اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

مقالات من المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير - متجدد


Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

 

فقدان السيادة انتحار سياسي

 

لا شك أن الجميع قد شاهد تلك المقابلة الحامية الوطيس بين الرئيسين الأمريكي ترامب والأوكراني زيلينسكي في البيت الأبيض نهاية الشهر الفائت، فهي كانت صاخبة لافتة للنظر استرعت انتباه كل المتابعين.

 

ولست هنا بصدد تقييم تلك المقابلة أو نقاشها، بل أود أن أسلط الضوء على مسألة واحدة فحسب، وهي ما الذي أوصل الرئيس الأوكراني إلى تلك الحالة؟ ما الذي جعل ترامب يتجرأ على أن يعامله تلك المعاملة، ويطلب منه أن يوقع له على تسليم ثروات بلاده لأمريكا بقيمة 500 مليار دولار، وفوق ذلك الاستسلام أمام روسيا بشكل مذل؟

 

الجواب هو زيلينسكي نفسه، فهو من وضع رقبته بيد أمريكا، وهو من ارتمى في أحضانها، وجعل لها السبيل عليه، فباتت روحه وبلده بيدها. لذلك ما إن أظهر زيلينسكي تمنعاً في تلك المقابلة حتى سارع ترامب إلى وقف المساعدات العسكرية والتحديثات اللازمة لطائرات إف-16 وقطع الغيار والأسلحة، وماسك رجل ترامب هدد بقطع الاتصالات عن الجيش الأوكراني في الصفوف الأمامية للقتال كونها تعتمد على شبكته للاتصالات، ستارلينك.

 

وهكذا وضعوه بين خياري الموت والهزيمة أو التسليم والخيانة والتفريط، بكل بساطة. وهذا ما يقودنا إلى الحديث عن التشريع الرباني لهكذا معضلة.

 

فتأملوا معي قول الله تعالى: ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾. واضح فيه تحريم أن نجعل للكافرين علينا سبيلا، لأن ذلك يعني فقدان السيادة والإرادة، وهذا ما وقع فيه الرئيس الأوكراني مع أمريكا وأوروبا، حين جعل لهم عليه سبيلا فأصبح بلا سيادة ولا إرادة.

 

وهذه القاعدة عامة للمسلم وغير المسلم، إن أراد أن يملك القرار، فمن يدفع المال يملك القرار ومن يسلح يملك الميدان. وهي في حق المسلمين مسألة حكم شرعي لازم الاتباع، إذ حرم عليهم الله أن يجعلوا للكافرين عليهم سبيلا.

 

وكذلك حديث رسول الله ﷺ القائل: «لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ» فذلك يجعل لهم علينا سبيلا، ويفقدنا الإرادة والقدرة على اتخاذ القرار، بل إن رسول الله ﷺ حرم أن نستعين بالمشركين على المشركين، فقال: «فَإِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ».

 

وما أروع قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ﴾، وقوله سبحانه: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ. ليحسم المسألة بما لا يترك لنا مجالا للشك بحرمة الركون أو الاستكانة إلى الكفار أو الظالمين.

 

لذا ينبغي القناعة التامة بأن فقدان السيادة والقرار يعني الانتحار السياسي، وهذا ما وقع فيه الرئيس الأوكراني، وهذا للأسف ما هو واقع فيه كل حكام المسلمين.

 

لذلك ليس غريبا أن نرى مواقف الحكام تضر بنا وبديننا وببلادنا وبالحكام أنفسهم أحيانا، كما حدث في مسألة دعوة ترامب مصر والأردن إلى استيعاب أهل غزة بعد تهجيرهم. ليس غريبا أن نرى ذلك لأن حكامنا قد جعلوا للكفار علينا سبيلا فأصبحوا هم بلا سيادة ولا سلطان.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس باهر صالح

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رابط هذا التعليق
شارك

  • الردود 183
  • Created
  • اخر رد

Top Posters In This Topic

  • صوت الخلافة

    184

بسم الله الرحمن الرحيم

العمل الجماعي، واجب شرعي وطريق للفلاح

لما كان الإسلام غائباً عن واقع الحياة في موضع التطبيق والتنفيذ، ولما كانت المعاريف التي أمر بها الإسلام ليست قائمة اليوم بجعل أحكام الله هي المطبقة، وكذلك الحال في المنكرات التي ما زالت قائمة ومتمثلة بوجود المعاصي واستباحتها، وحتى لا يلحق بذلك، الإثم للمسلمين جميعا القاعدين عن العمل الجماعي الحزبي لعدم تحقق الكفاية بإقامة فروض الله وأحكامه بدلا عن حكم الجاهلية الذي نعيش تحت وطأته، أصبح لزاما على المسلمين أن يسلكوا الطريقة الشرعية لاستئناف الحياة الإسلامية، بتنصيب خليفة عليهم، وإعادة دولة الخلافة، وهذه الطريقة المستفادة من النصوص الشرعية، ومن سيرة الرسول ﷺ، توجب عليهم أن يتكتلوا لإعادة الخلافة، امتثالاً لقوله تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.

 

يأمر الله تعالى في هذه الآية الكريمة المسلمين أمراً جازماً مقرونا بالفلاح، للدلالة على وجوب العمل الجماعي بأن تكون منهم أمة، أي جماعة (حزب) بمواصفات شرعية محددة، للقيام بعمل شرعي واجب وهو الدعوة إلى الخير أي الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجعل مكافأة هذا العمل هو الفلاح وهي الجنة، ما دل على فرضية ووجوب إيجاد هذه الجماعة التي تقوم بهذه الفروض والتي بالقيام بها يكتب لهذه الجماعة الفلاح.

 

لقد أشارت هذه الآية الكريمة لوجوب العمل الجماعي الحزبي، حيث إن التحزب في الآية مطلوب لذاته حيث إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على كل مسلم ولكن الآية تشير إلى وجوب العمل الجماعي لذلك إضافة إلى دور الفرد المسلم في القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو الطريق الوحيد لإحداث أي تغيير في المجتمعات، فقدوتنا وأسوتنا محمد ﷺ كتل أصحابه وعلمهم الإسلام في بيت الأرقم بن أبي الأرقم فكانوا حزبا، أصحاب قضية وغاية يسعون لها، يقدمون في سبيلها الغالي والنفيس إلى أن أقام ﷺ مع أصحابه الدولة في المدينة والتي بها بدأ نور الإسلام يسطع ويزداد قوة وتمكينا، وهكذا اليوم من أراد أن يغير المجتمع عليه أن يعمل بشكل جماعي في إطار حزب ذي مبدأ يستحق أن يضحي لأجله بالغالي والنفيس إيمانا بأهمية عمله وغايته، خاصة مع اقتران الأمر بالفلاح المقصور على القائمين به دون سواهم، ولأنه ببساطة ليس بقدرة الفرد أن يغير المجتمع أو يقيم دولة أو تغيير منكر، بعكس العمل الجماعي فهو ما كان واجباً شرعياً وطريقاً عملياً موصلاً للتغيير عقلا وواقعا.

 

وعلى هذا الأساس قام حزب التحرير، استجابة لله تعالى، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وذلك بالعمل لإقامة دولة الإسلام التي تُقيم الإسلام كلَّه في الأرض كلِّها، وتنفي وجود المنكر فيها وتمنعه وتعاقب من يقوم به.

 

وقد تمثلت فكرة حزب التحرير في ثقافته الحزبية التي سطرها في الكتب والنشرات والمؤلفات التي أصدرها والتي جمعت وصهرت كل خلايا الحزب في بوتقة واحدة ذات صفات واحدة خاصة وأنهم يعملون للتغيير، فجعل الأساس الذي يقوم عليه ببناء ثقافته الحزبية هو الفكر، وهذا الفكر هو العقيدة الإسلامية بما ينبثق عنها من أحكام وأصول وما يُبنى عليها من تعريفات، فكانت العقيدة الإسلامية بمثابة القاعدة الفكرية للثقافة الحزبية، فتبنى حزب التحرير كل الأفكار التي انبثقت عن العقيدة الإسلامية أو بنيت عليها وتلزمه لتحقيق غايته ألا وهي استئناف الحياة الإسلامية.

 

فثقافة الحزب يمكن وصفها بأنها جملة من الحزم الفكرية التي تتضمن تصورا متكاملا عن الحياة الإسلامية وعن كيفية الصيرورة إليها في ظل نظام سياسي يجمع المسلمين هو نظام الخلافة، ولكي نتمكن من إلقاء نظرة استقرائية على ثقافة الحزب لا بد لنا من التفريق بين ثلاثة أمور:

 

1- الغاية التي يسعى الحزب إلى تحقيقها، ألا وهي استئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة وذلك معلوم.

 

2- الغاية من العملية التثقيفية التي يقوم بها الحزب لشبابه، فهو لإيجاد شخصيات إسلامية متميزة قادرة على العمل بالإسلام وعلى حمله والدعوة إليه والتضحية والبذل من أجله.

 

3- القصد المرجو من تقديم الثقافة الحزبية إلى الأمة، وهو قصد سياسي صرف، أي أن الحزب يقدم ثقافته للأمة لتفهم الأمة أن مفردات هذه الثقافة هي ما يجب أن تُرعى الشؤون بمقتضاها.

 

إن حزب التحرير يعمل لتجسيد فكرته وفق طريقة واضحة ثابتة، وأعمال هادفة منتجة، نحو غاية محددة، لا يحيد عنها مهما لاقى من صعاب وعقبات. فالحزب مسؤول عن تغيير المجتمع وعن الأمة، فهو القوام عليها وعلى فكرها وحسها، وهو الذي يحاسب كل ذي سلطان لا يحكم بما أنزل الله، بل ويسعى إلى السلطان إن رأى لزوم ذلك، وما يتبناه الحزب من اجتهادات إنما هي بمثابة أحكام يسعى لرعاية شؤون الناس بحسبها، ويكافح من أجل ذلك ويناضل.

 

وفي الختام نقول إن حزب التحرير دائم المراجعة للأفكار والأحكام التي يقوم عليها العمل وذلك للمحافظة على نقائها وصفائها لدى أعضائه خاصة وأنهم يعملون للتغيير، كما أنه حريص ودقيق في تنزيل الأفكار والأحكام تنزيلاً سياسيا على وقائع الحياة والمجتمع لضمان تحقيق نتائج محسوسة وأهداف محددة.

 

فيا أيها المسلمون: إنَّنا ندعوكم إلى التكتل في حزب على أساس الإسلام، لإقامة الخلافة التي توحدكم على قلب رجل واحد، تبايعونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله ليقودكم في ساحات الجهاد، كي يعود إليكم عزكم ومجدكم، ولكي تنالوا رضوان ربكم، وها هو حزب التحرير يقدم لكم مشروعه السياسي المبني في استنباطه على قوة الدليل الشرعي، فإلى العمل أيها الإخوة فمشروع الخلافة الراشدة يدق الأبواب ويناديكم أن هلم لبناء مجد أمتكم فتكونوا أسياد العالم من جديد فلا يفوتنكم شرف المشاركة في العمل على تحقيقه، ليتحقق وعد نبينا ﷺ فينا هذه الأيام «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رنا مصطفى

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

رمضان الذي يُقضى في أوزبيكستان بشكل "متميز"

 

منذ أيام والمسلمون في العالم يصومون شهر رمضان بشوق وامتنان، ويشكرون الله على سلامة بلوغهم الشهر الفضيل، ففضل هذه الأيام لا يساويه شيء، فلا يشعر لذة الجوع في النهار، ورجاء الأجر من الخالق، وقيام الليل في المساجد وفي البيوت إلا المؤمن. أمّا مسلمو أوزبيكستان فقد بدأوا شهر رمضان وهم يشعرون بالضيق والانزعاج.

 

وفق الأخبار التي تنشر على تيلغرام من أهل أوزبيكستان، (المصادر الرسمية لا تنشر المشاكل الذي يعاني منها المسلمون ولا عن الضغط والظلمات التي يعيشونها في داخل الدولة طبعا) اشتدّ الظلم المسلّط على المسلمين في شهر رمضان. فعلى سبيل المثال، جاء ضابط الشرطة المحلية برفقة أشخاص آخرين يرتدون الزي العسكري لإزالة البالونات واللافتات التي كُتب عليها "رمضان مبارك" والتي تم تعليقها في الشوارع للإعلان عن حلول شهر رمضان المبارك بدعوى أن ممثلي الديانات الأخرى يعيشون أيضاً في هذا البلد، وأن هذا غير ممكن في أوزبيكستان. وكذلك، طُلِبَ من المعلمين في المدارس إزالة مختلف الزخارف والبالونات التي تم تعليقها في الفصول الدراسية احتفالاً بقدوم شهر رمضان.

 

وبالإضافة إلى ذلك، لا يُسمح للأطفال الصغار والشباب الذين تبلغ أعمارهم ثمانية عشر عاماً حضور صلاة التراويح، ويمنعون من دخول المساجد للصلاة؛ إذ يتمّ وضع حرّاس خاصين على أبواب المساجد، كما يقوم بعض المصلين بطرد الأطفال واليافعين الذين يتسللون إلى الداخل لكي يقيموا صلاة التراويح والسبب في ذلك هو أنه حتى قبل بداية شهر رمضان، كان أئمة المساجد يتحدثون باستمرار في خطب الجمعة عن عدم حضور الأطفال الصغار لصلاة التراويح، والبقاء في المنزل بدلاً من ذلك للقيام بواجباتهم المدرسية.

 

أما الأئمة المأجورون فلم يُبيِّنوا صراحة بأن هذا أمر من الدولة (لأن الجميع يعلم جيداً أنه لا يوجد في ديننا أمر قطعي بإبعاد الأطفال واليافعين عن المسجد وصلاة التراويح)، فيستدلون بأدلة لا وجود لها في الشريعة الإسلامية، ويحاولون بكل قوتهم منع الأطفال من المساجد. بل إنهم لا يتورعون عن الادعاء أنًّ الصحابي الكريم عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "جَنِّبُوا صبيانكم مساجدكم"!

 

 كما أنّه يُطلب من موظفي الحكومة والمعلمين عدم حضور صلاة التراويح. ومن المثير للدهشة أن يقوم الأئمة في أوزبيكستان، وهي دولة ذات أغلبية مسلمة، بمنع اليافعين من دخول المساجد في الوقت الذي يتدفق فيه ملايين سكان وشباب الدول الأوروبية المتقدمة والولايات المتحدة إلى الإسلام.

 

إن الأئمة والعلماء المخلصين والأتقياء الذين وصفهم الله تعالى في القرآن الكريم بالعلماء الربانيين الذين يُرَبُّون الأمة الإسلامية، تم إبعادهم عن منابر المساجد، بل إنّ بعضهم في السجن، بينما غادر آخرون البلاد ويعيشون في بلدان أجنبية، وتمّ استبدال أئمة عملاء يخدمون مصالح الدولة مكانهم في المنابر. ﴿وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُون﴾.

 

من المعلوم أنّ أسباب لعن بني إسرائيل أنهم غيروا شرع الله ووَفَّقُوه لمصالحهم وخبأوا بعض الأحكام، لذلك فإن هؤلاء الأئمة الذين يلبسون على الناس دينهم يضيعون فرصة استحقاق رحمة الله ومغفرته وأن يكونوا ضمن قائمة العتقاء من النار في شهر رمضان.

 

لقد بيّن القرآن الكريم أن يوم القيامة قريب جداً، وفي ذلك اليوم لا ينفع مال ولا بنون، ألا يفكرون ماذا سيحدث لهم؟!

 

إن الأحداث التي تجري في العالم تشير إلى أن نصر الله قريب جداً وسوف يُظهِرُ الله دينه على سائر الأديان، وسيتحقق النصر والتمكين للمسلمين. وعندما يأتي ذلك اليوم فإنّ حكام تلك الدول القوية التي ستسقط وتصبح ذليلة حقيرة سيحاسبون على أفعالهم في المحاكم العادلة للأمة الإسلامية.

 

 لذلك فبدلاً من خدمة السياسات الفاسدة للدول العميلة والمشاركة في جرائمها الكبرى في منع الأجيال الشابة من الإسلام، نوصيكم أيها الأئمة العملاء بأن تسلكوا طريق الهداية وتستخدموا منابر المساجد التي تحتلونها بفعالية لإيصال الحق إلى الأمة، فحينها ستبعثون يوم القيامة بوجوه مشرقة. يقول الله تعالى: ﴿فَإِيَّايَ فَارْهَبُونَ﴾، وإنّ هؤلاء الحكام الطغاة هم في الواقع ضعفاء جداً وعواقبهم قريبا ستكون وخيمة.

 

إن الجيل الجديد من الأمة الإسلامية يقترب من الإسلام يوما بعد يوم، ومع تزايد العقبات فإن سعيهم إلى العلم والمساجد يسر عيون كل إنسان، لأن من سيرفع لواء الإسلام غداً هم هذه المجموعة من الشباب. ويبدو أن هذا قد أزعج بشدة نظام ميرزياييف الذي يخدم أسياده الكفار بصدق وإخلاص.

 

مهما حاولوا فلن يستطيعوا إطفاء نور الله. قال سبحانه وتعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مخلصة الأوزبكية

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

الثّقافة الإسلامية كوقود رئيسي

للتغيير المجتمعي النّاجح

 

(مترجم)

 

يأتي رمضان هذا العام في خضمّ ضغوط الحياة والأزمات وظلمات العالم المتزايدة الكثافة. يتأثر المسلمون بشكل متزايد بتدمير المجتمع، بسبب طغيان وفساد أصحاب السلطة الذين يطبقون نظام الجاهلية الرأسمالية.

 

كما أنّ الجهل وركود الأفكار يصبغ الناس أيضاً ما يؤدي إلى برودة في التعامل مع الدعوة وحتى رفضها. غالباً ما تجعل هذه الحالة حملة الدعوة يميلون إلى التشاؤم في دعوتهم. وغالباً ما يتصرف بعضهم كضحّية، ويلوم الآخرين، ويشعرون بالاكتئاب من الوضع.

 

تحدث هذه المتلازمة لدى حملة الدعوة عندما يسمحون للواقع بتحديد نضالهم، متناسين أن هناك قوتين أساسيتين للدعوة، وهما الإيمان وقوة الثقافة الإسلامية.

 

أولاً: قوة الإيمان تقتضي ألا ييأسوا من رحمة الله، حيث قال تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.

 

تتضمن هذه الآية رسالةً مفادها بأنّ على المؤمنين ألا ييأسوا بسهولة، خاصةً إذا كانوا دعاة، فرحمة الله واسعة، والإيمان بنصر الله ينبغي أن يكون محور وعيهم. هذه هي قوة الإيمان، القوة الأساسية التي يجب تفعيلها دائماً حتى لا يتأثر حامل الدعوة بسهولة بواقع الحياة الثقيل والمظلم. ينبغي أن يدفعهم ركود المجتمع إلى التفاؤل بأنهم سيجدون الدرر بين من هم أكثر استعداداً للانخراط في الدعوة، حتى وإن لم يكن الأمر هيناً، لأنهم يؤمنون بأن مع كل عسر يسراً، كما قال الله تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾.

 

يجب أن يكون الإيمان حاضراً دائماً في الأعمال، فلا يضيع ولا يغيب. فالقاعدة العملية التي يعلمها الإسلام هي أن يكون العمل قائماً على فكرة وهدف معينين. ويجب أن يقترن هذا الفكر بالعمل، وأن يكون الفكر والعمل من أجل غاية معينة، وأن يكون ذلك كله مبنياً على الإيمان حتى يبقى الإنسان سائراً في الجو الإيماني سيراً دائمياً. ولا يجوز مطلقاً أن يفصل العمل عن الفكر أو عن الغاية المعينة أو عن الإيمان.

 

ثانياً، قوة الثقافة الإسلامية: الثقافة ليست معرفة عادية، بل معرفة خاصة، لأنّ سبب الحديث هو العقيدة الإسلامية الفريدة. كنوز الثقافة الإسلامية لها قدرة استثنائية على تكوين عقلية نبيلة لدى كل إنسان يدرسها بجدية، لا سيما لقدرتها على صقل شخصية الإنسان وتكوينها، وهو ما يُسمى بعملية التثقيف. في حين إنّ المعرفة وحدها قادرة على تزويد المرء بالمعلومات والبصيرة، وهو ما يُسمى غالباً بعملية التعليم.

 

يمكن للثّقافة أن تكون أيضاً قوة لحلّ المشكلات، لذلك يجب على من يطمح إلى تغيير المجتمع وإحياء الأمة أن يكون قادراً على جعل ثقافته حيّة ومرتبطة بالمشكلة الحقيقية، حتى لا يصبح مجرّد كومة من المعرفة ككتاب متنقل.

 

كيف نجعل الثقافة حيّة ونابضة بالحياة؟

 

طريقة دراسة الثقافة: يحدّد الإسلام أساليب دراسة الثقافة، وهي (1) المناقشة المتعمقة (التلقّي الفكري)، (2) الإيمان بالثقافة كشيء يجب النضال من أجله، (3) وأخذها عملياً لتطبيقها في معترك الحياة.

 

بل ويقال إنّ أولئك الذين يدرسون الثقافة الإسلامية هم مثل الأشخاص الذين لديهم إمكانات عاطفية يشعلون النار لإحراق الفساد وإشعال النور لإضاءة طريق الخير. وبالطريقة الصحيحة، ستشجع الثقافة الإسلامية طلابها - بشوق وحماس كاملين - على ممارسة هذه الأفكار. وبالتالي، فإنّ هذه الثقافة لها تأثير كبير جداً في النفس، لأنها يمكن أن تحرّك المشاعر تجاه الحقائق الموجودة في الفكر.

 

دورة تطوير الثقافة: يجب تطوير الثقافة والحفاظ عليها. هناك طريقتان لتحسين الثقافة، وهما: (1) المطالعة (دراسة الكتب الرئيسية) في دائرة لها مهمة التأثير على مجتمع في مكان معين؛ (2) المراجعة، أي الرجوع إلى الكتب المساندة مع الإشارة إلى واقع التحديات الحقيقية للدعوة. ويتم تطوير الثقافة من أجل: (1) حلّ المشكلات الحقيقية وليس مجرد إشباع الخيال الفكري. (2) اكتساب أكبر قدر ممكن من الخبرة بمساعدة تقاليد المناقشة والملاحظة الميدانية والكتابة.

 

على سبيل المثال، سيواجه حملة الدعوة في المناطق الحضرية تحديات عديدة ناجمة عن قضايا الحداثة والتنمية والتفكك الاجتماعي. لذا، سيركزون دراساتهم على ثقافة الاقتصاد الإسلامي والنظام الاجتماعي في الإسلام من خلال المراجع الموثوقة. بينما سيواجه نشطاء الدعوة في المناطق الحدودية تحديات ناجمة عن قضايا التهريب والدّفاع والأمن، فسيدرسون كيفية استخدام ثقافة الرّباط والجهاد كحلّ لمشاكل الحدود. ونتيجةً لذلك، يتطلّب تطوير الثقافة أيضاً القراءة والملاحظة، أي قراءة الكتب وقراءة الواقع في آن واحد. هناك أوامر كثيرة من القرآن لنا لنلاحظ المشاكل الحقيقية للأمّة التي تحدث في مجال الدعوة، كما قال الله تعالى: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ﴾.

 

فمن المقبول أن يتمّ تطوير التثقّف لمجرد الإشباع الفكري وشيء من الهلوسة خارج واقع مجال الدعوة. من العبث أن ينشغل حامل الدعوة للإسلام بدراسة كيفية صيام رمضان على كوكب المريخ، مثلاً. فبالإضافة إلى عدم القدرة على الوصول إلى الحقائق في مجال الدعوة، فإن هذا الأمر غير ذي صلة على الإطلاق.

 

التغيّرات في المجتمع

 

تستلزم طبيعة تطوّر الدعوة الإسلامية وجود حركة ثقافية، فالإسلام رسالة يجب دراستها ومناقشتها وقراءتها. كما أنّ جوهر هذه الرسالة يتطلب فهمها، وعلى أتباعها دراسة كل ما يُسهم في تحسين الحياة. ولذلك، كان العديد من الفاتحين علماء وقراء وكتاباً، وقد رافقهم هؤلاء الأفراد بهدف نشر الإسلام في البلاد المفتوحة.

 

وسيواصلون التركيز على جهود التغيير المجتمعي، وبناء مجتمعهم وتشكيله بالإسلام. على سبيل المثال، من خلال الرأي العام العالمي المستمر بشأن فلسطين، سيواصلون في الوقت نفسه محاولة التطرّق إلى القضايا المحلية من خلال إصلاح المجتمع في منطقتهم، على سبيل المثال من خلال تصحيح نمط الحياة المادية والاستهلاكية المتجذرة في حبّ الدنيا والتي تتناقض تماماً مع نمط حياة كفاح المسلمين الفلسطينيين المتجهين بالفعل نحو الجهاد. لا تنسوا أيضاً الدعوة إلى سياسات قائمة على الشريعة ذات صلة بمشاكل مجال الدعوة، بالإضافة إلى مواصلة حملات التوعية بأهمية الخلافة.

 

لذلك، لطالما ارتبطت حركة الثقافة بنهضة الحضارة وارتفاع مستوى تفكير الناس. من خلال صلتها بالتغيرات في المجتمع، ستتمكن الثقافة الإسلامية من جعل طلابها يتمتّعون بالتفكير المستقل في حلّ المشكلات في مجال الدعوة.

 

ستستمرُ هذه الحركة في النضال من أجل أفكار من الثقافة الإسلامية في كل معركة أفكار وأحداث تُصيب الناس. سيقفون أيضاً في وجه سياسات الحكام الجائرة، منادين بالشريعة الإسلامية حلاً للحياة. ولذلك، يبقى الفكر الإسلامي حياً، سامياً، نابضاً، يُحرق الهموم ويُنير درب الحياة. وكما قال النبي ﷺ: «الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ». (رواه الدارقطني والبيهقي).

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. فيكا قمارة

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

القانون الدولي لا يحقق النجاح للبلاد الإسلامية

(مترجم)

 

نشرت صحيفة وول ستريت جورنال مؤخراً مقالاً قوبل بردود فعل غاضبة، كان عنوان المقال "إذا كان بإمكان الهنود والباكستانيين الانتقال، فلماذا لا يستطيع أهل غزة ذلك؟". وقارن المقال بين غزة وتقسيم باكستان والهند لتبرير فكرة حرمان أهل فلسطين من حق العودة إلى أرض فلسطين.

 

يذكر المقال (أن عمليات نقل السكان لم تكن من اختراع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المُصرّ على السيطرة على قطاع غزة وتفريغه بنقل الفلسطينيين إلى الدول المجاورة)، و(هناك أمثلة كثيرة من القرن العشرين، مثل تقسيم الهند عام ١٩٤٧. لا أحد يتوقع من باكستان أن تُغيّر تركيبتها السكانية الدينية بمنح حق العودة لأحفاد اللاجئين الهندوس والسيخ. فلماذا يختلف الأمر بالنسبة لإسرائيل؟)، كما يقول المقال، مُشيراً إلى الحجة القانونية للفلسطينيين بأن للاجئين وأحفادهم الحق في العودة إلى الأرض التي هُجّروا منها.

 

كان رد الفعل العنيف نابعاً من القلق بشأن تداعيات حول تطبيق القانون الدولي في حال صدور قرار الاستيلاء على غزة وتهجير أهلها قسراً، لكان الخوف من أن تكون التداعيات وخيمة، إذ سيُسهِم في تطبيع التهجير القسري كحلٍّ للنزاعات، وشرعنة احتلال يهود لفلسطين، من بين أمور أخرى. إن الترويج لمثل هذا الحل كردٍّ مشروع على النزاعات سيُشكّل سابقةً خطيرةً، فلماذا لا يُمكن استخدامه في حالة كشمير أو أوكرانيا قريباً؟

 

كان هذا الخوف والفهم سببَ رد الفعل العنيف، لكن بالنسبة لنا، يُشير هذا أيضاً إلى فهمٍ لكيفية عمل النظام الدولي. وبينما قد يجادل المختصون في القانون بوجود العديد من التفاصيل الفنية في مثل هذه الحالات، فقد رأينا كيف يبنى القانون الدولي على قرارات سياسية وقانونية سابقة؛ وكيف تتأثر العلاقات بين الدول بتصريحات السياسيين؛ وكيف يعزز قادة الدول القوانين الدولية الحالية من خلال استنادهم الدائم إليها.

 

عندما أراد نتنياهو تبرير رده على أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023م، أشار إلى رد أمريكا على أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001. وعندما أرادت مصر تبرير قرارها بالسماح لكيان يهود بمواصلة استخدام ممراتها المائية، أشارت إلى اتفاقية الهدنة لعام ١٩٤٩ واتفاقيات عام ١٩٦٧. وهناك أمثلة أخرى كثيرة مماثلة، تحدث يومياً في العلاقات الدولية، بما في ذلك استشهاد بوتين بمواد في القانون الدولي لتبرير غزوه لأوكرانيا.

 

هذه التصريحات والقرارات ليست عفوية، بل صادرة عن قصد وفهم ورغبة في مواصلة العمل ضمن حدود القانون الدولي. ولذلك، لن يُفلح القانون الدولي في تحقيق النجاح للبلاد الإسلامية.

 

سيجادل مؤيدو القانون الدولي بأننا قادرون على تغييره، وأن هذا سيجلب النجاح للبلاد الإسلامية. إنهم يغرسون هذا المفهوم في أذهاننا، بحجة أننا لن ننجح إذا رفضنا الالتزام بالقانون الدولي، وأننا سنكون في وضع غير مواتٍ، وسيضر ذلك بالشعوب، إذا لم تلتزم الحكومات بقيم وأعراف النظام الدولي.

 

وعندما نتساءل عن سبب عدم جني ثمار ذلك حتى الآن، يُقال لنا إن الأمر يتطلب وقتاً. ولكي نشهد تغييراً حقيقياً في القانون الدولي (تغييراً يفيد البلاد الإسلامية) علينا التحلي بالصبر. مع مرور الوقت، سننال الاستقلال، وسنتمكن من نصرة الإسلام، وسنضمن حصول كل بلد على حقوقه.

 

حتى لو كان هذا يعني قبول حق يهود في فلسطين، أو يتطلب من باكستان التحرك نحو تطبيع علاقاتها مع الهند، على الرغم من استمرار الصراع حول كشمير.

 

لا يهم إن كانت هذه السياسات والخطط والأفكار والقيم تضرّ بنا كأمة، فهي مرتبطة بالقانون الدولي، ويجب اتباعها. لأنها السبيل الوحيد لمواصلة طريقنا الذي سيقودنا في النهاية إلى النجاح. إذا تعثرنا أو غيّرنا آراءنا، فهذا يعني أننا نعزل أنفسنا عن العالم، وهذا سيؤدي إلى سقوطنا.

 

لكن عندما ننظر إلى القانون الدولي، ماذا قدم لنا سوى الحروب والصراعات، إلى جانب استغلالنا واضطهادنا في جميع البلاد الإسلامية؟

 

لماذا نعتقد أن هذا سيتغير، في حين إن كل قرار يتخذ في القانون الدولي يشير إلى سوابق ومعاهدات أُبرمت بعد هدم الخلافة وتقسيم بلاد المسلمين؟ وأن الحكام في كل مرة يفعلون ذلك فهم يعززون تلك القوانين ويضمنون عدم تغييرها؟

 

(القانون الدولي هو في جوهره مجموعة من القواعد والمعايير القانونية التي تستند إلى قيم مشتركة داخل المجتمع الدولي، وتعمل كإطار لتوجيه سلوك الدول وتعزيز التعاون من خلال تحديد توقعات بشأن السلوك المناسب في مجالات مختلفة مثل الحرب والدبلوماسية وحقوق الإنسان والاقتصاد؛ وفي جوهرها، تشكل المعايير والقيم الأساس الذي يُبنى عليه القانون الدولي ويُطبق عليه، حتى وإن لم يُنص عليه صراحةً دائماً في المعاهدات أو الاتفاقيات... ومن الجوانب المهمة للقانون الدولي القانون العرفي، الذي ينشأ من ممارسات الدول والرأي القانوني "الاعتقاد بأن الممارسة ملزمة قانوناً").

 

ألا ينبغي لنا أن نتوقف عن اعتبار القانون الدولي حلاً لمشاكلنا ووسيلة للنجاح؟ ألا ينبغي لنا أن نتوقف عن الخوف من السعي وراء النجاح كما يمليه الإسلام، أي الابتعاد عن النظام العلماني، وإقامة الدولة الإسلامية، حيث تكون القوانين مبنية على القرآن والسنة؟

 

وأي شهر أفضل من رمضان للتقدم نحو هذا الوضع؟ بقراءة القرآن وتفسيره ودراسة السيرة والحديث، ألا يكون من الرائع أن نفهم أن هذه ليست مجرد قصص من الماضي؟ إنها رسالة الله إلى الأمة الإسلامية جمعاء، رسالة تحثنا على طاعته، والوحدة كأمة مسلمة، والعيش في ظل نظام يحمينا.

 

ألا ينبغي لنا أن نستغل هذا الوقت لفهم كيفية تغيير النظام، حتى نتوقف عن اعتبار إقامة الدولة الإسلامية واقعاً مثالياً أو حلماً بعيد المنال لا يمكن أن يتحقق في عالمنا المعاصر؟ لقد نجح النبي ﷺ وأصحابه يوم لم يكن أحد يصدقهم، فلماذا لا ننجح هذه المرة، ووعد الله ما زال قائما؟

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

فاطمة مصعب

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

الطّريق إلى الفلاح

 

 

 

لسائل أن يتساءل: كيف لأمّة عظيمة عريقة كأمّة الإسلام أن تصبح في ذيل الأمم؟ كيف لأمّة حباها الله بأعظم ما نزّل من تشريع أن تنحدر وتسقط في ظلمات الجهل فيقودها أعداؤها لتدخل وراءهم، مسلوبة الإرادة، جحر الضّبّ وتتّبٍعَ أهواءَهم؟!

 

لا يمكن بحال أن تتحّول هذه الأمّة من القوّة إلى الضّعف إلّا إذا حادت عن طريق الحقّ وابتعدت عمّا رضيه الله لها وتغيّرت بوصلتها وصارت تحتكم إلى غير ما أنزل الله. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "كنّا أذلّ أمّة فأعزّنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزّة في غيره أذلّنا الله".

 

وحين نرى ما آل إليه حالها لا يسع كلّ فرد منّا إلّا أن يسعى جاهدا ليغيّره ويرضي ربّه فيعمل على أن يعيدها إلى ما رسمه الله لها من طريق وما ارتضاه لها من سبيل حتّى تعود خير أمّة أخرجت للنّاس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. قال الإمام مالك: "لن يصلح آخر هذه الأمّة إلّا بما صلح به أوّلها".

 

فأن نطيع الله معناه أن نلتزم بكلّ أحكامه طاعة تامّة فلا نسقط حكما واحدا من أحكامه. نطبّقها في حياتنا دون نقصان ولا تبديل. نطبّقها تطبيقا فرديّا وجماعيّا ومجتمعيّا بكلّ ما في هذا المجتمع من أفراد وأفكار ومشاعر وأنظمة حتّى يكون مجتمعا إسلاميّا تسوده قوانين الله وأحكامه. وهذا لن يكون إلّا في ظلّ دولة الخلافة التي يجب على المسلمين جميعا العمل لإعادتها حتّى تنفّذ فيهم ما رضيه الله لهم. ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً﴾.

 

فما تعيشه الأمّة اليوم من غربة، بعد أن هدمت دولة الخلافة، وما تعيشه من ضعف وضياع وتشتّت، بعد أن صاروا وليمة على موائد اللّئام، لا بدّ أن يعالج... ولا بدّ أن تبرأ أمّة الإسلام من هذا الدّاء الذي أنهك جسدها حتّى تتبوّأ مكانتها الحقيقيّة وتقود الأمم نحو الخير والصّلاح والفلاح.

 

هذا العمل الجليل، ونقصد حمل هذه الدّعوة المباركة لاستئناف الحياة بالإسلام، يتطلّب العزيمة والصّبر والثّبات وتحمّل التّبعات. هذا العمل يستدعي من القائمين عليه حسن الظّنّ بالله والتّوكّل عليه والثّقة بوعده مهما اختلفت الأحوال وقست الظّروف فالرّغبة القصوى في بلوغ مرتبة الفلاح والخلود في الجنّات تدفع كلّ مسلم مخلص إلى التّنافس في طاعة الله سبحانه ورسوله ﷺ وتحصيل الأجور والحسنات.

 

قال أبو جعفر في تفسيره لـ ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾: يعني جلّ ثناؤه بقوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ قد أدرك الذين صدّقوا الله ورسوله محمداً ﷺ، وأقرّوا بما جاءهم به من عند الله، وعملوا بما دعاهم إليه... الخلود في جنَّات ربّهم وفازوا بطلباتهم لديه.

 

هذا هو الفلاح الذي يفوز به كلّ مسلم أطاع ربّه في الأحكام التي أنزلها لعباده وصبر وثبت وضحّى بكلّ ما لديه، لا يبدّل تبديلا ولا يحيد عن السّبيل الذي رسمه الله لعباده الصّالحين... إنّه النّجاح الذي تهفو إليه كلّ نفس مؤمنة لتلقى ربّها وهو راض عنها فتحيا في هذه الدّنيا تعبد الله وحده وتعمل بما أمر وتنتهي عمّا نهى آملة الفوز برضوان الله والخلود في جنّته.

 

إنّ العيش في هذه الدّنيا الفانية يفرض على المرء خوض معارك عظيمة ضدّ أعداء كثر: بدءا بالشّيطان الذي تحدّى الله جهرة وقال ﴿لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾، مرورا بالنّفس الأمّارة بالسّوء والتي تدفع بالمرء إلى المهالك واتّباع الشّهوات، وصولا إلى إخوة الشّيطان من بني البشر الذين ينشرون الفساد في الأرض فيتجبّرون ويسعون إلى نشر الظّلم والظّلمات.

 

لقد أكّد الله سبحانه في كتابه الكريم أنّ الدّنيا دار ابتلاء ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ فعلى المسلم أن يعي ذلك وعليه أن يحيا هذه الحياة كما يريد الله له أن يحياها لا كما يريد هو أن يحياها. عليه أن يعيشها في سرّائها وضرّائها ولا همّ له سوى أن يكون الله راضياً عنه في كلّ حال يكون فيه وعليه.

 

قال الله سبحانه وتعالى في من صدقه من المؤمنين: ﴿مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾ هذه الفئة التي صدقت الله منها من قضى نحبه ولم ينل أيّ جزاء في هذه الدّنيا، ولكن نحسبه عند الله من الفائزين المفلحين بإذن الله... ومنها من ينتظر رغم ما يلقى من تضييق وتنكيل وتعذيب فتراه صامدا ثابتا يرجو من الله الرّضوان ويأمل في الجزاء والعطاء.

 

تعمل هذه الفئة من المؤمنين من أجل الدّار الباقية لا يعنيها ما في هذه الدّنيا الفانية من جاه ومال ومنصب ومكانة. وحتّى إن كتب الله لها التّمكين في هذه الدّنيا ونصرها على أعدائه وأعدائها فإنّ الفلاح كلّ الفلاح هو الخروج من هذه الفانية وقد تعلّق القلب بالباقية واستبشرت النّفس بكرم ربّها وعطائه وعفوه فتلقى منه القبول والغفران فيرزقها جنّته وتفوز الفوز العظيم، فللّه درّ أولئك الرّجال الذين عرفوا لماذا خُلِقوا، ومن أجل أيّ شيء وُجِدوا.

 

قال عليه الصّلاة والسّلام: «لَوْ كَانَتْ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِراً مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ»، هذه هي حقيقة الدنيا؛ حقيرة هينة لا تساوي شيئا، وهنيئا لمن قدّرها حقّ قدرها واعتبرها دار امتحان يجتازه حذرا، آملا في رحمة الله وعفوه، يسأله أن يكون من عباده المفلحين.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلاميّ المركزيّ لحزب التّحرير

زينة الصّامت

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً﴾

 

 

لا يخفى على أحد الواقع المأساوي وحياة الضنك والشقاء التي يحياها المسلمون في كل بقاع الأرض وهي في بعضها أكبر وأشد وضوحاً وأكثر دموية وإجراماً كما هو الحال مثلاً في السودان حيث الحرب الدائرة هناك بين أهله خدمة لمصالح المستعمرين، وكما هو الحال في الأرض المباركة (فلسطين) حيث حرب الإبادة الوحشية التي يشنها كيان يهود على غزة بدعم أمريكي وتخاذل وتآمر من الحكام في بلاد المسلمين، هذه الحرب التي طالت البشر والشجر والحجر، والعدوان والجرائم التي يرتكبها يهود في الضفة لا سيما شمالها والتي تحاكي جرائمه في غزة، ولا يخفى أيضاً تكالب الأمم عليهم والمكائد والمؤامرات التي يحيكونها لهم ونهبهم ثرواتهم ومقدراتهم وسعيهم الدؤوب لمنع وحدتهم واستعادة عزتهم، وقد وجدت لدى بعض المسلمين في ظل هذه الظروف والأحوال المأساوية حالة من اليأس والإحباط وفقدوا أملهم في تغير الأحوال ونصر الله لهم، ومن جانب آخر وجدت لدى آخرين اتكالية وإيمان بالقدرية الغيبية، فقعدوا ينتظرون أن ينزل عليهم نصر الله دون أن يتلبسوا بعمل كما جرت سنة الله في التغيير.

 

إنّ الذين أصابهم اليأس والإحباط خاصة بعد حرب يهود الوحشية على غزة قد قاسوا الأمور من منظور الحسابات المادية، فنظروا للأمر من جهة القدرات العسكرية والتطورات التكنولوجية التي تملكها الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا التي أمدت يهود بالأسلحة الفتاكة، ورأوا صولتها وجولتها في بلاد المسلمين ويدها الطولى فيها، فظنوا أن أمريكا وربيبها كيان يهود لا يُهزمون ولسان حالهم ومقالهم يقول بحقهم ما قيل عن التتار: "إذا قيل لكم إن التتار قد انهزموا فلا تصدقوهم"، وقد غاب عن هؤلاء أنّ قوة الله سبحانه وقدرته تفوق قوة كل الطغاة والمتجبرين، وأنّ ما نراه صعبا أو مستحيلا هو عند الله هين، وأنّ الله عندما ينزل نصره على عباده المؤمنين، ينزله بغض النظر عن عددهم وعتادهم، وبغض النظر عن قوتهم المادية، ولينظروا في تاريخ المسلمين ليروا كم كانت أعدادهم وعتادهم في معاركهم الفاصلة مقابل عدة وعتاد الكفار ولكن الله نصرهم، يقول سبحانه وتعالى: ﴿كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللهِ﴾، وبغض النظر عن قوة أعدائهم، فإنها لا تساوي شيئا أمام قوة الله، فهو القوي العزيز القاهر فوق عباده. فالله سبحانه وتعالى إن أذن بنصره فلا راد له، وإن لم يأذن به فمن ذا الذي يملك النصر من بعده: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾، فلا يصح أن يخالط عقيدة المسلم شيء من الخشية من عدد العدو وعدته، كما لا يصح أن يخالطها شيء من الغرور بسبب كثرة العدد والعتاد، لأن عددنا وعدتنا ليست كفيلة بنصرنا إن لم يأذن الله بنصرنا ولنا في غزوة حنين عظة وعبرة ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ﴾، وعدد عدونا وعدته لن تحول بيننا وبين نصر الله مهما بلغت قوتهم وغطرستهم.

 

وإنه من صلب عقيدة كل مسلم أنّ اليأس والقنوط محرم عليه ﴿إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾، وأنه لا يصح اليأس من أمة الإسلام ونفي الخير عنها، وليس معنى هذا أننا نبرر لها سكوتها وتخاذلها عن نصرة أهل غزة وسائر المسلمين المستضعفين بل إننا نحذرها وخاصة أصحاب القوة فيها القادرين على نصرة إخوانهم، نحذرها من عاقبة هذا الصمت والخذلان في الدارين، ولكن معناه أننا لا نفقد الأمل في أبنائها ولا نعدم الخير فيهم، وأمة الإسلام لم ولن تعدم إنجاب الأبطال والفاتحين المحررين، يقول ﷺ: «إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ» ومعناه أشدهم هلاكا، وروي «أَهْلَكَهُمْ» بفتح الكاف ومعناها هو جعلهم هالكين، لا أنهم هلكوا في الحقيقة.

 

أمّا أولئك الذين يوقنون بأن الله سينصر عباده لا محالة وأنّ الله سبحانه وعدنا ورسوله ﷺ بشرنا بذلك فينتظرون إنجاز الله لوعده وتحقق بشرى نبيه ﷺ دون أن يعملوا، فنقول لهم صحيح أن الله جعل النصر للمؤمنين حقاً عليه ثابتاً لا يتغير، قال تعالى: ﴿وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾، ولكنه سبحانه قد أمرنا بحمل الدعوة والعمل لتغيير هذا الواقع ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ ولم يأمرنا بالانتظار أو الدعاء فقط، ونقول لهم إن لله سنناً لا تتخلف وقد اقتضت سنته أن لا ينزل علينا ملائكة من السماء تقيم لنا خلافة وتقاتل عدونا ونحن قاعدون، بل الله سبحانه ينزل ملائكته مدداً وبشرىً بنصره للمؤمنين كما أنزلهم في معركة بدر ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾، ولو نظرنا في قصص الأنبياء التي قصها علينا القرآن الكريم ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِى الْأَلْبَابِ﴾ لرأينا أن سنة الله هذه قد جرت على الأنبياء كما جرت على غيرهم من حملة الدعوة على مر العصور، وقد قص علينا القرآن ما عاناه الأنبياء والرسل مع أقوامهم في دعوتهم للحق، وكم بذلوا جهوداً عظيمة في سبيل ذلك، وكم من السنوات قد قضوا في دعوة الناس والعمل لتغيير الواقع الفاسد وفي النهاية نصرهم الله هم والثلة التي آمنت معهم، فعلينا أن نعي أن نصر الله للمؤمنين مرتبط بصدق إيمانهم وحسن طاعتهم وعملهم حتى يستحقوا نصر الله مصداقاً لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ فإن نصرْنا الله ينصرُنا، ونصرُنا لله يكون بالالتزام بشرعه والتلبس بالأحكام الشرعية المفضية إلى ظهور الدين وإقامته. وقد وُجد في الأمة بفضل الله سبحانه مَن تلبس بهذه الأحكام ويصل ليله بنهاره عاملاً ضمن كتلة تعمل على تغيير الواقع الفاسد وإقامة دولة الخلافة مستبشرة بوعد الله سبحانه وبشرى نبيه ﷺ بإقامتها.

 

وفي الختام فإنّ الابتلاء والتمحيص سنة من سنن الله في خلقه ليميز الخبيث من الطيب، وإن اشتداد البلاء وانقطاع الأسباب مؤذن بقرب الفرج إن شاء الله ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾، وإنّ كل شيء عند الله بقدر وقد جعل له أجلاً وميقاتاً لا يتقدم ولا يتأخر وسينزل الله نصره لعباده المؤمنين في الموعد الذي حدده ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً﴾، وإن في قصص أخذ الله للظالمين وإهلاكهم ونصره لعباده المؤمنين، وفي ما وعدنا به الله سبحانه وبشرنا به نبيه ﷺ من رفعة وتمكين للإسلام والمسلمين ما يبعث السكينة والطمأنينة في قلوبنا يقول ﷺ: «إنَّ اللهَ زوَى لي الأرضَ فرأَيْتُ مَشارِقَها ومَغارِبَها فإنَّ أُمَّتي سيبلُغُ مُلْكُها ما زويَ لي منها»، فنسأل الله سبحانه أن نكون ممن يشهدون عزة الإسلام والمسلمين وإقامته دولته عاجلاً غير آجل إن شاء الله.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

براءة مناصرة

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة عيد الفطر

 

 

اللهُ أكْبَرْ، اللهُ أكْبَرْ، اللهُ أكْبَرْ، اللهُ أكْبَرْ، اللهُ أكْبَرْ، اللهُ أكْبَرْ، اللهُ أكْبَرُ عَلَى كُلِّ مَنْ طَغَى وَتَجَبَّرْ.

 

   اللهُ أكْبَرُ كُلَّمَا نَادَى لِلصَّلَاةِ مُنَادٍ وَكَبَّرْ. اللهُ أكْبَرُ كُلَّمَا صَامَ صَائِمٌ وَأفْطَرْ. وَالحَمْدُ للهِ الَّذِي أنْعَمَ عَلَينَا بِنِعْمَة الإِسلَامْ، وَفَرَضَ عَلَينَا الجِهَاد وَالصِّيَامْ، وَجَعَلَنَا خَيرَ أمَّةٍ أخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، تَأمُرُ بِالمَعْرُوفِ، وَتَنْهَى عَنِ المُنْكَرْ. وَأشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهَ، الَّذِي جَعَلَ فِي تَعَاقُبِ الأيَّامِ وَالأعْيَادِ عِبْرَةً لِمَنِ اعْتَبَرْ. وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أرْسَلَهُ رَحْمَةً وَهُدىً لِجَمِيعِ البَشَرْ. صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ المُجَاهِدِينَ الغُرَرْ.

 

اللهُ أكْبَرْ، اللهُ أكْبَرْ، اللهُ أكْبَرْ، اللهُ أكْبَرْ، اللهُ أكْبَرْ، اللهُ أكْبَرْ، اللهُ أكْبَرُ كُلَّمَا حَانَ وَقْتُ الصَّلَاةْ. اللهُ أكْبَرُ هُتَافُ المُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ. اللهُ أكْبَرُ، كَلِمَةُ حَقٍّ نَصْفَعُ بِهَا وُجُوهَ العُتَاةِ الطُّغَاةْ. أمَّا بَعْد:

 

أيها المؤمنون: كَمَا فَرَضَ اللهُ تَعَالَى عَلَى المُسْلِمِينَ الصِّيَامَ وَالصَّلَاةَ، فَقَدْ فَرَضَ عَلَيهِمُ الجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَكَمَا أنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ هُوَ شَهْرُ صِيَامٍ وَقِيَامٍ، فَهُوَ شَهْرُ جِهَادٍ وَقِتَالِ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَدْ خَاضَ فِيهِ المُسْلِمُونَ مَعَارِكَ فَاصِلَةً مَعَ الكُفَّارِ، فَكَانَ عِيدُ الفِطْرِ يَأْتِي وَالمُسْلِمُونَ فِي غِبْطَةٍ وَسُرُورْ، وَفَرْحَةٍ وَحُبُورْ، قَد نَالُوا ثَوَابَ الصِّيَامِ وَالقِيَامِ، كَمَا أحْرَزُوا النَّصْرَ عَلَى أعْدَائِهِمْ فِي مَيَادِينِ القِتَالْ.

 

وَاليَومَ يَأتِي العِيدُ أيُّهَا المُسْلِمُونَ وَقَدِ انْفَرَدَ الكُفَّارُ وَمِنْهُمُ كَيَانُ يَهُود، وَالأمْرِيكَانُ وَالإِنْجلِيزُ، بِقَتْلِ المُسْلِمِينَ فِي فِلَسْطِينَ وَأفْغَانِسْتَانَ وَالعِرَاقَ، وَفِي كُلِّ مَكَانٍ مِنْ بِقَاع الأرْضِ دُونَ أنْ يَهُبَّ سَائِرَ المُسْلِمِينَ لِنَجْدَتِهِمْ بِالسِّلَاحِ وَالرِّجَالِ، وَقَدْ اكتَفَى بَعْضُهُمْ بِالمُظَاهَرَاتِ وَالاحْتِجَاجَاتِ الَّتِي لَا تُغْنِي شَيئًا عَمَّا فَرَضَهُ الإِسْلَامُ، وَهُوَ القِتَالُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إِذَا احْتُلَّ شِبْرٌ مِنْ أرْضِ المُسْلِمِينَ، أوِ انْتُهِكَتْ حُرْمَةٌ مِنْ حُرُمَاتِ المُسْلِمِينَ، فَكَيفَ إِذَا احْتُلَّتْ مُقَدَّسَاتُ المُسْلِمِينَ، وَقُتِلَ أطْفَالُهُمْ وَشُيُوخُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ، وَدُمِّرَتْ بُيُوتُهُم وَبِلَادُهُمْ؟ فَأيْنَ جُيُوشُ المُسْلِمِينَ؟ وَأيْنَ الأسْلِحَةُ الَّتِي أنْفَقَ عَلَيهَا الحُكَّامُ المِلْيَارَاتِ؟ فَلِمَاذَا هِيَ إِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْجِهَادِ وَالقِتَالِ وَالدِّفَاعِ عَنْ حُرُمَاتِ المُسْلِمِينَ؟

 

اليَومَ يَأتِي العِيدُ وَكُلُّ المَصَائِبِ تَنْزِلُ بِنَا، وَكُلُّ الجَرَائِمِ تُرْتَكَبُ بِحَقِّنَا، وَنَحْنُ مُسْتَسْلِمُونَ خَاضِعُونَ، يَقْتُلُ المُسْلِمُونَ، وَتُدَمَّرُ بُيُوتُهُمْ، وَبِلَادُهُمْ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَنَحْنُ سَاكِتُونَ لَا نَهُبُّ لِنُصْرَتِهِمْ، وَكَأنَّ رَابِطَةَ الإِسْلَامِ لَا تَجْمَعُنَا، ألَمْ تَسْمَعُوا وَتَقْرَءُوا قَولَ اللهِ تَعَالَى: ]إنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[؟ ألَمْ تَسْمَعُوا وَتَقَرَءُوا قَوْلَ رَسُولِ اللهِ r: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يُسْلِمُهُ»؟ ألَيْسَتْ فِلَسْطِينُ، وَأفْغَانِسْتَانُ، وَالعِرَاقُ، وَبَاقِي البِلَادِ بِلَادًا لِلْمُسْلِمِينَ أجْمَعِينَ؟

 

ألَيْسَ المَسْجِدُ الأقْصَى مِنْ مُقَدَّسَاتِهِمْ؟ فَأيُّ عِيدٍ هَذَا العِيدُ؟ وَإِخْوَانُنَا يُوَاجِهُونَ القَتْلَ، وَالدَّمَارَ، وَالذُّلَّ، وَالحِصَارَ، يَسْتَغِيثُونَ، وَيَسْتَنْصِرُونَ، وَلَا مِنْ مُجِيبْ! يَنْفَرِدُ الكُفَّارُ بِالمُسْلِمِينَ بَلَدًا بَلَدًا، وَالمُسْلِمُونَ يَعِيشُونَ حَيَاةَ فُرْقَةٍ وَضَعْفٍ، رَغْمَ أعْدَادِهِمُ الكَثِيرَةِ، يَعِيشُونَ حَيَاةَ فَقْرٍ، وَبَطَالَةٍ رَغْمَ خَيْرَاتِ بِلَادِهِمُ الوَفَيرَةِ!

 

ألَمْ يَسْمَعُوا، وَيَقْرَءُوا قَولَ رَسُولِ اللهِ e: «مَثَلُ المُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ الوَاحِدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ، وَالحُمَّى»؟

 

أمَا آنَ لَنَا نَحْنُ المُسْلِمِينَ أنْ نَجْعَلَ الإِسْلَامَ هُوَ الرَّابِطَ الوَحِيدَ بَيْنَنَا؟ أمَا آنَ لَنَا أنْ نَجْعَلَ الإِسْلَامَ هُوَ المِقْيَاسَ الوَحِيدَ لِجَمِيعِ أَعْمَالِنَا وَتَصَرُّفَاتِنَا؟ أمَا آنَ لَنَا أنْ نُدْرِكَ أنَّ السَّبَبَ الوَحِيدَ لِمَصَائِبِنَا هُو عَدَمُ تَطْبِيقِنَا أحْكَامَ دِينِنَا فِي جَمِيع شُؤُونِ حَيَاتِنَا؟ أمَا آنَ لَنَا أنْ نُدْرِكَ أنَّ الإِسْلَامَ لَا يَعْنِي الصَّلَاةَ، وَالصِّيَامَ، وَالحَجَّ، وَالزَّكَاةَ فَقَط؟ وَإِنَّمَا يَعْنِي نِظَامًا شَامِلًا وَكَامِلًا لِجَمِيع شُؤُونِ الحَيَاةِ، يَعِيشُ المُسْلِمُونَ تَحْتَ ظِلِّهِ فِي دَولَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلِتَحْقِيقِ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ أنْ يَعْمَلَ المُسْلِمُونَ بِجِدٍّ لِإِعَادَةِ الحُكْمِ لِدَوْلَةِ الخِلَافَة الرَّاشِدَةِ الَّتِي تُوَحِدُهُمْ جَمِيعًا فِي دَوْلَةٍ وَاحِدَةٍ، فَتُطَبِّقُ الحُدُودَ، وَتَحْمِي الثُّغُورَ، وَتَرْعَى الشُّؤُونَ، وَتَحْمِلُ الإِسْلَامَ بِالجِهَادِ إِلَى النَّاسِ كَافَّة.

 

لَقَدْ تَوَعَّدَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ مُسْلِمٍ لَا يَعْمَلُ لِإِيجَادِ الخِلَافَةِ، فَقَالَ e: «وَمَنْ مَاتَ وَلَيسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». كَمَا تَوَعَّدَ كُلَّ مَنْ يَسْكُتُ عَلَى هَذَا الوَاقِع الفَاسِدِ، فَقَالَ e: «مَنْ رَأى سُلْطَانًا جَائِرًا، مُسْتَحِلًّا لِحُرُمِ اللهِ، نَاكِثًا لِعَهْدِ اللهِ، مُخَالِفًا لِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ، يَعْمَلُ "أيْ يَحْكُمُ" فِي عِبَادِ اللهِ بِالإِثْمِ وَالعُدْوَانِ، فَلَمْ يُغَيِّرْ عَلَيهِ بِقَولٍ أوْ فِعْلٍ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أنْ يُدْخِلَهُ مُدْخَلَهُ».

 

وَإِنَّ هَذَا الخِطَابَ مُوَجَّهٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ عَلَى وَجْهِ العُمُومِ، وَمُوَجَّهٌ لِأَهْلِ القُوَّةِ وَالمَنَعَةِ القَادِرِينَ عَلَى التَّغْيِيرِ فِي جُيُوشِ المُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِ الخُصُوصِ، فَعَلَيْهِمْ أنْ يَعْمَلُوا لِتَغْيِيرِ الوَاقِعِ الفَاسِدِ، فَإِنْ لَمْ يَعْمَلُوا فَلَنْ تُنْجِيَهُمْ صَلَاتُهُم، وَلَا صِيَامُهُمْ وَلَا حَجُّهُمْ مِنْ عَذَابِ اللهِ، بل سيدخلهم الله مدخل الحكام الذين حاربوا دين الإسلام!! وَاللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَنْ يُغَيِّرَ حَالَنَا مَا لَمْ نَعْمَلْ نَحْنُ لِلتَّغْيِير قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأنْفُسِهِمْ).

 

وَلَقَدْ رَأيْنَا بِأمِّ أعْيُنِنَا، وَسَمِعْنَا بِآذَانِنَا في أيَّامِنَا هَذِهِ مَا أقْدَمَ عَلَيهِ الحُكَّامُ فِي بِلَادِ العَرَبِ وَالمُسْلِمِينَ مِنْ مُحَارَبَةٍ لِلإِسْلَامِ، وَأحْكَامِهِ جِهَارًا نَهَارًا، دُونَ خَوْفٍ وَلَا وَجَلٍ مِنَ اللهِ، وَلَا مِنْ عِبَادِهِ!! أجَلْ، لَقَدْ رَأيْنَا المَرْسُومَ الرَّسْمِيَّ الَّذِي أَصْدَرَهُ وأعْلَنَهُ حُكَّامُ بِلَادِ الحَرَمَينِ الشَّرِيفَينِ مِنْ إِلغَاءِ المَحْرَمِ الَّذِي يُسَافِرُ مَعَ المَرْأةِ، وَمِنْ إِلغَاءِ مُحَاسَبَةِ، وَعُقُوبَةِ مَنْ أفْطَرَ عَمْدًا، وَالسَّمَاحِ لِلمَطَاعِمِ أنْ تَفْتَحَ أبْوَابَهَا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَلَقَدْ سَمِعْنَا بِإِلْغَاءِ هَيئَةِ الأمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، وَإِحْلَالِ هَيئَةِ التَّرفِيهِ مَكَانَهَا، وَسَمِعْنَا عَنْ مُلَاحَقَةِ، وَاعتِقَالِ عُلَمَاءِ المُسْلِمِينَ المُخْلِصِينَ، وَالزَّجِّ بِهِمْ فِي السُّجُونِ، وَالمُعْتَقَلَاتِ!! وَلَقَد سَمِعْنَا وَرَأيْنَا أيْضًا رَفْضَ الحُكَّامِ فِي بِلَادِ المَغْرِبِ العَرَبِيِّ، بَلْ فِي تُونُسَ عَلَى وَجْهِ التَّحْدِيدِ، لِأحْكَامِ شَرْع دِينِنَا الحَنِيفِ، حَيثُ رَفَضُوا العَمَلَ بِالآيَةِ الَّتِي يَقُولُ اللهُ فِيهَا: (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَينِ) فِي تَقْسِيمِ المِيرَاثِ بَعْدَ وَفَاةِ المُوَرِّثِ!!

 

وَفِي أرْضِ الكِنَانَةِ يُفْتِي مُفْتِي مِصْرَ؛ إِرْضَاءً لِحَاكِمِهَا بِإِبَاحَةِ مُعَامَلَاتِ الرِّبَا التِي تَتَعَامَلُ بِهَا البُنُوكُ، وَيُسَمِّيْهَا بِغَيرِ اسْمِهَا وَيَقُولُ: إنَّهَا فَوَائِدُ وَاستِثْمَارَاتٌ، مُتَجَرِّئًا بِذَلِكَ عَلَى أحْكَامِ اللهِ!! وَفِي فِلَسْطِينَ السَّلِيبَةِ المُغُتَصَبَةِ، أرْضِ الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاج، يُوَقِّعُ حُكَّامُ السُّلْطَةِ الخَاضِعِونَ تَحْتَ حُكْمِ يَهُودَ هُنَاكَ عَلَى اتِّفَاقِيَّةِ سِيدَاو التِي تَسْتَهْدِفُ المَرْأةَ وَالأسْرَةَ المُسْلِمَةَ لِلقَضَاءِ عَلَى العِفَّةِ، وَالطَّهَارَةِ، وَبَقِيَّةِ الحَيَاءِ، وَتُحَرِّضُ المَرْأةَ عَلَى الخُرُوج عَنْ طَاعَةِ أبِيهَا، وَزَوجِهَا، وَوَلِيِّهَا ضِمْنَ الحُدُودِ الشرعية!!

 

يَا أَهْلِ القُوَّةِ وَالمَنَعَةِ القَادِرِينَ عَلَى التَّغْيِيرِ فِي جُيُوشِ المُسْلِمِينَ: لَقَدْ أعْلَنَ هَؤُلاءِ الحُكَّامُ انْسِلَاخَهُمْ عَنِ الإِسْلَامِ، وَرَفْضَهُمْ لِأحْكَامِهِ، بَلْ وَحَارَبُوا المُخْلِصِينَ مِنَ العُلَمَاءِ حَامِلِي الدَّعْوَةِ بِشَتَّى الوَسَائِلِ وَالطُّرُقِ، فَهَلْ تَتْرُكُونَهُمْ وَمَا أرَادُوا؟ هَلْ تَتْرُكُونَهُمْ يُحَقِّقُونَ غَايَتَهُمْ بِالقَضَاءِ عَلَى الإِسْلَامِ وَأمَّةِ الإِسْلَامِ لَا قَدَّرَ اللهِ؟ هَلْ تَرْضَونَ أنْ يُدْخِلَكُمُ اللهُ مُدْخَلَهُمْ، وَأنْ تُحْشَرُوا مَعَهُمْ - لَا قَدَّرَ اللهُ - فِي نَارِ جَهَنَّم؟   

          

أيها المؤمنون: عِنْدَمَا كَانَ لِلمُسْلِمِينَ دَوْلَةٌ تُمَثلهُمْ، وَخَلِيفَةٌ بِكِتَابِ اللهِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ يَحْكُمُهُمْ كَانُوا مُتَّحِدِينَ أعِزَّةً، لَا يَقْبَلُونَ الخُضُوعَ وَالذُّلَّ إِلَا للهِ تَعَالَى، فَعِنْدَمَا قَتَلَ الرَّومُ رَسُولُ رَسُولِ اللهِ فِي الأُرْدُنِّ رَدَّ عَلَيهِمْ رَسُولُ اللهِ e بِغَزْوَةِ مُؤْتَةَ. وَعِنْدَمَا نَقَضَ كُفَّارُ قُرَيشٍ صُلْحَ الحُدَيبِيَةِ، أرْسَلَ إِلَيهِمْ جَيشًا فَتَحَ مَكَّةَ. وَعِنْدَمَا نَقَضَ يَهُودُ عَهْدَهُمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي المَدِينَةِ أجْلَاهُمْ عَنْهَا، وَقَتَلَ المُحَارِبِينَ مِنْهُمْ. وَعِندَمَا استَغَاثَتِ امْرَأةٌ مُسْلِمَةٌ بِالخَلِيفَةِ المُعْتَصِمِ، قَادَ بِنَفْسِهِ جَيْشًا عَرَمْرَمًا دَكَّ بِهِ حُصُونَ الرُّومِ، وَأنْقَذَ المَرْأةَ مِنَ الأسْرِ. وَعِنْدَمَا احْتَلَّ الصَّلِيبِيُّونَ القُدْسَ وَبِلَادِ الشَّامِ ظَلَّ المُسْلِمُونَ يُعِدُّونَ العُدَّةَ الكَافِيَةَ حَتَّى اسْتَرجَعُوهَا بِقِيَادَةِ القَائِدِ البَطَلِ صَلَاح الدِّينِ الأيُّوبِيِّ.

 

هَكَذَا كَانَ المُسْلِمُونَ عِندَمَا كَانُوا يَتَحَاكَمُونَ إِلَى الإِسْلَامِ، وَأمَّا اليَومَ بَعْدَ أنْ أخَذُوا بِالقَوَانِينِ الوَضْعِيَّةِ، وَأصْبَحُوا كَيَانَاتٍ عَدِيدَةً، تَخَلَّوْا عَنِ الجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَلَجَئُوا إِلَى الكُفَّارِ، وَالحُلُولِ السِّلْمِيَّةِ فَأذَلَّهُمُ اللهُ، وَاغْتَصَبَ كَيَانُ يَهُودَ أقْدَسَ بِلَادِهِمْ، وَتَحَكَّمَ الكُفَّارُ فِي مَصَائِرِهِمْ، وَثَرْوَاتِهِمْ.

 

أيها المؤمنون: رَغْمَ هَذَا الوَاقِعِ السَّيِّئِ، الألِيمِ وَالمَرِيرِ، الَّذِي تَعِيشُهُ أمَّتُنَا، وَرَغْمَ المَصَائِبِ، وَالزَّلازِلِ، وَالمِحَنِ التِي تَحُلُّ بِالمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ العِيدَ يَظَلُّ شَعِيرَةً مِنْ شَعَائِرِ الإِسْلَامِ، نَتَزَاوَرُ فِيهِ، وَنَصِلُ الأرْحَامَ، وَنَنْبُذُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ وَالخِصَامَ فِيمَا بَينَنَا، نُصَلِّي، وَنَتَصَدَّقُ، وَنَسْتَغْفِرُ اللهَ، وَنُكَبِّرُ.

 

وَلَكِنْ لَا سَبِيلَ لِلسُّرُورِ إِلَى نُفُوسِنَا مَا دَامَ هَذَا حَالُنَا، أمَّتُنَا مُتَفَرِّقَةٌ، وَأقْدَسُ  أرْضِنَا مُغْتَصَبَةٌ، وَإِخْوَانُنُا يُقَتَّلُونَ وَيُشَرَّدُونَ، وَحَامِلُو دَعْوَةِ الإِسْلَامِ يُسْجَنُونَ وَيُلَاحَقُونَ، وَيُنْعَتُونَ بِالأصُولِيَّةِ وَالإِرْهَابِ، وَلَنَا فِي صَلَاحِ الدِّينَ ذَلِكَ القَائِدِ المُجَاهِدِ أسْوَةٌ حَسَنَةٌ حَيثُ سَألَهُ أحَدُ جُنُودِهِ يَومًا فَقَالَ لَهُ: لِمَاذَا لَا نَرَاكَ مُبْتَسِمًا؟ فَأَجَابَهُ: كَيفَ أبْتَسِمُ وَالمَسْجِدُ الأقْصَى فِي بَيْتِ المَقْدِسِ لَا يَزَالُ أسِيرًا فِي أيْدِي الصَّلِيبيِّينَ؟! أجَلْ، فَكَيفَ نَبْتَسِمُ وَحُرُمَاتُ المُسْلِمِينَ تُنتَهَكُ فِي كُلِّ مَكَانٍ؟! فَلْنَتَوَاصَ بِالحَقِّ، وَلْنَتَوَاصَ بِالصَّبْرِ، كَمَا أمَرَنَا اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَلْنُنَاقِشْ فِي عِيدِنَا مَا وَصَلَتْ إِلَيهِ أحْوَالُنَا، وَلْنَعْمَلْ مَا فَرَضَهُ اللهُ عَلَينَا، مِنْ حَمْلٍ لِلدَّعْوَةِ، وَمِنْ أمْرٍ بِالمَعْرُوفِ، وَنَهْيٍ عَنِ المُنْكَرِ.

 

إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالقُرْآنِ أخْبَرَنَا، وَإِنَّ الرَّسُولَ e بِالسُّنَّةِ بَشَّرَنَا بِأنَّ النَّصْرَ لنَا، وَبِأنَّ المُسْتَقْبَلَ لِأمَّتِنَا، إِنْ نَحْنُ تَمَسَّكْنَا بِدِينِنَا، وَعَمِلْنَا بِمَا فِيهِ مِنْ أحْكَامٍ، قَالَ تَعَالَى: (هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ). وَقَالَ e: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللهُ بَيتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلّا أدْخَلَهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ، أوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ بِهِ الكُفْرَ».

 

العِيدُ مَظْهَرٌ مِنَ المَظَاهِرِ العَامَّةِ عِندَ المُسْلِمِينَ، يَدُلُّ عَلَى وَحْدَتِهِمْ، فَالأصْلُ فِيهِمْ أنْ يَعِيشُوا فِي دَولَةٍ وَاحِدَةٍ، فَيَصُومُونَ رَمَضَانَ فِي يَومٍ وَاحِدٍ، وَيَحتَفِلُونَ بِالعِيدِ فِي يَومٍ وَاحِدٍ لِقَولِهِ e: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ»، وَهُوَ خِطَاٌب عَامٌّ لِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ، فَإِنْ رَأى مُسْلِمٌ هِلَالَ رَمَضَانَ وَجَبَ الصَّومُ عَلَى جَمِيع المُسْلِمِينَ، وَإِنْ رَأى مُسْلِمٌ هِلَالَ شَوَّالَ وَجَبَ الفِطْرُ عَلَى جَمِيع المُسْلِمِينَ، فَالمُسْلِمُونَ جَمِيعًا إِخْوَةٌ، وَأمَّةٌ وَاحِدَةٌ. أقُولُ قَولِي هَذَا وَأسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.

 

تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكُمُ الطَّاعَاتِ

وَالسَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

 

بقلم الأستاذ الشيخ محمد أحمد النادي

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

رداً على اقتراح توسيع نطاق اتفاقات أبراهام

لتشمل الدول التركية

 

وجّه أكثر من 50 حاخاماً نداءً رسمياً إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتوسيع نطاق اتفاقات أبراهام لتشمل الدول الناطقة بالتركية. وفي رأيهم فإن هذه الخطوة تخدم تعزيز العلاقات بين كيان يهود والبلاد الإسلامية. اتفاقات أبراهام (Abraham Accords) هي اتفاقيات بين كيان يهود وعدة دول عربية للاعتراف الرسمي بـه وتطبيع العلاقات الدبلوماسية معه. وعلى الرغم من أن اللوبي اليهودي والحاخامات يقترحون توسيع اتفاقات أبراهام إلا أن أمريكا هي المعنية أكثر بهذه المبادرة، ويؤكد ذلك أن أولى الاتفاقيات الموقعة بين الكيان والإمارات نُفذت في البيت الأبيض بقيادتها. فشعوب الشرق الأوسط التي تمتلك ثروة تمثل 80% من الاقتصاد العالمي تتحدث بلغة واحدة وتدين بدين الإسلام.

 

لقد انكشفت عبثية الديمقراطية التي أدخلت في حكمهم وظهر فراغ سياسي مبدئي. ومن الواضح أن هذه العوامل ستؤدي بالمنطقة المقسمة بحسب القومية والوطنية إلى التوحد. وإن الغرب المستعمر الذي يقلقه ذلك يحاول أن يحافظ على كيان يهود الذي لا يعرف حدوداً في زرع الفتنة والفساد ولا في معاداة المسلمين. ويؤكد هذا الرأي رئيس أمريكا السابق جو بايدن الذي قال "لو لم تكن هناك (إسرائيل) لأوجدناها". يخدم كيان يهود أمريكا عبر توفير المعلومات السرية وتنظيم محاولات الاغتيال ضد القادة السياسيين المعارضين وغيرها من الأعمال الشنيعة. ولذلك فإن أمريكا تسمح لـه بالانتشار أيضا في المنطقة. في عام 2021 عندما تم توقيع اتفاقات أبراهام كان كيان يهود يسيطر على المناطق التي يسكنها الدروز والأراضي السورية التي تقع في الداخل بعيداً عن هضبة الجولان والآن عمل على توسيع تلك الأراضي، والغرض من ذلك هو تشكيل دولة يهودية بين المسلمين تمنع وحدتهم، وجعلها أقوى دول المنطقة. وبذلك يتجه الصراع الفكري والسياسي للمسلمين نحوها ويضعف العداء لأمريكا والغرب، وهي وبلاد المسلمين ستعتمد على أمريكا في حماية بعضها من بعض ويصبح اللجوء إليها لطلب مساعدتها كأنه هو الحل الوحيد.

 

لقد اختير اسم إبراهيم عليه السلام لهذه الاتفاقية المسمومة لتطبيع العلاقات مع كيان يهود عن قصد بناء على المخططات الخبيثة الماكرة، لأن إبراهيم عليه السلام هو أبو الأنبياء وقائد طريق التوحيد الذي هو أساس الشرائع كلها. بالإضافة إلى أن سيدنا محمداً ﷺ وغيره من الأنبياء ينتسبون إليه عليه السلام. إذن الهدف من اختيار اسم إبراهيم عليه السلام لهذا الاتفاق البغيض هو أن ينظر جماهير المسلمين إلى يهود الغاصبين بالاحترام وأنهم من أهل الكتاب وإيجاد النظر بعين الأمل إلى الاتفاقات التي توقع معهم.

 

بعد توقيع الاتفاق بين الإمارات وكيان يهود انقسمت الدول العربية والبلاد الإسلامية إلى فريقين: مؤيد ومعارض. أما المعارضون فهم إيران وماليزيا جزئيا وتركيا. بدأ نظام أردوغان بالضغط على الإمارات متهما إياها بتمويل محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو 2016 واستمر تدهور العلاقات بين البلدين. وبعد أربع سنوات رأت تركيا أن أمريكا قد جمعت الإمارات مع كيان يهود في البيت الأبيض وهي إشارة إلى الخطر الذي يهددها. فقامت تركيا باستدعاء سفيرها في محاولة لخلق توتر سياسي بسبب تهديد مصالحها. لكن أردوغان الماكر قال إنه اتخذ هذه الإجراءات من أجل شعب غزة واتهم الإمارات بخيانة شعب فلسطين المظلوم. وبدأ كيان يهود في إظهار فوائد توقيع الاتفاقية معه. نسي كيان يهود "حسنات" تركيا أردوغان الذي حافظ على علاقاته التجارية معه حتى خلال حرب الإبادة التي كان يشنها على غزة! وعلى الرغم من أن الإمارات لا تطل على البحر الأبيض المتوسط إلا أن كيان يهود بدأ في جذب الإمارات إلى أعمال في هذه المنطقة المتنازع عليها مع تركيا. وافق الكيان على شراء الإمارات 50 طائرة مقاتلة من طراز F35 و18 طائرة بدون طيار من طراز MQ-9 من أمريكا. كما افتتحت الإمارات سفارة لها في تل أبيب ووقعت اتفاقية بشأن الجمارك والتجارة والسياحة وسُمح لها باستخدام التكنولوجيا الحديثة التي أنتجها الكيان. والآن دعونا نلقي نظرة على ما خسرته الإمارات منذ قبولها الاتفاقات الإبراهيمية. فهي لا يمكنها استخدام الأسلحة العسكرية المشتراة من الخارج إلا للدفاع عن مصالح أمريكا وكيان يهود! وفي سبيل ذلك فإن سفك دماء شعبها أو دماء المسلمين يُعتبر أمرا مشروعا عندها! وإذا لوحظت أي محاولة لاستخدام هذه الأسلحة لأغراض أخرى فإن واشنطن ستوقف هذه التقنيات. وتوقفت الإمارات عن تقديم الأموال لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، ومنذ ذلك الحين تقلصت مساعداتها التي يقال إنها تساعد 6 ملايين فلسطيني.

 

ومع ازدياد عدد الدول التي قبلت هذا الاتفاق المسموم القاتل سقطت قضية حل الدولتين ووضع القدس من جدول الأعمال العربي. تشير المواد الافتتاحية للاتفاقات الإبراهيمية إلى مسألة الأمن ولكن لم يرد ذكر فلسطين بالاسم في أي مكان في المشروع. ولو كان الغرض من الاتفاقية هو تأمين السلام لكان التركيز على فلسطين أولا، بل إن الاتفاق يطلب التعامل مع القضية الفلسطينية بوصفها مسألة داخلية لكيان يهود وعدم التدخل فيها. لهذا السبب عندما قال ولد فلسطيني إنه سيشكو إلى الله الجيوش والقادة كان هؤلاء الحكام مشغولين بالدفاع عن كيان يهود وفقاً للاتفاقات الإبراهيمية!

 

وفي الختام نريد أن نؤكد بأنه لا يقترب من كيان يهود إلا تلك الأنظمة البلهاء المنخرطة في خصومات تافهة مع جيرانها، والحكام الخونة الذين هم تابعون لأمريكا ويريدون مساعدتها. إذا نظرنا من هذا المنطلق ولاحظنا التقارير المتداولة حول هذا الموضوع يتولد لدينا انطباع بأن اقتراح انضمام الدول التركية إلى اتفاقيات أبراهام جاء من أذربيجان. ولا يخفى على أحد أن نظام أذربيجان على اتصال وثيق مع كيان يهود، فهو الذي يزود كيان يهود المجرم بالنفط باستمرار. ومن المعروف أيضاً أن العلاقات بين أذربيجان وروسيا أصبحت باردة إلى حد ما في الآونة الأخيرة. وهذا بالتأكيد مرتبط بإسقاط روسيا طائرة مدنية أذرية. والأرجح أن يكون إلهام علييف قد طلب وساطة يهود لكسب الدعم الأمريكي وتعهد في المقابل بانضمام أذربيجان إلى الاتفاقات الإبراهيمية، وكذلك بإقناع نظامي كازاخستان وأوزبيكستان بالانضمام لها.

 

في حين إن هذا الأمر لا يزال على مستوى اقتراح غير رسمي في الوقت الحالي إلا أنه لا يمكن تجاهله، لأنه يعتبر خيانة كبرى لله ولرسوله ﷺ وللأمة الإسلامية. وعلى وجه الخصوص إنه عمل شنيع لرش الملح على جراح إخواننا المسلمين المظلومين في فلسطين المباركة. ولو كان لدى النظامين الكازاخستاني والأوزبيكي القليل من الشجاعة لكان عليهما أن يردا بقوة على مثل هذا الاقتراح بمجرد سماعه، لأن عرض الانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية إهانة وإذلال خطير للبلاد الإسلامية ولكل مسلم لديه قدر من العزة. ولكن للأسف وكالعادة لم تنطق هذه الأنظمة بكلمة بل اختارت صمت القبور. بالطبع لا ينبغي أن يكون هذا مفاجئاً، ففي نهاية المطاف فإن مقياسهم مبني على المصلحة وإذا كانت هناك أي فائدة يمكن أن تعود عليهم من هذا الاتفاق فلن يترددوا في الانضمام إليه.

 

إننا نحذر بشدة هذه الأنظمة التي يعتبر حكامها أنفسهم مسلمين! بما أنكم قد ارتكبتم بالفعل أكبر جريمة وخيانة باعترافكم بكيان يهود كدولة وإقامة علاقات وثيقة معها فلا تفكروا الآن حتى في أسوأ عمل وهو الانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية! مزعج ومقلق للغاية أنكم على الأقل لا تدينون مثل هذا الاقتراح المسيء! لا تظنوا أنكم ستُرضون المستعمرين الكفرة كأمريكا بهذه الفظائع وغيرها! واعلموا أن هؤلاء الكفار واليهود لن يرضوا عن المسلمين أبداً حتى يعرضوا عن الإسلام ويدخلوا في دينهم!

 

﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ﴾

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الرحمن الأوزبيكي

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في أوزبيكستان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

عندما تنغلق العقول

إن رقي الإسلام وسعته مسألة فريدة مميزة، وقد حرص على بناء المسلم على نحو ينسجم مع طبيعته الرائعة، فجعل من كل من تغلل فيه فكر الإسلام ومفاهيمه شخصية مميزة، تبشر ولا تنفر، تجمع ولا تفرق. على النقيض ممن لم يرتو من فكر الإسلام وثقافته، تجد صدره حرجا ضيقا عن استيعاب غيره ممن يخالفه في بعض التفاصيل أو الاجتهادات.

 

فتجد البعض ممن اقتنع بحرمة شيء معين بناء على أدلة ظنية رآها لدى إمامه، يصبح يناقش ويتصرف ويعامل الآخرين ممن يخالفونه الرأي إلى رأي شرعي آخر، وأقول رأي شرعي آخر وليس رأيا عقليا، يتعامل معهم بنفور وإنكار قد يصل إلى الهجران والقطيعة والتكفير والعياذ بالله.

 

وتجد آخر ممن اقتنع بأحد المحدثين علما وقدرة، يحمل رأي محدثه في حديث لرسول الله ﷺ ولا يستوعب أن هناك محدثين آخرين لهم رأي آخر، ويظن أنه إن قال محدثه بأن الحديث الفلاني ضعيف فهذا يعني أنه ضعيف قولا واحدا بلا خلاف، ويغفل أن هناك غيره من المحدثين بل ومن كبارهم وأوسعهم علما قد قال رأيا آخر بناء على ما اطلع عليه من أحوال الرواة مثلا.

وهكذا الأمثلة كثيرة على الفكرة نفسها، وهي عدم القدرة على استيعاب المخالف مخالفة منضبطة.

 

والحقيقة أن الإسلام فيه سعة ومراعاة لعقول البشر وقدراتهم على الاجتهاد والفهم والتتبع والتدبر، وهذا من رحمة الله تعالى بنا.

 

فتأملوا معي ما حدث مع رسول الله ﷺ وصحابته الكرام في غزوة بني قريظة، فعنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله تعالى عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنْ الْأَحْزَابِ: «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ»، فَأَدْرَكَ بَعْضَهُمُ الْعَصْرُ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِداً مِنْهُمْ».

 

فهذا درس لنا من رسول الله ﷺ بأن الله يقبل الاختلاف في فهم مراده طالما أن النص يحتمل ذلك، ولو أراد الله ألا يترك لنا مجالا للاختلاف لفعل، تماما كما هو الحال في القطعيات التي لا تحتمل الاختلاف.

 

وكذلك قول رسول الله ﷺ: «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ»، الذي يؤكد على عدم وجود بأس في الاختلاف بين المسلمين في المسائل التي تحتمل الاجتهاد والاختلاف.

 

فهذا الإمام أحمد بن حنبل كان تلميذا للإمام الشافعي، رحمهما الله، ثم خالفه في كثير من المسائل حتى أصبحا مدرستين مختلفتين، وكذلك الإمام الشافعي تتلمذ على يد الإمام مالك، ثم خالفه في كثير من المسائل، ولكنهم كلهم كانوا إخوة متحابين لا ينكر أحدهم على الآخر، تلميذا أو إماما، فقهه وآراءه، وكل منهم يقر لأخيه بالفضل والعلم والصلاح.

 

أما عندما انغلقت العقول وانحسر العلم أصبح الاختلاف مدعاة للتكفير والمنازعة والاقتتال، وضاقت الصدور عن استيعاب المسلم لأخيه المسلم، مع أنه يكفي كليهما سلامة المنهج وصدق المقصد.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس باهر صالح

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

تعزيزُ الشّخصية الإسلامية بنجاح

في رمضان وما بعده

(مترجم)

 

لقد أسعدنا شهر رمضان المبارك مجدداً ولله الحمد، فهو حقاً هبة من الله تعالى بكرمه اللامتناهي الذي يفتح لنا باب مغفرته. وهو أيضاً وقت مناسب للتفكير في السبل والوسائل التي يمكننا من خلالها، على مستوى واحد، العمل بشكل فردي، لتحقيق أنجح النتائج في هذا الشهر المبارك وما بعده، وفقاً لإسلامنا إن شاء الله.

 

في الأساس، عندما يكون لدينا فهم واضح لهدفنا الأسمى في الحياة، يمكن أن يتبعه النجاح مباشرةً لأننا ننفذ بوعي هذا الهدف الإلهي المحدد بدقة. لقد أوضح الله سبحانه وتعالى غاية وجودنا عندما قال: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾.

 

لم تُستخدم كلمة العبادة في هذه الآية بمعنى الصلاة والصيام وغيرهما من الشعائر فقط حتى يفهم المرء أنّ الجن والإنس قد خُلقوا فقط لأداء الصلاة وصيام رمضان وحمد الله وتمجيده. على الرغم من أن هذا المعنى متضمن أيضاً فيها، إلا أنّ هذا ليس معناها الكامل.

 

معناها الكامل هو أن الجن والإنس لم يُخلقوا لعبادة وطاعة وتنفيذ أوامر أي أحد سوى الله سبحانه وتعالى. بالإضافة إلى ذلك، من المألوف جداً للمسلمين أن يفهموا المعنى اللغوي لكلمة الإسلام على أنه الاستسلام والطاعة والخضوع لله سبحانه وتعالى. في الواقع، هذا هو جوهر ما يعنيه أن تكون مسلماً. إن تسليم رغبات المرء لله سبحانه وتعالى هو أعلى أشكال العبادة. الاستسلام هو ما يطلبه الله سبحانه وتعالى منا وهو الشيء العاقل الطبيعي الذي يجب فعله والطريقة التي يمكن بها تحقيق ذلك بشكل طبيعي هي من خلال تطوير شخصيتنا الإسلامية الفريدة من خلال الحلقات المركزة. ولتطوير الشخصية الإسلامية، يجب بناء عقلية الشخص على العقيدة الإسلامية. وبالتالي، بالنسبة للمسلم، فإن ربه وخالقه هو الذي يحدد الخير والشر، والصواب والخطأ، والحسن والقبيح. وبالتالي، فإن هذه المفاهيم تشكل أيضاً مشاعر المسلم ورغباته، ما يؤدي إلى طريقة معينة للقيام بالأعمال، وهي القيام بالأعمال الصالحة، وفي النهاية اكتساب الشخصية الإسلامية. في الواقع، يخبرنا رسول الله ﷺ كيف ينبغي أن تكون عقلية المسلم وميوله. «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعاً لِمَا جِئْتُ بِهِ» (البخاري ومسلم).

 

بالإضافة إلى ذلك، يطلب الله سبحانه وتعالى من المؤمنين أن يثبتوا الثبات في أقوالهم وأفعالهم. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾.

 

وهكذا نرى أن الله تعالى يحثنا ويأمرنا أن تكون لدينا شخصية إسلامية متماسكة، والحصول على شخصية إسلامية متماسكة يتطلب منا أن نجعل العقيدة الإسلامية هي أساس تفكيرنا. لذا، لا يمكن للشخصية الإسلامية أن تتطور إلا من خلال بنائها على العقيدة الإسلامية، أي اتخاذ القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع الصحابة رضوان الله عليهم منهجاً للتفكير.

 

هذا يعني أنه قبل اتخاذ أي قرار بشأن أي موقف أو قضية، أو اتخاذ أي إجراء، ينبغي علينا:

 

1- فهم حقيقة الموقف بعمق.

2- البحث عن الأدلة الشرعية ذات الصلة بالقضية.

3- النظر إلى الأدلة الشرعية، القرآن والسنة، ككل.

 

4- تبني الحكم الشرعي المستنبط.

 

أول سمة من سمات تنمية العقلية الإسلامية هي الوعي الراسخ بعبودية الله، الذي ينمو بالرحمة والطاعة. يقول الله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى﴾.

 

وتأتي بعد ذلك الميزة الثانية وهي معرفة الحكم الشرعي قبل الإقدام على أي عمل. وقد ذكرنا الله سبحانه وتعالى بذلك عندما قال: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَان عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾.

 

أما الوجه الثالث لتنمية العقلية الإسلامية فهو النظر إلى نتيجة الأمر من منظور الآخرة. وهذا يعني أنه لا بد من الحكم على قدر ما يجوز وما لا يجوز. إن الله سبحانه أمرنا فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾.

 

أما النفسية الإسلامية فهي منهج إشباع غرائزها وحاجاتها العضوية، أي إشباعها وفق معيار يؤمن به الإنسان ويثق به. فإذا كان الإشباع مبنياً على العقيدة الإسلامية، كان صاحب نفسية إسلامية. لذا، فإن إشباع الغرائز والحاجات العضوية يجب أن يكون مبنياً على الإسلام. لذا، يجب على المسلم أن يسعى ليكون كما أراده الله تعالى، بالتقرب إليه تعالى بالفرائض التي فرضها، والحرص على النوافل ليزداد قرباً منه تعالى.

 

إن التأمّل في الحديث القدسي التالي سيساعد على إضاءة طريقنا بينما نعمل على تطوير شخصيتنا الإسلامية. «ابْن آدَمَ، لَنْ تُدْرِكَ مَا عِنْدِي إِلَّا بِأَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْكَ، وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَحَبَّبُ إِلَي بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَأَكُونَ قَلْبَهُ الَّذِي يَعْقِلُ بِهِ، وَلِسَانَهُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، فَإِذَا دَعَانِي أَجَبْتُهُ، وَإِذَا سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَرَنِي نَصَرْتُهُ، وَأحَبُّ عِبادةِ عَبْدي إِلَيَّ النَّصِيحَةُ» (رواه الطبراني في الكبير).

 

فيا أخواتي وإخواني، في رمضان، سارعوا إلى رضوان الله تعالى، ومغفرته، وجنته، والفوز برضاه في الدارين.

 

﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

ثريّا أمل يسنا

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

كفر العصر العلمانية المتأسلمة

ليست قراءة عصرية للإسلام ولكنها فهم علماني لنصوصه!

 

حرص الغرب الكافر المستعمر على سحق المسألة الفكرية لدى أبناء المسلمين ليكونوا مادة طيعة مرنة لغزوه الثقافي، فحرص عبر مناهج التعليم التي صممها ووضعها بناء على فلسفته وثقافته العلمانية في إقصاء الإسلام عن فكرنا وتفكيرنا وقضايانا وحياتنا، والتي كانت ولا زالت سبة عصرنا بها نزيغ ونضل ونلحد في إسلامنا، فقد حرص على الضحالة الفكرية والهشاشة الثقافية في التعامل مع مواضيع الثقافة الغربية للاستجابة التامة لكل إنتاجها المعرفي دون تفكير فيها كثقافة علمانية كافرة تناقض إسلامنا وتنسف إيماننا، بل حرص كل الحرص على تلقيننا ثقافته العلمانية باعتبارها مسلمات معرفية وحقائق يقينية فكرية، وتعمد الغرب إخفاء الوجه العلماني لثقافته والتعمية على خصوصية بيئتها وظروفها وإنسانها وحقيقة كفرها، وصدّرها وقدمها كإنتاج معرفي إنساني محايد بل وصاغها لنا كعلوم المادة من كونها عامة عالمية غير متأثرة بوجهة نظره وكفره، وهي لعمرك المكيدة الكبرى والخديعة السامة المهلكة!

 

فالثقافة كإنتاج معرفي هي مادة بناء كيان الأمة وبناء شخصية إنسانها، فهي مادة بناء عقلية الإنسان لفهم الأمور والأحداث بطريقة معينة، طبق المقاييس والقواعد الثقافية التي يقيس الأمور بحسبها، وهذه الثقافة هي مادة الحضارة وبناء عليها تتحدد الأهداف والغايات والمثل والقيم ويحدد نمط العيش، وهي مادة وجهة النظر في الحياة، وهي إسمنت المجتمع ومادة معاييره وأحكامه ومعالجاته وأنظمته وحياته.

 

أما وقد تحكم الكافر الغربي في المسألة الثقافية في بلاد المسلمين عبر مناهج التعليم حتى لا تفلت جزئية من جزئياتها، "وقد وضع الاستعمار مناهج التعليم والثقافة على أساس فلسفة ثابتة، هي وجهة نظره في الحياة التي هي فصل المادة عن الروح، وفصل الدين (الإسلام تحديدا) عن الدولة، وجعل شخصيته وحدها الأساس الذي تنتزع منه ثقافتنا، وجعل حضارته ومفاهيمه ومكونات بلاده وتاريخه وبيئته المصدر الأصلي لما نحشو به عقولنا...". وقد كان لهذه الثقافة الغربية العلمانية الأثر الأكبر في تركيز أفكار الكفر والاستعمار، فحتى وإن فشل في إيجاد أجيال تحمل عقيدته، وتؤمن بما يؤمن به، فلا أقل من أن يوجِد أجيالاً جاهلة، مشتتة الذهن، ليس لها قاعدة فكرية ولا طريقة في التفكير. وبالتالي ستبقى هذه الأجيال تربة صالحة لزرع ثقافته، وتوجيهها بالوجهة التي يريدها هو، حتى لو أرادت الإفلات من قبضته بعد إدراكها غايته، فهو الذي يرسم لها طريق النضال لتقع مرة أخرى في قبضته، وتعود لتبقى حبيسة قفصه الاستعماري، وفي كل مرة يبتكر أسلوبا للإيقاع بها في الفخ.

 

فإذا كانت هذه القواعد والمقاييس العلمانية هي التي نقيس بها حياتنا وقضاياها ووقائعها وأحداثها، فحتما هكذا عقليات تشكلت بهكذا مقاييس وقواعد علمانية لزاما أن تفكر بحسب ما يريد هذا الكافر المستعمر، وأضحت عقليات مشبعة بتقليد الغرب طاردة للإسلام من دائرة تفكيرها وانشغالاتها منغمسة في اقتفاء أثر الغرب فيما سطره لنا من حدود وقوانين وثقافة وسياسة وأنظمة حياة وحضارة وغير ذلك، حتى صارت هكذا عقليات خادمة للأوضاع والسياسات والمشاريع الاستعمارية التي أقامها الغرب فينا، والأنكى أن المغالطة التي تعمدها الكافر المستعمر في تلقين أبناء المسلمين مقاييسه وقواعده الثقافية ليس كجزء من ثقافته العلمانية ولكن كمقاييس وقواعد علمية وحقائق علمية عامة عالمية مسلم بها غير قابلة للنظر والتفكير فيها، فأوجد الإكبار لمعارفه الثقافية باعتبارها علوماً عالمية، فصارت معارفه الثقافية تُؤخذ كقضايا مسلمة لتحكيمها في أمور حياتنا!

 

وهكذا ترى كثيرين من المستلبين ثقافيا ولا سيما فئة المثقفين بهذه الأفكار الذين مورس عليهم الغزو الثقافي بكثافة وطحنتهم وسحقتهم ماكينة الثقافة الغربية العلمانية، يتناولون مواضيع الثقافة الغربية العلمانية كباب من أبواب علوم المادة (الرياضيات، الفيزياء، الهندسة...)، فيتعاملون معها بحيادية بلهاء، بل يضفون عليها طابع الفهم الجديد والقراءة العلمية الحديثة العصرية للثقافة وقضاياها، وهذه الضحالة الفكرية والهشاشة الثقافية تعذر معها فهم الثقافة الغربية العلمانية كثقافة خاصة بنت بيئتها وظروفها وإنسانها وزمانها ومكانها، وأن جذورها العلمانية سبب في وجودها وإنشائها وتوليد مقاييسها وقواعدها وإنتاجها المعرفي العلماني الخاص بها، ومع هكذا مأزق معرفي أُحْكِم إغلاق العقول أمام إدراك حقيقة معضلاتها الفكرية وتهافت حججها وأسانيدها الفلسفية ورؤاها الثقافية وفوق كل هذا باطل كفرها العلماني.

 

فما أسمته الثقافة الغربية العلمانية علوما هي إنتاج معرفي ثقافي علماني، فهي الرؤية العلمانية للمسائل والقضايا الثقافية، أما تلك السطحية في النظر إليها كقراءة علمية عصرية للمسائل الثقافية فلا قيمة معرفية لها سوى تضليل أفهام أصحاب الضحالة الفكرية والهشاشة الثقافية، فهي قراءة علمانية لمسائل وقضايا الثقافة وكفى، ونعتها بالحداثة والعصرية لا يعدو عن كونه تدليسا لتمرير وتيسير الغزو الثقافي، فالجديد والقديم ليس معيارا للصحة والبطلان في المسألة الفكرية والثقافية، وليس هو موضوع البحث بل الموضوع هو علمانية الثقافة وكفى.

 

فمثلا من أبواب الثقافة العلمانية الغربية باب سمي بعلم الاجتماع فهو ليس قراءة علمية عصرية للمجتمع وقضاياه، بل هو قراءة ورؤية ثقافية علمانية للمجتمع وقضاياه وكفى، ولا قيمة معرفية لتعيير هذه الدراسة الثقافية العلمانية ودمغها بالحديثة أو العصرية، فالقضية في فلسفتها العلمانية وليست في زمن حدوثها. وكذلك ما سمي بعلم النفس فهو ليس قراءة علمية عصرية حديثة للنفس البشرية ومشاكلها، بل هو قراءة ورؤية ثقافية علمانية للنفس البشرية ومشاكلها. وكذلك ما سمي بعلوم التربية فهي ليست قراءة علمية عصرية حديثة لتقويم السلوك الإنساني، بل هي قراءة ورؤية ثقافية علمانية للتربية وسلوك الفرد. وكذلك ما سمي بعلم التاريخ وفروعه، فهو ليس قراءة علمية عصرية حديثة للتاريخ، بل هي قراءة ورؤية ثقافية علمانية للتاريخ وماضي البشرية. وكذلك ما سمي باللسانيات أو علم اللغة، فهي ليست قراءة علمية عصرية حديثة للغة، بل هي قراءة ثقافية علمانية للغة وكلام البشر مفردة ومصطلحا ومعنى.

 

وقس عليها كل الإنتاج الثقافي العلماني الغربي، فهو معرفيا إخضاع المسائل والقضايا والإشكالات الثقافية لمعايير وقواعد العلمانية لتوليد الرؤية العلمانية الخاصة، فهي علمنة شاملة لكل قضايا الثقافة. فالعلمانية هي وجهة نظر في الحياة، وجذرها الفلسفي في فصل الدين عن الحياة هو قاعدتها الفكرية الأساسية التي تستند إليها في إنشائها وتوليدها لمعارفها وثقافتها العلمانية الخاصة بها.

 

فالثقافة بنت وفرع عن جذرها الفلسفي وعقيدتها الفكرية، لها قواعدها الخاصة ومعاييرها الخاصة، فالثقافة خاصة إلى أبعد الحدود فهي انبثاق عن وجهة النظر في الحياة والتي هي أخص الخصوصيات، وكل إسقاط على ثقافة أخرى هو سقوط في الخلل والخطيئة المعرفية، فكل ثقافة لها جذرها المعرفي الخاص بها وقواعدها ومعاييرها الخاصة التي لا تفهم إلا بها، وكل استعمال لقواعد ومعايير من جنس ثقافة أخرى هو في حكم المسخ والتشوه الثقافي، ويصنف في خانة الخلل المعرفي والخطيئة الثقافية، ولا قيمة له معرفيا وثقافيا إلا في باب المسخ والتشويه. فاستعمال أدوات وقواعد ومعايير الثقافة العلمانية الغربية في دراسة وفهم الثقافة الإسلامية، ما هو إلا أسلوب في علمنة الثقافة الإسلامية ومسخها وتشويهها، والمفارقة أنها تقدم للسطحيين ويروجها السطحيون كقراءة علمية عصرية حديثة وكفهم جديد مبتكر للثقافة الإسلامية، وهي لعمرك قمة الضحالة الفكرية والهشاشة الثقافية!

 

وهذا الإسقاط والمسخ والتشوه الثقافي هو سمة حظائر الاستعمار وزمن انحطاطها وسمة أشباه مثقفيها، فترى الواحد منهم بعد أن تشرب بعضا من قيء الثقافة العلمانية الغربية يتحذلق لغويا لإغواء السامعين ثم يأتيك بالموبقات العقدية والمهلكات الفكرية ويدعي المأفون في كل هذا أنه اجتهد فيما عجز بل وأخطأ فيه الأولون، والمصيبة أنه في استلابه الثقافي وهزيمته الثقافية لا يفقه حقيقة أن هراء كلامه هو مجرد قيء علماني به نسف دينه وإيمانه قبل دين السَمَّاعين له.

 

وقد طلع علينا في أيام قحطنا الفكري ويبسنا الثقافي وانحطاطنا الحضاري، نسل تناسل علينا من مأفوني كفرة المستشرقين من أبناء جلدتنا يتكلمون لساننا ويناقضوننا إسلامنا العظيم، نسل من المرتدين الجدد نبت خبيث على شاكلة أعمى البصر والبصيرة طه حسين، همهم الغمز واللمز في الإسلام وفكره وثقافته وأعلام مفسريه ومحدثيه وفقهائه، قاع خبثهم شحرور ومن فراخه اليوم خريج قسم اللسانيات العلمانية الدعي يوسف أبو عواد، والذي ما فطن في ضحالته الفكرية أن اللسانيات عند التحقيق هي شق من الثقافة الغربية العلمانية وباب في فلسفة اللغة تم إنشاؤه أواخر القرن التاسع عشر، من نسج العقل العلماني المؤسس دي سوسير والذي يعتبر بمثابة الأب للمدرسة البنيوية في علم اللسانيات وعُدَّ مؤسس اللسانيات، ففكرته مفادها علمنة اللغة عبر تجريد المفردات والمصطلحات من دلالاتها الدينية التي صبغتها وانطبعت بها خلال عصور هيمنة الكنيسة ولاهوتها الثقافي، فمع موجة العلمنة لكل حقول المعرفة أراد علمنة اللغة أيضا، فاللغة في كتابه (محاضرات في اللسانيات العامة) تحمل هويات من القيم "الدين، المحيط، الثقافة، الفكر الفلسفي"، ولا بد من تجريد اللغة من حمولتها الدينية لتصبح لغة علمانية. فاللسانيات فرع من الثقافة العلمانية الغربية لعلمنة اللغة وكلام البشر بمعنى تجريد للمفردة والمصطلح من المعنى الديني وتجريدها من حمولتها الدينية، فاللسانيات هي الآلة لعلمنة اللغة انتهاء لعلمنة الدين، وذلك الذي يقوم به يوسف أبو عواد، وهذا الإسقاط العلماني للسانيات على اللغة العربية مفسد لمعانيها ومبانيها أي مفسد للغة نفسها ومحرف للدلالات والمعاني أي محرف لكلام العرب ومحرف للدين نفسه الذي أنزل بلسان عربي مبين، ثم بهكذا لسان معلمن يتجرأ على الله في تحريف معاني ودلالات النص القرآني ويحرف الكلم عن مواضعه ومراميه، وهو في كل هذا يسير بحسب مقاييس وقواعد العلمانية في فهم اللغة العربية وتفسير القرآن، فيأتيك بالموبقات العلمانية ويحسبها إنشاء واجتهادا في فهم النصوص بل ويفري ويفتري ويشنع بأعلام المفسرين وجهابذة الفقهاء وينعتهم بالتراثيين الذين أخطأوا في فهم الإسلام ونصوص قرآنه، ومع كل هذا الزيغ والضلال العلماني والزندقة يحسب نفسه يحسن صنعا، بل يأتيك هذا الصنف بالردة والكفر العلماني كفكر وثقافة إسلامية، وعلى شاكلته فرخ آخر من فراخ زنادقة الشحارير الدعي ياسر العديرقاوي رخيص مدرسة شرك الإبراهيمية وضلالة صلاته القرآنية وهلم جرا...

 

ذَكَرْنا هؤلاء بأسمائهم تحذيرا لأبناء المسلمين السماعين لهم والذين لا يملكون الآلة ونعني بها العقلية الإسلامية المنضبطة بقواعد ومقاييس الإسلام والمتحررة من علائق العلمانية الغربية وكفر معارفها وثقافتها، ولا سبيل لهم للتحصيل الثقافي الإسلامي والنهل من بحر ثقافته في زمن القحط الثقافي واليَبَسِ الفكري، لإدراك سفالة وسفاهة وزندقة هؤلاء المرتدين الجدد.

 

فهذا الغزو الثقافي السام المتواصل والمستمر وهذه الحرب الفكرية العلمانية المدمرة، أفرزت عقليات مشوهة ومسوخا معرفية، علمانية التفكير إسلامية القشرة والمظهر، قشرتها الخارجية إسلامية وعمقها الثقافي علمانية، قالب إسلامي لمحتوى علماني. فالحذر الحذر فالحركة الثقافية في كيانات الوظيفة الاستعمارية ملغومة ومفخخة في كل زواياها الفكرية والثقافية بألغام وفخاخ العلمانية الغربية، بل حتى علوم المادة تمت فلسفتها خدمة لعلمانية المستعمر الغربي.

 

فالحذر الحذر فالمسألة الثقافية كالمبضع في يد الجراح، خطؤها قاتل فإن لم تكن جراحا فلا تُقْدِم، فلا مجال للمغامرة فالمخاطرة هنا ليست نزيفا أو بترا، بل استئصال لعقلك وإيمانك ومفاهيم إسلامك العظيم انتهاء بردتك وكفرك، فانبذ زنادقتها ومنتحلي الثقافة والفكر عبيد العلمانية خدم الاستعمار.

 

أبناء الإسلام العظيم: لا بد من تنبيه وتحذير، فموقف المسلم من الثقافات الأخرى كون الثقافات خاصة ومطبوعة بعقائدها أنه لا يجوز له التأثر ولا الانتفاع بها ولا اتخاذها مصدرا لقواعده ومقاييسه وأحكامه وتصوراته، فكيف بفلسفة تسعى لنسف حقيق وحق إسلامه العظيم ووحي العليم الحكيم، واستبدال مسخ اجتهادات فلاسفة الغرب وكفر علمانية ثقافتهم به! أما عن مطالعتها والتزود بها فيكون لمن له الأهلية لفهم كنهها وإدراك مراميها لنقضها لإيجاد الحركة الثقافية التي يقتضيها حمل الدعوة الإسلامية، لجدال أصحابها فيها لبيان عوارها وفسادها وكفرها ثم جعل الثقافة الإسلامية تؤثر فيهم، ويتحقق حقيق إخراجهم من الظلمات إلى النور وشهادتنا على الناس.

 

فالثبات الثبات والحرص كل الحرص على نقاء وصفاء فكركم وثقافتكم الإسلامية لصفاء ونقاء عقلياتكم واستقامتكم على أمر ربكم، واعلموا أن ما اقتحم عليكم الغرب حصونكم واستباح بيضتكم وحماكم إلا بفقد حامي حماكم والذاب عن حياضكم إمامكم وخليفة رسول الله ﷺ فيكم وجُنَّة الله لكم. ألا فبادروا قبل انقطاع العمل وانصرام الأجل لخير أعمالكم إعلاء كلمة ربكم ورفع راية نبيكم ﷺ وعزة أمتكم بحمل هَمِّ هذا الدين والعمل لإقامة خلافته من أجل استئناف حياتكم الإسلامية، واعلموا أن حبل الكفر منقطع وليل علمانية الغرب منحصر وشمس إسلامكم لاحت في الأفق فالبدار البدار.

 

﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي للحزب التحرير

مناجي محمد

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

بين رفض زيلينسكي لابتزازات ترامب وخضوع محمد بن سلمان لها

 

أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 19‏/02‏/2025م رشقة من الإهانات بحق الرئيس الأُوكراني فلاديمير زيلينسكي، على مسمع ومرأى من العالم، قبل أن يلتقيه في المكتب البيضاوي، منها مطالبته بالتوقيع على صفقة المعادن النادرة في أوكرانيا، وحصول أمريكا على 50% منها. مع أن أُوكرانيا ورئيسها يقعان تحت وطأة حرب روسيا عليهما منذ ثلاث سنوات، إلا إن زيلينسكي رفض الإذعان لمطالب ترامب.

 

وغير بعيد طلب ترامب من محمد بن سلمان، في مداخلته في منتدى دافوس الاقتصادي في 23‏/01‏/2025م، استثمار تريليون دولار - بدلاً من 600 مليار دولار - في الاقتصاد الأمريكي، لتهدئة انهيار الاقتصاد الأمريكي، فأذعن ابن سلمان لطلبه. فما السر في رفض زيلينسكي، ومشاداته مع ترامب ومساعده، واستجابة ابن سلمان؟

 

ينظر ترامب لمملكة آل سعود على أنها البقرة الحلوب التي يجب أن تدر حليبها في فم أمريكا، كيف لا وقد حصل ترامب في رئاسته الأولى على موافقة ابن سلمان لضخ 450 مليار دولار في أمريكا، لتسكين آلام اقتصادها المتهالك، ومنحه أيضاً أرفع وسام في المملكة، وسام الملك عبد العزيز الذهبي.

 

لم تقف طلبات ترامب من ابن سلمان عند هذا الحد، بل تعدته إلى طلب الحفاظ على سعر منخفض للنفط في الأسواق العالمية، واستمرار إبقاء تسعير النفط حصراً على الدولار.

 

تحدث ترامب مراراً في مناسبات مختلفة عن ثراء السعودية، وتباهى دائماً أمام مناصريه من الحزب الجمهوري، بقدرته على الاستحواذ على جزء مناسب من هذا الثراء في وقت قياسي، وموافقة ابن سلمان على تلبية رغباته. وما يجعل ابن سلمان يذعن كل هذا الإذعان لترامب، هو خوفه من مخططات بريطانيا تجاهه، وحاجته للحماية الاستخبارية والعسكرية من أمريكا، التي يجيد ترامب تخويفه بهما، في الوقت الذي يعتزم فيه المضي قدما في صفقة القرن بقيادة ترامب، عبر التطبيع مع كيان يهود في الأمد القريب، في مقابل توفير الحماية لابن سلمان.

 

كما استخدم قانون جاستا الأمريكي في 2016م، بشأن 11 أيلول/سبتمبر 2001م لابتزاز حكام المملكة، وسيظل ترامب يلاحق ابن سلمان بالطلبات المالية وغيرها، مستفيداً من حصوله على أدلة تفيد بتورطه في مقتل جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول في 02 تشرين الأول/أكتوبر 2018م. وقد رأينا كيف لبّى ابن سلمان طلب الجمهوريين في تشرين الأول/أكتوبر 2022م تخفيض إنتاج بلاده النفطي اليومي لمليوني برميل، بقصد زيادة أسعار المحروقات داخل أمريكا وانحياز الناخبين للجمهوريين، في الانتخابات النصفية للكونجرس، الذين يعدون الناخبين الأمريكان بتخفيض أسعار الوقود.

لقد رمت أمريكا بثقلها كاملاً وراء ابن سلمان، في مواجهة خصمها الدولي بريطانيا، بجعل ذرية سلمان هي الحاكمة في المملكة، بعد إزاحة ولي العهد التالي لسلمان بن عبد العزيز، متعب بن عبد الله بن عبد العزيز، بمحمد بن نايف، ثم إزاحته أيضاً، وسجنه منذ العام 2020م ومصادرة أرصدته، وإيصال محمد بن سلمان. ودعمت أمريكا ابن سلمان، حين أقدم في تشرين الثاني/نوفمبر 2017م على اعتقالات أبناء عمومته المرتبطين ببريطانيا، تحت عنوان محاربة الفساد، وغرد الرئيس الأمريكي ترامب حينها، قائلاً: "لدي ثقة كبيرة في الملك سلمان وولي عهده، فهما يعرفان بالضبط ما يفعلانه".

 

يستفيد ترامب من تاريخ العلاقات بين واشنطن والرياض، حين بدأت في الأول من أيار/مايو 1931م، باعتراف واشنطن بسلطان نجد والحجاز عبد العزيز آل سعود، والتمهيد عام 1933م لحصول أربع شركات أمريكية اندمجت تحت مسمى "أرامكو" على امتياز لاستكشاف النفط في نجد والحجاز، ونجاحها في ذلك، بعد مقاومة شرسة من بريطانيا ممثلة في رجل مخابراتها جون فيلبي "الحاج عبد الله" الذي صار لاحقاً ممثلها لدى عبد العزيز آل سعود. وحققت مطلب مذكرة ليهي أمير الماء رئيس الأركان الأمريكية في 1943م "إلى الرئيس روزفلت تحذر من أن أمريكا ليس لديها مخزون كاف من النفط الخام المحلي اللازم لتلبية متطلبات القوات المسلحة والاحتياجات المدنية الأساسية"، التي دفعت الرئيس الأمريكي روزفلت في 1945م للقاء عبد العزيز آل سعود في السويس بمصر، على ظهر الطراد كوينزي، المفضي إلى حماية أمريكية غير مشروطة لعائلة آل سعود مقابل ضمان إمدادات النفط. وانتهت مؤخراً باستحواذ أمريكا على النفط وعائداته.

 

يظن محمد بن سلمان - كما ظن جده عبد العزيز وجيرانه في الخليج - بأن النفط حباه الله واختصه به، دون غيره، والحكم الشرعي ينطق بغير ذلك، ويجعل النفط كالماء العد، من الملكيات العامة، يشترك فيه جميع المسلمين، ومن هم في ذمتهم. أما ترامب، فلم يجد رجلاً نداً له من بين حكام المسلمين حتى اللحظة، يردّه عن غيّه. ولكننا نعده، بأن في المسلمين من سيكبح جماحه، ويعيده لصوابه، في ظل دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس شفيق خميس – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

يا أبناء الكنانة.. أليس فيكم وشق يغضب لله

فيكون غضبه ناراً تحرق كيان يهود وتنتصر لأهلنا في غزة؟

 

في حادثة لم تكن تخطر ببال أحد، تسلل الوشق المصري - هذا المفترس القادم من عمق الصحراء - إلى قاعدة عسكرية لكيان يهود، مهاجماً جنوده، ومثيراً الذعر بينهم، وكأن هذا المخلوق بفطرته أدرك ما لم يدركه كثير من البشر! وكأن الله سبحانه وتعالى أرسله ليوقظ في النفوس نداءً طال انتظاره، ويطرح علينا السؤال الذي لا يحتمل التأجيل: أليس فيكم وشق يغضب، فيكون غضبه ناراً تحرق كيان يهود، وتنتصر لأهلنا في غزة؟

 

هذا الوشق، لم يهادن ولم يختبئ، بل اندفع بفطرته السليمة مهاجماً جنود الاحتلال في قاعدتهم، حيث يتحصنون خلف أسوارهم، يحسبون أنهم في مأمن من أي تهديد. ولكنه أثبت لهم أن الخطر قد يأتيهم من حيث لا يحتسبون، حتى لو كان من مخلوق لا يملك إلا أنيابه ومخالبه! ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ

 

فإذا كان هذا الحيوان لم يحتمل وجود المحتل الغاصب ولا جرمه في حق أهلنا في الأرض المباركة، فكيف بكم أنتم يا أبناء مصر؟ يا أحفاد الفاتحين العظام، ويا من كنتم درعا لهذه الأمة وحماة لها ولمقدساتها، أليس بينكم من ينهض انتصاراً لأهلنا في غزة، الذين يحاصرهم العدو الغاصب؟ أليس بينكم من يغضب لله غضبة تجعل الأرض تهتز تحت أقدام الغاصبين؟

 

مصر، أرض الكنانة، التي قال عنها النبي ﷺ: «إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضاً يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ (يعني مصر)، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْراً فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِماً»، لم تكن يوماً إلا حصناً للإسلام وأهله، ودرعاً يحمي الأمة. يوم كان في مصر رجال لا ينامون على الضيم، كانت فلسطين عزيزة، وكانت أمتنا في عز ومنعة. يوم أخرجت الكنانة أبطالاً كصلاح الدين، كان المسجد الأقصى حراً شامخاً، لا يدنسه يهودي محتل، ولا تطؤه قدم غاصب.

 

ولكن، يا أبناء الكنانة، أين أنتم اليوم؟ أين نخوتكم التي كان يضرب بها المثل؟ غزة تحترق، ونساؤها يصرخن، وأطفالها يُقتلون، والعدو يجهّز لمحرقة تلو محرقة، بل يخطط لاقتلاع أهلها من أرضهم ودفعهم إلى التهجير القسري. فهل ترضون أن تكونوا شهوداً على ذلك؟ هل ترضون أن يقال: كان في مصر جيش، فلم يتحرك! وكان فيها رجال، فلم يغضبوا لله؟!

 

يا جند مصر، يا أحفاد الفاتحين، أليس بينكم رجل رشيد؟! أليس بينكم من يغضب لغزة كما غضب الوشق؟ أليس فيكم من يثور لعرض المسلمات، كما ثار المعتصم يوم صرخت امرأة في عمورية "وا معتصماه"؟

 

يا أبطال جيش الكنانة، أنتم اليوم أمام امتحان التاريخ، وأمام مسؤولية عظيمة، فإن كنتم حقاً حماة الأمة، فالأمة اليوم تطلب منكم نصرة غزة، وإن كنتم حقاً أبناء عقيدة، فالعقيدة تأمركم أن تهبّوا لتحرير فلسطين، لا أن تصطفوا خلف معاهدات الذل والخنوع.

 

ولتعلموا أن نصرة أهلنا في غزة ليست ترفاً ولا مسألة سياسة أو مصالح، بل هي فرض وواجب شرعي، يأثم كل من تخاذل عنه. قال الله تعالى: ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ. وأي استنصار أبلغ مما يحدث اليوم في غزة؟ وأي عدوان أشنع مما يفعله يهود في فلسطين؟

 

إن لسان حال أهلنا في غزة يستغيث بكم قائلا:

 

أخي في الله أخبرني متى تغضب؟

إذا انتهكت محارمنا؟! قد انتهكت.

إذا ديست كرامتنا؟ لقد ديست.

إذا لله، للإسلام، للحرمات لم تغضب؟ فأخبرنا بلا خجل لأية أمة تنسب؟

 

أيها المخلصون في جيش مصر، إن كنتم تريدون الجنة، فإن طريقها واضح، طريقها الجهاد في سبيل الله، طريقها الدفاع عن المسجد الأقصى، طريقها التصدي لعدو الأمة الذي أذلّ المسلمين واستباح دماءهم.

 

لقد انطلق الوشق وحده.. فأين أنتم وماذا أنتم فاعلون؟

 

إن هذا الوشق لم ينتظر إذناً من أحد، ولم يحتج إلى اجتماع دولي، ولم يطلب تصريحاً من الأمم المتحدة، بل تحرك بغيرته الفطرية، فجعل جنود الاحتلال يرتعدون رعباً، فماذا لو تحركت جيوش الأمة؟ ماذا لو قرر جيش مصر أن يكون في مقدمة الجيوش التي تزحف لتحرير فلسطين؟

 

يا أبناء الكنانة، كفى صمتاً، وكفى تأجيلاً، وكفى انتظاراً! فإن لم تتحركوا اليوم، فمتى ستتحركون؟ إن لم تغضبوا اليوم، فمتى ستغضبون؟ غزة لا تحتاج إلى بيانات الشجب والاستنكار، بل تحتاج إلى جيوش تزحف، إلى سيوف تُستل، إلى رجال يقتحمون الحدود كما اقتحمها الوشق، ولكن ليس ليموتوا كما مات، بل لينتصروا كما انتصر صلاح الدين.

 

يا أبناء الكنانة، إن فلسطين ليست مجرد قضية سياسية، ولا أخبار عابرة، إنها قضيتكم، إنها أرضكم، إنها مقدساتكم، فهل تقبلون أن تبقى أسيرة بيد شرذمة من القتلة والمحتلين؟

 

إن الوقت قد حان ليتحرك الرجال، لينهض الأحرار، ليغضب الوشق البشري فيكم، فيكون غضبه ناراً تحرق كيان يهود، وتجعلهم يندمون على اللحظة التي ظنوا فيها أنهم قادرون على البقاء.

 

أيها المخلصون، إن كنتم تريدون الجنة، فدونكم فلسطين، دونكم الأقصى، دونكم غزة، فازحفوا إليها، فلا عز إلا بالجهاد، ولا كرامة إلا بالمواجهة، ولا نصر إلا من عند الله، ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ. فاللهم اجعل لنا من بيننا وشقاً يغضب، فيكون غضبه ناراً تحرق يهود، وتكون فلسطين على يديه حرة عزيزة كما أرادها الله، وشقاً يقتلع نظام العمالة الذي يحمي يهود ويجعل مصر خلافة راشدة على منهاج النبوة، توحد الأمة وجيوشها لاقتلاع الكيان الغاصب وحماية أهلنا في الأرض المباركة.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

سعيد فضل

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

ضربات أمريكا على الحوثيين في شهر رمضان المبارك

استمرار لتلميعهم وضبط إيقاع خارطة سيرهم في خدمة مشاريعها

 

قبل أن يكتمل تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الملغوم الذي فرضته إدارة ترامب وكلفت قطر بمتابعة تنفيذه بين حركة حماس وكيان يهود الغاصب للأرض المباركة فلسطين، وكما هي عادة يهود في الغدر والخيانة ونقض العهود فقد شنوا حربا وحشية على قطاع غزة أوقعت مئات الشهداء والجرحى والمفقودين تحت الأنقاض بمن فيهم الأطفال والنساء، فقام الحوثيون بمهاجمة السفن في البحر الأحمر وضرب صواريخ نحو كيان يهود تم اعتراضها ولم تحدث إصابات تذكر، فشنت أمريكا على إثر ذلك ضربات عسكرية على الحوثيين مستهدفة بعض قياداتهم في صنعاء وصعدة وذمار والحديدة والبيضاء وغيرها من المدن الواقعة في مناطق سيطرتهم، وقد توعد ترامب ووزير خارجيته بلغة شديدة اللهجة أن هذه الضربات ليست كسابقاتها وأن حياتهم سوف تتحول إلى جحيم، وأن الضربات سوف تستمر حتى يوقفوا مهاجمتهم للسفن في البحر الأحمر. وقد خلفت تلك الضربات عشرات القتلى والجرحى. كما حذرت أمريكا إيران من استمرار إمداد الحوثيين بالأسلحة، وقد صرح عبد الله النعمي عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثيين أن الهجمات على السفن لن تتوقف حتى يوقف يهود حربهم على قطاع غزة، كما قاموا باستهداف حاملة الطائرات الأمريكية ترومان وضرب صاروخ "فلسطين2" على كيان يهود تم اعتراضه وإسقاطه في منطقة بعيدة عن السكان، كما قاموا بحملة اعتقالات للباعة المتجولين في الحديدة بحجة أنهم يقومون بإرسال الإحداثيات، وكما هو معتاد فإن أهل اليمن هم الضحية الذين أضحوا بين مطرقة الحوثيين وسندان أمريكا، فهل هذه الضربات تستهدف إنهاء الحوثيين والقضاء عليهم وإنهاء حكمهم كما يهدد ترامب أم أنها كسابقاتها، التي شنتها أمريكا عليهم في إدارة الرئيس السابق بايدن، وتهدف إلى تلميع الحوثيين واستمرار توسيع نطاق حاضنتهم الشعبية، وتختلف عنها في أنها تهدف فقط إلى وقف مهاجمة الحوثيين للسفن في البحر الأحمر بعد أن تمكنت أمريكا من إدخال نفوذها فيه إلى جانب النفوذ الإنجليزي، ولذلك فقد كانت تصريحات ترامب ووزير خارجيته روبيو شديدة اللهجة حول مهاجمة السفن في البحر الأحمر بخلاف تصريحاتهما حول ضرب كيان يهود بالصواريخ؟

 

إن الضربات تهدف إلى زيادة تلميع الحوثيين واستمرار ذلك وتوسيع نطاق حاضنتهم الشعبية وضبط إيقاع سيرهم في خدمة مشاريع أمريكا، ولا غرابة في ذلك فهم ينفذون مخططاتها وملتزمون بتوجيهاتها، ومهاجمة السفن بعد عملية طوفان الأقصى كان برضاها، وهم يحكمون أهل اليمن بتدبيرها.

 

ولتوضيح ذلك فقد أصدر الحوثيون قبل أيام قانون الاستثمار، وكان قد صدر ذلك القانون الوضعي المخالف للإسلام عام 2010م في عهد النظام السابق الذي يسميه الحوثيون عصر الفساد، وقد قاموا بتعديل القانون ليتلاءم مع سياسة أمريكا، فهو يتيح لكل مستثمر من اليمن أو غيرها أن يستثمر أمواله فيها حتى لو كان من أمريكا أو من كيان يهود، فقد فتح الباب على مصراعيه لنهب ثروات اليمن لصالح أمريكا وحلفائها وعملائها.

 

 صحيح أن الحوثيين قد امتلكوا من القوة العسكرية، وخاصة الصاروخية، ما يرعب كيان يهود الهش وقد قبضوا على كل مفاصل السلطة بيد من حديد، ولكنهم لا يزالون يسيرون حسب مخططات أمريكا ولم يحدث منهم تمرد عليها كما حدث من حزب إيران في لبنان.

 

كما أن أمريكا كانت وما زالت هي الداعم الأساسي للحوثيين فهي التي زودتهم بالأسلحة الفتاكة قبل أكثر من عقد من الزمن عن طريق إيران، كما سلطت عاصفة الحزم لضرب خصومهم وقوتهم العسكرية حتى أخرجتهم من صنعاء، كما قتلت أهل اليمن لبناء حاضنتهم الشعبية.

 

كما أن أمريكا هي التي دعمتهم سياسيا وأضفت عليهم صفة الشرعية عن طريق إجبار خصومهم على قبول المفاوضات معهم والتي كان خصومهم يرفضونها بشدة وينظرون لهم على أنهم مليشيات انقلبت على سلطاتهم الشرعية، وكانوا يصرون بشدة على تسليم الأسلحة الثقيلة التي سيطروا عليها بعد استيلائهم على السلطة، ومع ذلك فقد نجحت أمريكا في إلباسهم ثوب الشرعية في مفاوضات جنيف والكويت والسويد ومنحتهم من خلالها ميناء الحديدة وهو الرئة التي يتنفسون بها بعد أن دخلت قوات ابن شقيق الهالك الحديدة بدعم إماراتي ومن خلفها بريطانيا وأصبحت قاب قوسين أو أدنى من الميناء في عام 2018م، فأجبرت الحكومة الرسمية على المفاوضات مع الحوثيين في السويد والتي قضت بخروج القوات التابعة لابن شقيق الهالك من الحديدة وتركها للحوثيين.

 

كما أن الحوثيين قد انخرطوا مع أمريكا في مشروعها مكافحة الإرهاب (الإسلام السياسي) ويحكمون اليمن بعلمانيتها رغم تغنيهم بشعارات الموت لأمريكا والثقافة القرآنية!

 

والخلاصة أن الضربات الأمريكية على الحوثيين هي لزيادة تلميعهم وتوسيع نطاق حاضنتهم الشعبية وضبط إيقاع خارطة سيرهم في تنفيذ مخططات أمريكا كما تهوى هي لا كما يريدون هم.

 

إنه لمن المحزن أن تظل اليمن التي أنجبت الأوس والخزرج أنصار الرسالة والتي شارك أهلها في الفتوحات الإسلامية ومنها فتح الأندلس، تحكم بالعلمانية وأن يترك الحوثيون الإسلام السياسي خلف ظهورهم وهم الذين يسمون أنفسهم (أنصار الله)! ويقبلون بالنفوذ الأمريكي على اليمن وهم الذين يتغنون بشعار الموت لأمريكا وطرد الوصاية الأمريكية من اليمن بعد أن سادت عقوداً من الزمن في ظل النظام السابق، كما يقولون!

 

إن المخرج الصحيح لأهل اليمن وكل المسلمين هو العمل الجاد مع حزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة لتحكم بالإسلام نظاما للحياة وتزيل الحدود الوطنية الاستعمارية التي صنعها الكافر المستعمر لتمزيق الأمة الإسلامية وإضعافها لتبقى تابعة له وتعيد وحدة المسلمين من جديد لتعود الأمة الإسلامية أمة قوية مرهوبة الجانب تجمعها دولة واحدة جامعة للمسلمين تحرر فلسطين وأخواتها وتحمل الإسلام رسالة هدى ونور إلى العالم كله بالدعوة والجهاد فتخرج الناس من ظلمات الرأسمالية إلى نور الإسلام، وما ذلك على الله بعزيز.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حاشد قاسم – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

زيف الحضارة الغربية... (خدعوها بقولهم حسناء)

 

إن الحضارة الغربية أثبتت أنها حضارة متوحشة، لا تعرف الرحمة ولا تملك أي خلق نبيل. إنها آلة مجردة من كل فضيلة، وقودها الدماء، والقتل، والخراب. تطرب لصوت أنين الضعفاء المنكوبين. وما نراه اليوم ونسمعه قد فاق كل تصور عرفته البشرية، فالجرائم التي تُرتكب بحق الأبرياء، وخاصة في بلادنا الإسلامية، تُعدّ وصمة عار في جبين هذه الحضارة، التي بُنيت على إقصاء الآخر.

 

وللأسف، ما نسمعه اليوم من المضبوعين المفتونين بالفكر الغربي، وهم يحاولون تجميل وجهها القبيح، لهو أمر مؤسف. يحاولون إقناع الشباب في ظل الأوضاع الراهنة التي تعصف بنا، بأن الحضارة الغربية نموذج يُحتذى. ويستشهدون بكلمات قالها بعض المنتسبين للإسلام، كقول محمد عبده: "رأيت الإسلام في الغرب ولم أرَ المسلمين". كلمات يراد منها إضفاء هالة من الفضيلة على حضارة زائفة!

 

لقد خدع هؤلاء ببريق الحضارة الغربية، وانبهرت أعينهم بتقدّمها التكنولوجي والعمراني، متناسين أن هذا التقدم ما كان ليكون لولا خيرات بلادنا التي نهبوها، ومصادر قوتنا التي سُلبت منا ليستنزفوا طاقاتنا.

 

أيها المفتونون بالحضارة الغربية، إن الثورة الصناعية في الغرب لم تقم إلا عندما احتلّ الغرب أربع قارات، وأباد شعوبها واستعبدهم. وهذه أفريقيا شاهدة، لا تزال ترزح تحت ظلمهم وجورهم، تُنهب خيراتها، مع أنها من أغنى القارات بالثروات الطبيعية، إلا أنها من أكثرها تخلّفاً!

 

منذ هدم دولة الإسلام، لا يزال الغرب ينهب خيراتنا ويعتاش على مآسينا. إن رفاهية الإنسان الغربي سببها شقاء الإنسان المقهور في دول العالم الثالث، كما يسموننا. فإذا رأيت أحدهم ينعم بسيارة فارهة، فاعلم أن وقودها مسروق من بلاد المسلمين، بغطاء من نواطير نصّبهم الغرب حراساً على ثرواتنا.

 

أيُّ إسلام رآه محمد عبده وأمثاله؟! أما رأيتم الانحطاط والانحلال والتعرّي من كل القيم؟! أما رأيتم كيف تعامل الحضارة الغربية المرأة التي كرمها الله؟ لقد جعلوها سلعة رخيصة، امرأة لكل الرجال. بينما الإسلام صانها في كل مراحل حياتها؛ زوجةً تكون أميرة في بيتها، وأختاً يُبذل لأجلها الغالي والنفيس، وأماً تُقبَّل قدماها طلباً لرضاها ورائحة الجنة.

 

أيّ إسلام في الغرب كما تزعمون؟! وأنتم تغضون الطرف عما يحدث هناك من جرائم عنف، واغتصاب، وتفكك، لا يخفى على كل من يبحث عن الحقيقة.

 

إن هؤلاء الناعقين يسعون لطمس الإسلام وأخلاقه في نفوس الشباب، يريدون جيلاً مجرداً من القيم، ليفقد هويته، ويصير نسخة تابعة للغرب.

 

كلمات الليبراليين والعلمانيين تتكرر: "رأيت الإسلام في الغرب..."، بينما يحاولون تغريب المجتمع وطمس هويته! يسلّطون الضوء على التقدّم المادي، ويغضّون الطرف عن الانهيار الأخلاقي، والأزمات الحضارية التي تعصف بالغرب. "وعين الرضا عن كل عيب كليلة... ولكن عين السخط تبدي المساويا".

 

يتهمون مجتمعاتنا بالتخلّف، مع أنها لم تُحكم بالإسلام منذ عقود. فكيف يحملون مسؤولية التخلّف للإسلام؟! بل إن التخلف واقع تحت حكم الديمقراطيات الغربية نفسها!

 

إنها دعوات باطلة هدفها زعزعة الثقة، والانفصال عن الهوية، حتى ينسلخ المسلم عن دينه، وحضارته، وتاريخه، ويصبح مهزوماً يسهل استعباده.

 

إن طريق العودة إلى حياة كريمة حرة يحتاج إلى رجال شامخين، واثقين بربهم، كما كان الصحابي الجليل ربعي بن عامر رضي الله عنه، يوم دخل على رستم في خيمته، وهو على فرسه، يغرس رمحه في بساطه الفاخر، ويقول كلمته الخالدة: "ابتعثنا الله لنُخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة". كلمات زلزلت عرش رستم، لأنها خرجت من قلب مؤمن بالعقيدة المحمدية الصافية.

 

علينا اليوم أن نغلق كل نافذة مشبوهة تصدر من هنا وهناك، ونلتفت إلى واقعنا، فنعزز نقاط قوتنا، ونعالج ضعفنا، ونزرع الأمل، ونغرس الثقة في نفوس أبنائنا، لنصنع جيلاً مسلماً واثقاً بربه، واعياً بمكانته، مدركاً أن الأمة الإسلامية خير أمة أُخرجت للناس.

 

لقد خسرت البشرية حين تراجعنا، وآن لنا أن نعود بها إلى مرافئ الأمان. فإن النفوس المهزومة لا تصنع مجداً، ولا تبني حضارة. وليعلم كل مؤمن أن الله يهيئ من عباده من يعمل لتغيير هذا الواقع، ويستحق أن يُمنح شرف القيادة، الرائد لا يكذب أهله، وهو اليوم يدعوكم للعمل، ونَيل الشرف في نصرة هذا الدين.


نسأل الله أن يوفق القائمين والعاملين لهذا الهدف العظيم، وأن يُعجّل فرجه، وما ذلك على الله بعزيز...

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

أعجزتم أن تكونوا مثل هذا الوشق

فتنصروا أهل غزة وتحرروا الأرض المباركة؟

 

بينما تخلد الجيوش في أوكارها، وتصطف الأنظمة في طوابير التبعية، وتسود الخيانة كل مشهد من مشاهد نكبة الأمة، يخرج وشق مصري ليكون أشد غيرة، وأصدق شهامة من أمة المليار ونصف المليار مسلم! يقتل جنود الاحتلال بدم بارد، بلا خوف أو تردد، وكأنه أراد أن يوقظ الغافلين، ويفضح المتخاذلين، ويقول للناس: هكذا تُستردّ الحقوق، وهكذا يُطرد المغتصبون، وهكذا يُنتصر للمستضعفين.

 

بين الوشق والغراب.. هل من متعظ؟

 

حين قتل قابيل أخاه هابيل، وقف أمام جثته عاجزاً لا يعرف كيف يواريها، فأرسل الله غراباً ليعلّمه كيف يدفن سوءة أخيه. فكان الغراب معلماً لهذا القاتل الذي لم يكن يدري ماذا يفعل بجريمة يديه. واليوم، وقد تلطخت أيدي كيان يهود بدماء أهل غزة، وتعالت صرخات المستضعفين، وتكاثرت المقابر الجماعية، ولم يبق من بيوتهم إلا الركام، أرسل الله وشقاً ليذكّر أمة الإسلام بما يجب عليها أن تفعله.

 

ولكن، هل نتعلم الدرس؟ أم سنظل كقابيل، نحدق في الجريمة دون أن نحرك ساكناً؟

 

كما أرسل الله الغراب ليعلّم ابن آدم كيف يدفن أخاه، أرسل الله هذا الوشق ليعلّمنا كيف يكون الردّ على جرائم يهود. فما بالكم، يا أهل مصر، يا جند الكنانة، تعجزون عن القيام بما فعله هذا الوشق، وأنتم من أنتم؟ أصحاب الجيوش الجرّارة، وسليلو الفاتحين والقادة العظام؟!

 

هذا الوشق يعطي درساً في العزة لجيوش صمتت عن نصرة غزة، فحينما تسلل هذا الوشق إلى الأرض المحتلة، لم يحتج إلى قرار سياسي، ولا تفويض أممي، ولا مبادرة تفاوضية، ولا ضوء أخضر من قوى الاستعمار. لم يقف على أبواب المعابر ينتظر إذناً للعبور، ولم يبع عرضه مقابل اتفاقيات أمنية. بل فعل ما كان يجب أن يفعله جيش الكنانة منذ عقود: انقضّ على العدو فقتل منه من قتل، ثم عاد إلى مأمنه سالما.

 

لقد باتت هذه الواقعة، التي قد يراها بعض الناس صغيرة، أعظم من كثير من بيانات الشجب والاستنكار، بل هي أبلغ من مواقف الحكام وجيوشهم التي لم تحرك ساكناً رغم مذابح غزة. إنها صرخة مدوية في وجه قادة الجيوش، ورسالة واضحة لكل من يظن أن الاحتلال قد يُهزم بالمفاوضات.

 

يا جند مصر، يا أهل الكنانة، أما آن لكم أن تستيقظوا؟ أما آن لكم أن تعيدوا النظر في دوركم ووظيفتكم؟ أما آن لكم أن تسيروا على خُطا هذا الوشق، فتكونوا سيف الأمة المسلول على رقاب المغتصبين؟!

 

هل أصبحتم أضعف من وشق؟!

 

يا أبناء الأمة الإسلامية، أي عار يلحق بكم الآن؟ أما تشعرون بالخزي؟

 

كيف يعلّمكم حيوانٌ مفترسٌ معنى الغيرة على الأرض والأهل والعرض والمقدسات، بينما جيوشكم تُكبّلها أوامر الحكام العملاء؟  كيف يتحرك هذا الوشق ليقاتل العدو بلا تردد، بينما جيوشكم تمتلك الطائرات والصواريخ والمدرعات، لكنها لا تتحرك إلا بأمر أسيادها في واشنطن وتل أبيب؟ كيف يقتل هذا الوشق من احتل أرضكم، واغتصب مقدساتكم، بينما جيوشكم تحرس سفاراته وتنسق أمنياً معهم؟ إن كنتم ترفضون أن يكون الوشق أعزّ منكم، وأشجع منكم، وأوعى بمسؤولياتكم منكم، فاجعلوا غضبكم هذا وقوداً لحراككم. اجعلوا هذا الوشق مثالا، وكونوا مثله في الإقدام والجرأة، واضربوا العدو ضربة تنهي وجوده من أرض الإسراء والمعراج!

 

يا جند الكنانة، يا خير أجناد، يا أحفاد خالد بن الوليد، وصلاح الدين، وقطز!

 

أما سئمتم حياة الذل التي فرضها عليكم الحكام العملاء؟ أما مللتم من مشاهدة إخوانكم في غزة يُذبحون وأنتم في موقف المتفرج؟ أما ضجّت ضمائركم من أن تتحولوا إلى حراسٍ لحدود رسمها الاستعمار ليمنعكم من تحرير أرض الإسلام؟

 

اعلموا أن أي جندي يقف مكتوف الأيدي أمام المجازر في غزة، وقدرته في يده، فهو آثم أمام الله، مسؤول عن كل قطرة دم سالت. وأي قائد في الجيش يبرر لنفسه البقاء في ثكناته، بينما غزة تُباد، فهو شريك في الجريمة. وأي ضابط يخشى على منصبه أكثر من خشيته من الله، فقد خسر الدنيا والآخرة.

 

وإن كان حاكمكم العميل قد ربطكم بقيود كامب ديفيد واتفاقيات الاستسلام، فهل تقبلون أن تكونوا عبيداً لقراراته، بينما هو عبد ذليل لنتنياهو وترامب؟

 

إن تحرير فلسطين فرض عليكم لا خيار لكم فيه، ففلسطين ليست قضية شعب محاصر، وليست مأساة إنسانية تحتاج إلى مساعدات إغاثية، بل هي أرض إسلامية محتلة، والجهاد لتحريرها فرض على كل مسلم، وخاصة على جيوش المسلمين، قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾، وقال رسول الله ﷺ: «...وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلّاً لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إلَى دِينِكُمْ». فهل ترضون بالذل؟ هل تقبلون أن تسجلكم كتب التاريخ كأمة كانت جيوشها من أكبر الجيوش، لكنها لم تتحرك لإنقاذ شعبها في غزة؟!

 

يا أهل مصر: أليس فيكم رجل رشيد؟

 

يا أهل مصر، يا أبناء الكنانة، أنتم أهل النخوة والمروءة، فلا تكونوا أقل شأناً من وشق تحرك لقتل المحتلين، بينما أنتم تنظرون إلى أطفال غزة يموتون جوعاً وقهراً ولا تفعلون شيئاً! اضغطوا على جيشكم ليقوم بواجبه، وليتحرك لتحرير فلسطين، فهذا جيشكم وليس جيش الحكام العملاء! ولا تسمحوا للأنظمة العميلة أن تبيع قضية فلسطين في سوق المفاوضات، ففلسطين ليست للمساومة، ولا للحلول الدبلوماسية، بل للتحرير الكامل! فأعلنوا غضبكم، واصدعوا بالحق، ولا ترضوا بأن تكونوا أمة تُحكم بالحديد والنار، بينما العدو يتمتع بالأمن والأمان على أرضكم!

 

كونوا كالوشق.. ولا تكونوا كالنعاج، فقد آن الأوان لأن تتحولوا من أمة تشجب وتستنكر، إلى أمة تقاتل وتجاهد وتحرر. لقد آن الأوان لأن يتحرك جند مصر، ليس لحراسة الحدود، بل لنسفها، والزحف إلى الأرض المباركة! لقد آن الأوان لأن يكون الغضب ناراً تحرق كيان يهود، لا مجرد مشاعر تموت في الصدور!

 

يا جند مصر، يا أهل الكنانة، إن لم تتحركوا اليوم، فمتى؟ وإن لم تغضبوا الآن، فمتى؟ وإن لم تقودوا الأمة إلى النصر، فمن؟! "والله إن الموت في سبيل الله أهون من حياة الذل تحت أقدام يهود!"

 

﴿إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمود الليثي

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

لا وجود لمفهوم العرقيات الصغيرة في الإسلام

 

 

 

إنّ من أبرز المشاكل التي تطفو على السطح عند كل حديث عن محاولة لتغير أنظمة الحكم وتبدل الحاكمين، لا سيما عند بروز الإسلاميين كخيار مرشح لاستلام الحكم، كما حدث في مصر وتونس وأفغانستان والشام، هو مسألة العرقيات الصغيرة.

 

إذ تبدأ الأصوات تتعالى من الداخل والخارج مطالبة بنظام حكم يضمن حقوقهم ويمنع ظلمهم أو تجاوزهم أو تجاهلهم، وبغض النظر عن صدق مخاوف تلك الأصوات أم كذبها، مع أنها في الغالب كاذبة متربصة ولا يعنيها أمر تلك العرقيات ولا حقوق العباد، ولكنني سأتجاوز هذه النقطة رغم أهميتها إلى نقاش فكرة العرقيات الصغيرة وموقعهم في الإسلام الحنيف.

 

بداية لا بد من التأكيد على أن مصطلح (الأقليات) لم يبرز ويطفُ على السطح إلا في ظل أنظمة الحكم والدول القومية، كالدول الأوروبية القديمة والحديثة، والسبب أنها دول قامت وما زالت بناء على القوميات والأعراق، ومن رحمها خرجت النازية والفاشية والأنجلوسكسون وغيرها من القوميات والنزعات. وكانت تلك الدول وما زالت تكافح فيها الأعراق والأديان الأقل نسبة في المجتمعات من أجل العيش بسلام أو الحصول على أقل القليل من الحقوق والامتيازات. ولم يحدث في تاريخ تلك الدول أو حاضرها أن أنصفت هذه العرقيات أو قاربت على أنصافهم.

 

أما الإسلام الدين الحنيف، فهو شيء آخر تماما، فدولته لا تقوم على الأعراق أو القوميات، بل الإسلام حارب القوميات والجهويات والوطنيات وكل أشكال التأطير العرقي، وفي تاريخ الدولة الإسلامية، حكمها ووصل إلى أعلى رأس الهرم فيها، العربي والتركي والكردي والمغولي والتتري والأوزبيكي والسلجوقي وغيرهم الكثير من الأعراق.

 

والإسلام حرص كل الحرص على بناء دولة حافظة لحقوق رعاياها بغض النظر عن قومياتهم أو دياناتهم أو أعراقهم، بل سمى كل من يعيش تحت سلطان الدولة بالرعايا، مسلما كان أم نصرانيا أم يهوديا أم مجوسيا أم من غيرهم، وفرض لهم حقوق الرعوية وساواهم جميعا أمام القضاء ومؤسسات الدولة.

 

تأملوا معي حديث رسول الله ﷺ القائل: «مَنْ آذَى ذِمِّيّاً فَأَنَا خَصْمُهُ، وَمَنْ كَنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، إذ اعتبر ﷺ من يؤذي الذمي وهو من يدخل في ذمة المسلمين من غير المسلمين، كتابيا كان أم مشركا، اعتبره ﷺ خصمه، ومن كان رسول الله ﷺ خصمه فقد خاب وخسر.

 

بل حتى المعاهد الذي يدخل في حماية الدولة وسلطانها ومنهم الذميون طبعا، قال في حقه ﷺ: «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِداً أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئاً بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

 

وهذا فاروق الأمة عمر بن الخطاب كان يسير يوماً في الطريق فرأى رجلاً يتسول، فقال له ما لك يا شيخ؟ فقال الرجل: أنا يهودي وأتسول لأدفع الجزية، فقال عمر: والله ما أنصفناك نأخذ منك شاباً ثم نضيعك شيخاً والله لأعطينك من مال المسلمين، وأرسل إلى خازن بيت المال وقال له: افرض لهذا وأمثاله ما يغنيه ويغني عياله، فخصص له راتبا شهريا يكفيه ويكفي عياله من بيت مال المسلمين وأوقف عنه الجزية.

 

لتتجلى في هذه الحادثة روعة الحكم الإسلامي وعظمته وعدله، ولتمحق بهتان المفترين والمتربصين بالإسلام.

 

فمشكلة العرقيات الصغيرة غير موجودة في قاموس الأمة وإسلامها، حتى يكون لهم واقع يستدعي الخوف عليه أو القلق بشأنه، وتاريخ الدولة الإسلامية الممتد لثلاثة عشر قرنا من الزمان شاهد على صدق كلامنا، وحوادث وقوف رعايا الدولة بغض النظر عن ديانتهم وأعراقهم مع دولة الإسلام ضد الغزاة كما حدث إبان الحروب الصليبية دليل دامغ على ثقافة ونهج العدل في ظل الإسلام الذي انعكس ولاء وانتماء من الآخرين للدولة التي لم يكن في ثقافتها لا (أقليات ولا أكثريات).

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس باهر صالح

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

كيف يكون قتال يهود

سبباً لصنع أمة قادرة على حمل الإسلام والحكم به؟

 

 

 

تمر الأمة اليوم في اختبار أبنائها الذين كانوا ضحية تغييب التحاكم لله وشرعه وتعليم هذه الأحكام لهم، فعاشوا بعيدين كل البعد عن العلم بالفرائض كلها أو بعضها ومنها فريضة الجهاد والعمل به وكيفيته، فلم يتعرض أحد يوما ليوضح للأمة كيف يكون السبيل للنصر وما هي الأسباب التي عليهم فعلها؟ وهي الواجبات المحتمة لتحقيق الإعداد للنصر ومن ثم التمكين والاستخلاف، بالإضافة إلى ذلك انعدام وجود قيادة مسلمة حاكمة تهذب وتربي أبناء الأمة عند انحرافهم أو مخالفتهم لأمر الله، وهي بذلك وُضعت في حلبة صراع لا فرار منه، ومع هذه الشدائد آن لها أن تبصر سبيل الخلاص، وبهذا التبصير تكون قد أعدت نفسها إيمانا وبدأت ترشد إلى أن تصطفى لصلابة الإيمان وقوته وهو العنصر الأهم في طريق النصر.

 

فإذا عزمت الأمة جادة على تحديد ماهية العدو ومعاونيه وأسباب قوته وركزت على كيفية ملاقاته وحتمية قتاله بكل جد مسلّمة المال والنفس لهذه المعركة وأنها هي المعركة الحاسمة بين الحق والباطل فلا بد من طاعة الله والعمل لها صدقا ورضا.

 

إن على كل مسلم يؤمن بقدرة الله سبحانه ولا يريد أن يوالي غيره أن يقتنع بأن قتال يهود وطريقة الإعداد لهذا القتال هو طريق النصر والتمكين، وعلى جميع المسلمين أن يستقر في قلوبهم صدق المطلب بالتحاكم لله وحده، وبداية الطريق ستكون بإزالة جميع العراقيل فيعلمون أن أعداءهم هم الحكام الذين يقسمون بلاد المسلمين ويسجنون المخلصين ويفسدون أبناء المسلمين وينفقون أموالهم على مشاريع الغرب الكافر ويحرسون تلك الأهداف والمشاريع ويصنعون عملاء لهم يسهلون عليهم المعلومات الاستخباراتية والخطط.

 

ثم إن هؤلاء الحكام هم من يكبلون القوة التي يجب أن تكون في أيدي المخلصين العاملين لهذا الخلاص والنصر والتمكين، فيجب أن يكون لدى المسلمين العزم على إيجاد طريقة للتخلص من هؤلاء الحكام وسيطرتهم وفك قيودهم عن العنصر الثاني من الإعداد وهو القوة الكامنة في الجيوش تدريبا وسلاحا، فيتحقق في أبناء هذه الجيوش الاندفاع النفسي نحو الجهاد لما يلاقونه من تجارب المخلصين كأهل غزة وثباتهم وأهل الشام وثباتهم.

 

فعلى الأمة الإسلامية مقارعة حكامها وكشفهم والعمل على إزالة حكمهم وإقامة حكم الإسلام على أنقاضه.

 

ويجب أن يفهم المسلمون أن مشروع يهود هو مشروع الغرب وأملهم في بلاد المسلمين، وإذا أزيل فإنها هزيمة للغرب، وأن حكام المسلمين هم عملاء الغرب لحماية هذا المشروع، وعلى المسلمين أن لا يغفلوا عن أن يُعملوا كل الوسائل لقتال يهود وينفذوا أمر الله سبحانه كما قال رسول الله ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ».

 

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ * إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

 

وليس بعد هذه المعركة وإسقاط هذا المشروع الكفري إلا خلافة راشدة على منهاج النبوة، فتكون نتيجة هذه الملحمة الكبرى في بلاد المسلمين هي تحكيم شرع الله سبحانه وتعالى.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أم عثمان سباتين – الأرض المباركة (فلسطين)

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

الواقعية وخطرها على الأمة

 

 

إن الواقعية هي من أخطر المفاهيم على عملية التغيير ونهضة الأمة، والتي تعني الانطلاق من الواقع والمحددات والإمكانيات كأساس لتحديد الأهداف والغايات، فيضع الإنسان بذلك العربة أمام الحصان عند السعي لإحداث التغيير، فبدل أن يحدد الإنسان هدفه بناء على قناعاته وثوابته ومعتقداته ثم ينطلق متحديا الواقع ومذللا الصعاب، فإنه ينطلق من الإمكانيات والواقع والصعاب فيضع غاياته وأهدافه بناء عليها.

 

صحيح أن الأمر قد يبدو للوهلة الأولى عقلانيا وعمليا، ولكن بإنعام النظر فيه ندرك أن الأمر عبارة عن وصفة مخدرة ومثبطة عن التغيير الحقيقي أو الجذري، ومآل صاحبها التماهي مع الواقع ومسايرة الزمان.

 

تأملوا معي قصة رسول الله ﷺ مع قريش وعمه أبي طالب:

 

قال ابن إسحاق رحمه الله إن قريشاً حين قالوا لأبي طالب "يا أبا طالب إن لك سناً وشرفاً ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا مِنْ شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا، حتى تكفّه عنّا، أو ننازله وإياك في ذلك، حتى يهلك أحد الفريقين"، أو كما قالوا له، بعث إلى رسول الله ﷺ فقال له: "يا ابن أخي، إن قومك قد جاءوني فقالوا لي: كذا وكذا، للذي كانوا قالوا له، فأبق عليّ وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق". فظن رسول الله ﷺ أنه قد بدا لعمه فيه أنه خاذله ومسلمه، وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه. قال رسول الله ﷺ: «يا عَمُّ، واللهِ لَوْ وَضَعُوا الشَّمْسَ في يَمِينِي، والقَمَرَ في يَسَارِي عَلَى أَنْ أَتْرُكَ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللهُ أَوْ أَهْلِكَ فِيهِ، ما تَرَكْتُهُ». قال: ثم استعبر رسول الله ﷺ فبكى ثم قام، فلما ولى ناداه أبو طالب، فقال: "أقبل يا ابن أخي"، قال: فأقبل عليه رسول الله ﷺ، فقال: "اذهب يا ابن أخي، فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء أبداً".

 

فانظروا قول رسول الله ﷺ: «يا عَمُّ، واللهِ لَوْ وَضَعُوا الشَّمْسَ في يَمِينِي، والقَمَرَ في يَسَارِي عَلَى أَنْ أَتْرُكَ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللهُ أَوْ أَهْلِكَ فِيهِ، ما تَرَكْتُهُ»، فهو ﷺ تحدّث بالمستحيلات وهو أن يقدر أهل قريش على أن يضعوا الشمس في يمينه والقمر في يساره، وحتى لو قدروا على تلك المستحيلات فإن ذلك لن يثنيه عن سعيه للتغيير ولن يدفعه لترك غايته ما دام حيا يرزق. وهذا الموقف ينسف الفكر الواقعي نسفا.

 

كما أنه لا يتصور أن يسمح لنا الطغاة والغرب والاستعمار بتغيير الواقع الفاسد ليوافق الإسلام بكل سهولة ويسر، لأن ذلك يعني نهايتهم وفناءهم، فهو تهديد وجودي لهم، لذلك من الطبيعي أن يستأسدوا ويستنفروا ويبذلوا كل ما يستطيعون عليه من أجل منع ذلك، وإن لم يجدوا في المقابل رجالا أشداء أقوياء أولي عزم وإرادة يتحدون الواقع والصعاب والمكاره فلن يرى التغيير النور.

 

أختم بما جاء في سبب نزول سورة الكافرون ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ...﴾ والتي تمثل نموذجا يحتذى به في رفض الواقعية أو القبول بها. إذ نزلت في رهط من قريش قالوا: يا محمد هلم فاتبع ديننا ونتبع دينك، تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة، فإن كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا كنا قد أشركناك فيه وأخذنا بحظنا منه، وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما في يدك كنت قد أشركتنا في أمرنا وأخذت بحظك، فقال: "معاذ الله أن أشرك به غيره"، فأنزل الله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ...﴾، وغدا رسول الله ﷺ إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش، فقرأها عليهم حتى فرغ من السورة، فأيسوا منه عند ذلك.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس باهر صالح

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾

 

حُكم بالإعدام على الرجال الأوزبيكيين الثلاثة الذين اعتُقلوا في الإمارات للاشتباه بهم في مقتل الحاخام تسفي كوجان، وهم عالمباي طاهروفيتش، 28 عاماً، ومحمود جان عبد الرحيم، 28 عاماً، وعزيز بك كاميلوفيتش، 33 عاماً. ووفقاً للمعلومات الرسمية، فإن الحاخام المقتول كان جندياً في كيان يهود الغاصب، وقد شارك في الحرب على أهل غزة، حيث شارك بشكل مباشر في قتل الآلاف من المسلمين بمن فيهم النساء والأطفال!

 

ووفقاً للعديد من وسائل الإعلام في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 فقد عُثر في الإمارات على جثة الحاخام تسفي كوجان ويحمل جنسية كيان يهود ومولدوفيا وعضو في حركة حباد-لوبافيتش وأحد قادة الدعاية اليهودية العالمية. وقد أعلن ذلك رئيس وزراء يهود نتنياهو. بعد الإعلان عن اختفاء كوجان في الإمارات في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، عُثر على جثته بعد يومين. وقد ردّ رئيس كيان يهود يتسحاق هرتسوغ على الحادث فقال: "هذا الهجوم الشنيع المعادي للسامية يذكرنا مرة أخرى بمدى قساوة أعداء الشعب اليهودي". كما أعرب عن شكره للسلطات الإماراتية على تحركها السريع وقال إنه يعتقد أنه سيتم اتخاذ كافة الإجراءات لتقديم القتلة إلى العدالة. ووصف نتنياهو الحادث بأنه "عمل إرهابي بغيض معادٍ للسامية" وأصدر بياناً جاء فيه "(إسرائيل) ستسعى بكل الطرق لتقديم المجرمين المسؤولين عن مقتله إلى العدالة". واتصل وزير خارجية أمريكا السابق أنتوني بلينكن بوزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد وأدان مقتل كوجان. وقال شون سافيت المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض إن أمريكا أدانت بشدة مقتل تسفي كوجان، وقال سافيت في بيان نُشر على الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض: "نحن ندعو من أجل أسرته ومجتمع حباد-لوبافيتش والجالية اليهودية وجميع الذين هم في حداد عميق". بالإضافة إلى ذلك وصفت الرئيسة المولدوفية مايا ساندو قتل الحاخام المجرم بأنه "عمل من أعمال الكراهية".

 

عملت أجهزة أمن كيان يهود بالتعاون مع أجهزة أمن الإمارات، وقد تم التأكيد على أن الموساد يتولى قضية كوجان. وفي ٢٥ تشرين الثاني/نوفمبر 2024 ألقي القبض على ثلاثة أشخاص للاشتباه بهم في قتل الحاخام تسفي كوجان. وقد ذكرت CNN ذلك نقلاً عن وزارة الداخلية في الإمارات، التي أكدت أن عملية الاعتقال تمت "في وقت قياسي". وأكدت الإمارات أن المعتقلين هم أوزبيك. وأفادت بأن القنصلية العامة لأوزبيكستان في دبي والسفارة في أبو ظبي على اتصال دائم مع وزارة خارجية الإمارات والدوائر الرسمية الأخرى، وتعمل على توضيح هذه القضية.

 

وفي 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 التقى وزير الخارجية الأوزبيكي بختيار سعيدوف بسفير يهود لدى أوزبيكستان جدعون لوستيج في مبنى وزارة الخارجية وأعرب له عن تعازيه في مقتل الحاخام اليهودي. وقد أعلن ذلك على صفحاته على شبكات التواصل، فقال "أعربنا عن خالص تعازينا بوفاة تسفي كوجان. لطالما كان شعب أوزبيكستان ودوداً مع ممثلي جميع الأديان والأمم. لم نتسامح مع أي شكل من أشكال التعصب القومي ولن نتسامح معه في المستقبل". ووفقاً للوزير فإن الإرهاب والتطرف "ليس له حدود ولا جنسية". وأن حكومة أوزبيكستان تتعاون بشكل وثيق مع السلطات في الإمارات وكيان يهود في عملية التحقيق.

 

يظهر هذا بوضوح أنه كما قيّم كيان يهود وأمريكا التي تقف وراءه مقتل تسفي كوجان فإن الإمارات والنظام الأوزبيكي أيضا تصرفا وفق السيناريو نفسه بإخلاص ودون أدنى انحراف! إن حقيقة أن هذه الأنظمة الجبانة والعميلة تحاول إرضاء هذا الكيان المجرم الذي يقتل بوحشية آلاف الأطفال والرضع والنساء في قطاع غزة؛ كافية لأن تجعلنا ندرك مدى خطورة أن نضع مصيرنا بأيدي هذه الأنظمة.

 

أيها المسلمون في أوزبيكستان: دماء وشرف وعرض مَنْ هي الرخيصة ولا قيمة لها عند النظام الأوزبيكي؟! والجواب واحد وهو: دماؤنا وأعراضنا نحن المسلمين. لماذا؟ لأن هؤلاء الحكام الدمى العملاء المتسلطين علينا لا يترددون في التضحية بنا لإرضاء أسيادهم المستعمرين. ثروات مَنْ هي الرخيصة؟ بالطبع ثرواتنا نحن المسلمين. فعلى الرغم من أن أوزبيكستان لديها ما يكفي من الثروات إلا أن معظم شعبنا يعيش في فقر! لماذا؟ لأن هؤلاء الحكام يسمحون للمستعمرين الجشعين بنهب ثرواتنا فوق الأرض وتحتها كما لو كانوا يستخدمون حديقة خاصة بهم. عمل مَنْ هو الرخيص؟ مع الأسف عملنا نحن المسلمين. ولهذا فإن هؤلاء الحكام العملاء يبيعون عملنا بأبخس الأثمان في أسواق النخاسة!

 

يا أهل أوزبيكستان المسلمين: ألم يأن لنا أن نعود إلى العزة التي عاشها أجدادنا في الأزمنة التي كانت تطبق فيها أحكام الله في الحياة؟! فإلى متى تُسلَّم ثرواتنا وأرواحنا ودماؤنا إلى الكفار المستعمرين ولا سيما إلى كيان يهود المجرم كأنها سلعة تافهة؟ وإلى متى تداس أعراضنا؟!

 

إن الحل الوحيد هو إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي ستطبق الإسلام تطبيقاً كاملاً في جميع مجالات الحياة وترعانا باعتبارها أمّنا وتخرجنا من ذلّنا الحالي إلى العزّة الحقيقية وتضع كل شيء في مكانه. لأن ذلك هو الواجب الأهم اليوم؛ وهو تاج الفروض. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ ويقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللهِ﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد العزيز الأوزبيكي

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

يا جيوش المسلمين كيف يهنأ لكم نوم وغزة تباد؟!

 

عام ونصف على حرب الإبادة التي يشنها كيان يهود على غزة، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023م، ذلك اليوم المشهود الذي غير أحداث العالم بأسره، حيث أخذت ثلة من المؤمنين على عاتقها أن تفتح باباً للخلاص من الاستعمار، فاقتحموا السياج وهجموا على المغتصبين في قواعدهم العسكرية، فقتلوا وأسروا، على أمل أن يهب المسلمون ومن بيدهم السلاح من خارج فلسطين ويكملوا طريق الجهاد، بعد أن جاءتهم فرصة ذهبية لتحريرها وإنقاذ الأمة الإسلامية كلها من سيطرة وتحكم الغرب الصليبي عليهم، لكن ما كان هو عكس ذلك، حيث تخاذلت جيوش المسلمين وهي التي تمتلك القدرة على نصرتهم ورضيت أن تظل قابعة في ثكناتها لا تتحرك إلا بأمر حكامها العملاء الخدم للكافر المستعمر!

 

تُرك أهل غزة ومجاهدوها يواجهون حقد دول الكفر الصليبي تقودهم أمريكا اللعينة التي أطلقت يد جيش يهود ليقذف بحمم قنابله وصواريخه على غزة وأهلها، مجازر بالجملة وتدمير المباني على رؤوس ساكنيها، وقد منعوا الطعام والشراب والدواء، جوع ونزوح متكرر وشهداء يسقطون بالآلاف!

 

وأكثر ما يغيظ عند متابعة حرب الإبادة الفظيعة، كيفية تناول وسائل الإعلام العربية للحرب، فهي إما قنوات تنقل مشاهد أعداد الشهداء والتدمير الرهيب مثل قناة الجزيرة القطرية البريطانية التوجه؛ فبخبث الإنجليز نفسه تعكس للمشاهد أنها تقف في صف غزة والمقاومة بطريقة بثها هذه، والتي تقصد من ورائها بث اليأس والإحباط عند المسلمين، خاصة عندما تستضيف المحللين السياسيين والعسكريين وتخصص لهم مساحات واسعة للنقاش ويكون الأساس في الطرح من منظور ما يسمى القانون الدولي، والقرارات الدولية، ومجلس الأمن والأمم المتحدة، وكلها أدوات بيد أمريكا اللعينة التي تقود الحرب الشرسة على غزة وكأنها تقول لا خلاص لكم يا مسلمون ويا أهل غزة إلا اللجوء إلى هذه المؤسسات الاستعمارية الكافرة.

 

أما النوع الآخر من القنوات فتلك التي تلوم الضحية وتترك الجلاد، بل تبرر للمجرمين السفاحين مجازرهم وتدميرهم، كقناة العربية التابعة لحكام آل سعود والتي تحمل أجندة أمريكية. هذه القناة وصل بها الحد إلى مطالبة أهل غزة برفع الراية البيضاء والانقلاب على المجاهدين، وأن يقبلوا بالتهجير وتغريهم بالأموال والسكن في بيوت خارج غزة والعيش حياة سعيدة كما يوهمونهم.

 

في حين يُغيّب عن قصد الطرح الصحيح والحل الجذري، وهو أن وجود كيان يهود أصلاً هو الداء، والعلاج هو قلعه من الأرض المباركة فلسطين والوسيلة الوحيدة هي جيوش المسلمين القادرة على ذلك عندما يكون لها قائد مخلص يدرك أن هذا واجبه الشرعي تجاه الله سبحانه وتعالى وتجاه الأمة الإسلامية. هذا الطرح خط أحمر عند الحكام النواطير للغرب، وبالتالي غير مسموح أن يظهر على الشاشات العربية من يتكلم بهذا ويطالب به، بل يذهبون إلى أكثر من ذلك، فالحرب المجنونة على غزة وشلالات الدماء التي يغرق فيها أهل غزة نبهت كثيراً من المسلمين إلى أهمية تحرك الجيوش، ولكن الإعلام التابع المأجور عندما اضطر إلى ذكر الأمر سفّه هذا الطرح وأظهر بخبث أنه حل "غير واقعي".

 

هذا هو الإعلام العربي، إعلام منسلخ عن قضايا الأمة الهامة والمصيرية، ومن لا يملك الوعي الكافي يقع في حبالهم ويبقيه يدور حول نفسه. وقد ساهمت حرب غزة في زيادة الوعي عند المتلقين بحيث لم تعد القنوات الفضائية مصدر المعلومات الوحيد لديهم، فلجأوا إلى مواقع التواصل للبحث عن الأخبار والمعلومات.

 

ثبات وصمود أهل غزة والمجاهدين أفشل - إلى الآن - كل خططهم وتآمرهم، ذلك لأن لديهم عقيدة راسخة أن ذلك ابتلاء من الله سبحانه وتعالى القائل في كتابه العزيز ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾.

 

ويقول ﷺ: «إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْماً ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ». رواه الترمذي وابن ماجه. لكن هل هذا يعني أن يبقوا يواجهون دول الكفر لوحدهم؟! إلى متى الاكتفاء بالمشاهدة عبر الشاشات ومواقع التواصل مكتفين بالدعاء؟! الدعاء لمن لا يملك إلا الدعاء، لكن مع الدعاء يجب الأخذ بالأسباب وهذا ما فعله النبي ﷺ حيث أرشدنا في أحاديث كثيرة إلى ضرورة الأخذ بالأسباب. على سبيل المثال في غزوة بدر وهي فاتحة الانتصارات في شهر رمضان شهر الانتصارات أعد ﷺ العدة وجهز الجيش وتوجه إلى الدعاء والتضرع إلى الله، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ. فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادّاً يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ» رواه مسلم.

 

الدعاء لوحده لمن يملك القوة على النصر لا يكفي، فهل يقبل الدعاء فقط من جيوش المسلمين، لكنهم لا يتحركون إلا بأمر من حكامهم العملاء الجواسيس لأمريكا وأوروبا.

 

نسبة الوعي في الأمة زادت خاصة بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، بعد أن رأت بما لا يدع مجالاً للشك أن مصيبة الأمة في حكامها العملاء وهم الذين يحمون كيان يهود بل ويمدونه بكل ما من شأنه أن يعينه على الإبادة وارتكاب المجازر، وأدركت أهمية تحرك الجيوش وأن الدعاء لا يكفي، إذن ما هو المطلوب من الأمة؟

 

المطلوب من الأمة الإسلامية أن تنقلب على حكامها وتطالب الجيوش العربية أن تكسر قيود الذل والخوف ويهبوا لنصرة غزة وتحرير فلسطين والمسجد الأقصى، وحتى يكون لنداءاتها صدى واستجابة، لا بد من التكتل والعمل مع الجماعة على أساس سليم ومتين، وهذه الجماعة موجودة منذ أكثر من ستين عاماً وهي تعمل مع الأمة ولأجلها، لتحرير الأمة من الاستعمار والاستعباد على أساس العقيدة الإسلامية.

 

إنه حزب التحرير الذي يعمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة، دولة يكون لها حاكم واحد يحكم بشرع الله سبحانه وتعالى، ولها جيش واحد يحمل راية واحدة راية رسول الله ﷺ.

 

هذا هو الحل الجذري، حل يرضي الله سبحانه وتعالى ورسوله ﷺ، وهذا هو الخط الأحمر عند أنظمة الحكم في بلاد المسلمين، وهو حظر ومنع هذا الطرح على القنوات الإخبارية الفضائية. إلا أن هذا لم يمنع من أن يستخدم حزب التحرير مواقع التواصل الإلكتروني لتوجيه المسلمين التوجه الصحيح من خلال صفحاته ومقالاته وبرامجه الحوارية والنقاشات والبيانات الرسمية الصادرة من أمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء خليل أبو الرشتة ومن خلال قناة الواقية، حيث يستضيف مفكرين ومحللين سياسيين قمة في الرقي الفكري العقائدي، يطرحون قضايا المسلمين المهمة على أساس العقيدة الإسلامية، ويقدمون الحلول الصحيحة، وليس فقط وصف الواقع واستجداء الحلول من أعداء الله والإسلام.

 

إن أمريكا ودول الغرب الصليبي تجاهر بعدائها للإسلام والمسلمين وهم كفار على باطل، فلماذا نخشاهم ونحن على حق؟!

 

قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أم عاصم الطويل – الأرض المباركة (فلسطين)

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مكالمة ترامب والسيسي... إرهاصات التهجير وتآمر الأنظمة في ميزان الإسلام

 

قالت يورونيوز على موقعها الجمعة 4/4/2025م، إن الرئيس الأمريكي أجرى اتصالاً هاتفياً مع عبد الفتاح السيسي ناقش فيه "الحلول الممكنة" في قطاع غزة و"التقدم العسكري" ضد الحوثيين في اليمن، وأشاد بالمحادثة ونتائجها. يأتي الاتصال بعد القمة العربية التي اقترحت خطة لإعمار غزة بقيمة 53 مليار دولار، والتي رفضها كيان يهود وأمريكا، مفضلين خطة تهجير أهل غزة تحت مسمى "المغادرة الطوعية". وقد صادق "الكابينت" على تشكيل هيئة لتنفيذ هذه الخطة، بالتزامن مع استئناف العدوان على غزة في 18 آذار/مارس، بعد توقف قصير. في الوقت ذاته، صعّدت أمريكا غاراتها ضد الحوثيين بعد تهديد ترامب بـ"إبادتهم"، فيما يواصل يهود عدوانهم الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف فلسطيني منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.

 

في خضم المذابح اليومية التي يتعرض لها أهل غزة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023م، والتي راح ضحيتها أكثر من خمسين ألف شهيد وفق بيانات وزارة الصحة في القطاع، تطل علينا مجدداً الإدارة الأمريكية بأدوارها الخبيثة، وهذه المرة من خلال مكالمة تلفونية بين رئيسها ترامب والرئيس المصري السيسي، تناولت ما سُمِّي بـ"الحلول الممكنة" في غزة، والتقدم العسكري الأمريكي في اليمن ضد الحوثيين. ورغم أن هذه المكالمة قد تبدو في ظاهرها حدثاً سياسياً عادياً، إلا أنها تحمل في طياتها أبعاداً خطيرة على القضية الفلسطينية والمنطقة بأكملها.

 

إن هذه المكالمة ليست مجرد تبادل للآراء، بل حلقة جديدة في سلسلة التآمر الدولي لتصفية قضية فلسطين، خاصة عبر تمرير خطة ترامب لتهجير أهل غزة تحت لافتة "المغادرة الطوعية". وهي خطة تنسجم تماماً مع الرؤية الصهيونية والأمريكية التي ترى في غزة عبئاً ديموغرافياً يجب التخلص منه بأية وسيلة، ولو على حساب القانون الدولي وحقوق الإنسان.

 

وقد أعقب هذه المكالمة إشادة ترامب بنتائجها على منصة تروث سوشال، ما يؤكد أن ما جرى بينه وبين السيسي لم يكن مجرد تواصل عابر، بل تنسيق متقدم يُراد له أن يفضي إلى خطوات تنفيذية ملموسة. فهل يا ترى كان السيسي يُعارض؟ أم أنه كعادته كان يقدم الضمانات لأمريكا؟

 

في ضوء ذلك، يتبين لكل ذي عقل أن الموقف المصري، بدل أن يكون سنداً لأهل غزة، فهو أداة لضبط إيقاع العدوان، من خلال إغلاق معبر رفح، ومنع المساعدات، والتضييق على النازحين، وتقديم التسهيلات اللوجستية لأمريكا وكيان يهود. وكل هذا يجري في ظل تخاذل عربي، وتواطؤ دولي.

 

إن خطة إعادة إعمار غزة بقيمة 53 مليار دولار، والتي اقترحتها القمة العربية ورفضتها واشنطن وتل أبيب، ليست إلا محاولة لتسويق مشاريع سياسية اقتصادية على حساب الدماء، تهدف إلى تثبيت واقع الاحتلال وتحويل القضية إلى مسألة إنسانية لا سياسية. أما رفض أمريكا وكيان يهود لها، فهو لأنها لا تحقق هدفهم الأكبر: إفراغ غزة من أهلها.

 

وهنا يظهر الوجه الحقيقي لخطة ترامب، التي تهدف إلى نقل أهل غزة، أي تهجيرهم قسراً، بموافقة إقليمية وصمت دولي. وقد صادق الكنيست على هيئة خاصة لمتابعة هذا المخطط، ما يشير إلى تحول الأمر من مجرد اقتراح إلى مسار عملي يجري تطبيقه على الأرض، بتواطؤ الأنظمة في المنطقة، وعلى رأسها النظام المصري.

 

أما حديث ترامب عن "التقدم العسكري ضد الحوثيين"، فهو ليس معزولاً عن هذا السياق، فالضربات الأمريكية المكثفة ضد الجماعة، والتي جاءت ردّاً على استهداف الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر تضامناً مع غزة، فالموقف الأمريكي هذا لم يكن يوماً دفاعاً عن التجارة الدولية، بل حماية لمصالح كيان يهود، الذي يعتمد على هذه الممرات البحرية.

 

ومن هنا، فإن الإسلام، يرى أن كل هذه التحركات ليست سوى أدوات في مشروع استعماري أمريكي غربي، يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية نهائياً عبر تفريغ الأرض، وترسيخ الاحتلال، وتفكيك ما تبقى من إرادة سياسية لدى الشعوب. ولا يمكن مواجهة هذا المشروع إلا بمشروع مضاد حقيقي ينبثق من عقيدة الأمة، ويعيد توحيدها تحت قيادة سياسية مخلصة.

 

إن هذه التطورات، بما فيها خطة ترامب وتواطؤ الأنظمة، تؤكد مجدداً أن فلسطين لا يمكن أن تُحرر عبر المؤتمرات ولا بالمساعدات ولا بالخطابات الرنانة، بل لا بد لها من قوة مخلصة تخلع الأنظمة العميلة، وتعيد توجيه بوصلة الجيوش نحو تحرير الأرض، لا حماية الأنظمة. فالقضية لم تعد تحتمل التأجيل، والأمة لم تعد تتحمل مزيداً من الدماء والخذلان.

 

إن حزب التحرير يدعو المسلمين جميعاً إلى الوعي على هذا المخطط الخبيث، ورفضه جملة وتفصيلاً، والعمل الجاد لإسقاط أدواته، بدءاً من الأنظمة المتآمرة، وصولاً إلى إسقاط النظام الدولي الاستعماري برمته، بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي تجعل من تحرير فلسطين واجباً شرعياً وعسكرياً وسياسياً.

 

فهل آن الأوان أن تدرك الأمة أن مناقشات ترامب والسيسي ليست حوارات عابرة، بل محاور من المؤامرة؟ وهل ستنتظر حتى يتم تهجير أهل غزة بالكامل؟ أم أنها ستتحرك لتحمل مسؤوليتها في مقاومة هذا المخطط الإجرامي؟ الجواب لا يكون إلا بالفعل السياسي الحقيقي، القائم على الإسلام، والتحرك الشعبي المنظم، والضغط على الجيوش لتتحرك من ثكناتها، لا لحماية أنظمة الخيانة، بل لتحرير فلسطين.

 

إن الوقت ليس في صالح الأمة، وخطة ترامب تمضي، فإما أن تتحرك الأمة لوقفها، أو تكون شريكة في جريمة التهجير والإبادة، بصمتها وتقصيرها!

 

أيها الأبطال في أرض الكنانة، يا من طالما كنتم سيوف الحق في وجه الظلم والطغاة، يا من ارتبطت أسماؤكم في التاريخ بالجهاد والكرامة، اليوم يتوجب عليكم أن تقفوا وقفة رجل واحد، لتلبية نداء الأمة التي تهتف من بين الركام في غزة، تستغيث بكم وتستنصركم وتطالبكم بالتحرك الفوري لتحرير فلسطين.

 

إن الأنظمة التي تحكمنا اليوم قد تآمرت مع أعداء الله وأعداء الأمة، وبدل أن تكونوا في مقدمة الصفوف لتحرير الأقصى، صارت هذه الأنظمة عقبة في طريقكم، تمنعكم من أداء واجبكم الشرعي، وتحولكم إلى مجرد أدوات لحماية حدود لا قيمة لها، بينما يُقتل إخوانكم في فلسطين ويُشرَّد أطفالهم ونساؤهم.

 

أيها الأبطال، إننا نطالبكم اليوم بأن تكسروا قيود التبعية وأن تنحازوا إلى الحق والعدل، ففلسطين هي معركتنا جميعاً. لا تلتفتوا إلى الأنظمة العميلة التي لا تملك من أمرها شيئاً، بل تحركوا من أجل الله ورسوله، لإقامة دولة الإسلام؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تجمع الأمة على كلمة واحدة وتجيش جيوشها نصرة للإسلام ورفعا لرايته، فكونوا أنتم لها تنالوا عز الدنيا وكرامة الآخرة.

 

﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

سعيد فضل

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

محاربة النقاب تعزز الدكتاتورية

 

 

 

في 3 نيسان/أبريل 2025م، نفذت لجنة الدولة للأمن القومي مداهمة في مدينة جلال آباد ومنطقة سوزاق استناداً إلى قانون "حرية الدين والجمعيات الدينية". وحضر فيها ممثلون عن أجهزة إنفاذ القانون ووسائل الإعلام. وتم التأكيد خلال المداهمة على أنه سيتم تحذير المسلمات اللاتي يرتدين النقاب في الأماكن العامة، وستُطبق العقوبة الإدارية لكل من تخالف القانون. وبموجب قانون "حرية الدين والمنظمات الدينية"، يُحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، وتعاقب من تخالف القانون بغرامة قدرها 20 ألف سوم. وسيدخل قانون فرض الغرامة المالية على من يرتدين النقاب في الأماكن العامة حيز التنفيذ اعتباراً من شهر أيار/مايو المقبل.

 

وكان الرئيس صدر جباروف وقع على قانون "حرية الدين والجمعيات الدينية" في كانون الثاني/يناير 2025م. ولكن القانون واجه معارضة شديدة من المسلمين في المناقشات العامة. حتى إن القوى الأمنية اعتقلت شباب حزب التحرير الذين كشفوا الأهداف الخفية وراء هذا القانون وأبرزوها للرأي العام، وعذبتهم بشتى أنواع العذاب. ولا يزال معظمهم محتجزين في السجون.

 

كما اعتمدت الدول المجاورة والمعروفة بأنظمتها الاستبدادية مثل تركمانستان وأوزبيكستان وطاجيكستان قوانين مماثلة. هذه الأنظمة الاستبدادية تهدف من خلال هذا القانون إلى السيطرة على المسلمين وإبقاء شعوبهم في حالة من الخوف. ولا يزال المسلمون الذين يطلقون اللحى ويؤدون الصلاة في المساجد والمسلمات اللاتي يرتدين النقاب يستدعون للإدارة المختصة وتنفذ "أعمال التوضيح" عليهم. وتتم عمليات المداهمة بشكل متكرر، حيث يقوم ضباط الشرطة بأخذ الرجال الملتحين الذين يسيرون في الشوارع إلى مراكز الشرطة بتهمة ممارسة التطرف!

 

كما هو الحال في البلدان المجاورة، فإن القوانين المعتمدة في المجال الديني في قرغيزستان تهدف بشكل رئيسي إلى السيطرة على الإسلام والمسلمين، لأن النظام القرغيزي يعتبر القيم الإسلامية المتجذرة في المجتمع تهديداً له. ولهذا السبب فإنهم ينتهكون القيم الديمقراطية الأساسية التي يقدمونها باستمرار.

 

ولذلك اتخذ النظام القرغيزي إجراءات للسيطرة على المسلمين في البلاد عبر إجراءاته ضد النقاب. وإذا لم يعارض الناسُ النظام بما فيه الكفاية، فإنه سيحاول استغلال هذا القانون لصالحه وإقامة نظام دكتاتوري.

 

من المؤسف للغاية أن يُحرم المسلمون والمسلمات من فرصة ممارسة دينهم بحرية في بلدانهم. ولن نستطيع الخروج من هذا الوضع إلا بتوحد المسلمين، والدفاع عن القيم الإسلامية، وإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة، وإلا فإن هؤلاء الرويبضات الذين تولوا السلطة سيواصلون محاربة الإسلام وقيمه والمسلمين.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

ممتاز ما وراء النهري

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

طموحات كيان يهود التوسعية بين الواقع والتحديات

 

إن الذي أنشأ كيان يهود ورعاه هو بريطانيا وفرنسا وأمريكا؛ ليكون رأس حربة موجهة لقلب البلاد الإسلامية وخنجرا مسموما في قلب الأمة الإسلامية محدثا جرحا نازفا، وأرادوا له أن يبقى ينزف ولا يندمل فأمدوا هذا الكيان بكل سبل الحياة، وتعتبره الدول الغربية، وعلى رأسها أمريكا، شريكا استراتيجيا في المنطقة.

 

إن إنشاء كيان يهود وسيلة لضمان استمرار النفوذ الغربي في المنطقة بعد انتهاء الاستعمار التقليدي واستبدال استعمار جديد به وبشكل جديد، فوجود كيان سياسي قوي، مدعوم غربيا، في قلب البلاد الإسلامية يحقق أهدافا استراتيجية، مثل السيطرة على الموارد والطاقة (النفط)، وضمان تفوق الغرب عسكريا وسياسيا في المنطقة وإضعاف الوحدة الإسلامية والحيلولة دون إقامة الخلافة.

 

والدعم الغربي لكيان يهود لم يقتصر على الجوانب السياسية والعسكرية، بل شمل دعما اقتصاديا وتقنيا هائلا، وهناك دور ديني للإنجيليين بدعمه في الغرب، خصوصا في الولايات المتحدة. حيث يؤمن العديد من الإنجيليين بأن دعم الكيان يعجل بعودة المخلّص وفقا لمعتقداتهم الدينية. هذا الدعم لا يتوقف عند السياسة، بل يمتد إلى تمويل المشاريع، بما في ذلك المستوطنات في الضفة الغربية. وهذا الدعم يستخدم لتبرير سياسات الاحتلال والاستيطان ما يعمق معاناة الفلسطينيين ويزيد من تعقيد الصراع. والغريب في هذا الأمر أن هذه النظرة الدينية تعزز سياسات تقوم على الظلم والتسلط، حيث يبرر توسع يهود في الضفة والاعتداء على حقوق الفلسطينيين كجزء من "خطة إلهية" حسب زعمهم، وهذا الدعم العقدي يجعل كيان يهود في موقف أقوى دوليا، لكنه يزيد من تعقيد القضية الفلسطينية ويعمق معاناة الفلسطينيين والشعوب العربية المحيطة.

 

ومنذ تأسيس كيان يهود عام 1948، ارتبطت سياساته وطموحاته الجغرافية بمفاهيم تاريخية ودينية توراتية عنده تشير إلى الرغبة في التوسع على حساب جيرانه. هذه الطموحات تتجلى في بعض الخطابات السياسية التي تروج لفكرة "إسرائيل الكبرى" التي تشمل أراضي من مصر والسعودية ولبنان وسوريا، بل وحتى العراق والأردن. ومع ذلك، يبقى تحقيق هذه الرؤية تحديا كبيرا، بل إنه شبه مستحيل، في ظل الواقع الديموغرافي والسياسي للمنطقة، فإن هذه الأفكار تصطدم بواقع صعب فعلى الرغم من القوة العسكرية والتكنولوجية التي تتمتع بها دولة يهود، إلا أن عدد سكانها، الذي يقدر بحوالي عشرة ملايين نسمة، يمثل عائقا كبيرا أمام أية محاولات للتوسع في مناطق ذات كثافة سكانية عالية مثل الدول العربية المحيطة.

 

وهنالك تحديات كبيرة بالرغم من الدعم الكبير لهذا الكيان من كل دول الغرب وعملائهم في الدول العربية، وهذه التحديات داخلية وخارجية؛ أما الداخلية فهي مستمرة منذ سنوات طويلة منذ بداية الانتداب البريطاني وإلى يومنا هذا والصراع دموي وعنيف لا يكاد يتوقف. ورغم صغر مساحة فلسطين لكن ارتباط أهلها والمسلمين عقائديا بها ووجود المسجد الأقصى ومكانته في عقيدة المسلمين، شكلت مصدرا دائما للصراعات والمقاومة. والتحديات الخارجية تتمثل في عدم قدرته على التوسع للعجز الديموغرافي والاقتصادي، وهذا الواقع يطرح تساؤلات حول قدرة كيان يهود على إدارة أراض أوسع أو السيطرة على سكانها إذا قرر التوسع. إضافة إلى ذلك، فإن الدول المحيطة به، مثل مصر والأردن وسوريا ولبنان، تضم ملايين السكان، ما يجعل أي محاولة للتوسع مستحيلة من الناحية العملية، فكيان يهود رغم قوته العسكرية، لا يمتلك الموارد البشرية أو الاقتصادية اللازمة للسيطرة على هذه المناطق عسكريا والتمدد في هذه المساحات الشاسعة. فهذه المساحات أكبر بكثير من قدراته، ولكنه يستطيع أن يهيمن على شعوب المنطقة ومقدراتها من خلال حكامها، لذلك كان يبني نفسه على أنه أقوى قوة رادعة في المنطقة بمساعدة أمريكا وجل دول الغرب.

 

في المقابل، يبدو أن أمريكا قد لعبت دورا رئيسيا في تحجيم كيان يهود جغرافيا لمعرفتها بصغره من حيث العدد والإمكانيات الديموغرافية بدءا من اتفاقية كامب ديفيد مع مصر عام 1979، مرورا باتفاقية وادي عربة مع الأردن عام 1994، وحتى المحاولات الحالية لترسيم الحدود مع لبنان وسوريا، تسعى أمريكا لتحقيق استقرار نسبي في المنطقة عبر تقليص النزاعات الإقليمية. ورغم وجود طموحات توسعية لدى بعض الأطراف في كيان يهود، فإن تحقيق هذه الطموحات يبدو مستحيلا في ظل التحديات الواقعية الديموغرافية، والمقاومة، والضغوط الدولية، وكلها عوامل تجعل هذه الطموحات مجرد أفكار نظرية أكثر من كونها خططا قابلة للتنفيذ. ومع ذلك، يبقى الدعم الغربي، سواء أكان سياسيا أو دينيا، عنصرا أساسيا في استمرار كيان يهود كقوة إقليمية، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي في المنطقة.

 

إن الولايات المتحدة كانت دائما تلعب دورا معقدا في الصراع بين أهل فلسطين ويهود. في بعض الفترات، خاصة خلال تسعينات القرن الماضي، أظهرت دعما لفكرة إقامة حكم ذاتي فلسطيني أو حتى نواة لدولة فلسطينية، كما ظهر في اتفاقيات أوسلو (1993) وهذه الاتفاقيات منحت الفلسطينيين حكما ذاتيا محدودا في أجزاء من الضفة الغربية وقطاع غزة. لكن من المهم أن نفهم أن هذا الدعم لم يكن دائما نابعا من رغبة صادقة في تحجيم كيان يهود داخل الأراضي الفلسطينية أو تقليل قوته، بل كان مرتبطا بمصالح أمريكية أوسع في المنطقة، مثل استقرار الشرق الأوسط، وتحسين العلاقات مع الدول العربية، ومواجهة التحديات الإقليمية.

 

في الوقت نفسه، فإن أمريكا لم تكن جادة تماما في الضغط على كيان يهود للالتزام بحل الدولتين أو وقف الاستيطان، وكذلك النظام الدولي، وهم يدركون أن أي توسع لكيان يهود سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي وهم يعملون على تحجيم طموحاته التوسعية من خلال اتفاقيات سلام تجارية واقتصادية وتكنولوجية وليس جغرافيا خارج حدود فلسطين.

 

وفي الختام أقول إن أمريكا والغرب كله ليس قدرا لا يُغلب ولا يقهر، فإرادة الله فوق كل شيء، وإن أحوالنا ستتغير بتوفيق الله وتأييده، ولن يدوم هذا الحال ما دام العاملون المخلصون يصلون الليل بالنهار لإقامة هذا الدين من جديد باستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الإسلام وبالثقة بالله العزيز الجبار قاهر الجبابرة وناصر أوليائه. وسيهزم الجمع ويولون الدبر، فأحوالنا ليس لها من دون الله كاشفة، فكيدوا أيها الكافرون وامكروا كيف شئتم. قال تعالى: ﴿إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ وقال سبحانه: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمد نزال (أبو أسامة)

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل

×
×
  • اضف...