هذا تاريخنا بعد سقوط الخلافه

[الرضا]

نكسة حزيران.. ذكريات مريرة لحرب لم تقع

 

 

 

السبيل - يستذكر السيد محمود أبو الهيجاء من قرية اليامون غرب مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة ذكريات نكسة حزيران بمرارة شديدة، ويقول: "كنا نعد أنفسنا للعودة لحيفا ويافا مثلما أوهمتنا الأنظمة العربية ولكننا صدمنا بأن الضفة تضيع في ساعات".

وأضاف "دخل الجيش الإسرائيلي جنين وقت العصر من ناحية مرج ابن عامر، حيث كانوا يحتشدون في مستوطنات قاديش والعفولة وزابد، وكان معهم غطاء جوي كثيف، وحين دخلوا بلدتنا ظن الناس في البداية أنهم جيش عراقي جاء للدخول في الحرب لنكتشف بعد فترة وجيزة أنه جيش الاحتلال وقد اجتاح الضفة بطرفة عين".

وأردف في حديث لصفا "لم يكن هناك قتال، ولم يكن خطة واضحة لمواجهة الاحتلال، وكان فارق التسليح كبيرا بين الجيش الأردني وقوات الاحتلال، فالجيش الأردني لم يكن لديه مضادات طائرات، ولا قنابل يدوية، وكان لديهم سلاح فردي من نوع أم 1 تحمل ثمان طلقات رديئة الاستخدام وكارلوا".

وأشار إلى أن قوة الجيش الأردني والحرس الوطني التي كانت ترابط في البلدة كانت متمركزة في منطقة وادي الغرس، وكان تسليحهم مدفع ميداني واحد مداه 32 كلم، ودبابتين وأربع ناقلات جند وماتور سيكل؛ حيث رفض أفراد الجيش الأردني الانسحاب من الجبهة فأبادتهم قوات الاحتلال بدباباتها وقتلت ثمانية منهم وجرحت 17 آخرين.

وقال أبو الهيجاء "تم سحب الجثث خلسة ووضعها في مغارة لمدة أربعين يوما، وبعد ذلك حين توجه أهالي البلدة لدفنها كانت على حالها ولم تتعفن؛ حيث دفنوا في أرض وقفية سميت لاحقا مقبرة الشهداء نسبة لهم وما زالت تحمل هذا الاسم حيث تحولت لمقبرة لاحقا".

 

لا استعدادات للقتال

واستطرد قائلا: "للأسف لم يكن أي استعدادات فعلية لمواجهة الاحتلال، فقبل الحرب طلب الحرس الوطني من الناس تسجيل أنفسهم للتطوع للقتال وتسجيل قطع الأسلحة التي يريدونها، وهب الناس للتسجيل، ولكنهم لم يتقلوا أي قطعة سلاح قبل المعركة".

 

السيد محمود أبو الهيجاء

وأشار إلى أن التدريبات كانت عبارة عن تمارين رياضية دون رماية ولو بطلقة واحدة في الوقت الذي كانت رشاشات الـ500 تهدر على الدبابات الإسرائيلية وتفتت الصخور من أمامها.

كما استذكر أبو الهيجاء المواجهة العسكرية التي خاضها لواء الأربعين في الجيش الأردني في منطقة وادي حسن بين بلدتي اليامون وبرقين بقيادة الضابط محمد فياض سليمان جرادات والذي قتل لاحقا في أحداث جرش؛ ولكن قوات الاحتلال قتلت غالبية أفراد القوة وأبادتها حيث كانت الدبابات تبيد العناصر داخل ثكناتهم بسبب ضعف التسليح وغياب التخطيط.

وقال نقلا عن أحد الضباط قوله: إنهم رصدوا رتلا عسكريا من الدبابات الإسرائيلية يتقدم من منطقة الباذان في الأغوار، ولكنهم لم يتمكنوا من حتى إعاقة حركته لعدم وجود سلاح لديهم ولو قنبلة يدوية واحدة.

 

من صوت العرب لصوت لندن

ويتهكم أبو الهيجاء على الإعلام العربي في تلك الفترة قائلا: "قبل نكسة حزيران عام 1967 كان الجميع يستمع لإذاعة صوت العرب والإعلامي المصري أحمد سعيد، وكانت أجهزة الراديو قليلة حيث كان المواطنون يلتفون حول المذياع لسماعها بشكل جماعي".

وأضاف "لو جمعنا عدد بلاغات إسقاط الطائرات التي أذاعتها صوت العرب في تلك الأيام لبلغت نصف أسطول العالم ليتبين لاحقا أن كل ذلك كذب بكذب".

وأردف "أن تلك الصدمة خلقت نفورا من الإعلام العربي لدى الناس الذين توجهوا بعد ذلك للاستماع للإعلام الأجنبي والإسرائيلي؛ حيث برز صوت لندن وصوت إسرائيل بعد أن سقطت البلاد في ستة أيام".

 

واقع معيشي صعب

ويشير إلى أن الناس كانت تعيش في فقر مدقع قبل نكسة حزيران؛ وكانت تتعامل بالمقايضة؛ لدرجة أن الأم حين كانت تقلي البيضة كانت تقول لأطفالها "كلوا منها وخلوا لإخوتكم"، وكان الناس ينتظرون موسم البطيخ والقمح من أجل معيشتهم.

وأردف "كانت الأمية والجهل منتشرا لحد كبير، وكانت الأسرة تحرم نفسها من كل شيء من أجل أن تتاح فرصة تعليم لأحد أفراد الأسرة عله يكون المنقذ؛ كما كان تعليم الفتيات في تلك الفترة معيبة من شدة جهل الناس".

وحول هروب الناس، أشار إلى أن هناك من هرب في بداية الأمر ولكن كثيرين بقوا، وكان الناس يتنقلون من خلال التهريب عبر نهر الأردن خلال تلك الفترة يذهبون ويعودون حيث إن الاحتلال لم يتمكن من ضبط الحدود إلا بعد أحداث أيلول 1970.

وأشار إلى انتشار الرشوة والخاوات قبل الاحتلال، "فالأمباشي كان يأخذ أفضل المحاصيل في مرج ابن عامر لأغنامه في حين يشتهي المزارعون الأكل من محصولهم"، متسائلا: "أي نصر يمكن تحقيقه في هذه الظروف!". (صفا)

 

http://www.assabeel.net/important-topics/144858-%D9%86%D9%83%D8%B3%D8%A9-%D8%AD%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%B0%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B1%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D9%84%D9%85-%D8%AA%D9%82%D8%B9.html