعام البشر بل لإطعام قروض الغربيين كصندوق النقد الدولي. فحسب مؤسسة أبحاث سياسة الغذاء العالمية، فإن حل أزمة الغذاء في بلادنا قدر أنه سيكلف حوالي 7 مليارات دولار. لكن لا أحد يسرع في دفع هذا الثمن الضئيل.

 

إن منتدى الاقتصاد العالمي يدفع الآن إلى فرض ضرائب جديدة، حتى إنه يقترح ضرائب على الثروات مشابهة لمفهوم الزكاة، حيث قالوا مؤخرا: "لو كانت هناك ضريبة، لنقل، 2% على هذا (النقد المتوفر)، فهذا من شأنه أن يرفع حوالي 1.6 تريليون دولار في السنة". إلا أنهم يريدون فرض ضرائب على الأموال لتغطية ديونهم المصنعة، لطباعة النقود، وليس لإطعام الفقراء!

 

لقد صُممت الرأسمالية لتكون غير عادلة ولتخلق فقرا أكثر مما تصلح في الحقيقة. وكل اهتمامهم ينصب في الحفاظ على الثروة مركزة ومكدسة بيد القلة القليلة، ومن الحماقة أن نعتقد أن هذا سيتغير يوما ما، أو أن ننتظر منهم حلولا للمشاكل التي تسببوا بها.

 

وهاكم بعض الأفكار النهائية لنختم بها...

 

إنه من الحرام أن نعطي السلطة أو القيادة للكافرين: ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾.

 

إن الويلات التي نشهدها في البلاد الإسلامية وفي الغرب تنبع من غياب الإسلام في حياتنا. فلا يمكن أن يكون هناك اقتصاد إسلامي بدون مجتمع إسلامي، ولا مجتمع بدون حكم الإسلام.

 

لكننا ها نحن هنا الآن، 100 عام هجرية منذ آخر مرة كانت هناك بيعة في رقبة الأمة لدرعنا الحامي، أميرنا، الخليفة.

 

إن الله سبحانه وتعالى يأمرنا في سورة آل عمران: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾. فبعد 100 عام، أولويتنا بالطبع هي إقامة الخلافة وإعطاء البيعة للخليفة القادم. لكن ذلك لن يحصل دون طاقة وعمل الأمة لتغيير النظام، وتغيير أنظمة الحكم، بقيادة جماعة مخلصة. فلن تكون هناك أموال حقيقية ملموسة صادقة في العالم قائمة على الذهب والفضة بدون هذا التغيير.

 

إن الخلافة الراشدة على منهاج النبوة هي الطريقة الوحيدة في الحياة التي وبشكل قاطع تحرم الربا، كل أنواع الربا، سواء أكانت إيجابية أم سلبية.

 

إن الدولة الإسلامية، عوضا عن إغلاق الأعمال الصغيرة والحصص الزراعية الصغيرة، فإنها ستشجعها، بمنحهم التسييج وإهدائهم الأراضي والمساعدات بدلا من مصادرتها ومنحها للشركات الكبيرة.

 

إن الخلافة لن تكون عبئا على الشعب، حيث إنها لن تقوم أبدا بزيادة الضرائب، والزكاة لن يتم استخدامها سوى كما ذكر في القرآن الكريم.

 

فاللهم أعنّا حتى نفهم دعوتك بوضوح، ونطبقها في حياتنا.

 

﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ

رابط هذا التعليق
شارك

- كلمات المؤتمر العالمي -

الكلمة العاشرة: لماذا حزب التحرير؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الكلمة العاشرة

لماذا حزب التحرير؟

الشيخ يوسف مخارزة – الأرض المباركة (فلسطين)

http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/74229.html

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين، أما بعد:

لما كان مشروع الأمة وهو الخلافة مشروعا ثقيلا من حيث عِظم المسؤولية وثقل الأعباء ووعورة الطريق وكثرة الأعداء في الخارج من دول الكفر وأنظمته، وفي الداخل من العملاء والمنافقين والجهلة والواقعيين، كما أن هناك اختلافا في المناهج بين من يصفون أنفسهم بالمعتدلين من المفرّطين وبين المفرِطين من أهل الغلوّ، بين من يَرَوْن الواقع القائم حالة إسلامية يمكن إصلاحها بشيء من الترقيع ومن يَرَوْن أن الناس في المجتمع كفرة يجب قتلهم وقتالهم، يأتي حزب التحرير مبصرا لواقع الأمة من منظار مبدئها، يرى الناس مسلمين لكنهم يُحكمون بالكفر، ويرى المشكلة في غياب نظام الإسلام قسراً من حياة الأمة، وأن كل استهداف للإصلاح لن يكون فعالا منتجا ما لم تمتلك الأمة الوعي على دينها وواقعها وتملك إرادتها لتصوغ علاقات المجتمع بأحكام الإسلام المنبثقة عن عقيدة الأمة.

 

ويرى أي انشغال بالترقيع هو إطالة لعمر الفساد، وأي تحالف مع أدوات الاستعمار هو عمالة وضلالة، وأن الانشغال بمكاسب جزئية على حساب تحكيم الإسلام هو رضا بالواقع القائم.

 

لذلك انطلق الحزب يحمل هذا الفهم في الأمة وعمل على إثارة الوعي في الأمة لتتخذ الإسلام مبدأ لها تسعى معه في إيجاده في واقع الحياة، فتصدى له الحكام العملاء بالتعذيب والملاحقة والتضييق في الرزق والسجن والقتل أحيانا، فبقي الحزب ثابتا بفضل الله لم يغير ولم يبدل، صابرا محتسبا أجر شبابه على الله رب العالمين. مستلهما منهج رسول الله في التغيير بلزوم طريقته في بناء الثلة المؤمنة الواعية التي تنطلق لتتفاعل مع المجتمع لتضرب الأفكار والأنظمة التي تسوده بغرض إحلال الإسلام محلها، فتصدى الحزب للأفكار المفسدة كالوطنية والقومية والديمقراطية والاشتراكية والأفكار الخليطة وجابه القوى الظلامية التي تقتات على الفساد.

 

وكان في لزومه لطريقة الرسول ﷺ وقاية له من الاندثار والضياع، فلم يقبل الإدهان ولا التصالح مع الفساد، ولم يقبل المشاركة في أنظمة الكفر، فنجاه الله مما وقع فيه غيره من الذين استباحوا الخروج عن منهج رسول الله بالتأويلات فوقعوا في شر ما صنعوا. وصاروا جزءاً أصيلا من الواقع الفاسد يتسابق إعلامهم في ميدان التفريط ليرضى عنهم يهود والنصارى. بينما بقي الحزب على ثباته وصفائه لا يداجي ولا يداهن ولا يدخل في المعادلات المشبوهة، بل يثبت رغم قسوة الأوضاع وشدتها، يستمد ذلك من إيمانه أن النصر في وصول المبدأ إلى مركز القيادة في الأمة وليس وصول الحزب نفسه.

 

والأمة اليوم باتت أقرب ما تكون إلى منهج الحزب لأنها جربت الطرح التصالحي مع الفساد وجربت أهل الغلو وجرّبت كل الأفكار المطروحة التي نقضها الحزب وبقي الخيار الوحيد الذي يصلح به حال الأمة وهو إيجاد الإسلام نافذا في علاقات الناس، وبذلك تكون مهيأة أكثر من أي وقت مضى للانقياد للحزب بتصديق الوقائع لفشل طروحات التفريط والإفراط، لذلك صار الحزب محل نظرها وصار الطريق بينا جدَدا واضحا لا لبس فيه.

 

كما أن الأمة ابتليت بمن ينفذون مخططات الكفار وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا نتيجة للفشل في قراءة السياسة العالمية ومقصود الكفار من أعمالهم، حتى صارت كثير من الحركات تحمل أثقال عدوها إلى المواضع التي لا يبلغها إلا بشق الأنفس. وصارت تنفذ خططه وهي تحسب أنها تخدم الإسلام! وهذا غاية العمى الذي كان ناتجا عن عدم الإدراك لأهمية الوعي السياسي على الوضع الدولي والمحلي. لذلك كان حزب التحرير بمنهجه هذا ليس فيه قابلية للتلاقي مع العدو الكافر بحمل متاعه وتحقيق مآربه.

 

كما أن وصول كثير من الحركات إلى الحكم فعلا لم يحدث التغيير ولم يطمس معالم الكفر ولم تخلع الأمةُ معه أنظمة الكفر التي تبقى مفروضة؛ وذلك لأن التغيير كان في قشرة المجتمع الخارجية حيث تحتفظ الدولة العميقة بنفوذها وتتحكم في مفاصل الدولة ويبقى الذين يصلون بصندوق الاقتراع ينتظرون قارعة تحل بهم على يد الجيش الذي تستند إليه الدولة العميقة، لذلك تحولت جهود الأمة إلى هباء يومَ سارت خلف أولئك الذين أرادوا النفاذ إلى قلب المجتمع ليجدوا أنفسهم يسيرون على جدُرِه الخارجية، ثم يلفظون بعيدا عن واجهة الحياة وحركة المجتمع.

 

وعندما يتساءل الناس لماذا حزب التحرير؟ نقول لهم: لأنه لا يرضى غير إقامة الخلافة غاية له ولا يرضى أن يكون جزءاً من المعادلات التي تحتوي العملاء وتصوغها دول الكفر، ولأنه يريد للأمة أن تملك إرادتها فعلا ولا يقنع بالمشاركة في حكومات عميلة فاجرة، ولأنه لا ينسى منهاجه الرباني ولا يخوض مع الخائضين ولا يجلس على الفرُش النجسة ولا يتزلف للمنافقين، ولا يرضى بأنصاف الحلول وأرباعها، ولا يقبلُ بالدول الذليلة المستَرَقّة، ولا يبحث عن المكاسب والمناصب، بل يثبت على منهاجه في طلب الحق والبراءة من رجس الباطل والوقوف في وجه أعداء الأمة، لينفي عن الإسلام تفريط المفرّطين وميوعتهم وانحلالهم، وغلو الغالين وتنطعهم وشدتهم، ويظهر للأمة عدوها من صديقها، ويدعوها في كل فتنة إلى لزوم طريقها، ولأنه لا يقبل بالتخلي عن حكم الله ليستبدل به المناهج الأرضية، ولا يقبل بحكم لا ينبثق من نور الشريعة، ولا يبتلع الوهم بالعز وهو تحت ظلّة الذل، ولأن حزب التحرير لا يفرق الأمة فلا يرى أنه جماعة المسلمين ومن خرج منها ففي النار، بل هو جمع من الرجال انتظمهم فهمٌ خاص للإسلام يحتم عليهم خدمة الأمة بقيادتها إلى مسارب النجاة في ظل التزام حاد بأحكام الشريعة، لا يحيدون عن المنهاج حتى يلاقوا ربهم. اكتنف ذلك كله عند الحزب وعي على الإسلام ووعي على العالم ومعرفة بتشكلات الموقف الدولي وقراءة واعية لها دون مجاملات ومهادنات.

 

من أجل هذا كله كان خيارُنا حزب التحرير الرائد الذي لا يكذبُ أهله، فكونوا معنا واعملوا لدولة الإسلام فهي معقد عزنا ومرضاة ربنا وطريقنا إلى الجهاد وتحرير البلاد.

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...