في الثقافة

[أبو هشام]

نظرة في الثقافة :

في العصر الحاضر يعرفون الثقافة بأنها مجموهة المعارف والمعلومات التي يحصل عليها الإنسان .فهو مثقف بما لديه من معارف ومعلومات عن الحياة والناس وما انتجه العقل البشري من علوم وصناعات ومبتكرات .وهم يختصرون تعريفها فيقولون : الثقافة أن تعرف شيئا عن كل شيء ويقابل ذلك التخصص فهو أن تعرف كل شيء عن شيء. ولا أهمية عندهم للصحة والخطأ في الأفكار ، ولا اهمية عندهم لوجهة النظر في الحياة .ولذلك تجد المثقف يحمل في رأسه كل المتناقضات من غير تمييز بينها فهو يحمل أفكارا عن الديمقراطية ويمجدها ويدعو لها بينما هو ينتمي إلى الإسلام ويحترمه ويجله بل ويؤدي بعض تكاليفه وإذا تحدث في الشيوعية بدا لك شيوعيا يحمل هموم البروليتاريا وكل الكادحين ويحقد على البرجوازية والبرجوازيين أكثر من ماركس ولينين .

وإذا سألته عن وجهة نظره في الحياة والغاية التي يسعى ليدركها أجابك بكل الإجابات إلا الصحيحة. فهو لا ينظر إلى الأمور من جهة واحدة بل ينظر إليها من جميع الجهات فذلك أشمل في رأيه .وإذا جربت أن تناقشه في أمر لتقربه من وحهة النظر الصحيحة وجدت نفسك كمن ينحت صخرة صماء بإبرة . فهو إنسان فوضوي متناقض مسلم نفعي ديمقراطي شيوعي (من غير وجهة نظر واحدة ).

أما العرب فالثقافة عندهم هي التصحيح والتسديد والصقل والتحديد .وقد أخذوا هذا المعنى من المثقف وهو عندهم الرمح ولا يصير المعدن أو الخشب رمحا إلا إذا مر في أثناء صناعته بالتصحيح والتقويم والصقل والتحديد فهم يصبونه في قناة ليصححوه فيخرج مستقيما خاليا من العوج ثم يأخذون في صقله حتى يصبح أملسا ينطلق في الهواء من غير مقاومة تذكر ويحدون رأسه (السنان) ، فإذا الرمح مصححا مسددا مقوما محددا مصقولا

انظر كم بذلوا من الجهد فيه حتى صار مثقفا .فإذا أطلقوه وجهوه باتجاه محدد وصوبوه حى يبلغ الهدف ويحقق المراد .

كل ذلك فعلوه في الرمح قبل أن يأتيهم الإسلام فلما جاءهم ثقفهم الإسلام بطريقتهم في تثقيف الرمح فصحح عقيدتهم وسدد افكارهم وصقلهم بالإيمان والتقوى ووجههم لغاية خدمته ونشره في العالمين إرضاء لربهم .فكان المسلم هو المثقف بحق هو رمح يطلق في سبيل الله إرضاء له .

[عماد النبهاني]

بارك الله فيك أخي أبو ذؤيب