اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

مقالات من المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير - متجدد


Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

أوزبيكستان جزء من أمة ترزح تحت الجراح وستنتصر وإن طال الزمان

 

 

تعد أوزبيكستان واحدة من دول وسط آسيا التي عاش أهلها لعقود تحت الاضطهاد الشيوعي، ثم عانوا لعقود بعد ذلك من حكم الطاغية كريموف حيث عانوا من الاضطهاد والتنكيل وفوق ذلك التعتيم الدولي الكبير على جرائم هذا الطاغية الهالك وتنكيله بالمسلمين هناك.

 

أوردت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها في ٢٠٠٤ ما يتعرض له (المنشقون) المسلمون من الاعتقال والتعذيب في إطار حملة مستمرة أدت إلى حبس ما يقدر بنحو 7000 منهم. حيث استهدفت تلك الحملة الحكومية المسلمين المستقلين الذين يمارسون عقائدهم الدينية خارج المساجد والمدارس الدينية التي تديرها الحكومة، أو خارج إطار الضوابط الصارمة التي تفرضها القوانين الحكومية. وقالت ريتشل دنبر، المديرة التنفيذية بالنيابة لقسم أوروبا وآسيا الوسطى في منظمة هيومن رايتس ووتش: "إن الحكومة الأوزبيكية تقوم بحملة لا رحمة فيها ولا هوادة ضد المنشقين المسلمين المسالمين؛ ويظهر مدى ووحشية العمليات التي تجري ضد المسلمين المستقلين بجلاء أنها تأتي في إطار حملة محكمة التنسيق والتنظيم من الاضطهاد الديني". وأضافت: "وفي الشهر الماضي، أدينت امرأة في الثانية والستين من عمرها، تدعى فاطمة مخاضروفا، بتهمة التطرف الديني بعد أن تحدثت جهاراً عن تعذيب ابنها ووفاته في الحجز؛ وكان ابنها قد زُجَّ به في السجن بتهمة "التطرف الديني"، ولقي حتفه في السجن في آب/أغسطس 2002، بعد تغطيسه في ماء مغلي على ما يبدو؛ وأطلقت السلطات سراح مخاضروفا في أعقاب عاصفة من الاحتجاج الدولي. غير أن حملات الدهم والاعتقال لا تزال مستمرة بلا هوادة، ومنذ كانون الثاني/يناير الماضي، أدين ما لا يقل عن 26 من المسلمين المستقلين".

 

وهذا مثال واحد من عشرات الآلاف من المسلمين ممن قضوا نحبهم تحت التعذيب في السجون أو تمت مضايقتهم والتنكيل بهم أو ممن قضوا سنوات طويلة تصل لربع قرن في السجون بلا جرم ولا ذنب.

 

وقد كان أكثر من نصف عدد الأشخاص الذين استهدفتهم الحكومة من أعضاء حزب التحرير، فالحكومة الأوزبيكية تعتبر دعوة حزب التحرير لإقامة دولة الخلافة واستئناف الحياة الإسلامية خطراً يهددها، وضرباً من الأنشطة الهدامة التخريبية! وتصدر المحاكم أحكاماً طويلة بالسجن على أعضاء حزب التحرير، والمشاركين في الحلقات الدراسية للحزب، ومن يقومون بنشر أو حتى حيازة مطبوعات الحزب. وقد استمر هذا الحال حتى ٢٠١٦ حيث تعرض شباب حزب التحرير وشاباته وذووهم ومعهم جموع المسلمين الثابتين على دينهم هناك لحملة شعواء وهمجية من نظام المجرم الحاقد على الإسلام وأهله.

 

وحين هلك الطاغية كريموف، خلفه في الرئاسة رئيس الوزراء ميرزياييف، حيث كان قد تعهد بإطلاق الحريات واحترام حقوق الإنسان، وعدم التعرض للنشطاء أو المعارضين حسب زعمه.

 

لكن هذه الأنظمة الجبرية هي في الحقيقة كراتين يحكمها دُمى، تحركهم أمريكا حسب مصالحها، وقد نهبوا البلاد وباعوها للعدو، ونكلوا بالعباد وظلموهم لضمان استمرار وجودهم في مناصبهم التي يبقيهم فيها الغرب، فهم موجودون في كراسيهم ضمن صفقة مع الكافر. بقاؤهم في الحكم مرتبط بمدى خدمتهم لسيدهم. وكل شعارات الحرية وحقوق الإنسان هي في الحقيقة مجرد شعارات براقة لتغطية الوجه القبيح للحكم الجبري القائم على قوة الحديد والنار. أما شعارات حقوق الإنسان والحريات فحتى الغرب الذي صدّرها لنا قد كشف لنا في أحداث غزة الأخيرة وغيرها أنها مجرد ألهية يضحك بها على الشعوب لأجل تمرير مصالح الطغمة الحاكمة.

 

فالرئيس الأوزبيكي الذي تعهد في ٢٠١٦ بعهد جديد من الحرية والعدالة، يكشر عن أنيابه اليوم ليعيد اعتقال ٢٣ شاباً من شباب حزب التحرير ممن قد تمت محاكمتهم خلال سنتي 1999 و2000، وقضوا عقوبات لسنين تجاوزت ٢٠ عاماً في سجون كريموف، وتم إجبارهم على التوقيع على تهم ملفقة بالتهديد باغتصاب الزوجة تارة أو التنكيل بالأولاد والأقارب مرة أخرى، غير التعرض للضرب والصعق بالكهرباء. وتم اعتقال ١٦ شاباً آخر يتم سجنهم بلا ذنب ولا جرم سوى قولهم ربنا الله.

 

هذه الجريمة التي ينفذها النظام ويسير فيها على خطا الهالك كريموف، هي في الحقيقة خدمة لأمريكا التي تريد من باكستان وأوزبيكستان ودول آسيا الوسطى أن تبقى ترزح تحت الحكم الوضعي لتبقيها تحت سيطرتها بعدما تخلصت من الحكم السوفيتي. وكل هذا في الحقيقة ليس إلا ردة فعل تجاه ما يحدث في العالم من تململ الأمة وتطلعها للنهضة الحقيقية الشاملة حيث تقيم دولة الخلافة وتطبق دين الله في الأرض لتعود آسيا الوسطى بكل حواضرها جزءا عريقا من أمة الإسلام تخرّج العلماء والحفّاظ والقادة والمجاهدين، وينعم أهلها بعز الإسلام وتعود لهم ثروات بلادهم ويحملون الإسلام مع الأمة مرة أخرى للعالم رسالة هدى ونور.

 

وإن هذا سيكون قريباً بإذن الله، مهما طال عهد الظالمين ومهما نكّلوا وقمعوا، فإنه وإن فاز الباطل بجولة، وطال عهده فلا بد للحق أن ينتصر في المعركة، هذا وعد الله سبحانه وبشرى رسوله ﷺ.

 

﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ

 

 

 

#صرخة_من_أوزبيكستان

#PleaFromUzbekistan

#ЎЗБЕКИСТОНДАН_ФАРЁД

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

بيان جمال

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أوزبيكستان بين الماضي والحاضر وتاريخ أسود للنظام الحاكم

 

 

أوزبيكستان دولة غنيّة بالأصالة والعراقة والتاريخ المجيد والحضارة الزاخرة، تقع في قارة آسيا على مساحة 448 ألف كلم2، تعداد سكانها 35 مليون نسمة، يدين 97% منهم بدين الإسلام؛ فقد فُتحت في القرن الأول الهجري وكانت عاصمتها سمرقند التي تعتبر جوهرة في جبين بلاد المسلمين وياقوتة الإسلام وعاصمة القباب الزرقاء ومركزا حيويا على طول خط الحرير ما جعلها نقطة تجمع الحضارات ومركز العلوم والفنون ومنطلقا للإشعاع الثقافي والديني عبر العصور، فقد قدمت الكثير من العلماء الذين كانت لهم إسهامات مشهودة في علوم الرياضيات والطب والفلسفة والحديث واللغة كالبخاري وابن سينا والترمذي والخوارزمي والبيروني والزمخشري وأبي إسحاق المروزي والنسائي والفارابي والقائمة تطول... ومع إسقاط الخلافة العثمانية فقدت عزتها وقوتها ومجدها فاحتلها الروس ولم تحظ بـ(الاستقلال) إلا عقب انهيار الاتحاد السوفياتي سنة 1991 فاستلم رجال الاستخبارات الحكم ومنهم الطاغية كريموف عدو الإسلام فغيّر العاصمة إلى طشقند لتغييب البُعد الديني الذي كانت ترمز إليه سمرقند، فبطش بالمسلمين وانتهك الحُرمات ونكّل بهم وسامهم أشدّ صنوف العذاب من اغتصاب وتعذيب وحرق وسرقة أعضاء وتكسير... فكان حكمه عبارة عن دكتاتورية ظالمة حكم البلاد بالحديد والنار حتى إنّه سنة 2005 ارتكب مجزرة أنديجان التي قُتل فيها ما بين 10 و20 ألفا من المتظاهرين في الشوارع خلال احتجاجات شعبيّة قامت ضده.

 

وبعد موته خلفه طاغية جديد وهو شوكت ميرزياييف بمباركة روسيّة، حيث كان أحد رجالات كريموف ورئيسا لوزرائه، ورغم كل ادعاءاته حينها بأنه ضد التعذيب والعنف بحق المعتقلين وأنه في طريق ترسيخ حرية الفكر والاعتقاد وحرية التعبير والعبادة ومناهضة الاعتقال إلا أنه أقدم مؤخرا على إعادة اعتقال 23 من أعضاء حزب التحرير من جديد بعد أن تم الإفراج عنهم عقب سجنهم مدة 20 سنة بتهم ملفقة باطلة لا أساس لها من الصحة تتعلق بالإرهاب وممارسة العنف. وهذا إن دلّ فإنه يدل على الحقد الدفين الذي يكنّه الرئيس وأجهزته للإسلام ومحاربته صراحة حتى لا يعود نقطة قوة كما كان يهدد مصالح الكفار ويُقلق راحتهم. فشباب حزب التحرير لهم حضور ثقيل ومُميّز في أوزبيكستان، فضلا عن أن نسبة الشباب الفتي في البلاد مرتفعة جدا ما يشكل ثروة عظيمة للمسلمين في أرض تجمع بين الفُتوة والحماس للإسلام ودولته.

 

وكما لا يخفى على أحد فإنّ حزب التحرير واضح في أعماله فهو يتأسّى بسيرة رسولنا الكريم ﷺ عبر الصراع الفكري والكفاح السياسي ولا يتبنى العنف أبدا في أعماله فهو شوكة مستعصية في خاصرة الغرب الكافر. كذلك لا يخفى على أحد وحشية النظام الأوزبيكي المدعوم من أمريكا وروسيا، خدمة لمصالح الغرب الكافر العدو الرئيسي للإسلام والمسلمين.

 

﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ

 

#صرخة_من_أوزبيكستان

#PleaFromUzbekistan

#ЎЗБЕКИСТОНДАН_ФАРЁД

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

آمال بوليلة

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة ممن عرف ظلمات السجن زمن بن علي
إلى المعتقلين الأبطال في سجون نظام ميرزياييف

 

إنّ الحرب على الإسلام وإن كانت تأخذ أشكالا متعددة ولكن عدُوّها واحد في كل مكان؛ عدو أصبح ظاهرا للعيان ولم يعد يخفي حقده وغيظه ويكيل بمكيالي الزور والبهتان للإسلام والمسلمين.

 

ورغم المعاناة التي نعيشها لما يجرى لإخواننا في غزة وعربدة اليهود الذين طال شرهم كل شيء، يخرج علينا طاغية أوزبيكستان باعتقال شباب حزب التحرير وتهديدهم بأبشع الممارسات القمعية، والتهم هي نفسها التي اتهموا بها في عهد الهالك كريموف وسُجنوا بسببها ما يقارب العشرين عاما؛ تُهم ملفقة لا دليل عليها.

 

لقد كان لحزب التحرير في آسيا الوسطى وبالأخص في وادي فرغانة حيث توجد أوزبيكستان، وكازاخستان، وطاجيكستان، الأثر الكبير في عودة المسلمين إلى دينهم بعد الغربة التي عايشوها في حقبة الاتحاد السوفياتي، كما أنّ الحزب لم تكن له منافسة قوية من الأحزاب الإسلامية فكثر أتباعه خاصة من الشباب؛ ما سبّب الرعب للطّغاة في الخارج والداخل، فأوكلوا لخادمهم ميرزياييف مهمّة اعتقال شباب حزب التحرير والزج بهم في السجون حتى يرضى أسياده الروس والأمريكان أعداء الإسلام والمسلمين.

 

وإننا من أرض الزيتونة من تونس نُرسل برسالة لإخواننا في أوزبيكستان أرض العلماء، نشد على أيديهم ونسأل الله لهم الثبات والنصر وفك الأسر، ونقول لهم لقد لقينا من المقبور بن علي في تسعينات القرن الماضي ما لقينا من الظلم والقهر، وقد ذهب بن علي وبقي حزب التحرير، كما ذهب الطاغية كريموف وبقي حزب التحرير، فاصبروا حتى يذهب كل طغاة العالم ويبقى الإسلام والمسلمون.

 

#صرخة_من_أوزبيكستان

 

#PleaFromUzbekistan

 

#ЎЗБЕКИСТОНДАН_ФАРЁД

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

سعاد خشارم

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

وا أمتاه؛ صرخة يطلقها سجناء الرأي في أوزبيكستان!
﴿وَمَا نَقَمُوا۟ مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا۟ بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾

 

في 4 تموز/يوليو من هذا العام، تم صدور أحكام على 23 سجيناً سياسياً سابقاً في طشقند. فقد حكم على 15 منهم بالسجن من 7 إلى 14 سنة وقضاء العقوبة في معتقل نظامي خاص. وحُكم على الباقين بإقامة جبرية لمدة تصل إلى 5 سنوات. الأحكام الصادرة بحق هؤلاء الشباب الخمسة عشر هي كما يلي: محمودوف ديلمورود، وتولاغانوف ميرذاهد، وأخونجانوف أميد لمدة 7 سنوات، ورحماتوف أنور، وميرزاحمدوف أوتابك، وعلى محمودوف عزيز، ونظاموف مراد، وماموروف ديلمورود، إلى 12 سنة، وعبد الله ذبيح الله، وحكماتوف فخر الدين، ويولداشيف أنورجون وميرضاأحمدوف مشرب، وأشرابوف صدر الدين، وشامسييف عالم، 13 عاماً وفاضلبيكوف دافرونبيك، 14 عاماً. بالإضافة إلى ذلك، كما تم القبض على 19 سجيناً سياسياً سابقاً من مناطق مختلفة من البلاد وتم نقلهم إلى العاصمة طشقند، وتجري حالياً التحقيقات معهم.

 

أوزبيكستان من الدول التي تحارب الإسلام بقوة وعنف، وقد صدرت تقارير دولية عدة تتحدث عن حجم الظلم والموت والاعتقالات والتعذيب والسجن لفترات طويلة جدا بل تنتهي مدة الظلم ويعاد المسجونون إلى السجن، وسبق أن قالت ريتشل دنبر، المديرة التنفيذية بالنيابة لقسم أوروبا وآسيا الوسطى في منظمة هيومن رايتس ووتش: "إن الحكومة الأوزبيكية تقوم بحملة لا رحمة فيها ولا هوادة ضد المنشقين المسلمين المسالمين؛ ويظهر مدى ووحشية العمليات التي تجري ضد المسلمين المستقلين بجلاء أنها تأتي في إطار حملة مُحْكَمة التنسيق والتنظيم من الاضطهاد الديني". وقالت هيومن رايتس ووتش في تقرير نشرته يوم 20 أيلول/سبتمبر 2005 "إن حكومة أوزبيكستان تقوم بعملية قمع واسعة لإخفاء حقيقة قتل مئات المتظاهرين المدنيين في أنديجان في شهر أيار/مايو الماضي". ويقدم التقرير المؤلف من 73 صفحة عدداً من الشهادات المباشرة عن حملة وحشية تقوم بها الشرطة لإرغام الناس على "الاعتراف" بأنهم ينتمون إلى منظمات دينية متطرفة، والإقرار بأن الاحتجاجات التي وقعت في أنديجان كانت عنيفة وأن المتظاهرين كانوا مسلحين.

 

لقد دأب أعداء الإسلام الحاقدون على الكيد للإسلام وأهله وقتل وتعذيب المسلمين بصورة لم يسبق لها مثيل، ومن غير كلل ولا ملل، وأقاموا في بلاد المسلمين أنظمة تعمل لصالحهم، ولتنفيذ أحقادهم ومكائدهم ضدَّ الإسلام وأهله، وقد نجحوا في ذلك وسالت دماء المسلمين وانتهكت أعراضهم ويُتّم أبناؤهم وترملت نساؤهم بسبب العداوة لهذا الإسلام العظيم وأهله، فالغرب الكافر يدرك أن الإسلام هو المبدأ الوحيد الصحيح والمنقذ للبشرية بعد إدراك الشعوب إخفاق أنظمة الغرب وفساد فكرهم ومبدئهم، وقد أخذ العداء للإسلام أشكالاً عدة وليس شكلا واحدا، سنذكر بعضا منها وأبرزها فقط:

 

1- الحرب الفكرية، وهي تقوم على التشكيك بالإسلام وصلاحيته وتشويه أحكامه ومحاولة إيجاد فكر جديد من خلال مسميات (الإسلام المعتدل) الذي يرضى به الغرب والأنظمة في بلاد المسلمين.

 

2- محاربة العاملين للإسلام واستئناف الحياة الإسلامية بعودة الحكم وتطبيق الإسلام كاملا وجمع كلمة المسلمين تحت راية واحدة وخليفة واحد ودولة واحدة، وهذه الحرب تحت مسمى (الحرب على الإرهاب). وقد تزعمت رأس الكفر الولايات المتحدة هذه الحرب ومعها كل دول الكفر وأنظمة الحكم في بلاد المسلمين.

 

ولم يكتف الغرب المجرم في حربه على الإسلام تحت راية زعيمة الكفر أمريكا، بل أنشأت بعض الدول منظمات إقليمية ومحلية لمحاربة الإسلام وأهله؛ فهذه روسيا والصين ومنظمة شنغهاي في بلاد المسلمين شرقا ومنها أوزبيكستان ومشاركة روسيا المجرمة في مذبحة أنديجان وسكوت العالم كله على هذه المذبحة التي راح ضحيتها الآلاف.

 

أما سبب هذه الحروب والمنظمات فهو أن الغرب في مرحلة السقوط ولم يبق إلا الإعلان عن موته فقد سقطت مبادئهم وأفكارهم وظهر زيف وبطلان شعاراتهم وأدرك المسلمون هذا بشكل كبير وبدأت تعود للمسلمين نفحات الإسلام والتاريخ والغزوات والوحدة والعزة والدولة الواحدة الجامعة وتطبيق الإسلام والجهاد، فها هو كيان يهود يقتل ويفتك بأهل غزة وبرعاية أمريكية خالصة، وقبل ذلك فعلت أمريكا في العراق وأفغانستان، وهذه روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا في كافة بلاد المسلمين فلماذا كل هذا القتل والدمار؟

 

إن الغرب الكافر يخاف من رجعة قوية للإسلام والمسلمين، إنهم يخافون من وحدة المسلمين، لقد درس أعداؤنا الكافرون وأذنابهم الإسلام وعقيدته، فعرفوا أنه يربي الرجال والنساء على تقديم كل غالٍ ونفيسٍ في سبيل الله، حتى ولو كان المقدَّم هو الروح فهي رخيصة من أجل الإسلام وفي سبيل الله، عَلِموا هذه الحقيقة، ورأوها واقعاً في ساحات الجهاد، فلذلك خافوا وهلعوا وأصابهم الرعب الشديد من الإسلام وأهله.

 

يقول مور بيجر في كتابه العالم العربي المعاصر: "إنّ الخوف من العرب واهتمامنا بالأمة العربية، ليس ناتجاً عن وجود البترول بغزارة عند العرب، بل لسبب الإسلام يجب محاربة الإسلام بالحيلولة دون وحدة العرب التي تؤدي إلى قوتهم؛ لأن قوة العرب تتصاحب دائماً مع قوة الإسلام وعزته وانتشاره".

 

إننا على يقين وإيمان قطعي بنصر الإسلام وعودته كما كان دولة وأمة واحدة وأن حرب الكفر لن تثنينا، والإسلام باق وأمته باقية، قال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾. وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ * لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾.

 

وختاما: إننا ندعو المسلمين لرفع الظلم عن كل المسلمين في كل بقاع الأرض والوقوف في وجه مخططات الكفر، فقد قال رسول الله ﷺ: «مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِماً فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِماً فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ». قال صاحب عون المعبود: والمعنى ليس أحد يترك نصرة مسلم مع وجود القدرة عليه بالقول أو الفعل عند حضور غيبته أو إهانته أو ضربه أو قتله إلا خذله الله. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: نصر آحاد المسلمين واجب بقوله ﷺ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِماً أَوْ مَظْلُوماً»، وبقوله ﷺ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ».

 

#صرخة_من_أوزبيكستان

 

#PleaFromUzbekistan

 

#ЎЗБЕКИСТОНДАН_ФАРЁД

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حسن حمدان – ولاية الأردن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مَنْ لأوزبيكستان، إحدى أخوات غزّة؟!

 

لعله ليس للجريمة التي أقدم عليها نظام المجرم ميرزياييف في أوزبيكستان بإعادته اعتقال 23 من أعضاء حزب التحرير من جديد والسير في إجراءات محاكمتهم على التهم ذاتها التي حوكموا عليها زمن الهالك الطاغية كريموف، وقضوا بسببها ما يقارب 20 عاما في السجن والتعذيب، سابقة في أي بلد في العالم. حيث لم يؤثَر أن هناك نظاما تجرأ على مثل هذه الشناعة مهما بلغ به طغيانه، أو ازدراؤه بالرأي العام في بلاده، واستهانته بمشاعر الناس الذين يحكمهم منه!! فالمتابع للشأن السياسي العالمي، والعلاقات التي تسود اليوم بين دوله، يدرك يقينا أنه لن تثير مثل هذه التصرفات الدنيئة، حفيظة أية جهة سياسية أو فكرية، دولا كانت أم منظمات مجتمع مدني، حين يكون ضحايا هذه الجرائم المقرفة مسلمين، ويزداد الأمر بداهة حين يكون انتماؤهم إلى حزب التحرير. هنا تسقط القواعد الأخلاقية والأعراف القضائية البديهية، ويسقط معها "مبدأ عدم محاكمة المتهم عن فعل واحد مرتين" والذي تنص عليه المادة 24 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية: "لا يجوز تعريض أحد مجددا للمحاكمة أو للعقاب على جريمة سبق أن أدين بها أو برئ منها بحكم قضائي وفقا للقانون والإجراءات الجنائية في كل بلد".

 

وإنه وإن كان لمثل هذه الشناعات أشباه ونظائر، فإن ذلك لم يكن إلا في البلاد الإسلامية كليبيا مثلا، حين أقدم صنو كريموف وميرزياييف في الإجرام والحقد على الإسلام، وعلى حملة دعوته لاستئناف الحياة الإسلامية من شباب حزب التحرير، النافق القذافي في عام 1988، حيث جرّ على من بقي منهم على قيد الحياة، بإمضاء 15 عاماً خلف القضبان يقاسون كل أنواع العذاب، لتردفها لجنة الإفراج بـ15 عاماً أخرى، لرفضهم الخضوع واستجداء العفو والتبرؤ من قناعاتهم!

 

وإنه وإن كان ليس بغريب على مثل هؤلاء الحكام الذين ابتليت بهم الأمة، أن يدّعوا الطهر والنقاء ثم تنكشف عوراتهم، فهم لا يخجلهم شيء ما داموا مطمئنين لرضا سادتهم الغربيين عنهم، فليس بالعجيب أن يدّعي ميرزياييف أنه ضد التعذيب والعنف بحق المعتقلين، وأنه في طريق ترسيخ حرية الفكر والاعتقاد ومناهضة الاعتقال التعسفي. ولا يُخجل هذه النظم القائمة في بلاد الإسلام اعتقالُ الشباب بشكل تعسفي وبطرق همجية ووحشية، أو إجبارهم على الاعتراف على تهم ملفقة لهم، أو وضع الأكياس على رؤوسهم، أو إجبارهم على التوقيع على الاعتراف المعد مسبقاً تحت طائلة التهديد بإحضار زوجة أحدهم إلى المكتب واغتصابها، فمتى كانت للحرمات عندهم حرمة؟ فإن الإجبار على التوقيع على الاعتراف، أو التعذيب بتيار الكهرباء عندهم لعبة بسيطة. فلا يخجل هؤلاء الطغاة أن يقترفوا جملة هذه الفظاعات وغيرها، مما تستنكف عنه وحوش البرّية ما دام المعتقل يدعو لعقيدة أهل أوزبيكستان، عقيدة أمة الإسلام، وعنوان دعوتهم إقامة الخلافة على منهاج النبوة!!

 

إلا أن بعض ما يدمي الأفئدة ويستفز العقول هو إصرار هؤلاء الخونة على الظهور بمظهر المدافع عن الأوطان الراعي لمصالحها، حيث يصدقهم البعض من أبناء البلاد، واتهامهم المخلصين الواعين من أبناء الأمة بممارسة العنف والإرهاب، في حين إن نظام أوزبيكستان يسمح لرأس الكفر وأم الإرهاب وأبيه، الولايات المتحدة، بإقامة قاعدة عسكرية في بلاده، كم جرّ من ويلات على أهلنا في أفغانستان، مقابل دعم لحكومة ونظام كريموف، الذي لا يستحي من الحفاظ على مصالح روسيا في الوقت نفسه!

 

إلا أن هذه النظم، ومنها نظام أوزبيكستان الشقيّ، لا تتعظ بدروس التاريخ، ولا بقوانين الحياة وسننها، لوقوعها تحت سكرة الالتحاف بالهيمنة الغربية، بكونها في مأمن من غضب الأمة ويقظتها. فأين القذافي وجبروته وقد أضحى عبرة لمن يعقل؟ وأين حافظ أسد وخيانته لله ولرسوله، وسبة الدهر بتفريطه في أرض الإسلام إلى أعداء الله ورسوله؟ بل أي ذل يتلظى فيه وريثه أمام ثورة مباركة عصية على الكسر، وقد أسلم رقبته في سوق النخاسة السياسية؟ هل شفعت القبضة الحديدية لكريموف التي أدار بها شؤون البلاد طوال أكثر من ربع قرن، وقد تحولت إلى دولة بوليسية وحشية؟ وهل أغنت عنه استفتاءاته، وانتخاباته حيث أصبحت الدولة بكاملها كريموف؟ تلك هي النظم التي سُلّطت على رقاب الأمة، لا تنفعها عبرة ولا تفيدها عظة حتى يأتي أمر الله سبحانه وتعالى، وإلا ما الذي ألجأ حكم ميرزياييف إلى اعتماد أساليب كريموف وهو يعلم يقينا أنها لم تفده في شيء، وأن حملة الدعوة لن تفت في عضدهم أساليب الطغاة، بتثبيت الله لهم، حتى يحكم الله فيهم بحكمه العادل، ويأذن للحق أن يظهر؟ يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ﴾. فمن ذا الذي ينال ممن ثبته الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة؟

 

#صرخة_من_أوزبيكستان

 

#PleaFromUzbekistan

 

#ЎЗБЕКИСТОНДАН_ФАРЁД

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الرؤوف العامري – ولاية تونس

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

النظام القمعي السابق في أوزبيكستان لا يزال مستمرا

 

إن الحروب المستمرة في مختلف أنحاء العالم حولت الوضع الدولي إلى حالة غير مستقرة. وبعض هذه الحروب تقرّب القوى العظمى من المواجهة المباشرة. وبالإضافة إلى ذلك، أوصلت المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي لم يتم حلها، الناسَ إلى طريق مسدود. إن هذه الأوضاع الناجمة عن جشع الرأسمالية تُعوّق استقرار العالم. لقد كثف الكفار المستعمرون صراعاتهم ضد الإسلام والمسلمين في كل أنحاء العالم من أجل الحفاظ على نفوذهم وهيمنتهم في هذا الوضع، لأن المبدأ البديل الحقيقي الذي يقف ضد الرأسمالية ومختلف الأيديولوجيات الأخرى اليوم هو مبدأ الإسلام. مما لا شك فيه أن كل شخص يرى رحمة الإسلام وعدالته سوف ينبذ الرأسمالية على الفور ويعتنق الإسلام بشكل كامل. ولهذا السبب يشن المستعمرون حربا وحشيّة بلا هوادة ضد الإسلام والمسلمين، ويستخدمون الأنظمة في البلاد الإسلامية الواقعة تحت نفوذهم في هذا الصراع. ونظام أوزبيكستان هو مثال حي على ذلك.

 

إن شعب أوزبيكستان شعب اعتصم بدين الإسلام، ولم يقدر أحد أن يكسر عزيمتهم حتى قمع الشيوعيين. إن الطاغية كريموف، الذي وصل إلى السلطة في أوزبيكستان بعد الشيوعيين، بدأ بمحاربة الإسلام، وفرض إجراءات صارمة على حجاب المسلمات ولحى المسلمين، وارتكب جرائم فظيعة ضد المسلمين. وعندما رأى نظام كريموف أن أفكار حزب التحرير تنتشر بين الناس، زاد من عدائه تجاه أعضاء حزب التحرير. وأدان الطاغية كريموف الحزب في التفجيرات المخطط لها مسبقاً في طشقند، في عام 1999. ومنذ ذلك الحين، استمرت حملة اعتقالات وحشية والتعذيب والقمع وحتى القتل لأعضاء الحزب. وفي الواقع إن حزب التحرير منذ تأسيسه عام 1953 لم يلجأ إلى العنف والإرهاب ولن يفعل ذلك أبداً، وإن اتهام الحزب بالعنف هو افتراء واضح. ولم يتمكن الغرب ولا أنظمته العملاء في بلاد المسلمين من إثبات ادعاءاتها الباطلة حتى الآن. لأن طريقة حزب التحرير لإعادة الإسلام إلى الحياة لا تسمح بممارسة الأعمال المادية. وعلى الرغم من ذلك، تم اعتقال الآلاف من أعضاء الحزب، وقد شهدوا فظائع مختلفة في سجون الطاغية. إن قافلة أعضاء الحزب الذين استشهدوا في عهد كريموف كانت طويلة جداً، إلا أن هذه الاختبارات الصعبة والمؤلمة لم تكسر إرادة شباب حزب التحرير وعزيمتهم، بل على العكس، عززت ثباتهم على الدعوة.

 

جاء ميرزياييف إلى السلطة بعد كريموف، وقبل أن يرسخ سلطته ويوسع صلاحياته، أطلق وعوداً كبيرة وحاول أن يُظهر نفسه أمام الشعب "ألطف" من كريموف القاسي. ولكن اليوم أصبح من الواضح على نحو متزايد أن وعوده كانت مجرد أكاذيب. ولأن الأساليب التي تم تنفيذها تذكرنا بنظام كريموف، فقد تم اتخاذ التدابير ضد اللحى والحجاب والنقاب. كما زاد الضغط على شباب الحزب؛ فقد اعتقلت حكومة أوزبيكستان، التي تواصل نهج قمع كريموف المتعطش للدماء، 23 عضواً من حزب التحرير مرة أخرى، وقد بدأت في 9 أيار/مايو من العام الحالي محاكمة المسلمين الذين أدينوا في عهد كريموف وقضوا 20 عاماً في السجن منذ 1999-2000، على أساس الاتهامات السابقة نفسها. وفي مناطق طشقند وأنديجان وقوقان وقرشي وسمرقند أعيد اعتقال 16 شاباً بتهم العنف والإرهاب، وأرسلوا إلى طشقند، وهم موجودون قيد التحقيق! كما بدأ تنفيذ أساليب ترهيب الشباب بالقتل وسجن أقاربهم أو أفراد أسرتهم، وابتزاز أزواجهم بالاعتداء الجنسي. إن هذه الظروف تؤكد أن نظام كريموف لا يزال مستمراً!

 

جدير بالذكر أن الغرب الاستعماري ظل يدعم النظام الأوزبيكي في هذا الشأن، يعني أن النظام الأوزبيكي يرتكب هذه الفظائع بدعم كامل من المستعمرين. لأن أمريكا والدول الغربية، التي تتغنى باستمرار بحقوق الإنسان، لا تتحدث عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في أوزبيكستان. والحقيقة أن الآلاف من الناس لا يُسجنون فيها إلا لأنهم يؤمنون بالله العزيز الحميد، وهم يتعرضون هناك لكل أنواع التعذيب، بل يواجهون الموت. ولا شك أن الجميع، صغارا وكبارا، يعرفون هذه الحقيقة. ومن ناحية أخرى، فإن الغرب لا يهتم بأي شيء سوى مصالحه الخاصة، ولا يهتم على الإطلاق بحقوق الإنسان والديمقراطية. بل على العكس، فهو يعتبر الإسلام الذي يتجلى في الخلافة عدوا له، ويبذل كل جهده لتدميره ويستخدم كل عملائه للقيام بذلك.

 

وكما ذكرنا فإن شعب أوزبيكستان شعب اعتصم بدين الإسلام، ولم يقدر أحد أن يكسر عزيمتهم حتى قمع الشيوعيين. ولا شك أنهم سيقاومون ظلم من يرتدون جلد الليبرالية اليوم. وإن الدعوة إلى الإسلام سوف تستمر. وعلى الحكام أن يعتبروا من الطغاة السابقين. يقول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً﴾ ويقول سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.

 

ومن ناحية أخرى، فإن كل اختبار يصيب شباب الحزب لا يؤدي إلا إلى تقوية إيمانهم وتعزيز ثباتهم، لأنهم يؤمنون إيماناً راسخاً بأن وعد الله سبحانه سوف يتحقق! يقول الله تعالى: ﴿وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

 

#صرخة_من_أوزبيكستان

 

#PleaFromUzbekistan

 

#ЎЗБЕКИСТОНДАН_ФАРЁД

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

هارون عبد الحق – قرغيزستان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

إطلاق النار على ترامب
ينبئ بموت السياسة في الغرب وتعفن المنظومة ونتن ديمقراطيتها!

 

لم يكن حدث إطلاق النار على الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أثناء خطابه أمام تجمع انتخابي في بنسلفانيا، حدثا خارج النسق الدامي للديمقراطية الأمريكية وعنفها السياسي التاريخي، فالاغتيالات السياسية نهج أصيل في السياسة الداخلية الأمريكية وأسلوبها الدامي في تصريف الخلافات السياسية الحادة. لكن الجديد في العنف السياسي الراهن هو وتيرة تناميه بشكل متسارع واستمراريته المتواصلة، فلقد خلص تقرير لوكالة رويترز أن الولايات المتحدة الأمريكية تعيش أسوأ حالات العنف السياسي منذ السبعينات، ووفق التقرير فقد تم رصد 213 حادثا بعد هجوم الكابيتول الشهير سنة 2021. هذا الأخير الذي شكل زلزالا سياسيا غير مسبوق في التاريخ الأمريكي، وخطورته أن تصميمه والتحريض عليه كان من رأس الدولة، عبر حث وتحريض الرئيس ترامب أنصاره يومها "لا يمكنك أن تسترد بلدك برفق، تسترده بالقوة، كن هناك، ما سيحدث سيكون جامحاً"، وكان يومها تتويجا للعنف السياسي الأمريكي. وهو ما يجعل العنف السياسي الأمريكي الراهن مختلفا عن سابقه وذا طابع خاص.

 

فهذه الوتيرة المتسارعة على مستوى النمو والاستمرارية للعنف السياسي الأمريكي الراهن، يصبح معها التفسير التاريخي للظاهرة قاصرا وناقصا، فالتاريخ يفسر بعض الأعراف السياسية الأمريكية لكنه لن يخبر شيئا عن الأسباب والدوافع المستجدة والراهنة في سرعة نمو واستمرارية هذا العنف السياسي، فحدث بهذا المستوى وفي قلب ديمقراطية الغرب الأولى تداعياته تتجاوز السياسة الداخلية إلى السياسة الدولية، وتتعدى الجانب الأمني ونظرياته المثيرة إلى أعماق الأزمة الحضارية والسياسية الغربية التي جعلت العنف السياسي يبلغ ذروته ويصل مستواه الحرج الخطر.

 

الثابت أن الحالة الغربية، فلسفة وحضارة وأنظمة، بلغت حالة التعفن القصوى وفاض نتنها، والحالة الأمريكية هي نموذجها الفاضح، والعنف السياسي المسلح الأخير ليس وليد تقصير أمني، واستدعاء النظريات الأمنية هو للتعمية عن عمق الأزمة السياسية التي فاض نتنها في الإفلاس المدوي للأحزاب السياسية وفساد القادة وموت السياسة وقحط الساسة وتكاثر ونمو طفيليات الأحزاب اليمينية العنصرية والساسة الغوغائيين، وانكشاف فضيحة الديمقراطية أنها رهن وقيد لطبقات أصحاب رؤوس الأموال الحكام الحقيقيين الذين يتنازعونها لتحقيق مصالحهم الخاصة، هذه المصالح الذي وصلت خلال هذين العقدين مرحلة التنافر والتناقض ولّدت تطاحنا ساما أضحت معه أدوات السياسة قاصرة وعاجزة عن تلبية وتحقيق الأهداف الرأسمالية المتضاربة والمتناقضة، وتم استدعاء العنف المادي كأداة لتحقيق الأهداف السياسية والرأسمالية، فكان الهجوم على مبنى الكابيتول ومقر الكونغرس بالعاصمة واشنطن عام 2021 ذروة هذا العنف، عطفا على إفلاس وفشل المنظومة وأنظمتها في تحقيق الغاية من وجودها في تنظيم المجتمع وسد حاجات أفراده، أصبح معها العنف المادي أداة المجتمع وأفراده للتعبير عن امتعاضهم وتمردهم.

 

في هذه الظروف المشحونة بالإفلاس والفشل السياسي كان إطلاق النار الأخير، وهذا العنف السياسي المسلح مرشح للنمو والتوسع، فالنزاعات العميقة في الحياة السياسية الأمريكية في ازدياد ومعها الخطاب التحريضي لسحق الخصم، وهذه الحالة هي الوصفة المثالية لبلد يقف على شفير حرب أهلية. فالمجتمع الأمريكي اليوم يعيش حالة انقسام حادة وسامة على مستوى الطبقات الرأسمالية والطبقة السياسية والشعب، والكل متفق أنها حالة نار تحت الرماد عبر عنها ناشط جمهوري في ولاية ساوث كارولينا ومن معارضي ترامب: "إذا لم تكن البلاد برميل بارود من قبل، فهي الآن كذلك"، وقالت سي إن إن الأمريكية بعد حادث إطلاق النار "لقد صدمت البلاد التي تعاني بالفعل من تصدع عميق وذلك خلال واحدة من أكثر فتراتها توترا في تاريخها الحديث"، كما أشارت استطلاعات الرأي إلى المستوى الخطير الذي بلغه تغلغل العنف المسلح كأداة سياسة والاستقطاب الواسع له، ومعه تعاظمت المخاوف من انزلاق أمريكا نحو ماضيها الدامي وحربها الأهلية المعاصرة.

 

فالحالة الأمريكية هي الحالة المتقدمة للتعفن السياسي الغربي، فانقسام وانشطار المجتمع والدولة وإفلاس المنظومة وفشل الأنظمة وفساد الرأسماليين والساسة وتفريخ العديد من الطبقات الرأسمالية المتناقضة المصالح، ولد مزيجا شديد السّمّية والانفجار جعل كل طبقة من هذه الطبقات المتنافرة تسعى لتسخير المجتمع وفئاته وأفراده والدولة وأنظمتها ومؤسساتها وأجهزتها لأهدافها ومصالحها الخاصة، والهدف تحطيم الخصم وتهشيمه وليس فقط عزله وتحييده. وسياسة كسر العظم والعنف المادي المصاحب لها بات عنوان المرحلة على المستوى السياسي في الداخل الأمريكي، وإطلاق النار الأخير أحد إفرازاته.

 

فإطلاق النار على الرئيس الأمريكي السابق خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا، يذكر بعمق الفساد الذي ينخر المنظومة الغربية وإفلاس وعوار أنظمتها، وها قد طفا إلى السطح نتن ديمقراطيتها، فأصبح معها اللجوء للعنف ومحاولة القتل والاغتيال والتآمر مادة التصارع والتطاحن السياسي وأدوات لتصريف المصالح المتناقضة لطبقات الرأسماليين المتصارعين مع التداعيات الكارثية على المجتمع والدولة.

 

فالحالة الغربية ستزداد تعفنا ونتنا ومعها الكارثة الإنسانية بحكم هيمنة وسيطرة النموذج العلماني الرأسمالي على السلطة والقرار العالمي، وستفرز مستوى من المآسي غير مسبوق وجحيما لا مثيل له في تاريخ البشر، وقد تبدت بعض مؤشراته خلال هذه السنوات الأخيرة، ترجمها تغول وتوحش رأسمالي أشد فتكا بالشعوب، وتعفن قيمي ينذر بالانتحار الحضاري، فتفكك مجتمعي مدمر استغرق الجماعات والأسر، وأنانية سامة وتقوقع على المصالح الذاتية الضيقة، وانحطاط سياسي أفرز تنظيماته وأحزابه العنصرية، ثم فقر وإفقار عبر غلاء لأساسيات المعيشة فاق كل المستويات، ونار جباية الضرائب التي التهمت الأخضر واليابس... ما يجعل الانفجار أمرا محتوما، ومع انسداد الأفق غربيا وانعدام البديل غربيا يصبح اللجوء للعنف المادي بكل أشكاله تعبيرا عن الاحتقان والامتعاض والتمرد.

 

أمام هذه الكارثة الغربية العظمى التي أشرفت معها البشرية على الهلاك والفناء، صار حتما عليكم معشر المسلمين إقامة خلافة الإسلام الراشدة بوصفها فريضة شرعية وضرورة مصيرية إنسانية، لإنقاذ البشرية وأنتم معها من هذا التيه السحيق لحضارة الغرب الكافرة وأنظمتها المدمرة، واستئناف حياتكم الإسلامية بوصفها الترجمة العملية للمنهج الرباني في الأرض، الذي لا عدل ولا رفاه ولا أمن إلا به، حتى لا تبقي الأرض في ظلها خيرا إلا أخرجته، ولا تبقي السماء من قطرها شيئا إلا أنزلته، ويلقي الإسلام بجرانه في الأرض.

 

﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مناجي محمد

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

شباب حزب التحرير في أوزبيكستان
 وما يذكرون به أبناء الأمة الإسلامية

 

واصلت الأجهزة الأمنية الأوزبيكية نهج قمع الهالك كريموف المتعطش للدماء فأقدمت على اعتقال 23 عضوا من حزب التحرير مرة أخرى. وقد بدأت في 9 أيار/مايو الماضي محاكمة المسلمين الذين أدينوا في عهد كريموف وقضوا 20 عاما في السجن منذ 1999-2000، على أساس الاتهامات السابقة نفسها. وفي مناطق طشقند وأنديجان وقوقان وقرشي وسمرقند أعيد اعتقال 16 شابا بتهم العنف والإرهاب، وأرسلوا إلى طشقند وبدأ التحقيق معهم.

 

عندما ننظر إلى الفترة الممتدة من آدم عليه السلام إلى النبي محمد ﷺ إلى الخلفاء الراشدين من بعده، وإلى كل فترات التاريخ الإسلامي، نرى أن نصر الله تعالى جاء في أشد أوقات القهر والعنف. بل إن من أبرز الأمثلة على ذلك نزول نصر الله تعالى في اللحظة التي وصل فيها موسى عليه السلام وأتباعه إلى شاطئ البحر الأحمر وهم هاربون من جيش فرعون وهم عاجزون ومحاصرون بين جنود فرعون والبحر الأحمر، والأمثلة على ذلك كثيرة.

 

ومع ذلك فإن جميع حملة الدعوة، وخاصة الأنبياء، لم يتخلوا عن دعوتهم بسبب هذه المصائب التي حلت بهم، بل على العكس من ذلك، فقد تمسكوا بدعوتهم بقوة أكبر، لأنهم كانوا يدركون أن هذا الدنيا دار امتحان لاختبار من سيقوم بأفضل الأعمال الصالحة، لأن الله تعالى قال: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾.

 

إن شباب حزب التحرير الـ23 الذين سجنوا لمدة عشرين سنة في عهد الطاغية كريموف لمجرد أنهم قالوا ربنا الله، أظهروا سلوك الأنبياء وأصحابهم، فرغم تعرضهم لأبشع أنواع الاضطهاد والقمع إلا أنهم لم يتخلوا عن دعوتهم، بل على العكس من ذلك فقد تمسكوا بها بقوة، وهذا ما أغضب الطاغية ميرزياييف المفضّل لدى الطاغية كريموف وأسياده، ولذلك أرسل الطاغية ميرزياييف 23 شاباً من شباب الحزب إلى السجن مرة أخرى بالتهم الملفقة نفسها التي لا أساس لها من الصحة كما كان في عهد كريموف.

 

وفي هذا المقالة سأعرض بعض الحقائق التي يذكر بها شباب حزب التحرير الأبطال في أوزبيكستان، الأمة الإسلامية، من خلال آيات القرآن الكريم وأشعار الإمام الشافعي، وهي كما يلي:

 

1- أيها الرجال الشجعان في أوزبيكستان! لقد ذكّرتم الأمة الإسلامية بمدى رخص الحياة في هذا العالم وعدم قيمتها، لأن الله تعالى قال: ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾، وكما قال الإمام الشافعي:

 

يَا مَنْ يُعَانِقُ دُنْيَا لَا بَقَاءَ لَهَا ** يُمْسِي وَيُصْبِحُ فِي دُنْيَاهُ سَفَّارَا

هَلَّا تَرَكْتَ لِذِي الدُّنْيَا مُعَانَقَةً ** حَتَّى تُعَانِقَ فِي الْفِرْدَوْسِ أَبْكَارَا

 

2- يا حملة الدعوة الشجعان في أوزبيكستان! لقد ذكّرتم الأمة الإسلامية بأنه من العار الوقوف إلى جانب العدو رغم كل قسوته، وأنه من الشرف الوقوف إلى جانب دعوة الله سبحانه، لقد ذكّرتم بتضحيتكم من أجل الدعوة الإسلامية مدى تعصب أولئك الذين يبخلون بالدعوة الإسلامية، لأن الله تعالى قال: ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً﴾، وكما قال الإمام الشافعي:

 

وَلَا تُرِ لِلأَعَادِي قَطُّ ذُلّاً ** فَإِنَّ شَماتَةَ الأَعْدَا بَلَاءُ

وَلَا تَرْجُ السَّمَاحَةَ مِنْ بَخِيلٍ ** فَمَا فِي النَّارِ لِلظَّمْآنِ مَاءُ

 

3- يا شباب أوزبيكستان المخلصين! لقد ذكّرتم الأمة الإسلامية أن الدنيا ليست دار عباد الله الصالحين، وأن الدار الحقيقية الدائمة هي الآخرة، ولذلك ينبغي لجميع العباد الأذكياء والحكماء أن يجتهدوا في عمل الصالحات، لأن الله تعالى قال: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾، وكما قال الإمام الشافعي:

 

إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً فُطَناً ** تَرَكُوا الدُّنْيَا وَخَافُوا الْفِتَنَا

نَظَرُوا فِيهَا فَلَمَّا عَلِمُوا ** أَنَّهَا لَيْسَتْ لِحَيٍّ وَطَنا

جَعَلُوها لُجَّةً وَاتَّخَذُوا ** صَالِحَ الْأَعَمَالِ فِيهَا سُفُنا

 

4- يا رجال أوزبيكستان الشجعان! لقد ذكّرتم الأمة الإسلامية أن الرزق بيد الله وحده، بالعمل نصف النهار وقضاء بقية النهار في طلب دعوة الله، لأن الله تعالى قال: ﴿اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ﴾، وكما قال الإمام الشافعي:

 

إِذَا أَصْبَحْتُ عِنْدِي قُوتُ يَوْمِي ** فَخَلِّ الْهَمَّ عَنِّي يَا سَعِيدُ

وَلَا تَخْطُرْ هُمُومَ غَدٍ بِبَالِي ** فَإِنَّ غَداً لَهُ رِزْقٌ جَدِيدُ

أُسَلِّمُ إِنْ أَرَادَ اللهُ أَمْراً ** فَأَتْرُكُ مَا أُرِيدُ لِمَا يُرِيدُ

 

5- يا عباد الله الأتقياء في أوزبيكستان! لقد ذكّرتم الأمة الإسلامية، بحملكم الدعوة ليس بالقول فقط بل بالفعل، ذكّرتم علماء عصرنا أن الفقيه الحقيقي سيكون فقيهاً بعمله، لا باللفظ والقول، وأن القائد سيكون قائداً بالقيم والأخلاق الإسلامية، لأن الله تعالى قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾، وكما قال الإمام الشافعي:

 

إِنَّ الْفَقِيهَ هُوَ الْفَقِيهُ بِفِعْلِهِ ** لَيْسَ الْفَقِيهُ بِنُطْقِهِ وَمَقَالِهِ

وَكَذَا الرَّئِيسُ هُوَ الرَّئِيسُ بِخُلْقِهِ ** لَيْسَ الرَّئِيسُ بِقَوْمِهِ وَرِجَالِهِ

 

وأخيراً يا شباب حزب التحرير! عسى الله أن يرحمكم برحمته، وأن يجعل لكم مخرجاً في أقرب وقت، وأن يمن عليكم وعلى جميع المسلمين بدولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي ستفرج عنكم وعن جميع المسلمين المستضعفين كربهم.

 

#صرخة_من_أوزبيكستان

 

#PleaFromUzbekistan

 

#ЎЗБЕКИСТОНДАН_ФАРЁД

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رمضان أبو فرقان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

آن للأمة أن تستنصر لأبنائها

 

 إن قضية الاعتقال السياسي من قضايا الأمة الملحة، فقد عانت الأمة الإسلامية كثيراً من اعتقال أبنائها والزج بهم في السجون حيث الأحكام الظالمة والتعذيب والتغييب والاضطهاد، وخاصة النخب القيادية فيها من دعاة وعلماء وسياسيين ومفكرين ومجاهدين، فبدل أن يأخذ هؤلاء مواقع القيادة والدعوة إلى الله، يُلقى بهم في زنازين التعذيب والموت للحيلولة بين الأمة وصحوتها، ولمنع نهضتها، وعداءً لدينها، وذلك طوال عقود طويلة منذ هدم دولة الخلافة العثمانية ووقوع بلاد الإسلام تحت أنظمة القمع والتنكيل التي حكمت بلاد المسلمين من خلال أجهزتها الأمنية والمخابراتية التي تفيض سجلاتها ببشاعة الجرائم والتعذيب المفضي إلى الموت.

 

وإن أوزبيكستان من الأنظمة التي أذاقت المسلمين فيها ويلات التعذيب والسجن والاعتقال، وخاصة حملة الدعوة من حزب التحرير. حتى اعتبرت أوزبيكستان في عهد الطاغية كريموف من أكثر الأنظمة انتهاكاً لحقوق المعتقلين السياسيين واضطهاداً لهم.

 

ومؤخراً وبصورة مستفزة للمسلمين ولذوي المعتقلين، أعيد اعتقال مجموعة من شباب حزب التحرير الذين أنهوا محكومياتهم التي استمرت نحو عشرين عاماً، حيث اعتقلوا مجدداً بعد خروجهم من السجن ظلماً وبهتاناً. وذلك تمسكاً من نظام ميرزياييف بنهج سلفه الطاغية كريموف في العداوة للإسلام وللشعب الأوزبيكي المسلم بشكل عام وحملة الدعوة إلى الإسلام والخلافة بشكل خاص، على الرغم من وعوده للناس في حملته الانتخابية قبل سنوات بتأييد حرية الرأي وعدم انتهاك حقوق الإنسان!

 

إن على الأمة الإسلامية أن تتحرك للتغيير ولإزالة أنظمة الإجرام فيها ولنصرة أبنائها المظلومين والمضطهدين في سجون الطغاة في أوزبيكستان وفي كل بلاد الإسلام، ولنصرة المستضعفين من أبنائها في كل مكان في هذه الأرض.

 

نسأل الله العزيز الفرج القريب لأمة الإسلام.

 

﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

 

#صرخة_من_أوزبيكستان

 

#PleaFromUzbekistan

 

#ЎЗБЕКИСТОНДАН_ФАРЁД

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عائشة محمد

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الناتو وأفريكوم جنوب المتوسط، توغّلٌ قصد التغوّل

 

نهاية العام المنقضي، وخلال الحرب على غزة ومشاركة أمريكا ربيبتها دولة يهود جرائمها، بحث قائد القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم" مايكل لانغلي، مع قائد قوات شرق ليبيا خليفة حفتر، أهمية تشكيل حكومة وطنية منتخبة، وإعادة توحيد جيش البلاد، وذلك إثر لقاء بينهما في مدينة بنغازي، بحضور المبعوث الأمريكي الخاص لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، وفق بيان سفارة واشنطن عبر منصة إكس. وقالت السفارة الأمريكية آنذاك: "بحث لانغلي وحفتر أهمية تشكيل حكومة وطنية منتخبة ديمقراطيا، وإعادة توحيد الجيش الليبي وحماية السيادة الوطنية عن طريق إزالة المرتزقة الأجانب". (وكالة الأناضول، 21/09/2023).

 

هذا اللقاء كان ثمرة جهود قادها لانغلي بنفسه قصد توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، من خلال جهود الوساطة بين الفريق محمد الحداد وقيادات المنطقة الغربية من جهة، والفريق أول عبد الرازق الناظوري وأعضاء اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) من المنطقة الشرقية من جهة أخرى. حيث أشادت الولايات المتحدة بالتزام رئيسيْ الأركان العامة؛ التابع لحكومة الوحدة الوطنية الموقتة الفريق محمد الحداد، والتابع للقيادة العامة الفريق عبد الرازق الناظوري "بإعادة توحيد المؤسسة العسكرية الليبية"، معلنة تأييدها "إنشاء وحدة مشتركة كخطوة أولى" لتوحيد الجيش الليبي.

 

وقد جاءت الإشادة الأمريكية على لسان قائد القوات العسكرية الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم" الفريق مايكل لانغلي، خلال لقائه في شهر آذار/مارس من العام الماضي مع الناظوري والحداد في العاصمة الإيطالية روما على هامش مشاركتهما في ندوة رؤساء الدفاع الأفارقة في روما الذي يستضيفه لانغلي. (بوابة الوسط، 02/03/2023)

 

وفي الوقت الذي شارك فيه الحداد والناظوري في مؤتمر وزراء الدفاع ورؤساء الأركان لجيوش دول قارة أفريقيا والقيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم" بالعاصمة البوتسوانية غابورون بتاريخ 26/06/2024، وما رافق ذلك من تأكيد على المضي قدما في إنشاء الجيش الليبي الموحد، ناقش قائد القيادة العامة المشير خليفة حفتر مع القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ستيفاني خوري، سبل الوصول إلى حلول توافقية لعقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بحسب ما نشره مكتب إعلام القيادة العامة عبر صفحته على فيسبوك، حيث استقبل حفتر في مكتبه بمقر القيادة العامة بمنطقة الرجمة في بنغازي، يوم 30/06/2024 خوري والوفد المرافق لها، في لقاء هو الثاني بين الجانبين خلال شهر واحد!

 

هذا الحرص الأمريكي على توحيد الجيش الليبي تحت قيادة حفتر من جهة، وعلى إجراء انتخابات تحاول أمريكا التحكم في نتائجها من جهة أخرى، يدل على أن خطة الاختراق التركي الناعم واستعمال الفزاعة الروسية قد آتت أكلها في ليبيا، لتبسط أمريكا كامل نفوذها في هذا البلد الغني بالنفط، وعينها على بقية منطقة الشمال الأفريقي ومنها خاصرتها الرخوة تونس كما سيأتي بيانه.

 

فمن جهة، شهدت البلاد ترقيات عسكرية لافتة لأبناء حفتر، إذ تم تعيين ابنه الأصغر، صدام، رئيساً لقواته البرية المسيطرة على الشرق والجنوب، بينما منح نجله خالد، منصب رئاسة الوحدات الأمنية بصلاحيات واسعة داخل الجيش الليبي. ويترأس ابنه الآخر، بلقاسم حفتر - المعين من قبل البرلمان في شباط/فبراير 2024 - صندوق إعادة إعمار ليبيا، دون أن يُطرح أي سؤال حول مصادر الأموال الضخمة التي يغدقها حفتر في إنشاء المشاريع ضمن حملة انتخابية مبكرة.

 

ومن جهة أخرى، نقلت وسائل إعلام ليبية عن موقع تاسك آند بيربوس العسكري الأمريكي تقريرا تناول تصريحات صحفية لقائد أفريكوم الجنرال مايكل لانغلي، أشار فيها إلى بحث واشنطن عن حلفاء جدد في المنطقة بما في ذلك الليبيين، ما أثار تساؤلات كبيرة في الشارع الليبي والعربي، عن احتمالية ترسيخ نفوذ أمريكا في ليبيا من خلال إنشاء قاعدة عسكرية، وعلاقة ذلك بالقوات والنفوذ التركي في العاصمة طرابلس. حيث قال لانغلي للصحفيين وفقا لهذا التقرير قبيل مؤتمر بوتسوانا الدفاعي الأفريقي "مع عدم الترحيب بالقوات الأمريكية في النيجر نبحث عن حلفاء جدد في المنطقة بما في ذلك الليبيين".

 

وتأكيداً على ما ذكر، تجدر الإشارة إلى أن معهد الشرق الأوسط في واشنطن، أكد في وقت سابق أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) بدأ الانخراط بشكل أكبر في الشرق الأوسط وأفريقيا، بسبب التهديدات المختلفة ضد الملاحة البحرية والبنية التحتية، وأنه من المقرر أن يبحث الحلف في قمته التي عقدت في واشنطن في الفترة بين التاسع إلى الحادي عشر من تموز/يوليو جميع التهديدات التي يواجهها في القارة الأفريقية وليبيا، في لحظة بالغة الأهمية من مسيرة الحلف، الذي استدعى لقمته عددا من الدول العربية، من بينها الدول المجاورة لليبيا شرقا وغربا (أي مصر وتونس والجزائر)، فضلا عن قادة كيان يهود، وهو ما أكده المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر ضمن ندوة صحفية بتاريخ 09/07/2024. ومن يدري ما هي الدول المدعوة للمشاركة في إنشاء "ناتو عربي" هدفه حماية كيان يهود من الزوال، بعد إعلان الحلف بأنه سيفتتح أول مكتب اتصال له في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في العاصمة الأردنية عمان.

 

كما تناقلت مؤخراً وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإلكتروني الليبية، أخباراً مفادها وصول الفريق الأمريكي تشارلز براون إلى مدينة مصراتة ولقائه أعياناً وشخصيات نافذة في المدينة لدراسة إمكانية إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة. بل أكد خبراء عسكريون بحسب بوابة أفريقيا الإخبارية، أن زيارة الفريق تشارلز براون إلى مصراتة هي نقطة يبدأ منها العد التنازلي لإنشاء قاعدة عسكرية أمريكية رسمية على الأراضي الليبية، تخلف الشركة الأمنية الأمريكية الخاصة (أمينتوم) التي مارست أعمالها بعيداً عن عدسات الإعلام.

 

وللتذكير، فقد كشف موقع أفريكا إنتيليجنس الاستخباراتي وصول عـناصر تابعة لشركة أمينتوم الأمريكية العسكرية إلى ليبيا بالاتفاق مع رئيس الحكومة في طرابلس لتدريب المجموعات المسلحة في طرابلس. وأفاد هذا الموقع الاستخباراتي الفرنسي بأن الشركة ستشرف على تدريبات اللواء 444 بقيادة محمود حمزة واللواء 111 بقيادة زوبي و166 بقيادة الحصان وسيتم تنسيق العمل بينها وبين الخارجية الأمريكية لوضع هذه المجموعات في إطار موحد لتأمين الحدود ونزع السلاح. (روسيا اليوم، 11/04/2024)

 

وفي الوقت الذي تتبادل فيه روسيا وتركيا الأدوار شرقا وغربا داخل ليبيا، استئناسا بالتجربة السورية، يحاول جمع من مرتزقة الإعلام والسياسة إقناع الرأي العام بدور واشنطن في مواجهة النفوذ التركي في الغرب الليبي في المقام الأول، قبيل مواجهة وصد النفوذ الروسي المتمدد شرقي ليبيا على وجه خاص وفي القارة الأفريقية بشكل عام.

 

يذكر أن صحيفة واشنطن بوست قد كشفت في 2018 أن الولايات المتحدة كانت تجري عمليات استطلاع بطائرات بدون طيار داخل ليبيا من قاعدة جوية في تونس دون ذكر مزيد من التفاصيل. وحتى إن لم يصح هذا الخبر، فإن الواضح أن أمريكا هي المسؤول الأول عن افتعال الأزمات وصناعة وضعية عدم الاستقرار في المنطقة، من خلال ما تفعله في ليبيا والسودان، ومن خلال وضع يدها على منطقة الساحل الأفريقي لتطويق دول الشمال، والاستثمار بعد ذلك في هذه الوضعية المصطنعة والتهديدات المفتعلة للولوج إلى كامل المنطقة.

 

والدليل على ذلك، جاء خلال اجتماع بوتسوانا الأخير، حيث قال لانغلي: "إن كل بلد أفريقي لديه تهديدات متعددة الطبقات، خاصة عبر منطقة الساحل، فلدى كل دولة أنواع مختلفة من التحديات ودوافع عدم الاستقرار". مؤكدا أن الدول الأفريقية في الغرب والشمال وعبر منطقة الساحل اتصلت بالولايات المتحدة لإجراء مناقشات حول كيفية تحقيق أهدافها الأمنية، لأنها تعرف "القيمة الجوهرية" التي تجلبها الولايات المتحدة. وقال إن إحدى هذه الدول هي ليبيا، فيما تنتهج السلطات التونسية خيار الصمت، دون أن تفصح عن مضمون الاتفاقية العسكرية (لمدة عشر سنوات) التي وقعها وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر مع نظيره التونسي إبراهيم البرتاجي بتاريخ 30 أيلول/سبتمبر 2020، أو تعلق على مشاركة وزير الدفاع التونسي يوم 26 نيسان/أبريل 2022 في قمة عسكرية لحلف الناتو بمقر قاعدته بمدينة رامشتين الألمانية تحت إشراف وزير الحرب الأمريكي لويد أوستن وبمشاركة وزير الحرب الصهيوني غانتس، أو على تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر حول مشاركتها الأخيرة في قمة الناتو بواشنطن.

 

وبينما يتجول سفراء أمريكا في أروقة المقرات الحكومية والوزارات السيادية في شمال أفريقيا، وبينما تحاول أمريكا النفاذ لقادة الجيوش بدعوى التدريب والمساعدات العسكرية، وبينما أمضى رئيس اللجنة العسكرية لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) الأميرال روب باور أسبوعا كاملا بين تونس والجزائر خلال شهر نيسان/أبريل من هذا العام لبحث التهديدات التي تواجه المنطقة، وكلها أحداث تتزامن مع سكب شلالات الدماء في غزة وشلالات الألم والقهر في باقي بلاد المسلمين، عقد معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى يوم 8 تموز/يوليو 2024 ندوة افتراضية بعنوان: "مواجهة النفوذ الصيني والروسي في شمال أفريقيا"، استضاف فيها السفير الأمريكي في تونس جوي هود والمستشار السابق لسياسة الشرق الأوسط في البنتاغون غرانت روملي المعروف بمواقفه الداعمة لتسليح كيان يهود في الحرب على غزة، وبين فيشمان المدير السابق لشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي.

 

وهكذا تبدو أمريكا جادة في زرع قاعدة عسكرية لأفريكوم في مصراتة بليبيا، محاولة تثبيت مركز استخباراتي للناتو في تونس، وفرضه كدعامة للعملية البحرية متعددة الأهداف في البحر الأبيض المتوسط، والتي أطلقها الحلف تحت اسم "الحارس البحري" بهدف ضمان الأمن في البحر المتوسط، وعينها في ذلك كله على الجزائر، لتتضافر جهود أفريكوم مع أجندة الناتو ليشكلا فكي كماشة لسياسة الهيمنة الأمريكية على المنطقة أو ما يسمونه بمشروع الشرق الأوسط الكبير.

 

أما الضعفاء والعملاء فيكفي أن تشهر أمريكا في وجوههم سلاح مواجهة النفوذ الروسي واحتوائه، وأن تُضيف للبعبع الإيراني في منطقة الخليج، بعبع القطب الإيراني الروسي الصيني في العالم، ليخروا أمامها راكعين بل ساجدين كما فعل حكام دول الطوق، مع أن جميعها فزاعات توظفها أمريكا لصالحها سعيا لفرض مشروع الهيمنة الأمريكية الذي لن يوقف تمدده سوى دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة بإذن الله. قال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أن يَكُونَ قَرِيباً

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس وسام الأطرش – ولاية تونس

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مآلات الجانب الإنساني الأممي بعد قرع طبول الصراع الاقتصاد
يعقب خفوت نار الحرب في اليمن

 

كشف مبعوث أمين عام الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن هانس غرونبيرغ كواليس اتخاذ رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي قرار تعليق قرارات البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، الرامية إلى تضييق الخناق اقتصاديا على جماعة الحوثيين وإجبارها على الاستجابة لما تسمى بجهود السلام وفق المرجعيات الثلاث. فقد جاء قرار تأجيل تلك القرارات في رسالة بعثها المبعوث الأممي لمجلس القيادة الرئاسي، دعا فيها المجلس الرئاسي إلى "وقف عاجل" لقرارات البنك المركزي اليمني في عدن بشأن نقل البنوك وفرض نظام الشبكة الموحدة للحوالات وإلغاء تراخيص بنوك صنعاء، مطالبا بالتراجع عنها أو تأجيلها، ومنح البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين، مهلة على الأقل إلى نهاية آب/أغسطس القادم، والشروع في حوار اقتصادي مع جماعة الحوثي. فقد خاطب المبعوث الأممي رئيس مجلس القيادة بقوله: "أكتب إليك خطابي هذا بأعلى درجات الاستعجال والقلق بشأن القرار الذي اتخذه البنك المركزي اليمني مؤخراً رقم 30 لعام 2024 الذي يقضي بتعليق تراخيص ستة بنوك وما تبعه من تواصل مع البنوك المراسلة ونظام سويفت الذي سيفضي إلى وقف وصول تلك البنوك إلى البنوك المراسلة ونظام سويفت". مبررا طلبه لمجلس القيادة الرئاسي، بتقديره ما تحملته الحكومة من مظالم اقتصادية منذ وقت طويل أكثرها ظهوراً وقف صادرات النفط الخام، لكن هذه القرارات الصادرة مؤخراً بشأن البنوك سوف توقع الضرر بالاقتصاد اليمني وستفسد على اليمنيين البسطاء معيشتهم في كل أنحاد البلاد، وقد تؤدي إلى خطر التصعيد الذي قد يتسع مداه إلى المجال العسكري، حسب قوله؛ تلك الضغوط الأممية التي تعرضت لها الحكومة اليمنية للتراجع عن قرارات البنك المركزي بعدن، فقد تزامنت مع وصول محافظ البنك المركزي أحمد المعبقي، إلى العاصمة السعودية الرياض يوم الخميس الفائت، لمقابلة رئيس مجلس القيادة ومناقشة إجراءات البنك المركزي الأخيرة.

 

فبالرغم من الهدوء الذي ساد جبهات اليمن منذ نيسان/أبريل 2022، إلا أن الصراع الاقتصادي بين حكومة عدن وجماعة الحوثي اشتعل بشكل قد لا يقل ضراوة وتأثيرا عن نيران الحرب التي اكتوى بها أهل اليمن منذ نحو 10 سنوات. وبرز الصراع الاقتصادي بشكل كبير مؤخرا، حيث قرر البنك المركزي اليمني المعترف به دوليا وقف التعامل مع ستة من أكبر بنوك البلاد، بسبب عدم نقل مقراتها الرئيسية من العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.

 

يحمل هذا الصراع الدولي فترة تاريخية، ابتداءً بنقل حكومة عدن - أداة بريطانيا - البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى مدينة عدن جنوبي البلاد، واستمرارا لهذا الصراع المالي، قررت جماعة الحوثيين في 2019 حظر التعامل بالعملة المحلية المسماة بـ"الجديدة" التي طبعت في السنوات الأخيرة من قبل البنك المركزي اليمني، مع حصر التعامل فقط بالفئات من العملة القديمة الصادرة قبل 2017، حيث يوجد حاليا للريال اليمني سعران أمام الدولار، الذي يساوي في مناطق سيطرة الحوثي نحو 530 ريالا، بينما في العاصمة المؤقتة عدن، فيبلغ سعره نحو 1900 ريال. كما تمسك الحوثيون برفض السماح باستئناف تصدير النفط، ويشترطون الاتفاق على آلية يتم فيها دفع رواتب كافة الموظفين العموميين في عموم مناطق اليمن من عائدات النفط، والذي يعتبر من ضمن الصراع الاقتصادي بين أطراف النزاع المحلية العميلة للأطراف الدولية. فبعد يومين من قرار البنك المركزي بإلغاء تراخيص 6 بنوك مقراتها الرئيسية في صنعاء، كشف مجلس القيادة الرئاسي في 12 تموز/يوليو عن تلقيه دعوة من المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غرونبيرغ، لإطلاق حوار مع الحوثيين بشأن الأزمة الاقتصادية.

 

جاء تدخل المبعوث بعد بدء استجابة جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك "سويفت" لقرارات البنك المركزي اليمني في عدن، وإبلاغ البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين بقطع النظام عنها استجابة لطلب بنك عدن، ويعد هذا التدخل ضغطاً أممياً على حكومة عدن خدمةً للحوثيين وإنقاذاً لهم من العزلة المالية، التي تذكرنا بموقف الأمم المتحدة وضغطها على قوات حكومة عدن أواخر 2018 لوقف معركة الحديدة تحت مسمى الجانب الإنساني، والدعوة لحوار بين الحكومة والحوثيين، وهو ما أفضى لتوقيع اتفاق ستوكهولم الذي رفض الحوثيون تنفيذه لاحقاً، واستغلوه لشرعنة سيطرتهم على ساحل البحر الأحمر، وهو ما ترتبت عليه هجمات ضد السفن مؤخراً. كما يذكرنا بعدم تحرك المبعوث الأممي عند قصف قوات الحوثيين ميناء الضبة لتصدير النفط والذي حرم الحكومة من أهم مواردها، فضلا عن عدم ممارسة أي ضغوط على الحوثيين بعد فرضها انقساماً نقدياً واقتصادياً، ونهب المساعدات والموارد ورفضها دفع المرتبات بموجب اتفاق ستوكهولم. بالإضافة إلى تخلي غرونبيرغ عن موظفي الأمم المتحدة والبعثات الدبلوماسية الذين اعتقلتهم مليشيات الحوثي مؤخرا كورقة ضغط لمساومة العالم وفرض اشتراطاتها بما في ذلك في الملف الاقتصادي، وكذلك تغافل المبعوث الأممي احتجاز الحوثيين أربع طائرات من طيران اليمنية في مطار صنعاء، وكل تلك الأعمال تحت عذر الجانب الإنساني، ما يدل على أن هناك من يقف خلف الأمم المتحدة لتأمرها وتنهاها، فإن لم تكن أمريكا فمن تكون؟! وما السعودية إلا أداة أمريكية لتنفيذ ما يُملى عليها من قيادتها.

 

أخيراً، إن إنقاذ اليمن من محنته لا يكون بنصرة أتباع بريطانيا أو نصرة أتباع أمريكا، ولا بالتظاهر بنصرة هذا أو ذاك، بل يكون إنقاذ اليمن بأن يتحرك أهله مزمجرين مخلصين لله سبحانه، صادقين مع رسول الله ﷺ لإزالة أهل الشر من الطرفين، وإنقاذ البلاد والعباد من خياناتهم وصراعاتهم بدماء أهل اليمن، وإعادة اليمن إلى أصله بلد الإيمان والحكمة يرفع راية العقاب، راية رسول الله ﷺ، ويحتكم إلى شرع الله في خلافة راشدة على منهاج النبوة في الجانب السياسي والاقتصادي وغيرهما، ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

 

فيا أهل اليمن: إن حزب التحرير يتوجه إليكم بصدق وإخلاص ألا تخيفنكم عنجهية أمريكا وأتباعها وأشياعها، ولا يخدعنكم خبث بريطانيا وأتباعها وأشياعها، فهم العدو فاحذروهم، وانصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الله القاضي – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إلى متى يتحمل أهل مصر
 ضغوط النظام عليهم وامتصاص دمائهم؟

 

أظهرت الجريدة الرسمية أن مصر رفعت الخميس أسعار مجموعة واسعة من منتجات الوقود، قبل أربعة أيام من إجراء صندوق النقد الدولي مراجعة لبرنامج قروض موسع للبلاد بقيمة ثمانية مليارات دولار. ووفقا لما نقلته الجريدة الرسمية عن وزارة البترول فقد جرت زيادة أسعار البنزين بنسبة تصل إلى 15%، ليصبح سعر لتر بنزين 80 هو 12.25 جنيه (0.25 دولار)، وسعر بنزين 92 هو 13.75 جنيه، وبنزين 95 هو 15 جنيها. أما السولار، وهو أحد أكثر أنواع الوقود استخداما، فشهد زيادة أكبر إذ تقرر رفعه إلى 11.50 جنيه (0.24 دولار) من عشرة جنيهات. وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي يوم الأربعاء إن أسعار المنتجات البترولية سترتفع تدريجيا حتى كانون الأول/ديسمبر 2025 (العربية، 25/7/2024)

 

زيادة أسعار الوقود تؤثر سلبا على مصر وأهلها وتضيق على الناس معيشتهم وأرزاقهم وتضع عليهم مزيدا من الضغوط؛ فمع ارتفاع سعر الوقود سترتفع تكلفة النقل ووقود تشغيل آلات المصانع، وبالتالي ترتفع أسعار كافة السلع والخدمات، وهذه الزيادة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة كما صرح رئيس الوزراء بل هي مرحلة من مراحل ضغط النظام على أهل مصر لاستنزاف ما تبقى لهم من جهود بعد تفريطه في ثروات البلاد، وحيث لم يعد لدى الناس مدخرات تذكر أمام أسعار لا تبقي ولا تذر ودخول لا تسمن ولا تغني من جوع، فدخول الناس حقيقة لا تتناسب مع ما تملكه مصر من ثروة حقيقية ولا مع ما ينفقه النظام على ما يدعيه من إنجازات ولا ما يفرضه عليهم من سياسات وقرارات كارثية، فيكفي أن نقر حقيقة أن كثيراً من أهل مصر لم تعد رواتبهم تصل لـ100 دولار في الشهر الكامل، بينما يريد النظام أن يحصّل منهم ثمن الخدمات التي لا تصلهم أصلا على أساس الدولار وسعره خضوعاً لقرارات سادته مانحي القروض في الصندوق الدولي.

 

إن مصر ليست فقيرة كما يدعي النظام ولا تحتاج لقروض المؤسسات الاستعمارية وما تجره من سياسات ترهن البلاد وتستعبد أهلها وتمكن الغرب منها؛ فمصر فيها من الخيرات ما يؤهلها لأن تكون دولة عظمى إن لم تكن الأولى، فقط إذا انعتقت من التبعية وخلعت عنها ثوب الارتهان للغرب وقراراته.

 

إن ما تملكه مصر من نفط يكفي لكي يعطى للناس جميعا بلا ثمن، بل ولأن يعطى للناس مالاً معه أيضا، فمصر التي قدرت ثمن النفط بـ85 دولاراً للبرميل تنتج يوميا 580 ألف برميل قابلة للزيادة (الطاقة)، فأين يذهب هذا النفط؟ ولماذا تفرط فيه الدولة لصالح الشركات الرأسمالية الغربية بمنح حق امتياز التنقيب والاستخراج والتكرير، ما يمنح تلك الشركات نصيب الأسد من ثروات مصر ولا يبقي لأهلها إلا الفتات؟! بينما تستطيع الدولة أن تستغل طاقة شبابها التي يدعي النظام أنها تلتهم التنمية التي يقوم بها، فيستطيع النظام استغلال هذه الطاقات المعطلة في أعمال إنتاج النفط وتكريره وتوفير ما تنهبه شركات الغرب، إلا أن هذا ما لا يستطيعه النظام الذي يملك الغرب قراره وولاءه، والذي لا يعمل لرعاية مصالح مصر وأهلها وإنما يعمل لرعاية مصالح سادته في البيت الأبيض ومؤسسات الغرب الاستعمارية.

 

إن الرأسمالية تطبق في بلادنا بأبشع صورها لتصوغ من القوانين ما يمكّن الغرب من نهب ثرواتنا واستعباد الشعوب لأطول فترة ممكنة، ولهذا فإن مصر لن تخرج مما هي فيه إلا باقتلاع الرأسمالية التي يحكم بها النظام والتي تمكن الغرب وشركاته من ثروات البلاد وتجعل هذا النهب مقننا وتوجب على الدولة حمايته من الناس وتمنعهم من مجرد الاعتراض عليه أو مراجعة عقوده.

 

إن مصر وأهلها في حاجة إلى نظام بديل ومغاير يوافق فطرتهم وينسجم مع بيئتهم، نظام أوجب الله عليهم تطبيقه والعيش في ظله؛ نظام الإسلام وأحكامه وتطبيقها في دولة الإسلام؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، والتي بتطبيقها يكون العدل وأداء الحقوق، ما يحرم على الدولة التفريط في منابع ثروات البلاد ويوجب عليها أن تنتج الثروة منها وتعيد توزيعها على الناس بما يضمن انتفاعهم بها ضمن أحكام شرعية تلزم الدولة وتوجب عليها أداء حقوق الناس مسلمين وغير مسلمين، فبلادنا في حاجة إلى الإسلام ونظامه ودولته حتى تخرج مما هي فيه من أزمات.

 

ولهذا فإن واجب مصر وأهلها شعبا وجيشا هو العمل لاجتثاث الرأسمالية التي تحكمهم والحكم بالإسلام ونظامه وعدله في ظل دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فواجب الشعب هو احتضان الدعوة لإقامة الخلافة وحملتها والسير معهم في طريقهم حتى يتم الله أمره. وواجب المخلصين في جيش الكنانة هو نصرة هذه الدعوة وتمكين حملتها من وضع الإسلام موضع التطبيق من جديد في دولة الخلافة التي ستملأ الأرض عدلا، والتي بها ينجو أهل مصر والأمة من إثم غياب أحكام الإسلام، والتحاكم لقوانين الغرب وأنظمته الرأسمالية، وبها وفي ظلها قطعا ستحل جميع أزمات الناس وتعالج مشكلاتهم.

 

فاللهم أظلنا بالخلافة الراشدة على منهاج النبوة من جديد واجعل مصر وجيشها أنصارها.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

سعيد فضل

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

أولمبياد الشذوذ والعار البشري
ليس حضارة بل مستنقع قذارة وفرنسا هي قاعه!

 

ها قد انتهى الغرب بإنسانه إلى قعر الهاوية، وأنهت حضارته، في فشلها وإفلاسها عن الإجابة على الأسئلة الكبرى المتعلقة بالوجود سببا وغاية ومصيرا، المسألة الإنسانية بالتخلص من الإنسان نفسه، بعد أن صيرته مادة صماء تطحن وتعجن بحسب أهواء شياطينها، يحيا زيف حياة بلا معنى ولا غاية في عبثية وعدمية مدمرة، ومع تفاقم الإفلاس المعرفي وطغيان عصابة المال تعاظمت المعضلة الغربية حتى انتهت إلى التيه الفكري والتغول الرأسمالي والشذوذ الحضاري. وصار الشذوذ هو سمة الفكر والثقافة والحضارة والأنظمة في الغرب حتى عده القوم دينا ومذهبا، وها قد أفرز مأساته وأثمر كارثته في جندره وشذوذه الجنسي، ومثلت فرنسا البركة الآسنة لتفريخ وتوليد المرتكسين فطريا والشواذ جنسيا؛ فهي الحاملة لدعوته المنافحة عن هذا المقت الحضاري والمسخ الإنساني دوليا والساعية لعولمته، وحفل الأولمبياد بباريس هو قنطرتها لذلك ومادة دعاية لشذوذ الغرب الحضاري وشذوذه الجنسي.

 

شكلت فرنسا دوما حالة حضارية غربية خاصة، جسدت نهاية النموذج الحضاري ومنتهى فلسفته وتطرفه؛ ففي زمن الكنيسة شكلت الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية قمة الاستبداد الديني والحقد الصليبي، والعلمانية الفرنسية اليوم هي النموذج النهائي للعلمانية الغربية في قطيعتها الصارمة وعدائها الحاد للدين وحقدها العلماني الشرس على الإسلام تحديدا بصفته المبدئية التي تنازعها وجودها.

 

فالعلمانية الغربية كفلسفة وفكر وضعي تشكلت بحسب واقعها وبيئتها وظروفها التي تولدت وتخلقت فيها من داخل المجتمعات الغربية، فهناك التشكيل والنموذج العلماني الفرنسي كردة فعل ضد الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية وتطرفها واستبدادها الديني، فكانت حدة ردة فعل العلمانية الفرنسية مطردة مع حدة استبداد كنيستها الكاثوليكية، وهناك التشكيل العلماني الإنجليزي وصناعته لكنيسته الأنجليكانية المعلمنة المتماهية مع علمانية الإنجليز، والتشكيل العلماني الألماني الذي تخلّق في أجواء البروتستانتية الدينية المعارضة للكنيسة، والتشكيل العلماني الروسي وردة فعله على الكنيسة الأرثودكسية واستبداد قساوستها وقياصرتها انتهت إلى الماركسية الشيوعية.

 

فالعلمانية الفرنسية وليدة ردة فعل حادة وعنيفة ضد تغول واستبداد كنيستها الكاثوليكية، ففرنسا في عصورها الوسطى كانت تلقب بالابنة الكبرى للكنيسة وكان ملوكها دائما في صدارة المدافعين عن البابوية وتقديس الكنيسة الكاثوليكية منذ عهد شارلمان في القرن الثامن، وفي تطرفها الكاثوليكي كانت فرنسا منطلق ومركز حروب أوروبا الدينية التي دامت لقرون وكانت كذلك مركز ومعقل الصليبية الحاقدة على الإسلام. فتشكلت علمانية فرنسا التي اصطلح عليها قومها باللائكية (عرفها الفرنسي موريس باربيه اللائكية هي الفصل بين الدين والحقائق الدنيوية) في حدتها وتطرفها انسجاما مع البيئة والظروف التي أفرزتها، كانت الثورة الفرنسية الدامية والشعار الذي رفعته "اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قس" الترجمة الفعلية للنموذج العلماني الفرنسي وعدائه السافر للدين، وقد أفصحت عن العقيدة العلمانية وفكرتها الكلية الشمولية الصارمة، وتعاقبت الصراعات الدامية بين الجمهورية العلمانية الفرنسية وبقايا الكنيسة الكاثوليكية حتى تم الحسم العلماني فترة الجمهورية العلمانية الفرنسية الثالثة (1871-1905) وأصدرت الجمهورية أهم قوانينها العلمانية قانون 1905 الذي أنهى الكنيسة الكاثوليكية بشكل نهائي، فجعل للجمهورية الحق في الاستيلاء على كل أملاك الكنيسة، وهكذا تم تجريدها من أسباب حياتها ووجودها والسيطرة التامة على الثقافة والتعليم، ما جعل فيليب غاينوا الباحث الفرنسي في الفكر السياسي في كتابه (اللائكية تاريخ تفرد فرنسي) يرى في 1905 تاريخا مفصليا ونقطة تحول فارقة عَبَّر عنها بالقول "جعلت فرنسا الجمهورية العلمانية التي نعرفها اليوم". وذلك ما عبر عنه قاموس لاروس الفرنسي في تعريفه لمفهوم اللائكية الفرنسية "نظام يزيح الكنائس عن ممارسة أي سلطة سياسية أو إدارية ويزيحها بخاصة عن تنظيم التعليم".

 

فاللائكية أو العلمانية الفرنسية عند التدقيق والتحقيق هي النموذج النهائي للعلمانية الغربية في استئصال الدين من حياة المجتمع والأفراد، فكل العلمانيات الغربية تستبطن هذه الغاية النهائية، والنموذج الفرنسي كان له السبق في تحقيق شروطها ونتائجها، وقد انتهى باكرا هذا النموذج إلى الكارثة العلمانية ونتائجها المأساوية من تفكيك الإنسان وتفتيته إلى مادة استهلاكية (دور العرض والأزياء وسلطة رأسمالييها في النموذج الفرنسي)، وتحطيم القيم وعدمية اللامعنى وعبثية ما بعد الحداثة، فأفكار الفرنسي جاك دريدا في التفكيك السام، وأفكار العدمية والشذوذ الحضاري لفيلسوف فرنسا الشاذ مغتصب الأطفال ميشيل فوكو هما العنوان الفاضح لعلمانية فرنسا المعاصرة. والأرقام تنبئ عن حجم كارثة اللائكية الفرنسية ونتائجها المفزعة، فقد كانت لفرنسا صدارة الدول الأوروبية من حيث أبناء الزنا اللقطاء بنسبة تجاوزت 60% لسنة 2018 وهم في ازدياد مطرد، ما دفع المشرع الفرنسي لسن قانون يجرم كل من يقوم بفحص جيني للتأكد أن الأطفال من صلبه وجعل عقوبته سنة سجن وغرامة 1500 يورو، عطفا عن تصدرها لحالات الاغتصاب، ثم استفحلت الكارثة الفرنسية وأنتجت العلمانية الفرنسية رجسها الأكبر في سفاح القربى "زنا المحارم" فقد كشف استطلاع فرنسي صادم سنة 2022 رقما مفزعا من أن 6.7 مليون فرنسي صرحوا أنهم كانوا ضحايا سفاح القربى، فكان الشذوذ الجنسي إفرازا منطقيا للعلمانية الغربية ولائكيتها الفرنسية، وكانت فرنسا طليعة هذا الارتكاس الفطري وانحطاط القيم، وتصدرت أوروبا في دعم المثلية الجنسية وشذوذها الجنسي، ونحتت مصطلحا لتسمية الشاذين والمتحولين جنسيا "مجتمع الميم" لتقبلهم اجتماعيا ودمجهم في المجتمع!

 

فقد انتهت المنظومة الغربية إلى شذوذها الحضاري وأفرزت شذوذها الجنسي، وفرنسا هي قاع مستنقع هذه القذارة الحضارية الغربية، فنحن أمام حالة من السقوط القيمي والانحلال والتفسخ غير المسبوق في حضارات البشر، والنموذج اللائكي الفرنسي هو النموذج العلماني النهائي وهو وصفة الانتحار الأخيرة للمنظومة والحضارة الغربية بل والإنسان الغربي، فجمهورية فرنسا ترجمت نهاية النموذج فلسفيا وحضاريا وأنظمة، فالفشل والإفلاس شمل الميادين الثلاثة فقد انتهت إلى العدمية والعبثية فلسفيا وإلى العقم السياسي وانحطاط خطابه في تقوقعه حول العرق والهجرة ومحاربة الإسلام، وانهيار وخراب اقتصادي ترجمته فلكية الديون الفرنسية، فقد تجاوز الدين العام الفرنسي عتبة 3 آلاف مليار يورو في الربع الأول من سنة 2023 مسجلا نسبة 112.5% من إجمالي الناتج المحلي، وقاربت خدمة الدين وسداد رباه 80 مليار يورو سنويا، مع عجز سنوي للميزانية الفرنسية قدر في حدود 400 مليار يورو يتم تغطية 50% (200 مليار) منه كقروض خارجية، بمعنى أن الجمهورية الفرنسية باتت رهينة البنوك والمؤسسات الرأسمالية الدولية على شاكلة مستعمرات العالم الثالث بحسب السردية الغربية. ففرنسا بحسب وكالة بلومبيرغ تقف عند منعطف حرج (تلطيفا للجرف السحيق) مع تصاعد ديونها وتضاؤل الاحتياطات المالية. وما لم تقله بلومبيرغ هو الانحصار الحاد لعائدات النهب الاستعماري الفرنسي جراء طردها من كثير من مستعمراتها بأفريقيا. ما دفع بالحكومات الفرنسية لرفع سقف الضرائب وتقليص النفقات في القطاعات الحيوية؛ الصحة والتعليم والتقاعد ورفع تكاليف المعيشة والعقار، ما تسبب في توترات عميقة (انتفاضة السترات الصفراء)، والكارثة الفرنسية ما زالت تتدحرج وتتضخم وتنبئ بالانفجار مع عزم حكام فرنسا سن قانون للتصرف في مدخرات الفرنسيين رغما عنهم لترقيع خراب فرنسا الاقتصادي. يضاف إلى هذا الإفلاس والفشل على المستوى الفلسفي والتنظيمي السقوط الحضاري المدوي.

 

ففرنسا اليوم أمام كارثتها الثلاثية الأبعاد تخطو سريعا نحو هاويتها بل وتتقدم الغرب نحوها، وأمام الإفلاس التام والعجز الكلي في حل معضلتها وفزعا من انفجار داخلها جراء النتائج والآثار المأساوية التي أفرزها فساد المنظومة والساسة والحكام الرأسماليون وهروبا من الاستحقاقات الدامية، تستدعي فرنسا ومعها الغرب بشكل مكثف مسألتين محوريتين في الخطاب الحضاري والسياسي اليوم؛ مسألة الأمن ومعها الخطر الإرهابي وتحديدا الخطر الإسلامي لخلق حالة من الهلع والفزع وافتعال مشكلة أمنية، ومسألة الجندر والمساواة الجندرية ومعها الشذوذ الجنسي، وهذا التركيز والاهتمام المكثف حول مسألتي الأمن والجندر غايته تحويل نظر الرأي العام عن حقيقة الأزمة من كونها أزمة جذرية من داخل المنظومة وفلسفتها وأنظمتها والفاعلين فيها، فيتم استدعاء العدو الخارجي وتحويل الأزمة إلى أزمة أمنية من خارج المنظومة لإعادة التصاق ضحايا المنظومة بالمنظومة طلبا للأمن. كما يتم استدعاء الجندر ومعه شذوذه الجنسي بكثافة خلال هذا العقد وما يخفيه هذا الشذوذ الاجتماعي من أهداف خفية خبيثة أشنع وألعن، فهذا التدمير الممنهج للإنسان في كينونته واجتماعه قبل أن يكون فلسفة كان تصميما وغاية لتدوير الأزمة وإدارة التوحش والتغول الرأسمالي من طرف العصابة الحاكمة المهيمنة وتغطية على جرائمها في حق المجتمع وأفراده. وإن كانت الفلسفة الغربية وحضارتها في جوهرها شاذة، فالذي يغذي هذا الشذوذ المتطرف اليوم وينزع به إلى حدوده القصوى هو تلك العصابة الرأسمالية المتحكمة في الدولة والمجتمع والموجهة للفكر والسياسة، بعد أن ظهر جليا تعفن المنظومة الغربية وفساد العصابة الرأسمالية الحاكمة، وتهاوت معها ركيزة بنيانها الأساسية نظامها الاقتصادي، وظهرت معه بوادر التمرد والاحتقان الشديد المؤذن بالانفجار، لجأت العصابة للشذوذ الجنسي كسلاح من أسلحة الضبط والتحكم غرائزيا في العبيد والضحايا لاستمرار المنظومة على حالها في الداخل، وسلاحا من أسلحة دمارها وخرابها في الخارج لاستمرار استعمارها وهيمنتها.

 

والشذوذ الجنسي اليوم هو وسيلة العصابة لتدوير إفلاس المنظومة والتكيف معها ومع تغولها وتوحشها الرأسمالي، فإفلاس المنظومة وتهاوي ركيزة بنيانها الأساسية نظامها الاقتصادي، وما رافقه من بوادر التمرد والاحتقان الشديد المؤذن بالانفجار، صار معه الشذوذ الجنسي ضرورة ميكافيلية لإدارة الأزمة وصد التمرد ضد المنظومة الفاشلة. فهذه الإباحية الشاملة والسعار الجنسي والشذوذ الجنسي بهذه الكثافة وبهذا الزخم والسرعة، هو لتذويب الإنسان الغربي في ماكينة النظام حتى يصبح جزءا أصيلا منه في عُطبِه عُطبُه، فيستميت في الدفاع عن بقاء وديمومة النظام، ففي انحلال الإنسان الغربي وشذوذه يتم ذلك الانسجام التام والالتحام الكامل مع شذوذ المنظومة، ويستميت حينها الإنسان الغربي المنحل والشاذ جنسيا في الدفاع عن المنظومة الشاذة التي توفر له كل أسباب إشباعاته الشاذة، والتي لن يجد له وضعا وحياة منحلة وشاذة إلا بها وفيها، بل معها تم حرف بوصلة حاجات الإنسان الغربي، تلك الحاجات الطبيعية الإنسانية، واصطناع حاجات شاذة بدلا عنها وجعلها مطلبا، ومظاهرات الشواذ في مدن الغرب هي الترجمة، وهذا السعي النكد في نشر الشذوذ الجنسي هو لإحكام القبضة على الضحايا والعبيد في الداخل الغربي وصناعة التكيف مع المنظومة المعطوبة المفلسة، عبر تحويل المشكلة من أزمة منظومة وعصابة الحكم إلى مشكلة مجتمع مع شواذه ومشكلة أمن مع الخارج الإرهابي.

 

فشذوذ أولمبياد باريس الجنسي واحتفاليته الشاذة بالمرتكسين والمتحولين والشواذ جنسيا هو ذلك الدخان الكثيف الذي أريد به إخفاء حجم الخراب الذي تحياه فرنسا. وذلك ما يفسر أن الجمهورية الفرنسية هي من يرعى الشذوذ الجنسي ويحميه ويدعو له، وليست الجمعيات بل الدولة ومؤسساتها وأجهزتها، فجمهورية فرنسا هي من قادت حملة الدعوة للشذوذ الجنسي باسم حقوق المثلية وحقوق مجتمع الميم، وهي من أحدث مصطلح مجتمع الميم لدمج الشواذ في المجتمع، واستهلت في عام 2008 الحملة الأولى من أجل إلغاء تجريم الشذوذ الجنسي عالمياً ببيان أصدرته خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة وقع عليه 66 بلداً، وباستحداثها صندوقاً لدعم منظمات وجمعيات المجتمع المدني لدعم الشذوذ والمثلية الجنسية. وتستمر فرنسا في هذا المجال في حشد جهود شبكتها الدبلوماسية والدعوة إلى الاعتراف بحقوق مجتمع الميم وشواذه الجنسيين في الاتحاد الأوروبي والمحافل الدولية، وأعلنت وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2022 تعيين سفير من أجل الدفاع عن حقوق الشواذ جنسيا، وتنخرط فرنسا في الاتحاد الأوروبي في تنفيذ الاستراتيجية الأوروبية الأولى من أجل المساواة في حقوق الشواذ جنسيا للفترة 2020-2025 التي نشرتها المفوضية، وتدعم وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية من خلال شبكتها الدبلوماسية عددا من مشاريع المنظمات غير الحكومية الأجنبية الرامية إلى دعم ونشر المثلية الجنسية والشذوذ الجنسي. ويتيح صندوق التضامن التابع لوزارة أوروبا والشؤون الخارجية تمويل المنظمات غير الحكومية الناشطة في قضايا المثلية الجنسية والشذوذ الجنسي عبر آلية مبادرات منظمات المجتمع المدني التابعة للوكالة الفرنسية للتنمية، وخصصت فرنسا في الفترة ما بين 2017 و2022 مبلغاً قدره 29 مليون يورو من أجل دعم المثلية الجنسية والشذوذ الجنسي. وكي تعطي فرنسا زخما لسياسة شذوذها الجنسي قام رئيسها ماكرون بتعيين رئيس وزراء شاذ جنسيا لحكومته أواخر 2023، وهذا الأخير قام بتعيين رفيقه في الشذوذ الجنسي وزير خارجية لجمهورية فرنسا الشاذة. ما يجعل من الشذوذ الجنسي صناعة وبضاعة وسياسة دولة لسوق وقود عبيدها وضحاياها.

 

فالحالة الفرنسية تمثل الحالة القصوى للتعفن العلماني والمرحلة النهائية لتحلل المنظومة وتفسخها، فالشذوذ هو من نتوءات وإفرازات المستنقع العفن العلماني، كما أن العنصرية وأحزابها العنصرية إفراز علماني وانحدار إلى انحطاط العرق ونزعته القومية الضيقة وتهافت الادعاءات الإنسانية العلمانية، فكلا المسألتين دليل على إفلاس المنظومة والفشل المدمر لرؤاها. فالجندرية والشذوذ الجنسي هما الدليل الصادم على فشل المنظومة السام في تحقيق سعادة إنسانها بعد أن سوقت له الشهوة واللذة طريقا للسعادة، والمصيبة أنها لم تعلن فشلها وإفلاسها وتنسحب بهدوء بل حولت فشلها إلى مأساة وتمادت في غيها وأوهمت إنسانها مرة أخرى أن السبيل الأخير للسعادة هو في قلع مخه ومسخ فطرته ومناقضة نوعه وتحوله لشاذ جنسيا!

 

فهذه الإباحية الشاملة والسعار الجنسي والشذوذ الجنسي بهذه الكثافة وبهذا الزخم والسرعة لا يمثل حالة تألق حضاري وعنفوان وقوة، بل حالة حتمية للسقوط والموت والفناء الحضاري الكارثي المأساوي، فنحن أمام اللحظة الأخيرة من حالة التعفن القصوى التي تفرز نتنها السام والتي حتما يليها التفسخ والتحلل والموت، فهي اللحظة التي تسبق الخسف والهلاك الحضاري، فلا يجوز للواعين على سنن التغيير أن يخطئوا قراءة المشهد والحدث. هو شذوذ الغرب الحضاري قد استفحل واستشرى وتعاظمت معه الكارثة والمأساة الإنسانية، وكل هذا السحق والمقت الحضاري والعار البشري ومفاهيمه الشاذة عن الجندرية والهوية الجنسية والمثلية الجنسية والشذوذ الجنسي هي وصفات للانتحار وليست قيما ومثلا للحياة.

 

آن وحان لهذا العالم البائس المنكوب بحضارة الغرب الملعونة المشؤومة الشاذة، أن يتخلص من هذا الشر الماحق ويخرج من حيرته وضلاله وتيه كفر الغرب وحضارته المنحرفة الشاذة، ويؤوب ويرجع لصراط ربه المستقيم وحقه المبين، وما كنتم معشر المسلمين وحملة دعوة الإسلام العظيم إلا هداته ومخلصيه، فما كنتم في البشرية إلا شهداء رشد وهدي وحقيق الإيمان والصلاح والفلاح والسبيل لسعادة الدارين.

 

﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مناجي محمد

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

نتنياهو يحاول أن يجد له مخرجاً عن طريق خلط الأوراق

 

بعد طوفان الأقصى وكسر هيبة يهود، بدأ نتنياهو المجرم يتخبط كالثور الهائج في محاولة منه لتدارك الموقف ولاستعادة هيبة جيشه في المنطقة.

 

ولا بد من الرجوع إلى معطيات سياسة نتنياهو التي جعلت من كرة النار تكبر في الشرق الأوسط في ظل تطورات سريعة ومتدحرجة شهدتها الأيام القليلة الماضية، في ضوء حرب الإبادة التي يشنها هذا المجرم ضد أهلنا في غزة القابضة على الجمر، الصابرة المحتسبة التي قاومت أعتى الجيوش المجرمة، وهي مكبلة الأيدي ليس لها من معين سوى التوكل على الله والصبر.

 

لقد عجز نتنياهو عن تحقيق أهدافه بعدما أصابته لعنة طوفان الأقصى، وجعلته يتخبط دون أن يجد له مخرجاً يحفظ هيبته التي كسرتها المقاومة الأبية. فهو يبحث عن نصر وهمي يُخرجه من مستنقع الوحل الذي مُرِّغَ أنفه فيه. فبعد أكثر من عشرة أشهر لم يحقق هذا السفاح أي نصر يُذكر كي يقنع شعبه بسلامة رؤيته. لقد أغرق نفسه في فوضى القرارات المفخخة بالصراعات الداخلية، لذلك ترى سلوكه قد تحول إلى سلوك وحش يريد الانتقام لإرضاء غروره ونفسه المتعطشة للدماء، وارتكاب مزيد من المجازر.

 

ويبدو أن نتنياهو يبحث عن حل يخرجه من هذا التخبط، فهو يسعى باتجاه توسيع دائرة الحرب بغية توريط أمريكا التي تسانده في حربه، أو على أقل تقدير يسعى لإطالة زمن الحرب حتى يحقق أهدافه.

 

لقد كان يحلم بدولة يهودية آمنة متمددة ضمن اتفاقيات أبراهام التي كان يسعى للتسويق لها، والتي من شأنها أن تقوي علاقته مع عواصم عربية في ظل حكام خونة، وقد أوشكت كثير من الدول العربية على التطبيع مع كيان يهود، حتى كادت السعودية تبرم معه اتفاقية تطبيع، فحال بينها وبينه طوفان الأقصى، وهذا ما جعل نتنياهو يثور بعد أن عجز عن تحقيق أهدافه.

 

لذلك وبعد كل هذا بدأ سلوكه يتحول إلى وحش كاسر ليبرر فشله بمزيد من المجازر التي يرتكبها بحق المدنيين العزل، حتى باتت جرائمه تفوق كل التصورات، والعالم يتفرج على هذه المجازر التي لم يسلم منها حتى الشجر والحجر، والتي ربما تكون قد أيقظت ضمير العالم الغربي بعد كل تلك الصور المحرجة التي يندى لها جبين الإنسانية، والذي خرج بقرارات خجولة من محكمة العدل الدولية، ومجلس الأمن الذي أدان كيان يهود وطالبه بوقف حرب الإبادة ضد الفلسطينيين، ولكن هيهات هيهات لهذا الضمير الأبكم أن يخرج عن صمته.

 

وبعد ذهابه إلى أمريكا قد يكون نتنياهو قد وجد ضالته في سطوة اللوبي اليهودي على الانتخابات الأمريكية، ليقدم على سياسة خلط الأوراق في محاولة منه لجر أمريكا في حرب إقليمية، كي يضمن إطالة زمن الحرب. وربما تكون المصلحة قد دفعت الجمهوريين لدعوة نتنياهو إلى الكونغرس، فبعد الاستعراض الذي حاول به نتنياهو استمالة المشاعر الصهيونية، وباستعراض قام به كي يرضي غروره، ليحظى بالتصفيق المتعاقب من النواب الجمهوريين ومجلس الشيوخ، في حين تغيّب أكثر أعضاء الحزب الديمقراطي عن الحضور، وكذلك الصور من خلف مبنى الكابيتول الذي اكتظ بصوت المعارضين على سياسة نتنياهو بصوتٍ عالٍ (نتنياهو مجرم حرب ولا يمثلهم)، لذلك نعتهم بالمعادين للسامية الذين تحركهم طهران كما يزعم هذا الكذاب الأشِر.

 

وفي لهجة تحريضية دعا أمريكا لإنشاء تحالف دولي يجمع كيان يهود ودولاً عربيةً وأمريكا يمكن له أن يتصدى لطهران وأذرعها في المنطقة، في دعوة منه لجر وتوريط أمريكا في حرب إقليمية يسعى من خلالها لإطالة زمن الحرب.

 

ربما يكون نتنياهو قد أدرك بعد خروجه من قاعة المجلس أنه مجرد ورقة انتخابية لكسب ود اللوبي الصهيوني فقط، فنائبة الرئيس بايدن، هاريس، امتنعت عن الحضور، أو إجراء لقاء صحفي معه، في حين إنها أخبرته في حال فوزها في الانتخابات فإن أول عمل ستفعله هو السعي لإيقاف الحرب في غزة، أما ترامب عرّاب المال فهو الآخر يطالبه قبل الفوز بإيقاف الحرب في غزة.

 

لكن نتنياهو لم يكن يصغي إلا لنداء الغرور الذي ملأ قلبه، فقد رتب الأمر باتجاه التصعيد وخلط الأوراق في محاولة منه لجر أمريكا إلى حرب إقليمية. فهو قبل التصعيد ضرب باتفاق بايدن وصفقة تبادل الأسرى عرض الحائط من خلال عرقلتها بإضافة شروط لا تقبل بها حماس. وبعدها أقدم على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس في طهران، متجاهلاً كل الأعراف والقوانين التي تضعها الدول لقواعد الاشتباك بهدف إغراق المنطقة في أتون حرب إقليمية، ومحاولة منه للتملص من أي شرط أو عرف يقيده، فبعثر أوراق اللعب واستخدم سياسة خلط الأوراق.

 

لقد بات نتنياهو يعيش أوهامه بأن واشنطن سوف تتورط أكثر في مستنقع الحرب، لذلك أقدم على اغتيال قائد كبير في حزب إيران اللبناني في معقله في الضاحية الجنوبية لبيروت، في محاولة منه لجر الحزب إلى هذه المعركة كي يثير حفيظة واشنطن، وهذا يعد غباءً منه لأن حزب إيران لا يتحرك إلا بأوامر أمريكية. وهو يتحدث علناً وبلا حرج عن تبني عملية اغتيال الشهيد هنية والقيادي شكر، فهو بتصرفه هذا يمثل عدواناً سافراً وانتهاكاً واضحاً لسيادة لبنان وإيران ما يستدعي رداً حازماً من تلك الدول.

 

ربما لا يدرك نتنياهو أن واشنطن لا يمكن لها أن تفرط بعلاقتها مع طهران وأذرعها في المنطقة، بعد الخدمات الكبيرة التي استطاعت أن تحصل عليها من خلال دور طهران في المنطقة، ومن تلك الخدمات المهمة الخدمة التي جعلت أمريكا تدخل المياه الدافئة التي كانت تحلم بها منذ وقت بعيد، وسيطرتها على الممرات المائية وطرق الملاحة التجارية. ربما بعد انتهاء الانتخابات الأمريكية لا تكون الأمور كما يتوقعها نتنياهو ويخطط لها...

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحكومة الإنجليزية
تتجنب معالجة السبب الجذري لأعمال الشغب

 

في أعقاب أعمال الشغب المعادية للإسلام في ساوثبورت، أعلن رئيس وزراء المملكة المتحدة عن تشكيل وحدة جديدة لمواجهة الاضطرابات العنيفة في الشرطة، ومع ذلك، فقد امتنع عن تنفيذ إجراءات عقابية ضد شركات التواصل الإلكتروني الكبيرة التي تسمح بنشر الكراهية والعنف المستوحى من اليمين المتطرف على منصاتها، وعلى الرغم من هذه الإجراءات الجديدة، واصلت الجماعات اليمينية المتطرفة تنظيم احتجاجات عنيفة استهدفت المساجد في مدن عدة في شمال إنجلترا.

 

وعلى الرغم من أن مساهمة الجماعات اليمينية المتطرفة هي التي تثير التوترات المجتمعية، إلا إن معالجة قضية التماسك المجتمعي تتطلب نهجا أكثر نجاعة من مجرد حظر هذه المنظمات، أو حظر نشر المعلومات المضللة على وسائل التواصل الإلكتروني، أو معالجة عدم المساواة الاقتصادية في إنجلترا. ويمكن أن يُعزى السبب الجذري وراء التطرف والعنف اليميني المتطرف فقط إلى العنصرية الإنجليزية الجامحة، التي تنتشر بشكل كبير في المجتمع.

 

لقد شهدت إنجلترا، في يوم واحد، حالات متعددة من العنصرية المؤسسية، حيث ألقى اللورد بيرسون من رانوش خطاباً مثيراً للجدل في مجلس اللوردات، والذي تعرض لانتقادات واسعة النطاق باعتباره تحريضياً ضد المسلمين؛ وأوقفت شرطة مانشستر الكبرى ثمانية ضباط عن العمل بتهمة التمييز العنصري؛ وكشف تقرير عن مدارس كينت عن أكثر من 900 حالة عنصرية، وتعكس هذه التقارير العنصرية المتفشية داخل المؤسسات الإنجليزية الرئيسية، وأن هذه الحوادث ليست معزولة عن المشهد السياسي في البلاد.

 

وعلى مدى العقدين الماضيين، كشفت سلسلة من التقارير عن العنصرية المؤسسية في مختلف قطاعات المجتمع الإنجليزي. ومثال ذلك تقرير ماكفيرسون في عام 1999، حيث سلط الضوء لأول مرة على العنصرية المؤسسية في قوات الشرطة، ما مهد الطريق إلى مزيد من التحقيقات. وفي وقت لاحق، كشف تقرير مراجعة لامي في عام 2017 عن التحيز العنصري المنتشر داخل نظام العدالة الجنائية، في حين حددت مراجعة التفاوت العرقي في العام نفسه عدم المساواة على نطاق واسع عبر الإدارات الحكومية. ولم يكن القطاع الصحي محصناً من العنصرية أيضا، حيث شددت مراجعة مارموت في عام 2020 على استمرار عدم المساواة الصحية للأقليات العرقية، وهو ما أكّدته تقارير مرصد العرق والصحة التابع لهيئة الخدمات الصحية الوطنية في 2022-2023 والتي توثّق التفاوتات العرقية في الرعاية الصحية. وقد واجهت الأحزاب السياسية أيضاً التدقيق، حيث أشار تحقيق سينغ في عام 2021 إلى التمييز داخل حزب المحافظين، ووجد تقرير فورد في عام 2022 أدلة على التحيز العنصري داخل حزب العمل.

 

وعلى الصعيد الرياضي، ابتليت كرة القدم في إنجلترا بالعنصرية المستمرة، حيث يواجه اتحاد كرة القدم تدقيقاً مكثفاً بسبب استجابته غير الكافية لهذه القضية. وعلى الرغم من مبادرات مثل تقارير Kick It Out السنوية وقانون التنوع التابع للاتحاد الإنجليزي، انتقد تقرير اللجنة البرلمانية لعام 2020 بشدة الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم وهيئات كرة القدم الأخرى بسبب تقدمها البطيء في مواجهة التمييز العنصري، مشدداً على الحاجة إلى إجراءات أكثر فعالية لمعالجة العنصرية المنهجية داخل الرياضة.

 

إن انتشار العنصرية في العديد من المؤسسات الإنجليزية لم يؤد إلا إلى توفير بيئة خصبة لنمو التطرف اليميني والعنف ضد العرقيات الصغيرة في إنجلترا، والأمر الأكثر شراً هو أن المؤسسة الإنجليزية استغلت الجماعات اليمينية المتطرفة لإعادة توجيه اللوم عن التفاوت الاقتصادي نحو الهجرة، في حين مارست في الوقت نفسه الضغط على الجالية الإسلامية لحملها على التنازل عن القيم الإسلامية والانصهار في المجتمع الغربي.

 

إن العنصرية في إنجلترا ليست ظاهرة حديثة بدأت بعد الحرب العالمية الثانية، فعندما تم استيراد القوى العاملة من المستعمرات البريطانية لسد النقص في العمال، بدأ السعي إلى التفوق الإنجليزي في وقت أبكر بكثير، وكان ذلك في أعقاب تفكك الإمبراطورية الرومانية. وخلال تلك الفترة، استقرت في إنجلترا مجموعات من الشعوب الجرمانية والدنماركية، مثل الأنجل والسكسون والجوت. وقد تصادمت هذه المجموعات في البداية مع البريطانيين المحليين، ولكن مع مرور الوقت ظهرت الممالك الأنجلوسكسونية إلى الوجود وولدت الفكرة الأولى للهوية الإنجليزية. وتعززت هذه الهوية الإنجليزية بشكل أكبر، حيث صد الأنجلوسكسونيون مراراً وتكراراً لهجمات الأسكتلنديين، والبيكتس، والشماليين مثل الفايكنج. وبلغت هذه الأخيرة ذروتها في حكم الملك كنوت الكبير، ثم تبعه ويليام الفاتح. إن تاريخ الغزو والاستيعاب هذا هو الذي أرسى الأساس لتقليد طويل الأمد يتمثل في النظر إلى الغرباء بعين الريبة والتأكيد على تفوق أسلوب الحياة الإنجليزي.

 

وبعد قرون من الغزو والصراع، بدأ الإنجليز في تأكيد شعورهم الجديد بالتفوق، فغزوا إيرلندا واسكتلندا، وشاركوا في الحملة الصليبية الثالثة، وأشعلوا حرب المائة عام. وبحلول منتصف القرن السادس عشر، دخلت النخبة الإنجليزية في تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي، والتي احتكروها لمئات السنين. وقد أدى ظهور الرأسمالية إلى إبراز الشعور الإنجليزي بالتفوق عندما ارتكبوا فظائع لا يمكن تصورها في فرض أسلوب الحياة الإنجليزي على الرعايا الأجانب وتوسيع إمبراطوريتهم. وفي هذه العملية، تحمل إنجلترا الرقم القياسي المروع المتمثل في غزو 90% من بلدان الكرة الأرضية، وهي مسؤولة عن العواقب الجيوسياسية طويلة الأمد التي لا تزال تطارد عالمنا اليوم.

 

ونظراً لهذا التاريخ، فمن المستحيل أن تتمكن النخبة الإنجليزية من القضاء على نزعتهم العنصرية، والنخبة الإنجليزية مستعدة لدوام استخدام القومية الإنجليزية لصرف الناس عن القضايا الملحة أو لتعبئة شعوبها لخوض حروب خارجية تضحي بحياة الشعب الإنجليزي العادي لتأمين مصالح النخبة. وبالتالي، يتعين على الجالية المسلمة أن تقف بحزم ضد الخلاف المجتمعي وتقديم الإسلام كبديل حضاري لتوحيد العرقيات المختلفة والسكان الإنجليز الأصليين كمجتمع واحد.

 

يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المجيد بهاتي

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

«لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً»
فكيف إذا كانت تلك المرأة تربت في كنف حاكم ظالم مستبد؟!
بنغلادش مثالاً

 

حسينة واجد، 76 عاما، ابنة الشيخ مجيب الرحمن أول رئيس لبلاده بعد انفصال البنغال عن باكستان، حكمت البلاد 15 عاما بالحديد والنار ودماء العلماء، وتم إعدام الآلاف، وهناك أيضا الآلاف في السجون ممن ينتظرون حكم الإعدام، تماما كوالدها الذي بدأ حكمه بإيصال حوالي 300 ألف شخص إلى المحاكم متهما إياهم بالتعاون مع باكستان وارتكاب جرائم حرب، وهي ثاني امرأة تحكم البلاد، فقد سبقتها من هي على شاكلتها؛ الشيخة خالدة ضياء زوجة الجنرال ضياء الرحمن، والتي لم تحكم البلاد سوى خمس سنوات وانتهى بها المطاف عام 1996 لتكون سجينة مريضة مقعدة، وهذا مصير كل ظالم.

 

الجدير بالذكر أن هناك صراعا دوليا على بنغلادش بين المستعمر القديم بريطانيا والجديد أمريكا، وأن رئيسة الوزراء حسينة واجد ورثت العمالة لبريطانيا وللفكر الغربي العلماني عن أبيها مجيب الرحمن رئيس حزب عوامي الذي حرض على انفصال بنغلادش التي كانت تعرف بباكستان الشرقية حسب مخطط إنجليزي وبتنفيذ هندي وبتخاذل من حكام باكستان. وقد حكمت حسينة بنغلادش من عام 2009 وفازت بانتخاباتها الرابعة على التوالي في كانون الثاني/يناير من العام الحالي بعد تصويت دون معارضة حقيقية.

 

ومنذ بداية شهر تموز الماضي شهدت بنغلادش موجة احتجاجات طلابية، كتحدٍ وتهديدٍ غير مسبوق لحكم حسينة واجد التي أوصلت البلاد إلى حافة الانهيار الاقتصادي، حيث إن أكثر من 18 مليون شاب من أصل 170 مليون نسمة يعانون من البطالة بسبب قانونها الجائر ومحاولة إعادة تطبيقه حيث يعطي حصص أحقية التوظيف لأبناء قدامى المحاربين ممن شاركوا في حرب "الاستقلال" عن باكستان عام 1971م ولفئات أخرى، ويَحرمُ الشباب من 56% من الوظائف لصالح تلك الفئات المؤيدة لها. فيما طالب الطلاب بأن يكون التوظيف حسب جدارة الشخص وليس لاعتبارات أخرى، حيث تستغل رئيسة الحكومة وحاشيتها توظيف أقاربهم وأنصارهم وتحرم المعارضين.

 

ومن الجدير بالذكر أن الاحتجاجات لم تكن مقتصرة على الطلاب بل إن الناس من جميع الخلفيات انضموا إليهم أيضا، وأطلقت الشرطة الرصاص والغاز المسيل للدموع على المتظاهرين وأعلنت حظر التجوال في كل أنحاء البلاد وتم نشر قوات الجيش لحفظ الأمن. وقطعت الاتصالات وبث القنوات الإخبارية وبعض خدمات الهاتف المحمول في محاولة لقمع الاحتجاجات. وقد وصفت حسينة المتظاهرين ضد إدارتها بأنهم "إرهابيون يسعون إلى زعزعة استقرار الأمة"!

 

وبوصول عدد القتلى في الاحتجاجات إلى نحو 300 شخص، بينهم نحو 100 قتيل في يوم الأحد 4/8/2024م وحده، بما يشمل 13 ضابط شرطة، تخلت حسينة في اليوم التالي، الاثنين، عن كرسي الحكم، وغادرت البلاد بعد اقتحام المتظاهرين لقصرها، وكان مصدر مقرب من حسينة، قد صرح في وقت سابق بأنها غادرت قصرها إلى "مكان أكثر أمانا". وبحسب التقارير، فإن "المكان الآمن" الذي اتجهت إليه الشيخة حسينة هو جارتها الهند، أكبر حليفة لها.

 

وبتصرف يوحي وكأن ما حدث هو انقلاب عسكري مبطن أعلن قائد الجيش في بنغلادش، وقر الزمان، في خطاب متلفز للأزمة في اليوم نفسه، أنه حان الوقت لوقف العنف وأنه "سيتولى المسؤولية كاملة" بعد استقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة وفرارها من البلاد، رغم أنه ما زال غير واضح إن كان سيرأس الحكومة الجديدة. وأنه سيُجري تشكيل حكومة مؤقتة، وسيلتقي بالرئيس محمد شهاب الدين، آملاً في التوصل إلى حل بحلول نهاية اليوم، كما تعهد أيضاً بتحقيق العدالة لكل أبناء الشعب البنغالي، وأنه تحدث بالفعل إلى الأحزاب السياسية المعارضة في البلاد، مستثنيا حزب رابطة عوامي الذي تتزعمه حسينة، لكن لم يتضح بعد من سيتولى رئاسة الحكومة. كما أعلن الجيش أنه سيرفع، فجر الثلاثاء، حظر التجول الذي فرضه لاحتواء الاحتجاجات، وقال في بيان إن "المكاتب والمصانع والمدارس والكليات... ستكون مفتوحة" كما أمر رئيس بنغلادش محمد شهاب الدين، بعد ساعات من مغادرة الشيخة حسينة البلاد، بالإفراج عن رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة المعارضة خالدة ضياء، وكذلك عن الأشخاص الذين اعتقلوا خلال الاحتجاجات.

 

إن الظلم لا يدوم، والخزي والعار في الدنيا والعذاب في الآخرة هو مصير كل ظالم، ولكن هل ستنتهي معاناة أهل بنغلادش بعد خروج حسينة؟ لا بل سيأتي من هو على شاكلتها ما دام الحكم وضعيا لا شرعيا، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾. وقال تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾.

 

وحدها الخلافة هي التي ستشفي جروح الأمة الإسلامية والبشرية جمعاء، الجسدية منها والروحية، فلا عدل إلا في ظل الحكم الإسلامي بالخلافة الراشدة على منهاج النبوة، عجل الله لنا بإقامتها، اللهم آمين.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

راضية عبد الله

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وَمَا الْقَتْلُ مَا شَاوَرْتَ فِيهِ وَلا الَّذِي *** تُّخَبِّرُ مَنْ لاقَيْتَ أَنَّكَ فَاعِلُهْ!

 

لا يبدو أن إيران أو أيا من أحزابها وأتباعها معنيون بتصعيد غير محسوب، والأدلة والشواهد على ذلك كثيرة، فالحروب التي خاضها أشباههم منذ حرب الـ48 وحتى الـ67 والـ،73 وما بعدها هي حروب منضبطة أقرب إلى الحروب المتفق عليها، والتصريحات الإيرانية بشأن الضربة الموعودة ضد الكيان، إن حصلت، فستكون حربا إعلامية تحفظ بها إيران ما بقي من ماء وجهها بعد أن مرَّغ الكيان أنفها وأنف حزبها اللبناني بالتراب باغتيال هنية وشُكر في داخل الأراضي الإيرانية واللبنانية.

 

فمن المرجح بعد الصفعات المتتالية أن ترد إيران وحزبها ردا باهتا لا يقتل عدوا ولا يفقأ عينا، والتحركات الأمريكية والمحادثات العلنية والسرية مع إيران وأتباعها تصب في هذه الخانة، وهي أن لا تخرج الضربة أو الحرب عن السيطرة، فأمريكا لا ترغب بخروج اللاعبين عن خط التماس حتى لو سمحت لإيران بضرب الكيان زيادة عن الضربة السالفة قبل ثلاثة أشهر فإنما هي لكبح تصرفات نتنياهو ومن حوله من المساطيل حتى يقبل بالمفاوضات التي تظن إدارة بايدن الديمقراطية أنها إن نجحت بإيقاف الحرب في غزة والبدء بالمفاوضات فقد يكون ذلك ضمانة لنجاحهم في دورة ثانية من الحكم، وما زال نتنياهو يعاند أمريكا في عدم قبوله بحل الدولتين.

 

إن حرباً غير محسوبة النتائج لا إيران ولا الكيان معنيين بها، وإيران لم تجعل يوماً همها تحرير فلسطين أو محاربة كيان يهود، وإنما إذا احتاجت أمريكا أن تضغط على الكيان استخدمتها، وإلا فإن يهود قد قتلوا العشرات وقصفوا مئات المواقع لها في الشام ولم تحرِّك ساكنا، والأمر لا يعدو ذلك، ولكن أمريكا تخشى أن تخرج من هنا أو هناك أصوات نشاز فتفسد عليها عملها في ضبط الإيقاع، لذلك تراها تتحرك بوزيري خارجيتها ودفاعها ورئيس هيئة الأركان خاصتها لتضبط إيقاع الحرب حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة، لذلك أجلبت خيلها ورجالها للمنطقة، بحاملة طائرات وفرق وأسلحة كثيرة حتى لا يحدث ما لا يحسب حسابه.

 

إن إيران ليست دولة مبدئية وليست لها مصالح تذكر في قتالها كيان يهود لكنها تخدم أمريكا منذ عهد الخميني وإلى يومنا هذا، وكونها جزءا من المنظومة الدولية فإن قراراتها لا تخرج عما يُسمى القوانين الدولية والإرادة الدولية، وإن إبقاء كيان يهود في بلاد المسلمين وفي فلسطين تحديدا قد جرى عليه تواطؤ عالمي من الأنظمة الحاكمة وإيران جزء من ذلك، وأفضل الأنظمة والحركات طريقة من يطالب بدولة للفلسطينيين على حدود الرابع من حزيران 1967، أي ما احتل بعد الـ67، أما ما احتل قبل ذلك فليس هناك من يطالب به أو يتحدث عن تحريره، وليست إيران ببدع من الدول وليس حزبها في لبنان إلا جزءا منها وعلى طريقها، وما الشعارات الجوفاء بـ"الموت لـ(إسرائيل) وأمريكا" إلا شعارات خالية من كل مضمون ولكنها تفرقع.

 

ألم تكن إيران قد صرحت على لسان مسؤولين كبار فيها أن تحرير فلسطين وإخراج اليهود منها لا يستغرق من (الجمهورية الإسلامية) أكثر من ربع ساعة؟ وفي رواية أخرى أكثر من سبعة دقائق ونصف؟! يعني لو بدأت إيران حربها ضد الكيان بعد صلاة الفجر فإنها ستنهيها قبل ركعتي الإشراق، فلماذا إذن؟!

 

إن الحرب الحقيقية التي ستحصل بين كيان يهود وبين الأمة الإسلامية بوصفها أمة لن تكون تحت القرارات الدولية ولا تحت أعلام التقسيم، ولن تراعي القوانين الدولية بل ستكون حربا يشارك فيها الحجر والشجر وستكون الغلبة فيها للمسلمين بإذن الله، فالدول المبدئية - وليست إيران منها - إذا قررت خوض الحرب فلا تنظر للموقف الدولي ولا للقوانين الدولية ولا تبدأ بالتهويش يوما أو أسبوعا أو شهرا قبل أن تضرب في مكان وزمان متفق عليه، وإنما تخاض الحروب على شاكلة مؤتة والقادسية وعين جالوت...

 

أما أن تتناولها القنوات الإخبارية والصحف وتصبح (ترند) فهذه وأمثالها ليست حروبا وإنما ألهيات يضحكون بها على البسطاء من أتباعهم وأشياعهم! وقد قال الشاعر الجاهلي:

 

وَمَا الْقَتْلُ مَا شَاوَرْتَ فِيهِ وَلا الَّذِي *** تُّخَبِّرُ مَنْ لاقَيْتَ أَنَّكَ فَاعِلُهْ!

 

لكننا مع كل هذا التوصيف السوداوي نثق بأن الله سبحانه سيخرج من هذه الأمة ثلة بل ثُلّات وثلل كما أخرج من غزة وقبلها من الشام طلائع مجاهدة تقدم الموت على الحياة، ولو حُدِّثنا عن غزة دون أن نرى بطولات أهلها وثباتهم وصبرهم لقلنا: إن التاريخ لا يخلو من دس، أما وقد رأيناهم رأي العين ورأينا بطولات الشيشان قبل ذلك، وليست الفلوجة من ذلك ببعيدة، فإن يقيننا بنصر الله وتمكينه لهذه الأمة آكد وآكد.

 

وأخيرا فإن فلسطين لن يحررها من ساهم في بيعها، وقد سُلمت ليهود بوصفهم يهودا وغلب على ذلك الطابع الديني، فهي قضية تآمر عليها الجميع فسُلبت من المسلمين واقتطعت من دولة الخلافة، فهي قضية دينية من أولها لآخرها، وليست قضية أهل فلسطين بوصفهم أصحاب حق أو أهل أرض بل بوصفهم مسلمين يقاتلون يهود على كل شبر من أرض فلسطين حتى يخرجوا منها، هذا هو التوصيف العقدي للقضية الفلسطينية، وهذا التوصيف لا يناسب إيران ولا أحزابها ولا الدول القائمة في الكرة الأرضية، بل الكل حريص على وجود الكيان أكثر من حرص الكيان على نفسه، وها هي أمريكا وأوروبا والأنظمة الخائنة في بلاد المسلمين تحاول منع يهود من إيذاء أنفسهم وتبعدهم عن كل ما من شأنه أن يدمر كيانهم أو يلحق الضرر بدولتهم.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

خالد الأشقر (أبو المعتز)

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

يمكن لأمريكا بسهولة استخدام تحديثات تكنولوجيا المعلومات العالمية
كسلاحٍ للحفاظ على هيمنتها

 

بعد أسابيع عدة من أسوأ انقطاع لتكنولوجيا المعلومات في العالم، يواجه شريك مايكروسوفت في مجال الأمن السيبراني، شركة كراود سترايك، دعاوى قضائية من المستثمرين والشركات على حدٍ سواء. وقد أدى انقطاع تكنولوجيا المعلومات، الذي حدث في 18 تموز/يوليو وأثر على القطاعات الحيوية في جميع أنحاء العالم بما في ذلك شركات الطيران والبنوك ومقدمي الرعاية الصحية والمذيعين التلفزيونيين، إلى فوضى تشغيلية وخسائر اقتصادية هائلة.

 

وأثر تحديث كراود سترايك الخاطئ على 8.5 مليون جهاز، بسبب الاعتماد المتبادل على الأنظمة البيئية الرقمية وأدى إلى فشل النظام، ما أدى إلى ظهور "شاشات الموت الزرقاء" على أجهزة ويندوز. وهذا يعني أن الشركات التي لم تتأثر بشكل مباشر بالانقطاع ما زالت غير قادرة على معالجة معاملات العملاء. فعلى سبيل المثال، لم تتمكن شركات الطيران من استخدام نظام التذاكر، وقد أكد جورج كورتز، الرئيس التنفيذي لشركة كراود سترايك، أن تداعيات تكنولوجيا المعلومات كانت بسبب خطأ بشري، وليس بسبب هجوم إلكتروني عالمي. ومع ذلك، فإن مثل هذه التطمينات لا توفر إلا القليل من العزاء للشركات لأنها اضطرت إلى العمل من خلال الإصلاحات اليدوية على الأجهزة الفردية.

 

في الواقع، لا يوجد شيء جديد هنا، حيث قام المنتدى الاقتصادي العالمي في تقاريره السنوية، بتصنيف الهجمات السيبرانية، ضمن الفئة الأوسع لانعدام الأمن السيبراني باعتبارها خطراً عالمياً كبيراً. وبينما تستمر الجهود الرامية إلى تعزيز الدفاعات ضد الهجمات السيبرانية، فإن الترابط بين أنظمة تكنولوجيا المعلومات العالمية يعني أن البلدان الغنية والنامية تظل عرضة للهجمات الإجرامية والإرهابية، فضلا عن الأخطاء البشرية.

 

وعلى الرغم من أن اضطراب تكنولوجيا المعلومات الناجم عن كراود سترايك نشأ عن خطأ بشري، فقد اغتنم بعض المستشارين الإداريين والبائعين هذه الفرصة للتأكيد على أهمية أدوات الأمن السيبراني وممارسات إدارة المخاطر. فعلى سبيل المثال، نشرت شركة ماكينزي مقالة ركزت فيها على التكنولوجيا وعلى المرونة وأفضل إجراءات الأمن السيبراني وإدارة المخاطر في فئتها. ومع ذلك، لا أحد يطرح السؤال الواضح بشكل صارخ حول الترابط بين أنظمتنا البيئية الرقمية!

 

ماذا لو كان الانقطاع العالمي التالي لتكنولوجيا المعلومات ناجماً عن شيء آخر غير الجهات الفاعلة التقليدية؛ خطأ بشري، أو عصابة إجرامية تبتز الأموال، أو هجوم إلكتروني تديره جماعة إرهابية أو دولة مارقة؟ لقد تم تجاهل التداعيات الجيوسياسية لحدث كراود سترايك خارج الجهات الفاعلة التهديدية العادية إلى حد كبير، وأحد التعليقات القليلة جداً التي تناولت الآثار الجيوسياسية الصادرة عن جامعة جورج تاون كان مقتصراً فقط على هشاشة البنية التحتية التكنولوجية العالمية.

 

وماذا لو قامت الولايات المتحدة باستخدام تحديثات مايكروسوفت أو الخدمات المماثلة من الشركات الأمريكية الأخرى كسلاح؟ حينها ينبغي أن تثير سيناريوهات التهديد هذه مخاوف كبيرة بشأن الأمن السيبراني العالمي، والثقة في التكنولوجيا الأمريكية والعلاقات بين الدول. لقد أظهرت أمريكا بالفعل استعدادها لاستخدام نظام سويفت كسلاح ومعاقبة الجهات الحكومية مثل روسيا وإيران وكوريا الشمالية.

 

وعلاوة على ذلك، من المسلّم به على نطاق واسع أن شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى تتعاون مع البنتاغون ووكالة الأمن القومي، وهي منظمة استخبارات للإشارات الرائدة في أمريكا. وتمتد هذه الشراكة إلى التكنولوجيا القديمة بالإضافة إلى العديد من التقنيات المتطورة، بما في ذلك الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي والواقع المعزز والطائرات بدون طيار. إن طبيعة الاستخدام المزدوج لهذه التقنيات تعني أن لها تطبيقات مدنية وعسكرية. كما أنه يعني ضمناً أن أمريكا قادرة على استخدام هذه التقنيات كسلاح ضد أي خصم وعزل نفسها من خلال الدفاعات السيبرانية المتفوقة. وتخيل ماذا سيحدث إذا أصدرت مايكروسوفت تعليمات لبرنامجCoPilot (AI)  عبر أحد التحديثات ليصبح ضاراً على أرض أجنبية، حينها يمكن أن يكون لمثل هذه السيناريوهات عواقب بعيدة المدى وربما كارثية، والتي يمكن أن تتصاعد بسرعة كبيرة إلى حرب نووية.

 

تشعر العديد من الدول بقلق متزايد بشأن اعتمادها على التكنولوجيا الأمريكية وتعمل بنشاط على تطوير مجموعات التكنولوجيا السيادية. وتجسد الصين هذا الاتجاه، حيث تعمل على بناء نظام بيئي تكنولوجي محلي بالكامل من الرقائق إلى التطبيقات، خالياً من مدخلات التكنولوجيا الأمريكية. وتتجلى التدابير الاستباقية التي اتخذتها بكين لحماية بنيتها التحتية الرقمية من التكنولوجيا الأمريكية الكبيرة في قدرتها على الصمود في مواجهة أحداث مثل تحديث كراود سترايك، والتي تم تحقيقها باستخدام الشركات المحلية لإجراء تحديثات البرامج، ويعكس هذا الدفع نحو السيادة التكنولوجية تحولا عالميا أوسع نطاقا نحو تقليل الاعتماد على منصات التكنولوجيا والبنية التحتية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة.

 

وبينما يتحول العالم نحو نظام تكنولوجي ثنائي القطبية؛ أمريكا مقابل الصين، تحتاج بلاد المسلمين إلى الوقوف وملاحظة ذلك. إن الاختيار بين التكنولوجيا الأمريكية أو الصينية يترجَم إلى استعباد. يقول الله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ؛ وفي الآية دلالة على أمر المسلمين اكتساب الرزمة التكنولوجية السيادية التي تمكن الأمة من النصر على أعدائها. ومن هنا فإن بلاد المسلمين مضطرة إلى التحرك في هذا الاتجاه حتى تنال استقلالها التكنولوجي.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المجيد بهاتي

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مؤتمرات للتآمر على الأمة وأفكارها ومحاولات تغيير مفاهيمها ومقاييسها وقناعاتها
يقودها علمانيون ألبسوا عمامة الأزهر وتمسحوا بمسوح العلم والعلماء

 

نقلت قناة مصر الإخبارية (النيل) على موقعها الأحد 4/8/2024م، تأكيد وزير الأوقاف المصري خلال كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي التاسع لوزراء الأوقاف المنعقد في مكة، على أهمية موضوع المؤتمر: "دور وزارات الشئون الإسلامية والأوقاف في تعزيز مبادئ الوسطية وترسيخ قيم الاعتدال"، وأن جدول أعمال المؤتمر ومحاوره وافية شاملة، تشتبك مع هموم المسلمين، وتناقش قضاياهم، حيث جاء على قمة البحوث التي يطرحها المؤتمر قضية "مواجهة الغلو والتطرف، وقضية تحصين المنابر، بما يحشد قدراتنا وطاقاتنا جميعاً ووزاراتنا ومؤسساتنا ودولنا جميعاً حتى نحتشد جميعاً لمواجهة كل صور العنف والتكفير والتطرف والغلو والتشدد وحتى نطفئ معاً نيران العنف والإرهاب ولنكون في زماننا هذا أمناء على ديننا وعلى أوطاننا"، وأكد وزير الأوقاف أن "أحد أهم أهداف المؤتمر المشتركة التي نزكيها ونجتهد في إيصالها إلى الناس وتأتي على قائمة أعمال المؤتمر قضية الوطن والانتماء الوطني والوطنية والمواطنة، وهذه القضية قضية شديدة الأهمية في ظل زمن وعقود مضت نشطت فيه جماعات الإرهاب والتطرف في تقديم خطاب يقزم شأن الوطن ويصغره، فمن قائل إن الوطن حفنة تراب، وقائل إن الوطن مجرد حدود صنعها الاستعمار يريد التهجم على أحوال أوطاننا ودولنا القائمة، ومن قائل إن الوطن مقابل لفكرة الأمة فيرفض..."، إلى غير ذلك مما أحصاه وزير الأوقاف وتتبعه وقام بمواجهته وتفكيكه من منظومة الأفكار المغلوطة، مضيفاً أن "شأن الوطن شأن عظيم وقد جاء الشرع الحنيف ليعلم الإنسان أن يبجل شأن الوطن".

 

ما بين قاهرة الأزهر وبلاد الحرمين يجتمع المتآمرون، يأتمرون بأمر الغرب، ويعملون على نشر أفكاره وترسيخ ثقافته، وإبعاد الناس عن أفكار الإسلام وعقيدته السياسية العملية.

 

مؤتمرات يرعاها الغرب ويحرص عليها عملاؤه من الحكام، تخاطب شعوبنا المكلومة التي فقدت سلطانها ودولتها، والتي تدنس مقدساتها وتنتهك حرماتها وتسفك دماؤها، تطالبها بالتحلي بالوسطية والاعتدال، والابتعاد عن الغلو والتطرف والإرهاب! عاملين في سبيل ذلك على احتكار الخطاب الديني قدر استطاعتهم، مدلسين على الناس دينهم، مشككين في كل من يخاطبهم بالإسلام غيرهم، متهمين إياه بالتشدد والغلو والتطرف، وأنه يدعو للتكفير والإرهاب والعنف، أو أنه على دين الخوارج، إلى غير ذلك من الأوصاف التي تنفر الناس ممن يدعونهم إلى الفكر الصحيح الذي يخرجهم من واقع الخنوع للغرب والخضوع لعملائه من الحكام الخونة، أو يحملون الدعوة لإقامة دولة للإسلام، توحد الأمة وتزيل الحدود التي تقسم بلادنا، ولهذا لجأ المؤتمرون إلى الخلط لتمرير تآمرهم، مدعين أن حشدهم ليطفئوا نيران العنف والإرهاب، وليكونوا أمناء على الدين والأوطان، مؤكدين أن أهم أهداف مؤتمرهم التي يحملونها للناس ويسعون لترسيخها في عقولهم، قضية الوطن والانتماء الوطني والوطنية والمواطنة!

 

أي أن قضية الإسلام وحمله ووضعه موضع التطبيق ليست من أهدافهم ولا من أولويات خطابهم، بل المؤتمر يناقش كيفية استغلال الخطاب الإسلامي لتيسير قبول تلك الأفكار وتعميقها في نفوس الناس حتى تصير الوطنية رابطة بديلة عن الإسلام وعقيدته، ويصبح الولاء للوطن قبل الولاء لله ورسوله، وفداء الوطن قبل فداء الدين والعقيدة، وأخوة الوطن قبل أخوة الإسلام، زاعمين أن الشرع الحنيف قد جاء ليعلم الإنسان أن يبجل شأن الوطن، وأن حب الوطن والدفاع عنه من الإيمان، دون ذكر أي دليل شرعي حقيقي يؤيد زعمهم ولا بيان لحقيقة وواقع الوطن المزعوم محل مطالبة بولائه والدفاع عنه، ولا حتى كيف يعرف هذا الوطن، اللهم إلا قول رسول الله ﷺ في مكة «وَاللهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَى اللهِ وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ» وليس فيه ما يشير إلى الوطن ولا الوطنية بشيء، بل خبر بأفضلية مكة عن سائر البلدان، بينما خطاب الشارع للأمة بعمومها واحد، فلم يخاطب أهل الحجاز ولا نجد ولا مصر ولا الشام ولا غير ذلك، بل خاطب الأمة بوصفها أمة واحدة ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾، ونهى عن تقسيم الأمة، وذم التعصب للأرض والقبيلة والعرق وقال عن العصبية: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ»، وشدد على وجوب وحدة الأمة وأن تكون بلاد الإسلام كلها دولة واحدة مجتمعة على حاكم واحد يحكمها بالإسلام، فقال ﷺ: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ»... فمن أين أتوا بفرية أن الشرع يبجل الوطن؟! وهل هذا الوطن هو دولة آل سعود أم مصر أم لبنان أم الكويت أم ماذا؟! وما الذي جعله يكتسب القداسة حتى يعلم الشرع الإنسان أن يبجله؟! هل حدود رسمها سايكس وبيكو يمكن أن تكتسب القداسة؟! وهل دويلات كرتونية لا تحكم بالإسلام يمكن أن يكون لحكامها ولاء في أعناق الأمة؟! وهل يمكن أن نسمي حظائر سايكس بيكو هذه دولا؟! وهل يجوز أن تصبح أمة محمد دويلات؟! وهل يجوز أن تُحكم الأمة بغير الإسلام؟!

 

إن هذه المؤتمرات هي حلقة من حلقات التآمر على الأمة ومحاولات خداعها باسم الإسلام بواسطة علمانيين يلبسون عمامة الأزهر ويتمسحون بالفتوى وسمت العلماء، بينما هم حاقدون على الإسلام كحقد سادتهم في الغرب، عاملين على تقويض أركانه وفصل الناس عن عقيدته السياسية العملية، متكئين على دعم الأنظمة وتكميم الأفواه التي تعمل على توعية الناس والتعتيم على ما تحمله لهم من خير، وتجهيل الناس بدينها على مدار أكثر من قرنين من الزمان، ما يسر لهؤلاء خداع الناس، وباسم الإسلام!

 

إلا أن كل ما يطرح خلال هذه المؤتمرات هو أفكار لا قيمة لها على الحقيقة ولا تصلح كرابطة للربط بين الناس كونها بهيمية مؤقتة، لا تظهر إلا في حالة الاعتداء على الوطن، أو استدعائها بدعاوى العصبية الجاهلية التي ذمها الشرع، وفوق هذا لا ينبثق عنها نظام ولا معالجات لمشاكل الناس ولا حلول لقضاياهم، ولا تصلح كأساس لقوانين تنظم علاقاتهم في الحياة، وهي سراب بقيعة يحسبه الغرب وعملاؤه سيؤثر في الأمة ويحول بينها وبين حملة الدعوة الإسلامية المخلصين من أبنائها الساعين للنهوض بها واستعادة سلطانها من جديد، وأنه سيوجد للأمة مفاهيم جديدة وتفسيرات لمفاهيمها وثوابتها يرضى عنها الغرب وتقبل بوجوده وهيمنته وتبعية بلاد الإسلام له، وليس فيه بحث عن تطبيق الإسلام ولا عمل لإقامة دولته من جديد، فهذا ما يؤرق الغرب وما جعله يوعز إلى عملائه من حكام بلادنا لاستخدام كافة أدواتهم لفصل الأمة فصلا تاما عن دينها وعلى رأسهم النظام المصري كون مصر بلد الأزهر والعلماء ومن تتطلع إليها الأمة بعمومها كمنارة للعلم ومنطلقا للتغيير.

 

ولكن خاب فأل الغرب وعملائه من الحكام فكل هذه الأفكار التي يحملون وينشرون لا قيمة لها ولا تعدو كونها كسراب بقيعة، بل ربما أقل من السراب تختفي مع ظهور أول ضوء لشمس الإسلام وعقيدته العملية بحرارتها، فأفكار الإسلام أفكار قوية؛ أساسها عقلي ثابت، ومصدرها وحي الله عز وجل يقيناً، فلا تقف أمامها قوة ولا طاقة للغرب وعملائه للوقوف أمام من يحملونها حملا فكريا صحيحا. ولعل هذا يذكرنا بما ذكرته مؤسسة راند في تقرير وضعته أمام الإدارة الأمريكية عام 2004 تصف فيه حزب التحرير بأنه المقاتل الرئيس في حرب الأفكار، ومكمن قوة الحزب هنا في تمسكه بأفكار الإسلام وحمله لها حملا فكريا صحيحا ورفضه أي تنازل عنها، وعمله الدؤوب على إيصالها للحكم ووضعها موضع التطبيق بكيفية مستنبطة من سيرة رسول الله ﷺ استنباطا صحيحا، ونحن نعلم يقينا أنه لا توجد قوة في الأرض يمكنها أن تحول دون تحقيق وعد الله عز وجل به، ولهذا فنحن نبذل وسعنا في العمل وفق الطريقة الشرعية واثقين تمام الثقة بنصر الله عز وجل وتمكينه وأن مكر هؤلاء إلى بوار.

 

إن أمة الإسلام أمة واحدة من دون الناس بعربها وعجمها وشامها وفرسها وكردها، ألف الله بين قلوبها وجعل أخوة الإسلام وعقيدته هي الرابط بينها، وخطاب الشارع جل وعلا للأمة خطاب واحد لا فرق فيه بين عربي ولا أعجمي ولا أحمر ولا أبيض ولا أسود، ولا حتى رجل وامرأة، وكل التكاليف موجهة إلى الأمة بوصفها أمة، لم نجد خطابا لأهل مصر ولا لأهل الشام ولا اليمن، فإذا كان هذا هو خطاب الله لنا، بل حذرنا ورسوله ﷺ من الفرقة والتشيع والاختلاف والعصبيات، فكيف نرتضيها لأنفسنا؟! وكيف تكون أخوة الوطن قبل أخوة العقيدة فيفرق الوطن والحدود والأسلاك بيننا وبين أهلنا في الأرض المباركة حتى نراهم يقتلون ولا تمتد لهم يدنا بعون ولا تتحرك جيوشنا لنصرتهم بينما هم إخواننا وبينما أرض فلسطين هي أرضنا وواجب تحريرها يقع على عاتقنا وفي رقابنا؟! فهو أوجب ما يكون على جند الكنانة، الذين صارت حدود الوطن تمنعهم من نصرة أهل غزة الواجبة عليهم شرعا، تلك الحدود التي يدعي الأزهري أن الشرع جاء ليعلم الإنسان تبجيلها!

 

إن الإسلام لا يعترف بالحدود ولا بالقوميات ولا يبيح أن تتعدد الدول الإسلامية، بل يوجب أن تكون دولة الإسلام دولة واحدة يحكمها حاكم واحد، سماه خليفة أو إماماً، وأوجب على الأمة بيعته وطاعته والوقوف في وجه من ينازعه سلطانها الذي منحته إياه عن رضا واختيار، فالخلافة أو الإمامة هي رئاسة عامة لجميع المسلمين في شؤون الدين والدنيا، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الْآخِرَ مِنْهُمَا»، وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ: «وَمَنْ بَايَعَ إِمَاماً فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنْ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ» رواه مسلم، فلا يجوز أن تعقد الإمامة لخليفتين في عصر واحد، سواء اتسعت دار الإسلام أم لا، هذا ما نص عليه أهل العلم، وحُكي الإجماع عليه، وإن كان قد وجد في التاريخ خلاف ذلك. فإذا حرم الشرع أن يكون للأمة دولتان في زمان واحد فكيف يبجل الشرع الدول الوطنية التي صنعها المستعمر لتقسيم دولة الإسلام إلى أكثر من خمسين وطناً أو كياناً، فضلا عن كونها لا تحكم بالإسلام وحكامها عملاء للغرب لم يصلوا للحكم ببيعة شرعية صحيحة بل هم مغتصبون لسلطان الأمة، وهؤلاء المؤتمرون جزء من نظامهم؟! ونحن هنا إذ أكدنا أنهم لم يذكروا دليلا شرعيا على كلامهم فقد سقنا أدلتنا الشرعية ولا يوجد من علماء الأمة الأكابر من قال بخلاف ما نقول ولا من قال بجواز تقسيم الأمة ولا من اعتبر من يحكم بغير الإسلام حاكما شرعيا له طاعة على الأمة.

 

إن ما يقوم به هؤلاء المؤتمرون قام به قبلهم مشركو مكة ويهود، وهو صراع دائم بين الحق والباطل، والباطل حتما مهزوم، والله متم نوره ولو كره الكافرون والمعاندون والمشوهون، وقد تجاوزت الأمة الكثير وارتفع وعيها ولم يعد أمامها الكثير حتى تستعيد سلطانها من جديد وتعيد دولتها التي تطبق الإسلام وتعلي قيمه وأفكاره، وحينها لن يجد هؤلاء سماء تظلهم ولا أرضا تقلهم.

 

إن الأمة الآن وفيما بعد الثورات لم تعد تثق في صنائع الحكام عبيد الدولار وإنما تثق في الإسلام وفي كونه هو ما يرضي ربها عنها وهو الذي سيعالج مشكلاتها حتما، ولم يعد ينقصها إلا نصرة صادقة وانحياز لمشروع الإسلام من المخلصين في الجيوش وعلى رأسهم جيش الكنانة الذي يمكنه أن يغير المعادلة واتجاه البوصلة؛ بوضع يده في يد المخلصين العاملين لإقامة دولة الإسلام ووضع أحكامه موضع التطبيق في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، عجل الله بها وجعل جند مصر أنصارها.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

سعيد فضل

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

دولة الخلافة وما يسمى بالأقليات

 

لقد ساد التنوع بالدولة الإسلامية الأولى التي أقامها النبي ﷺ في المدينة المنورة لحظة قيامها فقد وجد فيها المهاجرون والأنصار وكان من رعاياها العربي وغير العربي والمسلم وغير المسلم. وقد أرسى النبي ﷺ أسس العلاقة بين أطياف هذا المجتمع الوليد فيما سمي بوثيقة المدينة ثم توسعت الدولة الإسلامية لتشمل جزيرة العرب كلها في حياة النبي ﷺ وتوسعت في رقعتها أكبر بكثير في عهد الخلفاء الراشدين ومن جاء بعدهم في زمن الدولة الأموية والعباسية والعثمانية فازدادوا بذلك التنوع في الدولة الإسلامية حيث دخل الناس في الإسلام أرسالا من قبائل وشعوب شتى وخضع لسلطان دولة الخلافة أصحاب أديان كثيرة لم تكن معروفة في جزيرة العرب، على ما في جميع هؤلاء من اختلاف في العرق واللون واللغة والثقافة والدين، وكان الغالب في العلاقة فيما بينهم وفي علاقتهم مع الدولة والسلطان الانسجام والتوافق وحسن المعاشرة ولم تعرف الدولة الإسلامية ولا المجتمع الإسلامي مفهوم الأقليات طوال عهدها الممتد عبر قرون من الزمان إلا ما كان عندما تسرب هذا المفهوم من الغرب بتخطيط وتدبير من الدول الغربية الطامعة في بلاد المسلمين في أواخر الدولة العثمانية.

 

ولم تتوقف هذه الدول عن إثارة فكرة الأقليات بعد أن استعمرت بلاد المسلمين بل أخذت بتنفيذها وتركيزها إعدادا للمرحلة القادمة المتمثلة بإقامة الدول القومية والوطنية العلمانية على أنقاض الدولة العثمانية.

 

أما نشأة مفهوم الأقليات فلم تعرف المجتمعات الأوروبية قبل ما يسمى بـ(عصر التنوير) مفهوم الأقليات كمفهوم سياسي وقانوني لأن الحكم كان قائما على نظرية الحق الإلهي القائلة بأن الملك أو الحاكم يحكم باسم الله وباسم الدين وكانت السيادة تبعا لهذه النظرية للملك لا للشعب فهو الذي يشرع وهو الذي يحكم وحكمه ماض ومسلّم به، ولما بدأ الفكر الغربي بالتحرر من سلطان الكنيسة وأخذ يتمرد عليها وعلى الفكر الديني اتجه وجهة عالمية وجعل الفرد محل اهتمامه وكانت شعارات الثورة الفرنسية ذات صبغة كونية (حرية، إخاء، مساواة) ولكن الفكر الغربي واجه أزمة في الفكر السياسي عندما أراد تطبيق هذه الأفكار بعد القضاء على نظرية الحق الإلهي، وللخروج من هذه الأزمة اقترح فلاسفة الغرب الفكرة القومية بمفهومها السياسي وعرفوا الشعب والأمة على أساسها.

 

إن مفهوم الأقلية بمعناه السياسي والقانوني الغربي هو مفهوم خطير جدا على المجتمعات البشرية، فهو يفترض وجود تنافر وصراع بين الأقليات والأكثريات من جهة وبين الأقليات فيما بينها من جهة أخرى لمجرد وجود اختلافات عرقية أو دينية أو لغوية أو ثقافية، تماما مثلما افترضت الشيوعية وجود صراع بين طبقات المجتمع، بين العمالة وأرباب العمل مع أن هذه الاختلافات طبيعية في المجتمعات وهي من سنن الله سبحانه.

 

موقف الإسلام من مفهوم الأقليات:

 

وللوقوف على رأي الإسلام في مفهوم الأقليات نبين مجموعة من القضايا التي جاء بها الإسلام:

 

أولا: لقد كان المجتمع الذي أنشأه النبي ﷺ والدولة التي أقامها في المدينة المنورة نموذجا متميزا عما سبقه وعما لحقه، فقد أسس النبي ﷺ الأمة الإسلامية على العقيدة الإسلامية وجعل الرابط فيها يقوم على أساس الإيمان بالإسلام، فلم يعر الناحية العرقية أو اللغوية أو غيرها من الفوارق أي اهتمام، فلم يقصر الإسلام مفهوم الأمة الإسلامية على الرابطة الروحية بل جعله مفهوما ذا بعد سياسي وقانوني يربط بين المسلمين في المجتمع والدولة وتبنى عليه الحقوق والواجبات.

 

ثانيا: لم يفرق الإسلام في نظرته إلى الناس بناء على معطيات خلقية من عرق أو لون أو أساس لغوي بل جعل محط نظره الإنسان من حيث هو إنسان، فالناس في نظر الإسلام سواسية والتفاضل بينهم محصور بأمور كسبية جمعها لفظ التقوى وهي العمل بطاعة الله سبحانه وتعالى، وأما الأمور المختلفة بين الناس من عرق ولون ولغة فهي أمور طبيعية وهي من آيات الله وعلامات قدرته فلا ينظر إليها نظرة سلبية ولا تفضيلية.

 

ثالثا: لم يعرّف الإسلام الدولة الإسلامية على أسس عرقية أو لغوية، ولم يجعل لها حدوداً جغرافية وسياسية ثابتة بل جاء الإسلام بمفهوم دار الإسلام ودار الكفر.

 

رابعا: مع أن مفهوم الأمة الإسلامية يحتوي قدرا كبيرا من الاهتمام في الإسلام غير أنه لم يجعله الأساس للتابعية في الدولة الإسلامية بل اشترط الإسلام فقط الولاء للدولة والنظام في حامل التابعية الإسلامية، أما وجود غير المسلمين (أهل الذمة) في دار الإسلام فأمر حتمي وطبيعي لأنه منسجم مع سنن الله الكونية القاضية بتنوع البشر واختلاف أديانهم ومندرج في سنن الله التشريعية التي تحرم فتنة الناس عن دينهم، إلا أن غير المسلم الذي يريد أن يحمل التابعية للدولة الإسلامية وهو لا يؤمن بالإسلام ولا بأحكامه وهو غير ملزم بمقتضى دينه بالدفاع عن بلاد المسلمين ودار الإسلام، لذلك فإن حصوله على التابعية يستوجب حصول التزام من قبله تجاه الدولة والتزام الدولة تجاهه، والشكل القانوني لهذا الالتزام هو العقد، ولذلك بين الإسلام وجود غير المسلمين في دار الإسلام سواء أكان وجودهم مؤقتاً أم غير مؤقت على فكرة العقد وهو وثاق وعقد بين الطرفين يستلزم حقوقا وواجبات يراعيها المتعاقدان.

 

أما علاقة الدولة الإسلامية برعاياها فتتجلى في جانبين:

 

الجانب الأول هو جانب الحكم ورعاية الشؤون؛ فإنه لا يجوز للدولة أن تفرق بين رعاياها بل يجب عليها أن تعاملهم جميعهم معاملة واحدة دون أي تمييز بناء على عرق أو لون أو جنس أو دين وذلك بناء على ما جاء في المادتين الخامسة والسادسة من مشروع الدستور لحزب التحري أن النصوص الشرعية التي جاءت تخاطب المسلمين في أبواب الحكم والقضاء ورعاية الشؤون جاءت عامة غير مفرقة بين مسلمين وغير مسلمين ولا بين عربي وعجمي ولا بين أحمر وأسود من الناس بل جاءت آمرة بالتسوية والعدل.

 

والجانب الثاني في التشريع وتطبيق القوانين فإن الإسلام جاء بنظام شامل لكل أمور الحياة من عبادات وحكم واقتصاد وتعليم وسياسة خارجية وداخلية وقضاء وغير ذلك، وأن هذا النظام وإن كان منبثقا عن العقيدة الإسلامية غير أنه لا يقتصر على البعد الروحي الذي هو تشريعات وقوانين قابلة للتطبيق في دولة الإسلام، فالإسلام حين يأمر بتطبيق هذا النظام إنما ينظر إلى هذه الناحية التشريعية والقانونية فيه لا إلى الناحية الروحية الدينية كما جاء في المادة السابعة من مشروع الدستور.

 

التشريع الإسلامي وأهل الذمة:

 

لقد نظر التشريع الإسلامي إلى البشر بوصفهم الإنساني وجعل الخطاب موجها إلى الإنسان من حيث إنسان، فقد عرف علماء الأصول الحكم الشرعي بأنه (خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد...)، تكليف معلق بالعبد، ولذلك صرح علماء الأصول بأن الكافر مكلف ابتداء بأحكام الإسلام لأنه مشمول بها وإن كان لا يلزم بها جميعها في الدولة، فقوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾ وقوله ﷺ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» عام يشمل جميع الناس.

 

والتشريع الإسلامي يعالج مشاكل الناس باعتبارها مشاكل إنسانية فقط لا بأي اعتبار آخر، فلا ينظر إلى المشكلة من ناحية اقتصادية مثلا بل ينظر إليها على أنها مشكلة إنسانية تحتاج إلى وضع معالجة لها، فالتشريع الإسلامي لا يعرف التمييز في أحكامه، إلا أنه لا يجعل للناس جميعهم حكما واحدا في كل قضية بل يراعي أوصافا معينة عند التشريع تلائم واقع القضية المراد علاجها؛ فمثلا نظم علاقة الرجل بالمرأة ولاحظ في أحكامه وصفي الذكورة والأنوثة لتعلقهما المباشر بهذه المسألة، فجاء بأحكام تتعلق بالمرأة تختلف عن أحكام الرجل بهذا الاعتبار، وهذا عينه ما فعله التشريع الإسلامي عندما فرق في الأحكام بناء على وصفي الإسلام والكفر، فالمدقق في الأحكام التي حصل فيها اختلاف بين المسلم والكافر يتبين له أن هذا الاختلاف اقتضته طبيعة المسألة وكان لا بد منه ولكنه ليس تمييزا.

 

إن نموذج الدولة العلمانية في الغرب الذي أفرز مشكلة الأقليات وأوجدها لأنه يفصل الدين عن الحياة حيث اضطرت الدولة أن تعرف نفسها بمعرفات عرقية ولغوية وتاريخية، وجاء بالمفهوم القومي للأمة والدولة، فهي وليدة تطور تاريخي طبيعي، وإن تعريف الدولة العلمانية قوميا يشكل تهديدا للقوميات الأخرى وللدولة القومية بالإضافة إلى اعتقاد الدولة العلمانية بناء على المبدأ الرأسمالي مفهوم الأكثرية في تحديد الصواب حيث أهدرت حق الأقلية التي يمكن أن يكون رأيها هو الصواب.

 

أما دولة الخلافة فإنها تستوعب الأديان كلها وتجعل لها خصوصية قانونية في المجالات الدينية وتجعل لهم مساحة واسعة لممارسة شعائر دينهم.

 

إن كل ما سبق عرضه عن مساوئ وفشل الدولة العلمانية في الغرب لهو جدير بالذكر، ولكن الأسوأ هو نقل هذا النموذج إلى الدول القائمة في بلاد المسلمين وإلى ما يسمى بدول العالم الثالث لما عانى من هذا المفهوم من ويلات وتمزيق وحروب داخلية، والعراق وسوريا... خير دليل على ذلك.

 

أما كيف عاملت الخلافة أهل الذمة، فقد عاملتهم بكل إحسان وعدل، ومن يراجع الأحاديث النبوية ونصوص القرآن الخاصة بأهل الذمة يجد خير دليل على الأمر بالإحسان والعدل والبر إليهم. وإن التاريخ خير شاهد على ذلك. وأما ما وقع من خلافات ضد أهل الكتاب وعدم إنصافهم فإن الله ورسوله والإسلام بريئون من ذلك، ولم تكن إلا حالات نادرة في التاريخ الإسلامي الممتد عبر ثلاثة عشر قرنا، كما شهد ناس من المنصفين والمستشرقين غير المسلمين بعدل الإسلام وسماحة المسلمين ودولتهم مع غير المسلمين من الرعايا. وأما مزاعم من قال عن غلظة الإسلام تجاه أهل الذمة ويوردون بعض النصوص الشرعية من الكتاب والسنة والتي بها غلظة على اليهود والنصارى وعلى الكفار عموما ويقولون بأن هذه النصوص تؤسس لجو من الكراهية ضد غير المسلمين، فإن الحقيقة هؤلاء يضعون تلك النصوص المذكورة في غير موضعها، حيث إن هذه النصوص قسمان:

 

قسم يتحدث عن الصراع الفكري بين الإسلام وغيره من الأفكار والأديان، وهنا تتحدث النصوص الشرعية بكل صراحة عن صحة الإسلام وحده وعن بطلان كل ما سواه من أديان ومعتقدات وأفكار أو ما يستلزم ذلك من تمايز فكري وشعوري، وهذا أمر طبيعي وهو موجود في كل دين ومبدأ، فالإسلام يرى أنه الحق المطلق وأنه من عند الله، ولذلك لا يتصور أن يقف من الأديان والأفكار الأخرى موقف الموافقة والرضا! غير أن الإسلام يقف موقفا خاصا من أهل الكتاب وإن كان يعدهم كفارا ويخوض معهم صراعا فكريا مريرا، ولكنه في الوقت ذاته يجيز أكل ذبائحهم ونكاح نسائهم... وهذا يؤكد أن القضية ذات بعد فكري ولا تؤثر على معاملتهم باعتبارهم الإنساني.

 

أما القسم الثاني الذي يتحدث عن أعداء الإسلام من الكفار الذين يخوضون ضد الإسلام حربا مادية ويقاتلون المسلمين فهؤلاء لهم أحكام تختلف عن أحكام أهل الذمة لأنهم محاربون فلا يصح أن نطبق النصوص الشرعية التي تتحدث عن فعل هؤلاء على أهل الذمة لاختلاف واقعهم.

 

إن مفهوم الأقلية الذي أنشأه الغرب وصدره إلى العالم لا يعالج ما يسمى بمشكلة الأقليات بل هو الذي يوجد الأزمة ويعقدها فهو يعمل على إيجاد الفوارق بين مجموعات الشعب الواحد ويعمل على تقسيمه، وإن العلاج الصحيح والحق في هذه المسألة فهو العمل على إيجاد الانسجام بين المجموعات البشرية المختلفة لأن وجود الفوارق في اللغات والأديان وغيرها أمر طبيعي بين البشر منذ أن خلق الله البشرية.

 

إن علاج المشاكل بين المجموعات البشرية ذات الفوارق التي قد تحدث بينها مشاكل وفتن لا يكون بإقصائها عن أخواتها في كيان منفصل ومستقل، فإن هذا يقطع الجسد الواحد، بل يكون بالعمل على حل المشاكل والتصالح بين الناس بعد الوقوف على سبب المشكلة وإزالته.

 

وأخيرا نؤكد على حقيقة لا بد من فهمها وإدراكها، وهي أن مشكلة الأقليات هي مشكلة مصطنعة وأن علاجها لا يمكن أن يكون عن طريق الدولة العلمانية الديمقراطية لأنها هي التي ولدتها، ووأما الدول العلمانية في بلاد المسلمين التي يراد أن تكتب لها الحياة فهي تخالف ما عليه جماهير الناس من الإيمان بالإسلام والرغبة بالعيش حسب أحكامه.

 

فليعلم الجميع أن الحكم الإسلامي قادم لا محالة ولا نجاه للمسلمين ولا للبشرية كلها من ظلم الرأسمالية والعلمانية وأهلها إلا بالإسلام، وحينها سيعلم أهل الذمة أن الخير كل الخير هو في العيش في ظل دولة الخلافة على منهاج النبوة.

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

إياد عبد الرحمن – ولاية العراق

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

باكستان في ذكرى استقلالها السابعة والسبعين
دولة على حافة الانهيار، فما الذي يمكن الاحتفال به؟!

 

بينما تحتفل باكستان بمرور 77 عاماً على استقلالها، فإن الواقع الذي يواجه الأمة قاتم. إن ما كانت ذات يوم أرضاً غنية بالإمكانات أصبحت مثالاً صارخاً على أن سوء الإدارة المزمن والفساد والقيادة قصيرة النظر تدفع البلاد إلى حافة الانهيار، ورغم أن هذه المناسبة قد تدعو إلى الاحتفال، إلا أن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها تطغى عليها، وهي أن الدولة الباكستانية تخذل شعبها على كل الصعد تقريباً.

 

عدم الاستقرار السياسي: الحكم في حالة من الفوضى، والنظام السياسي في باكستان في حالة من الفوضى، ومنذ نشأتها، ابتليت البلاد بعدم الاستقرار السياسي، الذي اتسم بتغييرات متكررة في القيادة، وانقلابات عسكرية، وثقافة الفساد الراسخة، وخلال 77 عاماً على الاستقلال، شهدت باكستان أكثر من 30 رئيساً للوزراء، ولم يكمل أي منهم فترة ولايته الكاملة! إن الاضطرابات السياسية الأخيرة، بما في ذلك الإطاحة بعمران خان، ليست سوى الحلقة الأخيرة في تاريخ طويل من فشل الحكم الذي ترك البلاد بلا قيادة، وكان لعدم الاستقرار المزمن هذا عواقب مدمرة، فقد تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي في باكستان عند متوسط 2.9% فقط على مدى العقد الماضي، وهو أقل بكثير من المعدل اللازم لمواكبة النمو السكاني السريع، كما أدت الفوضى السياسية إلى إبعاد المستثمرين، ما أدى إلى انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 33% في عام 2023. وقد أدى عجز القيادة عن الارتقاء فوق الثأر الشخصي والصراعات على السلطة إلى ترك البلاد على غير هدى، دون اتجاه أو استراتيجية واضحة للمستقبل.

 

الانهيار الاقتصادي: بلد مفلس في كل شيء والاقتصاد الباكستاني في حالة سقوط حر، ويتأرجح على حافة الانهيار التام، فالبلاد مفلسة فعلياً، مع انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي إلى 2.9 مليار دولار فقط، وهو ما يكفي بالكاد لتغطية بضعة أسابيع من الواردات، وقد ارتفع معدل التضخم إلى نسبة كارثية بلغت 38%، الأمر الذي دفع الملايين من الباكستانيين إلى مستويات سحيقة من الفقر والبؤس. لقد فقدت الروبية 35% من قيمتها مقابل الدولار في عام واحد فقط، الأمر الذي أدى إلى تآكل القوة الشرائية للناس العاديين. كما أن وضع الديون خطير بالقدر نفسه، وتضخمت الالتزامات الخارجية إلى أكثر من 130 مليار دولار، وارتفعت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 90%. إن خطة الإنقاذ الأخيرة التي قدمها صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار ليست أكثر من شريان حياة مؤقت، حيث فشلت في معالجة القضايا البنيوية الأساسية التي ابتلي بها الاقتصاد؛ فالزراعة، التي ينبغي أن تكون العمود الفقري للاقتصاد، تعاني من الشلل بسبب نقص المياه واستخدام التقنيات التي عفا عليها الزمن والإهمال الحكومي، ما يدفع البلاد نحو أزمة غذائية كارثية.

 

الرعاية الصحية: فشل كارثي في نظام الرعاية الصحية في باكستان وهو في حالة انهيار، إن تخصيص الحكومة الهزيل لـ1.1% فقط من الناتج المحلي الإجمالي لقطاع الصحة يشكل إدانة دامغة لأولوياتها، حيث يوجد في البلاد طبيب واحد لكل 1300 شخص وسرير مستشفى واحد لكل 1600، وهي نسبة تنذر بكارثة في أوقات الأزمات. وتشهد باكستان أحد أعلى معدلات وفيات الرضّع في العالم بمعدل 59 لكل 1000 مولود. ومعدل الوفيات النفاسية مروع بالقدر نفسه، إذ يبلغ 140 حالة وفاة لكل 100.000 مولود، وكشفت جائحة كوفيد-19 عن أوجه القصور الشديدة في نظام الرعاية الصحية، حيث اكتظت المستشفيات، وشاب توزيع اللقاحات عدم الكفاءة، وترك الملايين دون إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية، وفي المناطق الريفية، تكاد تكون مرافق الرعاية الصحية غير موجودة، وهذا ليس مجرد فشل، بل هو وصمة عار وطنية.

 

التعليم: نظام مصمم للفشل، ويشكل نظام التعليم في باكستان إحراجاً وطنياً، فهو يفشل في تزويد شبابها بالمهارات اللازمة للبقاء، ناهيك عن الازدهار، في العالم الحديث، ويبلغ معدل معرفة القراءة والكتابة في البلاد حوالي 60%، وهو من أدنى المعدلات في العالم، ويعكس تخصيص الحكومة الهزيل من الناتج المحلي الإجمالي للتعليم، والذي لا يتجاوز 2%، تجاهلها التام للمستقبل. وهناك أكثر من 23 مليون طفل خارج المدارس، ما يجعل باكستان من بين الأسوأ في العالم من حيث القدرة على تحصيل التعليم، ويواجه الذين يلتحقون بالمدارس معلمين مدربين بشكل سيئ، ومناهج دراسية قديمة، وبنية تحتية متهالكة، ويعمل نظام التعليم على إنتاج جيل من الشباب غير المستعدين لمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين، ما يزيد من تعميق دائرة الفقر والبؤس.

 

الفقر وعدم المساواة: مجتمع على حافة الفقر، ويعيش ما يقرب من 40% من سكان باكستان البالغ عددهم 230 مليون نسمة تحت خط الفقر، ويعيش الملايين على أقل من دولارين يوميا، كما أن فجوة الثروة فاحشة، إذ يسيطر أغنى 10% من السكان على 60% من ثروة البلاد، في حين يُترك 40% من السكان للتنافس على الفتات. ويعمل هذا التفاوت الصارخ على تمزيق نسيج المجتمع، ويغذي الاستياء والاضطرابات، ويُعَد معامل جيني في باكستان، وهو مقياس للتفاوت في الدخل، من بين أعلى المعدلات في العالم، وهو ما يعكس مجتمعاً منقسماً وغير متكافئ، وتتوسع الأحياء الفقيرة في المناطق الحضرية بمعدل ينذر بالخطر مع فرار سكان الريف إلى المدن بحثا عن الفرص التي لا وجود لها، ويتجاوز معدل البطالة بين الشباب 25%، الأمر الذي يولد السخط ويمهد الطريق لاضطرابات اجتماعية.

 

الخاتمة: أمة تبتعد عن مبادئها التأسيسية

 

بينما تحتفل باكستان بمرور 77 عاماً على استقلالها، فإن الحقيقة القاسية هي أن الأمة ابتعدت كثيراً عن المُثُل التي تأسست عليها. لقد تم إنشاء باكستان باسم الإسلام، مع الوعد بإقامة دولة تقوم على مبادئ العدل والمساواة والرعاية الاجتماعية، كما تصورها مقاصد الشريعة. وتشمل هذه المقاصد حماية النفس والدين والعقل والنسل والمال. ومع ذلك، تفشل باكستان اليوم في التمسك بهذه المبادئ ذاتها. حيث تتعرض حياة الناس للخطر بشكل يومي بسبب نظام الرعاية الصحية الفاشل، والفقر المتفشي، وغياب الخدمات الاجتماعية الأساسية. ولا يزال الحق في التعليم، وهو حق بالغ الأهمية لحماية العقل، غير متاح لملايين الأطفال. إن السياسات الاقتصادية التي تحابي الأثرياء على حساب الفقراء تنتهك مبادئ العدالة وحماية الثروة. إن العدالة الاجتماعية حلم بعيد المنال في مجتمع تتعمق فيه فجوة التفاوت بين الناس، ويترسخ فيه الفساد. لذا يتعين على قادة باكستان أن يفكروا في مدى انحراف الأمة عن رؤية مؤسسيها. لقد انتهى زمن الخطابة الفارغة والإصلاحات السطحية. ومن أجل تكريم التضحيات التي بذلت من أجل الاستقلال، يتعين على باكستان أن تعيد ترتيب نفسها مع مقاصد الشريعة، لضمان العدالة والمساواة والرفاهية لجميع رعاياها. ولن يتسنى لباكستان تجنب الكارثة، والوفاء بالوعد الذي قطعته على نفسها إلا من خلال العودة إلى هذه المبادئ الأساسية. وإذا استمر قادة البلاد في تجاهل هذه الضرورات، فإن العواقب ستكون كارثية، ليس فقط لباكستان، بل وأيضاً بالنسبة للمثل العليا التي كان من المفترض أن تتمسك بها.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المجيد بهاتي

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

وما نهاية كل مُتجبّر تعالى في الأرض إلا الفناء

 

 

لا يفرحن الكفار الأنجاس بهذه القوة التي زعموا أنّهم ملكوها حاليا فما هي إلا غلاف هشّ أُلبس لهم بعد أن أُسقطت دولة الإسلام وغيّبنا الكافر المستعمر عن الساحة بحصرنا في حظائر سايكس بيكو فاتسعت لهم الساحة ليرتعوا فيها بلا رادع يردعهم. كما أنّ كل هذه الترسانات التي يملكها هؤلاء اليوم لا تساوي مثقال ذرة أمام قوة الله عز وجل ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ﴾ ومصيرهم هم وهؤلاء الموالون لهم سيكون كمصير المتجبرين الذين خلوا من قبلهم بل أعظم، مصيرهم بإذن الله سيكون كمصير فرعون وهامان إذ أُغرقا في البحر هما وجنودهما، وكقارون الذي خسفت به الأرض، وكأبرهة المرسل عليه طيور ترميهم بحجارة من سجيل... ويا له من مشهد يثلج الصدور ويشفي القلوب.

 

ولكن حتى نبلغ هذه اللحظة الماتعة، لحظة سقوط الظالمين وانتصار المستضعفين ينبغي لكل مسلم صادق أن يعمل للوصول لها ويبذل قصارى جهده ووقته قدر المستطاع؛ وذلك بالعمل من أجل تحقيق هذا النصر، والعمل من أجل تحرير رقابٍ أطهر من أن تلمس حتى مجرد اللمس من إخوان القردة ولخنازير، وذلك بالاقتداء بخير الخلق وأصفاهم سيدنا محمد ﷺ استنادا لقوله تعالى ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾، فصلوات ربنا وسلامه عليه استهل طريق التغيير بأن بدأ بإقامة الدولة التي تُطبق شرع الله في الأرض ثم بعدها صار والمسلمين إلى النفير للجهاد لفتح البلدان وتخليص الشعوب من الاستبداد، وكانت تلك اللحظة الفاصلة في تاريخ المسلمين التي نقلتهم من حالة الضعف والنداء إلى حالة العظمة والقيام بفرض الجهاد. فالدولة هي وحدها من ستجمع شمل المسلمين تحت خليفة واحد تغلي الدماء في عروقه لانتهاك أعراض المسلمين وأرواحهم فيعطي هذه الأمانة حقها ويرعاها حق رعايتها، وتحت راية واحدة راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، فتلك الدولة وحدها هي من ستجيش الجيوش لتحقيق فرض النصرة ﴿وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾، وهي وحدها من بعد الله من ستحمينا من سنة الاستبدال.

 

وحذار من ضعف الهمم وسيطرة اليأس على النفوس، واذكروا أنّ الصحابة رضوان الله عليهم لما ذابت قلوبهم وتعبوا كما ذابت قلوبنا اليوم على إخواننا المسلمين وتعبت، وعندما أنهكت أجسادهم، أنزل الله لهم هذه الآية ﴿وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾. الله بكامل عظمته أخذهم وأفناهم من الوجود فباتوا كمن لم يحْيَ في هذه الدنيا ساعة قطّ، وذلك ليبقى في ذهن كل واحد منا أنّ هذه المعركة معركة الله سبحانه وتعالى وأنّ الذي يُخطّط لها ويُدبّرها هو الله جلّ وعلا وحاشاه سبحانه أن يُهزم.

 

﴿فَانظُرْ﴾، أمر واضح مباشر لكل مسلم شعر بصبره بدأ ينفد، وبنفسه قد ضاقت عليه، أن ينظر ويتفكّر في نهاية هؤلاء وألاّ ييأس، فالذي أغرق وخسف الأرض بهؤلاء الظلمة هو نفسه سيجعل عاقبة للملاعين وللغرب الكفرة المطيلين في نفسهم اليوم. فالنصّر بيد الله سبحانه وهو حسبنا، ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾، فالكيد كيد الله سبحانه ونحن جنود هذه المعركة وهو قائدها تبارك وتعالى عما يصفون، فالذي يشك في نصر هذه الأمة كمن يشك في نصر الله عز وجل! وما هذا الذي نراه أمامنا إلا استدراج لهم ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ فأبو جهل وأميّة لمّا خرجوا في بدر لمحاربة محمد ﷺ لم يدركوا أنهم مقبلون على هلاكهم، بل خرجوا مُحمّلين بمائة بعير حاملة للخمر للاحتفال بعد انتصارهم في الحرب! فلا توجد مرّة هُزم فيها الظالمون وهم ضعفاء، بل ما إن يصلوا لذروة قوتهم حتى تكون تلك حادثة هزيمتهم ﴿فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾، ولهذا ما قوة عدونا دليل على ضعفنا أو بُعد النصر، والغرب واليهود اليوم في أعلى درجات قوتهم وسيزدادون علواً بعد، وما إن يصلوا لذروة قوتهم ويتأكدوا أنّهم سيهزموننا عندها وبإذن الله سينزل النصر. لذلك فإن تجبر هؤلاء الكفرة وحكام أمريكا ووصول حكام العرب إلى أعلى درجات الخيانة، إنّ هذا بحد ذاته من مبشرات قُرب النصر بحول الله تعالى.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

آمنة عروس

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

أمريكا المجرمة وتدوير إبادة غزة عبر مفاوضات الهدن التي لا تنتهي
والرد الإيراني الذي لا يأتي!

 

 

شكل طوفان الأقصى وحرب غزة زلزالا استراتيجيا غير مسبوق في الساحة الاستعمارية التي صنعها الغرب في الجغرافية الإسلامية بعد إسقاط الخلافة العثمانية مطلع العقد الثالث من القرن الماضي. فطوفان الأقصى يكاد يكون أول معركة حقيقية يبادر بها أبناء الأمة الإسلامية ضد أخطر قاعدة استراتيجية للاستعمار الغربي في قلب الجغرافية الإسلامية، متمثلة في كيان يهود، فوظيفة الكيان القاعدة حماية الوضع الاستعماري الغربي وترسيخ وتركيز التفكيك والتشرذم الذي تمثله دويلات الاستعمار الوطنية كواقع لا مناص منه لمنع وحدة المسلمين، ثم خلق حالة نزاعات جانبية مع الكيان الحقير لنسف الجهود وطمس قضية المسلمين المصيرية في إعادة الحكم بما أنزل الله، وحرف بوصلة التغيير والتحرير من المستعمر الغربي الأصيل.

 

لقد كان طوفان الأقصى زلزالا استراتيجيا شديد التدمير حطم ونسف كل ما نسج من أساطير حول قوة الكيان العسكرية، فخلال ساعات معدودة اقتحم مئات من المجاهدين بأسلحتهم القليلة الخفيفة البلدات المتاخمة للقطاع بعد أن اخترقوا الجدار الحديدي وسحقوا فرقة النخبة من عساكر جيش الاحتلال الموكول بها تأمين غلاف غزة، وسيطروا على مستوطنات بأكملها وأحرقوا آليات ومدرعات ودبابات الاحتلال وأسروا العشرات من ضباطه وعساكره وقطعان مستوطنيه، واستولوا على الكثير من بياناته العسكرية والتجسسية الحساسة، وسط حالة من الذعر والصدمة والشلل التي انتابت الكيان على المستويين العسكري والسياسي. وزاد من حدة الزلزال الاستراتيجي خلفيته الحضارية التي أعادت الصراع إلى حقيقته الأولى وجلت طبيعة الحرب مع الغرب من أنها حرب وجودية، فطبيعتها الحضارية جعلت منها حرب الغرب كله، وجعلها على رأس أولوياته فأصبحت معها الحرب الروسية الأوكرانية على خطورتها هامشية، فبرز جليا أنه بالرغم من التحديات الاستراتيجية الكبرى التي تواجهها أمريكا في مواجهة الصين وروسيا يبقى الإسلام ومنطقته هو الشغل الاستراتيجي الأول للغرب، فهو مكمن البديل الحضاري والخطر الاستراتيجي الأعظم.

 

وبناء عليه تداعى الغرب كله تقوده أمريكا للدفاع عن الكيان القاعدة والوضع الاستعماري القائم ووأد الحالة الحضارية الحارقة التي شكلها طوفان الأقصى، وغلف الغرب حركته الاستعمارية بكذبة "حق الكيان الغاصب في الدفاع عن نفسه"، فكان الدعم والإسناد الغربي العسكري والمالي والأمني مع حشد الدعم السياسي الدولي لحرب الغرب والكيان على غزة. وحرصت أمريكا على احتواء ساحة الحرب ومنع توسعها حتى لا يتحول الزلزال الاستراتيجي إلى كارثة استراتيجية غربية وتطور حضاري مفزع، فألزمت واشنطن العملاء والتوابع والملحقات بتطويق ساحة الحرب والتصدي لأي تحرك معادٍ لمصالحها الاستعمارية، مع دعمهم للكيان القاعدة في حربه على أهل غزة.

 

فلقد تدخل الغرب بكل ثقله السياسي والعسكري والأمني والمالي وحقده الصليبي لتأمين قاعدته الاستراتيجية الاستعمارية من الانهيار، ووأد الحالة الحضارية وخطر تداعياتها على المنطقة والعالم، وكانت تلك الوحشية والهمجية المنقطعة النظير التي أحيا بها الغرب ماضي حروبه الصليبية في وحشيتها وهمجيتها، فكانت حرب غزة حرباً صليبية مؤجلة لقرنها الحالي، أرادها الغرب رسالة للأمة الإسلامية صاحبة المشروع والبديل الحضاري الإسلامي، مفادها أن ثمن التحرير من الاستعمار الغربي هو الإبادة. ثم خططت أمريكا ومعها دول الغرب لحربهم الصليبية تحت غطاء دفاع الكيان القاعدة عن نفسه، وتم إمداده وإسناده بكل الأسباب المادية لإنجاز الإبادة ووأد الحالة الحضارية وحسم المعركة في أيام على أن لا تتعدى بضعة أسابيع لإحداث الصدمة والذهول والشلل، فالوقت هو العدو الأول في حرب إبادة صليبية كإبادة غزة.

 

لكن مجريات حرب غزة جرت عكس توقعات واشنطن والغرب، فطال أمد الحرب وأصبحت الأسابيع شهورا وها هي حرب غزة تدخل شهرها الحادي عشر، ومعها تعاظم وتفاقم المأزق الاستراتيجي والمستنقع العسكري والخراب الاقتصادي جراء كلفة الحرب وأعبائها على الميزانية الأمريكية المنهكة والمفلسة أصلا، ومعها انفجر الانقسام الداخلي الأمريكي وتياراته السياسية المتنافرة، والسياسة الخارجية الأمريكية التي صارت مع الانقسام السياسي سياسات، عطفا على ظروف الانتخابات الرئاسية المشحونة والضاغطة، وتخوف أمريكا كذلك من خروج الوضع عن السيطرة وتورطها في حرب تستنزفها وهي في وضع سياسي واقتصادي وحضاري مأزوم. وانفجرت كذلك أزمة الكيان الداخلية وتعرت حقارته وهشاشته العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية، فداخله السياسي متصدع وانقسامات ساسته وعساكره في زمن حربه صار معول هدمه. ومع طول أمد حرب غزة تفاقمت أزمة الغرب وكيانه القاعدة ودبت التجاذبات بين حكام الكيان والإدارة في واشنطن حول أهداف حرب غزة الضبابية غير القابلة للتحقيق، واستعصاء حرب غزة على الحسم جراء الصمود العقائدي الأسطوري لمجاهديها وأهلها.

 

فتفاقم المأزق الاستراتيجي للغرب وكيانه القاعدة جراء ذلك، علما أن كل تلك الهمجية والوحشية هي ضد شبر أرض محاصر، فمساحة قطاع غزة تشكل تقريبا 1.33% من أرض فلسطين، وضد عصابة عقائدية مؤمنة لا تملك من أسباب القوة المادية لعدوها شيئا يذكر، فهذه الحرب الوحشية الهمجية عرت وفضحت أمريكا والغرب حضاريا وسياسيا وعسكريا ومعها حقارة الكيان القاعدة، وطول أمدها واستمرارية وحشيتها وهمجيتها بات معضلة استراتيجية لها تداعيات كارثية على موقف أمريكا الدولي وأزمة القيادة والحضارة، وأخطر منها هو الموجة الحضارية العاتية التي ضربت داخلها وزعزعت هياكل بنيانها الفلسفي والحضاري (انتفاضة الشارع والجامعات الأمريكية).

 

فأمريكا والغرب جراء إبادة غزة يعانيان من نزيف حاد جراء أزمة القيادة والسقوط المدوي للنموذج الحضاري الغربي (مشاهد مروعة لمجازر غزة؛ رضعها وخدجها وأطفالها ونسائها وشيوخها ومرضاها وجرحاها، وقصف البيوت والمساجد والمستشفيات والمدارس وخيام اللاجئين، والقتل والتنكيل بالأسرى ودفن الأحياء، وهذه المجازر لا تنتهي وقد أشرفت على السنة وبأسلحة غربية وإسناد عسكري غربي وغطاء سياسي غربي)، فهذا العار الحضاري الغربي له تداعياته الخطيرة في منطقة شديدة الانفجار الحضاري وملتهبة أصلا (ثورة الشام واستعادتها لتوهجها).

 

فباتت حاجة أمريكا والغرب للتعمية على همجية ووحشية حرب غزة وتعويم وتدوير إبادة غزة بمكر سياسي كثيف، فكانت سياسة واشنطن وأسلوب الهدن المسمومة والمفاوضات الماراثونية لشراء الوقت لاستمرار الإبادة، ومعه الضخ الإعلامي المكثف والتحليلات المكررة في تضخيم التجاذبات بين واشنطن والكيان لمحاولة أمريكا التنصل من إبادة غزة وإلصاقها بالكيان، ووظفت واشنطن نظام السيسي وشيخ قطر وأردوغان لإدارة المفاوضات والإبقاء على دورانها، وكانت اجتماعات الدوحة والقاهرة المباشرة وأنقرة من وراء الستار هي لشراء الوقت للغرب وكيانه الحقير لعله يجد مخرجا من مأزقه القاتل. فتوالت جولات المفاوضات بالقاهرة والدوحة وغطى الحديث عنها إبادة غزة، فكانت أنظمة القاهرة وقطر وأنقرة هي الموكول بها تدوير إبادة غزة عبر مفاوضات الهدن الأمريكية المسمومة التي لا تنتهي، وتلغيم الساحة السياسية بهكذا مفاوضات لإشغال الرأي العام بها عن بحر دماء وركام أشلاء أهل غزة. فهدن أمريكا المسمومة ومفاوضاتها التي لا تنتهي هي سياسة أمريكا في تدوير إبادة غزة وشراء الوقت لاستمرارها، فأمريكا هي من قوضت كل المشاريع لوقف إبادة غزة واستخدمت الفيتو مرارا في مجلس أمنها الدولي للاعتراض على وقفها. هذا فيما يخص الشق السياسي ومكره ودسيسة مفاوضات الهدن الأمريكية المسمومة.

 

على الجانب العسكري كان خبث تحريك أدوات إيران وتوابعها وملحقاتها في لبنان والعراق واليمن انتهاء بنظام ملالي طهران نفسه، لنزع فتيل حركة الجيوش وصد دعوة استنصارها التي ملأت الآفاق، لتمرير خديعة إمداد أهل غزة العزل ودعمهم وإسنادهم وأنهم ليسوا في العراء السياسي والعسكري والاستراتيجي التام وليسوا مخذولين خدلانا كافرا، كما أن هذه الحركات العسكرية الخبيثة هي للتغطية على فضيحة حقارة الكيان وهوانه وإعادة تصويره كمحارب يحارب على عدة جبهات، وهو الغارق في شبر أرض غزة وفضيحته العسكرية مدوية. فكان نظام الملالي على عادته في خدمة شيطانه الأكبر ومشاريع أمريكا الاستعمارية في الإقليم (مساعدة أمريكا في احتلال العراق وأفغانستان، خلق الذرائع للحشود والقواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة، زرع الشحناء المذهبية بين المسلمين...) بالإضافة لتوابعه وملحقاته في لبنان واليمن والعراق، فنظام ملالي طهران هو من يدير إبادة غزة عبر جعجعاته ووعيده الأجوف برد لا يأتي وإن أتى فبحسب سقف أمريكا وتوقيت واشنطن خدمة لسياسة أمريكا الاستعمارية في الإقليم وأمن كيانها القاعدة.

 

هي أمريكا المجرمة وقد استنزفها مأزقها الاستراتيجي والحضاري في مواجهة الإسلام وأهله ولم يبق في يدها من حيلة غير وحشيتها وهمجيتها، وغزة هي ميدانها اليوم، وأنظمة الخيانة والعار بمصر وقطر وتركيا وإيران والتوابع والملحقات بلبنان واليمن والعراق هم أدواتها في تصريف همجيتها وتدوير إبادة غزة. فأمريكا المجرمة هي من تمسك بخيوط هذه الأنظمة العميلة وهي من تحركها خدمة لمصالحها الاستعمارية.

 

فهلا تحركت جيوش المسلمين وقطعت حبال الكفر وحطمت عروش الخيانة والعار وحررت الأمة من شرورها، ولبت نداء واستنصار الربانيين المخلصين الواعين لنصرة الإسلام وإقامة خلافته وتحرير وتطهير كل أرضه من رجس الصليبيين وكلابهم من المغضوب عليهم؟ ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مناجي محمد

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أكذوبة العداء المعلن بين إيران وأمريكا

 

هذه الأكذوبة المعلنة في وقت تتحدث وسائل الإعلام عن شكل العداء، وأنهم في حالة عداء مستمر خصوصا في الساحات العراقية واللبنانية واليمنية، بوصفها أذرع طهران في المنطقة. وكذلك الشعارات الإيرانية "الموت لـ(إسرائيل) وأمريكا" تجد لها عند الكثير رواجاً، وكذلك العقوبات الأمريكية على طهران تجد لها سوقاً عند الكثير من السياسيين.

 

لا أريد الخوض في تاريخ العلاقات الإيرانية الأمريكية منذ نجاح ثورة الخميني وشعاراته الرنانة التي كان يطلقها في بداية تسلمه السلطة "الموت لأمريكا الشيطان الأكبر"، هذا اللغز يكذبه الواقع المشاهَد، فدعمه لحركة أمل في الثمانينات لقتل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أكبر شاهد على كذبه المزعوم. وهناك من الأحداث الكثيرة التي تدل على كذبه وتؤكد تواطؤه مع الشيطان الأكبر (أمريكا).

 

إن الخلاف بين أمريكا وإيران لم يكن في يوم خلافاً عقائديّاً، لكن طهران استطاعت أن توظف خلافها مع واشنطن بشكل ديني، وأن ترفع شعارات تلقى رواجاً عند الشعوب المخدوعة بهذه الشعارات.

 

كذلك خلافهم مع كيان يهود لم يكن خلافاً عقائديّاً أبداً ولكن الخلاف كان على تسلم الدور في المنطقة.

 

لقد بات من الواضح أن حقيقة الخلاف بين طهران وأمريكا لا يعدو أكثر من مشاحنات إعلامية وتبادل الاتهامات من أجل تضليل الرأي العام. أما على أرض الواقع فالوضع مختلف تماما. فما قدمته إيران لأمريكا في أفغانستان ليس ببعيد، وكذلك المشهد في العراق يتكرر، فطهران هي من أنقذت أمريكا من مأزق العراق.

 

لكن تبقى الشعوب أسيرة لما يطرحه الإعلام؛ أنه ليس من المستحيل أن تلتقي المصالح وتتبدد الخلافات الصورية، التي تكونت رواسبها مع الزمن، لتكون هناك قاعدة جديدة لعلاقات أساسها المصلحة المشتركة!

 

تبقى أهمية منطقة الخليج بالنسبة لأمريكا والمعلن عنها منذ زمن، فلا صديق لها إلا مصالحها، ولا وجود للقيم ولا للأخلاق ولا للإنسانية في عرفهم.

 

لذلك من المعلوم أن الإعلام تسيطر عليه أمريكا، وأن معظم الأخبار السياسية التي تتناقلها وسائل الإعلام مصدرها واحد، ولكن يبقى الاختلاف في المصدر المتحكم فيها.

 

وكذلك ورقة الاتفاق النووي تبقى الورقة الرابحة لبقاء أمريكا في منطقة الخليج وتركيز قواعدها بدعوى القلق من القدرات النووية الإيرانية، وزيادة مبيعاتها من الأسلحة لدول الخليج. لذلك تبقى أمريكا تعمل على سياستها المعروفة من خلق فوضى ودمار لتركيز وجودها في المنطقة، فيما تستمر بعلاقاتها السرية مع طهران لترتيب أوضاع المنطقة وجدولتها حسب المصلحة الأمريكية. كذلك يبقى لتبادل الرسائل بشكل مباشر وغير مباشر دور مهم في العلاقات الإيرانية الأمريكية التي جعلت من إيران شرطي المنطقة لخدمة المصالح الأمريكية.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أمريكا المجرمة وتدوير إبادة غزة عبر مفاوضات الهدن التي لا تنتهي
والرد الإيراني الذي لا يأتي!

 

 

 

شكل طوفان الأقصى وحرب غزة زلزالا استراتيجيا غير مسبوق في الساحة الاستعمارية التي صنعها الغرب في الجغرافية الإسلامية بعد إسقاط الخلافة العثمانية مطلع العقد الثالث من القرن الماضي. فطوفان الأقصى يكاد يكون أول معركة حقيقية يبادر بها أبناء الأمة الإسلامية ضد أخطر قاعدة استراتيجية للاستعمار الغربي في قلب الجغرافية الإسلامية، متمثلة في كيان يهود، فوظيفة الكيان القاعدة حماية الوضع الاستعماري الغربي وترسيخ وتركيز التفكيك والتشرذم الذي تمثله دويلات الاستعمار الوطنية كواقع لا مناص منه لمنع وحدة المسلمين، ثم خلق حالة نزاعات جانبية مع الكيان الحقير لنسف الجهود وطمس قضية المسلمين المصيرية في إعادة الحكم بما أنزل الله، وحرف بوصلة التغيير والتحرير من المستعمر الغربي الأصيل.

 

لقد كان طوفان الأقصى زلزالا استراتيجيا شديد التدمير حطم ونسف كل ما نسج من أساطير حول قوة الكيان العسكرية، فخلال ساعات معدودة اقتحم مئات من المجاهدين بأسلحتهم القليلة الخفيفة البلدات المتاخمة للقطاع بعد أن اخترقوا الجدار الحديدي وسحقوا فرقة النخبة من عساكر جيش الاحتلال الموكول بها تأمين غلاف غزة، وسيطروا على مستوطنات بأكملها وأحرقوا آليات ومدرعات ودبابات الاحتلال وأسروا العشرات من ضباطه وعساكره وقطعان مستوطنيه، واستولوا على الكثير من بياناته العسكرية والتجسسية الحساسة، وسط حالة من الذعر والصدمة والشلل التي انتابت الكيان على المستويين العسكري والسياسي. وزاد من حدة الزلزال الاستراتيجي خلفيته الحضارية التي أعادت الصراع إلى حقيقته الأولى وجلت طبيعة الحرب مع الغرب من أنها حرب وجودية، فطبيعتها الحضارية جعلت منها حرب الغرب كله، وجعلها على رأس أولوياته فأصبحت معها الحرب الروسية الأوكرانية على خطورتها هامشية، فبرز جليا أنه بالرغم من التحديات الاستراتيجية الكبرى التي تواجهها أمريكا في مواجهة الصين وروسيا يبقى الإسلام ومنطقته هو الشغل الاستراتيجي الأول للغرب، فهو مكمن البديل الحضاري والخطر الاستراتيجي الأعظم.

 

وبناء عليه تداعى الغرب كله تقوده أمريكا للدفاع عن الكيان القاعدة والوضع الاستعماري القائم ووأد الحالة الحضارية الحارقة التي شكلها طوفان الأقصى، وغلف الغرب حركته الاستعمارية بكذبة "حق الكيان الغاصب في الدفاع عن نفسه"، فكان الدعم والإسناد الغربي العسكري والمالي والأمني مع حشد الدعم السياسي الدولي لحرب الغرب والكيان على غزة. وحرصت أمريكا على احتواء ساحة الحرب ومنع توسعها حتى لا يتحول الزلزال الاستراتيجي إلى كارثة استراتيجية غربية وتطور حضاري مفزع، فألزمت واشنطن العملاء والتوابع والملحقات بتطويق ساحة الحرب والتصدي لأي تحرك معادٍ لمصالحها الاستعمارية، مع دعمهم للكيان القاعدة في حربه على أهل غزة.

 

فلقد تدخل الغرب بكل ثقله السياسي والعسكري والأمني والمالي وحقده الصليبي لتأمين قاعدته الاستراتيجية الاستعمارية من الانهيار، ووأد الحالة الحضارية وخطر تداعياتها على المنطقة والعالم، وكانت تلك الوحشية والهمجية المنقطعة النظير التي أحيا بها الغرب ماضي حروبه الصليبية في وحشيتها وهمجيتها، فكانت حرب غزة حرباً صليبية مؤجلة لقرنها الحالي، أرادها الغرب رسالة للأمة الإسلامية صاحبة المشروع والبديل الحضاري الإسلامي، مفادها أن ثمن التحرير من الاستعمار الغربي هو الإبادة. ثم خططت أمريكا ومعها دول الغرب لحربهم الصليبية تحت غطاء دفاع الكيان القاعدة عن نفسه، وتم إمداده وإسناده بكل الأسباب المادية لإنجاز الإبادة ووأد الحالة الحضارية وحسم المعركة في أيام على أن لا تتعدى بضعة أسابيع لإحداث الصدمة والذهول والشلل، فالوقت هو العدو الأول في حرب إبادة صليبية كإبادة غزة.

 

لكن مجريات حرب غزة جرت عكس توقعات واشنطن والغرب، فطال أمد الحرب وأصبحت الأسابيع شهورا وها هي حرب غزة تدخل شهرها الحادي عشر، ومعها تعاظم وتفاقم المأزق الاستراتيجي والمستنقع العسكري والخراب الاقتصادي جراء كلفة الحرب وأعبائها على الميزانية الأمريكية المنهكة والمفلسة أصلا، ومعها انفجر الانقسام الداخلي الأمريكي وتياراته السياسية المتنافرة، والسياسة الخارجية الأمريكية التي صارت مع الانقسام السياسي سياسات، عطفا على ظروف الانتخابات الرئاسية المشحونة والضاغطة، وتخوف أمريكا كذلك من خروج الوضع عن السيطرة وتورطها في حرب تستنزفها وهي في وضع سياسي واقتصادي وحضاري مأزوم. وانفجرت كذلك أزمة الكيان الداخلية وتعرت حقارته وهشاشته العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية، فداخله السياسي متصدع وانقسامات ساسته وعساكره في زمن حربه صار معول هدمه. ومع طول أمد حرب غزة تفاقمت أزمة الغرب وكيانه القاعدة ودبت التجاذبات بين حكام الكيان والإدارة في واشنطن حول أهداف حرب غزة الضبابية غير القابلة للتحقيق، واستعصاء حرب غزة على الحسم جراء الصمود العقائدي الأسطوري لمجاهديها وأهلها.

 

فتفاقم المأزق الاستراتيجي للغرب وكيانه القاعدة جراء ذلك، علما أن كل تلك الهمجية والوحشية هي ضد شبر أرض محاصر، فمساحة قطاع غزة تشكل تقريبا 1.33% من أرض فلسطين، وضد عصابة عقائدية مؤمنة لا تملك من أسباب القوة المادية لعدوها شيئا يذكر، فهذه الحرب الوحشية الهمجية عرت وفضحت أمريكا والغرب حضاريا وسياسيا وعسكريا ومعها حقارة الكيان القاعدة، وطول أمدها واستمرارية وحشيتها وهمجيتها بات معضلة استراتيجية لها تداعيات كارثية على موقف أمريكا الدولي وأزمة القيادة والحضارة، وأخطر منها هو الموجة الحضارية العاتية التي ضربت داخلها وزعزعت هياكل بنيانها الفلسفي والحضاري (انتفاضة الشارع والجامعات الأمريكية).

 

فأمريكا والغرب جراء إبادة غزة يعانيان من نزيف حاد جراء أزمة القيادة والسقوط المدوي للنموذج الحضاري الغربي (مشاهد مروعة لمجازر غزة؛ رضعها وخدجها وأطفالها ونسائها وشيوخها ومرضاها وجرحاها، وقصف البيوت والمساجد والمستشفيات والمدارس وخيام اللاجئين، والقتل والتنكيل بالأسرى ودفن الأحياء، وهذه المجازر لا تنتهي وقد أشرفت على السنة وبأسلحة غربية وإسناد عسكري غربي وغطاء سياسي غربي)، فهذا العار الحضاري الغربي له تداعياته الخطيرة في منطقة شديدة الانفجار الحضاري وملتهبة أصلا (ثورة الشام واستعادتها لتوهجها).

 

فباتت حاجة أمريكا والغرب للتعمية على همجية ووحشية حرب غزة وتعويم وتدوير إبادة غزة بمكر سياسي كثيف، فكانت سياسة واشنطن وأسلوب الهدن المسمومة والمفاوضات الماراثونية لشراء الوقت لاستمرار الإبادة، ومعه الضخ الإعلامي المكثف والتحليلات المكررة في تضخيم التجاذبات بين واشنطن والكيان لمحاولة أمريكا التنصل من إبادة غزة وإلصاقها بالكيان، ووظفت واشنطن نظام السيسي وشيخ قطر وأردوغان لإدارة المفاوضات والإبقاء على دورانها، وكانت اجتماعات الدوحة والقاهرة المباشرة وأنقرة من وراء الستار هي لشراء الوقت للغرب وكيانه الحقير لعله يجد مخرجا من مأزقه القاتل. فتوالت جولات المفاوضات بالقاهرة والدوحة وغطى الحديث عنها إبادة غزة، فكانت أنظمة القاهرة وقطر وأنقرة هي الموكول بها تدوير إبادة غزة عبر مفاوضات الهدن الأمريكية المسمومة التي لا تنتهي، وتلغيم الساحة السياسية بهكذا مفاوضات لإشغال الرأي العام بها عن بحر دماء وركام أشلاء أهل غزة. فهدن أمريكا المسمومة ومفاوضاتها التي لا تنتهي هي سياسة أمريكا في تدوير إبادة غزة وشراء الوقت لاستمرارها، فأمريكا هي من قوضت كل المشاريع لوقف إبادة غزة واستخدمت الفيتو مرارا في مجلس أمنها الدولي للاعتراض على وقفها. هذا فيما يخص الشق السياسي ومكره ودسيسة مفاوضات الهدن الأمريكية المسمومة.

 

على الجانب العسكري كان خبث تحريك أدوات إيران وتوابعها وملحقاتها في لبنان والعراق واليمن انتهاء بنظام ملالي طهران نفسه، لنزع فتيل حركة الجيوش وصد دعوة استنصارها التي ملأت الآفاق، لتمرير خديعة إمداد أهل غزة العزل ودعمهم وإسنادهم وأنهم ليسوا في العراء السياسي والعسكري والاستراتيجي التام وليسوا مخذولين خدلانا كافرا، كما أن هذه الحركات العسكرية الخبيثة هي للتغطية على فضيحة حقارة الكيان وهوانه وإعادة تصويره كمحارب يحارب على عدة جبهات، وهو الغارق في شبر أرض غزة وفضيحته العسكرية مدوية. فكان نظام الملالي على عادته في خدمة شيطانه الأكبر ومشاريع أمريكا الاستعمارية في الإقليم (مساعدة أمريكا في احتلال العراق وأفغانستان، خلق الذرائع للحشود والقواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة، زرع الشحناء المذهبية بين المسلمين...) بالإضافة لتوابعه وملحقاته في لبنان واليمن والعراق، فنظام ملالي طهران هو من يدير إبادة غزة عبر جعجعاته ووعيده الأجوف برد لا يأتي وإن أتى فبحسب سقف أمريكا وتوقيت واشنطن خدمة لسياسة أمريكا الاستعمارية في الإقليم وأمن كيانها القاعدة.

 

هي أمريكا المجرمة وقد استنزفها مأزقها الاستراتيجي والحضاري في مواجهة الإسلام وأهله ولم يبق في يدها من حيلة غير وحشيتها وهمجيتها، وغزة هي ميدانها اليوم، وأنظمة الخيانة والعار بمصر وقطر وتركيا وإيران والتوابع والملحقات بلبنان واليمن والعراق هم أدواتها في تصريف همجيتها وتدوير إبادة غزة. فأمريكا المجرمة هي من تمسك بخيوط هذه الأنظمة العميلة وهي من تحركها خدمة لمصالحها الاستعمارية.

 

فهلا تحركت جيوش المسلمين وقطعت حبال الكفر وحطمت عروش الخيانة والعار وحررت الأمة من شرورها، ولبت نداء واستنصار الربانيين المخلصين الواعين لنصرة الإسلام وإقامة خلافته وتحرير وتطهير كل أرضه من رجس الصليبيين وكلابهم من المغضوب عليهم؟ ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مناجي محمد

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...