واعي واعي قام بنشر February 13, 2013 ارسل تقرير Share قام بنشر February 13, 2013 مفاهيم سياسية وجـوب الحكم بمـا أنـزل الله عــبــد الرحمن الــشـــامي من الـمُسَلَّمات التي لا يختلف عليها اثنين من العقلاء بأنَّ الكون كله- بمن عليه وما عليه- ملكٌ لله تعالى، كما قال سبحانه وتعالى: " وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " وقال جل جلاله: " وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ " ، وإذا كان الله سبحانه وتعالى هو المالك ولا شريك له، فهو وحده المستحق للعبادة بما شرع لنا من الدين؛ لأنه من التناقض ألَّا يتصرَّفَ المالكُ في مُلكه، فالتشريعُ- الذي هو تَصُرُّفٌ في الخلق- هو من لوازم الألوهية والمالكية، فالله وحده في مُلْكِه هو الذي يُحلِّلُ ويحرم قال تعالى: " لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ " ، وقد قُرِّرَتْ هذه الحقيقة على ألسنة الرسل عليهم السلام منذ آدم عليه السلام وحتى محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ " وكما هو معلوم: فإن ركن العقيدة في الإسلام هو شهادة أنَّ لا إله إلا الله، وهي تعني أنه: لا معبود بحقِّ إلا الله و لا مُشَرِّع إلا الله. وتفريعًا على ذلك: فلا يكون في الكون من تجب عبادته والخضوع إليه بحق إلا الله سبحانه وتعالى، والتسليم بمالكية الله للكون دون أن ينفرد بسلطة الحكم فيه ينطوي كما ذكرنا على نوع من التناقض. ولقد صور سيد قطب رحمه الله ذلك فقال: "فمن جهة الواقع، نجد أن المشركين ما كانوا يشركون بالله الأصنامَ والأوثانَ وحدَها، ولكن كانوا يشركون معه الجن والملائكة والناس، وهم ما كانوا يشركون الناس إلا في أن يجعلوا لهم حقَّ التشريع للمجتمع والأفراد، حيث يسنُّون لهم السُّنَن، ويضعون لهم التقاليد، ويحكمون بينهم في منازعاتهم وفق العرف والرأي، والإسلامُ يعتبرُ هذا شركًا، ويعتبر أنَّ تحكيم الناس في أمور الناس تأليهٌ لهم، وجعلُهم أندادًا من دون الله، والله تعالى ينهى عن ذلك نهيه عن السجود للأصنام والأوثان، فكلاهما في عرف الإسلام سواء، شركٌ بالله ودعوةُ أنداد من دون الله". ولقد نعى القرآن الكريم على الأمم السابقة أنهم يتخذون أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله فقال عز وجل: " اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ " عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه أَنَّهُ لَمَّا بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فرَّ إِلَى الشَّامِ- وَكَانَ قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ- فَأُسِرَتْ أُخْتُهُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ قَوْمِهِ، ثمَّ مَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُخْتِهِ وَأَعْطَاهَا، فَرَجَعَتْ إِلَى أَخِيهَا، ورَغَّبته فِي الْإِسْلَامِ وَفِي الْقُدُومِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، وَكَانَ رَئِيسًا فِي قَوْمِهِ طَيِّئٍ، وَأَبُوهُ حَاتِمٌ الطَّائِيُّ الْمَشْهُورُ بِالْكَرَمِ، فتحدَّث النَّاسُ بِقُدُومِهِ، فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي عُنُقِ عَدِيّ صَلِيبٌ مِنْ فِضَّةٍ، فَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الْآيَةَ: " اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ " قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ لَمْ يَعْبُدُوهُمْ. فَقَالَ: "بَلَى، إِنَّهُمْ حَرَّمُوا عَلَيْهِمُ الْحَلَالَ، وَأَحَلُّوا لَهُمُ الْحَرَامَ، فَاتَّبَعُوهُمْ، فَذَلِكَ عِبَادَتُهُمْ إِيَّاهُمْ". وفي العصور الحديثة نجد أن القوانين الوضعية تحتل لدى أنصارها والمدافعين عنها منزلة شبيهة بتلك التي كانت للأصنام والآلهة التي عبدت من دون الله تعالى، فهي عندهم بمنزلة النصوص الدينية، بل ربما كانت في مرتبة أعلى منها أحيانًا، وهذا ينطوي على إقرار بالحق في التشريع لغير الله عز وجل: " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا " ، فإذا كان الناس يدافعون عن باطلهم ويُعجَبون به، أفلا يجب علينا أن نستمسك بالحق الذي هو تشريع الله تعالى وندافع عنه؟! ووجوب الحكم بما أنزل الله ظاهر في الأدلة القطعية الثبوت في القرآن والقطعية الدلالة التي لا تحتمل معنى آخر غير معنى وجوب الحكم بما أنزل الله: قال عز وجل: " وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ " أي احكم يا محمد بشرع الله كاملاً، لأن "ما" تفيد معنى "كل"، و«خطاب الله لنبيه هو خطاب لأمته ما لم يرد دليل التخصيص» ولم يرد دليل التخصيص لذلك فهذا الخطاب هو لكل مسلم. واختتمت الآيات الكريمة (44إلى47) في سورة المائدة بقول الله تعالى: " وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ " ثم: " وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " ثم: " وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " كما أمر رب العزة جل جلاله إلى الاحتكام إلى الله ورسوله في حال الاختلاف " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا " أي ردوه إلى الكتاب والسنة، وقوله: " وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ " ، فالحكم بما أنزل الله من الإيمان بالله، ومعنى ألوهية الله ووحدانيته: إفراده بالعبادة، والخضوع له في الحكم، وتنفيذ أوامره ظاهراً وباطناً؛ فلا يتم الإيمان إلا بتحكيم شرع الله؛ قال تعالى: " فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " ، فأقسم تعالى في هذه الآية الكريمة بنفسه الكريمة المقدسة، أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور، ثمّ ينقاد لما حكم به ظاهراً وباطناً، ويسلم له تسليماً كلياً من غير ممانعة، ولا مدافعة، ولا منازعة، وبيّن في آية أخرى أنّ قول المؤمنين محصور في هذا التسليم الكلي، والانقياد التام لما حكم به صلى الله عليه وسلم، وهي قوله تعالى: " إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " كل هذه الأدلة التي ذكرناها تدل دلالة قطعية على وجوب الحكم بما أنزل الله، واعلموا- رحمكم الله- أنَّ الأشلاءَ رخيصةٌ في سبيل هذه الغاية وهي تحكيم شرع الله عز وجل ، فاجعلوا قتالكم في سبيل الله وتحكيم شرعه لتكونوا من المجاهدين حقاً، وكي تسعدوا في الدنيا والآخرة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله". فحَيَّ هلا على السعي إلى إقامة حكم الله في الأرض.. حي هلا على نبذ ما يريد الغرب منا أن نفعله وهو ترك شرع الله.. حي هلا إلى نصر الله وتمكين دينه ونشره في الأرض، فقد وعدنا رب العزة عز وجل ومن أصدق من الله قيلاً؟؟. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
Recommended Posts
Join the conversation
You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.