مجلة الوعي العدد 450-451-452 -طلب النصرة واجب شرعي في طريق الحل الجذري

[صوت الخلافة]

طلب النصرة واجب شرعي في طريق الحل الجذري

 

يوسف أبو إسلام

جنين

طلب النصرة حكم شرعي من أحكام الطريقة، وهو واجب كسائر الأحكام الشرعية الواجبة، وليس هو أسلوبًا من الأساليب، بل هو واجب شرعي اقتداءً بما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعمال أفضت إلى أخذ الحكم وإقامة دولة الإسلام الأولى.

  فبعد أن تجمَّد المجتمع المكي أمامه عليه الصلاة والسلام، وبعد أن أبى من بيدهم السلطان أن يسلموه الحكم طوعًا من أنفسهم، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرق أبواب زعماء القبائل، بوصفهم أهل قوة ومنعة، عارضًا نفسه عليهم ليؤمنوا بما جاء به ولينصروه حتى يقيم حكم الله في الأرض.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الأثناء يدعو الله عز وجل أن يؤيده بسلطان نصير يعينه على إقامة حكم الله. قال تعالى: (وَقُل رَّبِّ أَدۡخِلۡنِي مُدۡخَلَ صِدۡقٖ وَأَخۡرِجۡنِي مُخۡرَجَ صِدۡقٖ وَٱجۡعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلۡطَٰنٗا نَّصِيرٗا٨٠)؛ وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علم، كما ذكر أهل التفسير، أن هذا الدين لا يقوم إلا بسلطان نصير، قال قتادة :»وإن نبيّ الله علم أن لا طاقةَ له بهذا الأمر إلا بسلطان، فسأل سلطانًا نصيرًا لكتاب الله عزّ وجلّ، ولحدود الله، ولفرائض الله، ولإقامة دين الله» فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغشى القبائل في منازلها ويعرض نفسه عليها.

وأثناء طلب رسول الله للنصرة، لم يكن يطلبها من أي أحد، فالنصرة لا تطلب من أي أحد، وإنما تطلب ممن تتوفر فيهم القدرة على تسليم الحكم، سواء أكانوا الجيش أم القبائل أم غيرهم، وذلك في البلد الذي تتوفر فيه مقومات القدرة على الحياة ومواجهة الخصوم المحتملين، وهذا ما نطقت به الروايات التي نقلت لنا أحداث ووقائع طلب النصرة. قال ابن إسحاق: «ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، وقومه أشد ما كانوا عليه من خلافه وفراق دينه، إلا قليلًا مستضعفين ممن آمن به، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه في المواسم – إذا كانت – على قبائل العرب يدعوهم إلى الله عزَّ وجلَّ ، ويخبرهم أنه نبي مرسل، ويسألهم أن يصدِّقوه ويمنعوه، (أي ينصروه) حتى يبين عن الله ما بعثه به». وكذلك قال ابن إسحاق: «وحدثني ابن شهاب الزهري، أنه عليه السلام أتى كندة في منازلهم، وفيهم سيِّد لهم، يقال له: مليح. فدعاهم إلى الله، عزَّ وجلَّ، وعرض عليهم نفسه، فأبوا عليه». وكذلك قال: «وحدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حصين، أنه أتى كلبًا في منازلهم، إلى بطنٍ منهم يقال لهم: بنو عبد الله. فدعاهم إلى الله، وعرض عليهم نفسه، حتى إنه ليقول لهم: «يا بني عبد الله، إن الله قد أحسن اسم أبيكم»، فلم يقبلوا منه ما عرض عليهم». وعن الزهري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بني عامر بن صعصعة، فدعاهم إلى الله، وعرض عليهم نفسه، فقال له رجل منهم يقال له: بيحرة بن فراس: واللهِ لو أني أخذتُ هذا الفتى من قريش لأكلتُ به العرب. ثم قال له: أرأيت إن نحن تابعناك على أمرك، ثم أظهرك الله على من يخالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال: «الأمر لله، يضعه حيث يشاء». قال: فقال له: أفنهدِف نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا! لا حاجة لنا بأمرك. («والأمر» هنا يعني: الحكم والسلطان).

والذي يؤكد أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يحرص على توفر القوة والمنعة فيمن تطلب منهم النصرة هو هذه الرواية: «فأتى بكر بن وائل، فقال: «ممن القوم؟» قالوا: من بكر بن وائل. فقال: «من أي بكر بن وائل؟» قالوا: من بني قيس بن ثعلبة. قال: كيف العدد؟ قالوا: كثير مثل الثرى. قال: «فكيف المنعة؟» قالوا : لا منعة، جاورنا فارس، فنحن لا نمتنع منهم ولا نجير عليهم. قال: «فتجعلون لله عليكم إن هو أبقاكم حتى تنزلوا منازلهم، وتستنكحوا نساءهم، وتستعبدوا أبناءهم، أن تسبحوا الله ثلاثًا وثلاثين، وتحمدوه ثلاثًا وثلاثين، وتكبرِّوه أربعًا وثلاثين؟» قالوا: ومن أنت؟ قال: «أنا رسول الله». ثم انطلق. أي لم يطلب منهم النصرة. فالنصرة عمل من أهم الأعمال التي قام بها صلى الله عليه وسلم لاستلام الحكم.

إن التوهين من شأن النصرة حرام، وهو طاعة للكفار الذين يحرصون على أن لا تتقدم الأمة والعاملون فيها نحو هذا الخطر الداهم على مصالحهم، فتراهم يزرعون عبر أبواقهم في الأمة أصواتًا نشازًا، تُخَوّن الجيوش وتعاديهم، بل وتكفِّرهم وتعلن الحرب عليهم وتصفهم بأنهم أدوات في أيدي الحكام للبطش في الأمة، وقد يكون هذا الأمر صحيحًا بعض الشيء؛ ولكنه لا يبرر ما يدعون إليه من معاداتهم وعدم طلب النصرة منهم، وعدم تحميلهم مسؤولية تحرير المسجد الأقصى، أو نصرة أهل غزة.، أو نصرة دين الله بإقامة دولة الإسلام كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل.

فالجيوش هم درع الأمة وسياجها الحامي لها، هذا هو واقعها أصلًا. وكون الحكام في بلاد المسلمين استطاعوا خطف الجيوش وتسخير قادتها لمصالحهم ومصالح أسيادهم فهذا لا يعني أنه أضحى لا خير في الجيوش، فمهما بذل الكفار وأذنابهم من الحكام العملاء من جهد جبار لحرف هذه الجيوش عن واجبها الأصلي الذي أناطه بها الإسلام، فلا يصح بحال أن نتخلى عن واجب مخاطبتها وتحميلها مسؤولية نصرة الدين وتحرير البلاد من براثن المستعمرين.

والمسألة ليست جدلًا يقال، بل هي حقٌّ أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين القيام به. فالجيوش هم من يمتلكون القوة، واستنصارهم لدفع العدو عن الأمة أو لتحرير مسرى الرسول عليه الصلاة والسلام واجب شرعًا لأنهم مسلمون مخاطبون بهذا الخطاب من الله، ونحن مأمورون شرعًا أن نخاطبهم من باب                                                                                       الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

كذلك فإن خطابنا للجيوش وطلبنا للنصرة منهم هو واجب لأن الله أمرنا أن نطلب النصرة ممن يملكون القوة والمنعة ولو كانوا كافرين؛ ولكننا لا نقبلها منهم حتى يسلموا أولًا، فإن أسلموا واستعدُّوا لنصرتنا قبلنا منهم وإلا فلا، وإن كانت الجيوش مؤمنة وهذا حالها أصلًا، فإننا نكتفي منها بوجوب النصرة بعد أن نرسِّخ فيها القناعة بفكرة الخلافة وواجب تحكيمها في الأرض.

هكذا فعل عليه الصلاة والسلام، فإنه كان يطلب من زعماء القبائل وأشرافها ممن توفرت فيهم القدرة والقوة والمنعة، كان يطلب منهم: أن يؤمنوا أولًا، ثم ينصروا دعوته ثانيًا. فكان يقول لهم: «أن تؤمنوا بي وتمنعوني». قد يقول قائل: كيف نطلب النصرة اليوم من الجيوش وقادتها مرتبطون بالمخابرات الأجنبية؟!، فنقول : إن كون قادة الجيوش مرتبطين بالمخابرات الأجنبية لا يعني أن لا تطلب النصرة ممن هم دونهم من الرتب العسكرية. مع ملاحظة أن النصرة لا تؤخذ إلا عند الاطمئنان إلى صدق من يستعدُّ منهم لإعطائها. فإذا لم نطمئن إليهم، ولم يتيسَّر لنا من نطلب منه النصرة، فإن التكليف حينها يوجهنا إلى أن نفتش عمن نطمئن إليهم، وعلينا الصبر حتى ييسِّرَها الله لنا، وستتيسر إن شاء الله تعالى لأنها حكم شرعي، والحكم الشرعي هو حكم تكليفي، وبالأصل أهم ما فيه هو قابليته للتطبيق؛ لذلك يبقى واجب الخطاب العام لأهل القوة والمنعة قائمًا. فالواجب شرعًا أن نبقى نخاطب الجيوش ونحمِّلهم مسؤولية إقامة هذا الدين، ومسؤولية تحرير بلاد المسلمين من أيدي المحتلين حتى يشرح الله صدر فريق منهم فيقبلون على نصرة هذا الدين.

وبالخلاصة: إنه يجب التفريق بين طلب النصرة من الجيوش وبين متى نَقبل أخذها ممن استعدَّ لإعطائها.

فطلبها منهم واجب شرعًا علينا، ولكن قبولها منهم لا يكون إلا عند الاطمئنان إلى من يستعدُّ لإعطائها.

تمامًا كما حصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة الثانية؛ حيث لم يأخذها منهم إلا بعد أن طمأنه عمه العباس رضي الله عنه؛ حيث إنه رضي الله عنه كان رغم كفره يومها، قد حضر بيعة العقبة الثانية خشية أن يغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم القوم الذين كان هو يعرفهم؛ ولكن لما رأى وجوهًا جديدة غير الذين كان يعرفهم، وبعد أن خاطبهم واستوثق منهم، عندها اطمأنَّ على رسول الله وأشار عليه أن يطلب النصرة منهم…

قد يقول قائل: لماذا لا يكون للكتلة أو الحزب الذي يسعى لإعادة الخلافة جيش يملك القوة فيطيح بالأنظمة الحاكمة ويقيم الخلافة؟

فنقول: إن العمل لعودة الخلافة مقيَّد بالطريقة التي سلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتمثِّلة بتشكيل الكتلة وتثقيفها بما يلزم من الثقافة الإسلامية، ثم بالتفاعل مع الأمة وتحميلها فكرة الإسلام النقيَّة لتنهض على أساسها. وهذا يكون من خلال الصراع الفكري مع الأفكار الفاسدة الرائجة في أوساط المسلمين، ومن خلال الكفاح السياسي مع الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين، ثم طلب النصرة من أهل القوة والمنعة في البلد الذي تتوفَّر فيه شروط إقامة الدولة، أي: تتوفر فيه القوة الكافية لحمايته ممن حوله، ويتوفر فيه العدد الكافي. فلا يوجد في طريقته عليه الصلاة والسلام استعمال للقوة المادية من قبل الكتلة، وإنما الكتلة اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام تتبنَّى العمل السياسي في الأمة، وتطلب النصرة من أهل القوة في البلد أو الدولة التي تتوفَّر فيها إمكانيات قيام دولة الخلافة.

 لذلك، فإن النصرة تطلب ممن يملكون القوة، وليس المطلوب شرعًا أن تملك الكتلة أو الحزب القوة، بل تطلب النصرة من أهل القوة في الدولة التي تملك المقومات اللازمة لبناء الدولة؛ ولكن النصرة لا تقبل من أهل القوة إلا بعد أن يؤمنوا بالفكرة التي يراد إيجاد الدولة على أساسها، وهي فكرة الخلافة.

فما دام أن القوة اليوم تكمن في الجيوش، فالنصرة تطلب منهم، من أي مجموعة قادرة على قلب النظام وتسليم الحكم للمخلصين، وهذا شكل من أشكال إعطاء النصرة. وبالتالي، فالمسألة ليست مسألة عقلية أو مزاجية أو تحكيم هوى، بقدر ما هي مسألة تحقيق مناط، أي أنه ما دام أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد طلب النصرة من أهل القوة والمنعة، فنحن مطلوب منا أن نقتدي برسول الله بأن نطلبها من أهل القوة والمنعة. فإذا كان أهل القوة هم الجيوش، فالواجب أن نطلبها منهم، وإن توفَّرت القوة في الوسط السياسي أو القبلي… القادر على إزاحة الحاكم وخلعه، فإن النصرة تطلب منهم… وهكذا.

أما مسألة أن الجيوش مرتبطة بالغرب ومصنوعة على عينه وتقوم بتنفيذ مخططاته، فهذا لا يعني أن كل فرد في الجيش هكذا حاله، بل هذا الأمر يمكن أن يقال إنه ينطبق على الصف الأول منهم، وحتى لو كان الصف الأول مرتبط بالغرب، فهذا لا يعني أنه لا يمكن أن يتغيَّروا، فهم بشر وليسوا آلة صناعية. وإمكانية أن يتغير ولاؤهم ليس بالمستحيل، فقلوب العباد بين أصابع الرحمن. وأيضًا، لك أن تتخيل، كيف يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن ينصر دينه بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب رغم عدائهم الشديد للإسلام. وبالخلاصة، فإن مسألة استنصار الجيوش ليست مسألة خاضعة لرأي العقل ولا للمزاجية، بل هي حكم شرعي، سواء وافق أهواءنا أم خالفها.

أيضًا، لا بد من الانتباه إلى مسألة هامَّة في هذا الموضوع، وهي أن الغرب الكافر وعملاءه يدركون تمامًا خطورة طلب النصرة، ويخشون من صحوة الأمة على هذه المسألة؛ لما لها من أثر على أنظمة الحكم العميلة والتابعة لهم؛ لذلك هم يسيرون في خطين لمنع هذا الأمر:

الخط الأول : هو تشويه فكرة الاستنصار بالجيوش من خلال أبواقهم ومن ينخدع بهم من بسطاء الناس، فيعملون على تشويه العلاقة بين الأمة وجيشها، وتسخير الجيوش للبطش بالأمة في مناسبات يكون الغرض منها إعزاز الأمة، مثل تسخيرهم لقمع الأعمال الجماهيرية التي يحتشد الناس فيها لإحياء ذكرى هدم الخلافة، أو قمع الناس حينما يحتجون على زيارة مسؤول أجنبي لبلد من بلاد المسلمين، خاصة عندما يكون هذا المسؤول تابعًا لدولة من الدول المحاربة للمسلمين كزيارة بوتين أو ساركوزي أو غيرهم، أو غير ذلك من المناسبات.

الخط الثاني: هو ما تقوم به الأنظمة الحاكمة من مراقبة شديدة لقادة الجند وضباطه وألويته وعناصره، والقيام بعملية غربلة واختبار لهم بين الفينة والأخرى؛ لاستخراج من عنده نخوة أو غيرة على عرضه أو حتى مجرد تفكير أو كتابة وتعبير عبر صفحات التواصل الاجتماعي؛ حتى لا يبقى في هذه الجيوش من يتمرَّد على الأنظمة فينقلب عليها نصرة لدينه وغيرة على أعراض المسلمين، حتى إني سمعت مرة أن مسؤولًا أجنبيًّا كان يشرف على دورات التدريب للعساكر الجدد في بلد من بلاد المسلمين، وكان من ضمن ما قام به من غربلة واختبار لطموحات هؤلاء العساكر الجدد أن سأل سؤالًا فقال: مَن قدوتكم في هذه الدنيا؟

فسمع إجابات متنوعة؛ لكن لفت انتباهه إجابتان لاثنين من العساكر، أحدهما قال: قدوتي هو صلاح الدين الأيوبي، والثاني قال: قدوتي هو خالد بن الوليد. في نهاية الدورة أمر هذا المسؤول الأجنبي مدرب الدورة أن يفصل هذين العسكريين لأنه لا حاجة لهم بمثل هكذا رجال تفكر بقدوات مثل خالد بن الوليد وصلاح الدين الأيوبي… هكذا تعمل أنظمة الكفر لتحافظ على مصالحها في بلاد المسلمين، غربلةً للجيوش، وفصلًا للعلاقة بينها وبين الأمة لعلهم ينجحون في عملهم هذا.

لكن هل نفع فرعونَ حذرُه من ميلاد موسى عليه السلام الذي قضى على ملكه، أم أن الله سبحانه وتعالى هيَّأ الأسباب لميلاده، وجعل فرعون ينفق على تربيته حتى ترعرع وكبر، ثم جاءه بعد ذلك ومعه النبوة يدعوه إلى الله؛ ليأبى ويستكبر ويزعم أنه هو الإله وليس هناك إله سواه، ثم كان البحر مثواه.

وكذلك حكام اليوم وأسيادهم، فسيصيبهم قارعة الذين من قبلهم، وسيأتيهم حتفهم من حيث كان حذرهم، وسيبعث الله لدينه من أقوياء المؤمنين ومن أهل القوة والمنعة في جيوشهم، من يقوِّض أركان حكمهم، ويعلي صرح الخلافة المنشودة. والمسألة مسألة وقت لا أكثر.

 فالواجب اليوم على المسلمين أن يغذُّوا الخطا نحو تحقيق هذا الفرض العظيم. وعلى الأمة، وعلماء الأمة، ووجهاء الأمة، وعلى الحركات العاملة للتغيير، أن يضغطوا بهذا الاتجاه، فيخاطبوا أبناء الأمة في الجيوش، أن أعيدوا سيرة الأنصار الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستحقُّوا أن يخلُد ذكرهم في القرآن الكريم في أكثر من موضع في قرآنه. وعليهم أن يذكِّروهم أن أنصار اليوم لهم أجر عظيم إن قاموا ونصروا دين الله؛ حيث أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجرهم بأجر خمسين من الصحابة، غير أن الصحابة يبقى لهم شرف الصحبة الذي لا يوازيه عمل مهما كان. فقد روى الترمذي وأبو داود وابن ماجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «… فإن من ورائكم أيامًا الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلًا يعملون مثل عملكم». وفي رواية: «قيل: يا رسول الله، أجر خمسين منا أو منهم؟ قال: بل أجر خمسين منكم».

فيا أيها المسلمون :

إننا اليوم قد أوشكنا على بلوغ خط النهاية، ولم يبقَ إلا أن ينهض من بهم القوة والمنعة ليقلبوا الطاولة على رؤوس أنظمة الجور، ويعطوا النصرة للمخلصين الصادقين الذين أعدوا لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية عدتها – ونحسب حزب التحرير هو الرائد الذي صدق الله في عمله ويطمع بأن يصدقه الله في إنجاز نصره له بأن يقيِّض له من ينصره في دعوته هذه – حتى يُشيدوا صرح الخلافة الموعودة، ويحققوا وعد الله وبشرى رسوله حتى تعم الخلافة الأرض كلها. وإن هذا الأمر لحقٌّ وصدقٌ وما هو بباطل ولا هزل، والسعيد من يتدارك نفسه فيعمل مع العاملين الصادقين، والسعيد أيضًا هو من يملك القوة والقدرة على التغيير فيغتنم هذه الفرصة السانحة الآن أكثر من أي وقت مضى، فيقوم بواجب خلع الأنظمة التي طال ليل ظلمها، ويوشك رب العزة أن يأذن بأفول نجمها لتصبح أثرًا بعد عين.

إن مما يبشرنا ونحن نسير في هذه الطريق، هو أننا نسعى لتحقيق فرض أمرنا الله به، فنرجو الله أن يتقبَّل منا ويأجرنا فيه أجرًا عظيمًا.

وإن مما يزيدنا عزمًا وإصرارًا على المضي في هذه الطريق، إنما هي البشائر النبوية أن وعد الله قادم لا محالة، وما بشرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيتحقق طال الزمان أو قصر، ويكفينا ما رواه الإمام أحمد في مسنده حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يلبث الجَور بعدي إلا قليلًا حتى يطلع، فكلما طلع من الجور شيء ذهب من العدل مثله حتى يولد في الجور من لا يعرف غيره، ثم يأتي الله تبارك وتعالى بالعدل، فكلما طلع من العدل شيء ذهب من الجور مثله حتى يولد في العدل من لا يعرف غيره». رواه الإمام أحمد.

ويحسن في هذا المقام وشحذًا للهمم أن نسوق بعضًا من الشعر الذي يحيي عزائم الرجال:

ننادي جيوش الحق نطلب نصرة

ننادي جيوش المسلمين ولم نزلْوما زال منا القلب ينبض بالأملْ

ننادي جيوش الحق نطلب نصرةوإنا بهذا الدرب لا نعرف المللْ

ونسعى لضباط الجيوش وإنناعلى عجل نسعى ولسنا على عجلْ

ونسعى نقول الحقَّ نوقظ جيشنافكيف يقوم الجيش والحق لم يُقَلْ

ونحمل مشروع الخلافة مبدأفطوبى لمن يسعى وطوبى لمن حملْ

ننادي وما كان النداء هوايةولكنه فرض الإله ولم يزلْ

ونسلك عن وعي طريقة أحمدنموت بها جوعًا ولا نرتضي البدلْ

هي الحق نهج المصطفى وسبيلهومن يلتزمْ نهج الرسول فقد وصلْ

وإن جبلٌ سدَّ الطريقَ وجودُهبفكرتنا والعزم نقتلع الجبلْ

وننشر بين الناس وعيًا ومبدأوَصَفُّ الجيوش الوعيُ فيهم قد اكتملْ

فيا جيشنا هل هان عندك دينناترى الأقصى وغزة بلا نصرة يُذَلْ

وعندك جندٌ يبلغ النجمَ حدُّهوخير جند لا نقاش ولا جدلْ

أيملك حدَّ السيف من خان دينهويحكم في دستور أمتنا هُبَلْ

نظام الكفر وهْو مؤسَّسٌعلى غير دين الله يحكم بالدجَلْ

فخذ من هُدى الإسلام خيرَ أمانةٍوبدِّدْ نظام الحكم واجعل به الشلَلْ

وكن كسعدٍ وانصر الدين مُقبِلًاترَ الناس تلقى الجيش بالحضن والقُبلْ

جيوش المسلمين إلى متىنبقى ننادي فلا مجيب فكلهم خذل

ننادي على الأجناد نطلب نصرةوقدوتنا فيها الرسول كما فعلْ

ألا أجيبوا داعي الله ولبوا أمرهخير لكم قبل أن يأتي الأجلْ